صُناع الدراما السورية يرون أنها تختلف كجنس بصري عن التحقيق الصحفي
المتلفز رغم أنهما يشتركان في تسليط الضوء على هموم المجتمع اليومية.
تواصل الدراما السورية تقصيها في خبايا الشرائح الاجتماعية وتداخلاتها
لدرجة باتت فيها المسلسلات تقترب من صيغة تحقيقات صحفية مكتملة الأركان من
حيث اعتمادها على فكرة أو قضية متصلة بالناس وقضاياهم تجمع في تفاصيلها بين
ما هو درامي وتسجيلي وروائي ملبية بذلك وظائف الصحافة الأساسية من نشر
الحقائق والمعلومات الجديدة بين الناس إلى محاولة الكشف عن أبعاد القضية
المطروحة مع السعي لتوضيح دلالاتها دون نسيان ما يحتاج إليه التحقيق من
طرافة وسلاسة بحيث يبقى جانب التسلية حاضراً.
ويختلف القائمون على الدراما السورية في تبني هذا التقارب أو عدم تبنيه
فمنهم من يعتبره نقطة قوة للمسلسل في حين يراه آخرون جانباً سلبياً ينبغي
تلافيه والتركيز على الدراما فقط دون الالتفات كثيراً إلى الجوانب الأخرى
التي قد تقرب المسلسل من صيغة التحقيق الصحفي.
الفنان بسام كوسا يرى أن معظم الأعمال الدرامية استطاعت أن تموه المكان
والشخصيات لصالح الفكرة التي تناقشها وهذا ليس جديداً على الدراما السورية
إذ إنها بدأته منذ بواكير أعمالها في مسلسل "ولاد بلدي" للمخرج علاء الدين
كوكش مجيرةً الواقع والهم العام و قضايا الناس لصالح الحكاية التلفزيونية .
ويلفت كوسا الى أن الدراما تختلف كجنس بصري عن التحقيق الصحفي المتلفز فمع
أنهما يشتركان في تسليط الضوء على هموم المجتمع ومشاكله إلا أنهما يختلفان
في الأسلوب فلكل مواصفاته الإبداعية المختلفة من حيث التعاطي مع الكلمة
والهم العام.
وهناك من يسعى إلى أن يكون عمله الدرامي موضوعياً قدر الإمكان ومتوازناً
عبر عرض آراء الأطراف جميعها دون التخلي عن أحدها كما حصل في مسلسل "هدوء
نسبي" لكاتبه "خالد خليفة" ومخرجه شوقي الماجري بحيث انه لم يكن وثائقياً
وإنما إنساني بالدرجة الأولى ويحتل فيه الجانب الروائي حيزاً هاماً أي أن
هذا المسلسل قدم شهادة موضوعية عن الحرب العراقية قدر الإمكان بما ركز عليه
من نماذج إنسانية للصحفيين العرب الذين قدموا جهوداً جبارة وأثماناً باهظة
وصلت إلى درجة التضحية بحياتهم في سبيل الحقيقة.
وفي السياق ذاته يوضح الروائي والسيناريست خالد خليفة أنه يمارس في كتابته
عمل الصحفي أثناء الإعداد للسيناريو من حيث التقصي وجمع المعلومات ولكن
تجلي هذه المعلومات يكون درامياً من خلال الحبكة والتشويق والمناقشة
البصرية لما يقترحه المكان من أحداث دامية أثناء الحرب على العراق لافتاً
إلى أن مصدر معلوماته عن المواضيع التي يكتبها في مسلسلاته يأتي من
متابعاته الشخصية مع تركيزه على بحثه الإنساني للشخصيات من أجل صنع دراما
حياتية تركز على الكوامن النفسية لشخصياته.
وإذا ما قارنا بين وظيفة الكاتب الدرامي ومهمة الصحفي نجد أن هناك تمايزاً
يفرضه النوع إلا أن توضيب الأفكار وتجديلها ومناقشتها تأخذ المنحى ذاته.
ويعتبر السيناريست فؤاد حميرة أن الكاتب والصحفي يمتلكان الموهبة والملكة
نفسها وهي الكتابة ومن خلالها يحاولان تسجيل ما يرصدانه من مشاهدات وذلك
ضمن لغة وسيطة تجمع بين لغة الأدب العالية والعامية البسيطة للوصول إلى لغة
سهلة يتقبلها المتلقي بيسر ومن هنا جاء التقارب بين المسلسل الدرامي
والتحقيق الصحفي.
ويلفت حميرة إلى مشكلة يقع فيها كتاب الدراما عندما يكثفون هذا الجانب
الصحفي بغية الاقتراب أكثر من الواقع فيصبحون كأنهم يقدمون شكاوى واصفاً
ذلك بأنه نقطة ضعف كبيرة في أعمالهم لأنهم بذلك يحيدون الدراما كثيراً
ويغلبون الجانب التقريري الصحفي.
ويوضح صاحب "غزلان في غابة الذئاب" و "شتاء ساخن" بأن السيناريست والروائي
يعملان على التقاط اللحظة والتركيز عليها محولين ما يعتبره البعض هامشياً
في حياة الناس إلى أساسي ويبينان الظروف التي جعلته يبدو وكأنه هامشي.
وفي الدراما تختلف أشكال تناول الموضوعات والشكل الفني الذي تصاغ فيه
ولاسيما إن كان العمل الدرامي يعكس الواقع اليومي بمشكلاته والمجتمع
بشرائحه المختلفة وهذا التناول الواقعي يفرض على الكاتب الدرامي أدوات
بحثية متشابهة كثيراً مع أدوات الصحفي .
تقول السيناريست إيمان السعيد ان الكاتب الدرامي يلجأ لرصد موضوعة في
المجتمع يحمل تجاهها حساً عالياً بالمسوءولية ويرغب بمواجهتها اجتماعياً
وحمل الناس على أخذ مواقف منها ولو بطريقة استفزازية طبعاً بعد أن يحملها
حكايات قصته الدرامية.
وتضيف السعيد في هذا يقترب الكاتب الدرامي في معالجته لمادته من تقنيات
البحث والتقصي الصحفي لافتةً إلى أن تقارب الدراما الواقعية والسيكودرامية
اليوم من مادة التحقيق الصحفي في البحث ونبل الغاية لا يلغي أنها بعيدة عنه
في الشكل الفني وكيفية استعراض مادة البحث الخام التي من الواجب ابتعادها
عن المباشرة والتقريرية والكليشيات الجاهزة في الحوار والقصة وشكل تناول
الشخصيات بفعلها وزمنها.
وتؤكد صاحبة "سحابة صيف" أن السيناريو هو فن التفاصيل الصغيرة التي يغفل
عنها التحقيق الصحفي في كثير من الأحيان وتوضح.. مشكلتنا اليوم هي في
العملية الإبداعية التي هي أساس التفريق بين الدراما وأسلوب التحقيق الصحفي
فالسيناريو يعتمد تقنيات مختلفة ويبقى المهم هو كيفية صياغة العمل الفني
بغض النظر عن حجم القضايا التي يتناولها.
وتبقى السوية الفنية والإخراجية للعمل الدرامي هي المسؤولة عن الجانب
الجمالي والقادرة على جعل ذاك التقصي الذي يقوم به السيناريست فناً وفي هذا
الاتجاه تدعو السيناريست ريما فليحان إلى ضرورة تبني المخرج لمقولات النص
وما يحمله من عوالم درامية عميقة وكينونات متعددة لشخوص تلك الدراما ليكون
العمل في النهاية عاكساً لرؤية المؤلف والمخرج معاً.
وتقول فليحان: هذه الرؤية المزدوجة تجعل من العمل الدرامي غير معني بحيادية
التحقيق الصحفي ولاسيما في ظل التقارب بأسلوب البحث والتقصي بين الكاتب
الدرامي وصحفيي التحقيقات بل تجعل كلا من الكاتب والمخرج في موقع المسؤولية
تجاه الأفكار التي يطرحها العمل ومدى ارتباطها بهموم المشاهد وتأثير تلك
الدراما عليه بعيداً عن الاهتمام فقط بالتفاصيل الواقعية التي تنتجها حالة
التقصي والبحث في الهم الاجتماعي.
وتضيف صاحبة "قلوب صغيرة" لا ضير في أن تتناول الدراما قضايا كثيرة بأسلوب
صحفي قادر على خلق عوالم درامية وإن كان لا يلتزم بالأسس الدقيقة للتحقيق
الصحفي المتلفز فطالما أن هذا الأسلوب يحافظ على جرعات درامية مكثفة وعلى
صِلة الموضوع بالناس على اختلاف مستوياتهم الثقافية.
وفي الختام فإن المشاهد رغم معرفته المسبقة بأن ما يراه مقتبس من الواقع
الحقيقي إلا أن تواطوءه مع الدراما في العمل تجعله معنياً بالقضية المطروحة
وأسلوب طرحها وأداء الممثلين لها بعيداً عن ارتباطها بالواقع الحقيقي
وتفاصيله.(سانا)
ميدل إيست أنلاين في
09/02/2011
فريقه يراهن على نجاح نسخة
2011
هجوم على "مرايا" قبل عرض أحدث
أجزائه
دمشق - علاء محمد:
منذ الإعلان عن إطلاق مسلسل “مرايا 2011” بعد غياب دام لأربع سنوات،
بدأت الانتقادات والهجوم والتخمينات بالفشل تطال العمل الذي شكل، وعلى مدى
أكثر من 25 عاما، لوحة مضيئة من لوحات الدراما السورية في الزمانين معا:
زمان العوز، وزمان البحبوحة المادية التي تمتعت بها الدراما السورية منذ
عقد.
أحدث هجوم على المسلسل وبطله الأوحد الممثل الكبير ياسر العظمة جاء
على لسان أحد أهم نجوم المسلسل عبر تاريخه، الرجل الثاني في المعمعة
الكوميدية الخالدة، النجم بشار اسماعيل، الذي هاجم على نحو غير مسبوق
العظمة، رفيق دربه في هذه السلسلة، واتهمه بالتسلط والتفرد و”النفاق” في
الطرح، وبأكثر من ذلك .
ومما قاله بشار اسماعيل ل “الخليج”: إن ياسر العظمة بوصفه صاحب مشروع
سلسلة “مرايا” منذ تأسيسها هو أكثر من أساء إلى هذه اللوحة الخالدة في حياة
الكوميديا السورية، إذ يتفرد بكل شيء، ويعيش النجومية وحده، يظن أنه النجم
الوحيد والكل يدورون في فلكه .
وتابع: لا أعرف كيف يقوم ياسر العظمة بانتقاد أداء الدولة والدوائر
الحكومية في مسلسله الشهير، في الوقت الذي يقوم هو بتجاوزات تفوقها بكثير،
إن هذا نفاق كبير يجب وضع حد له .
تحدث بشار اسماعيل كثيرا وجل كلامه قد لا يصلح للنشر، ووضع هذا الكلام
في خانة الهجوم على الشخص وليس العمل الذي يفتخر هو بأنه كان أحد أركانه
ونجومه لعقدين .
هجوم آخر سبق ذلك بأيام وكان من الكاتب مازن طه، المعروف بكتابته
للدراما والكوميديا على حد سواء قال فيه: إن ياسر العظمة ما زال يدور في
فلك واحد، ويفترض به بعد الغياب أن يعود بشكل بعيد كل البعد عن صيغة
اللوحات والبطل الواحد . طه يدعو العظمة إلى اتباع سياسة الحلقة الواحدة من
45 دقيقة وليس ثلاث أو أربع لوحات في الحلقة الواحدة يتراوح توقيتها بين
العشر والعشرين دقيقة، كما أنه يدعوه إلى تجنب القيام ببطولة كل اللوحات
وترك المجال أمام ممثلين آخرين للقيام بها حسب تعبيره .
ورداً على ما قاله بشار إسماعيل ومازن طه، قال ياسر العظمة: مسلسل
“مرايا” مشروع شخصي قمت به منذ ربع قرن، ولاقى النجاح في مختلف أجزائه رغم
تغير الزمن والأدوات والعصر بين أول وآخر جزء، وبالتالي فأنا مقبل من جديد
على الدخول في حوار مع المجتمع عبر نفس الفكر، وإن تغيرت الأدوات في هذا
العصر .
و”مرايا” لمن لا يعرف هو مجموع ما في جعبتي من أفكار ورؤى ومشاهدات
وقراءات، وما دامت من صنع المجتمع فلن تنضب ومن يشكك بذلك فلينظر إلى الجزء
المقبل ليتأكد أنه ما من شيء تغير بالنسبة للنجاح الذي أجزم بتحققه .
وأضاف: ينتقدون “مرايا”، لماذا؟ لا أدري . ربما لأن البعض يريد مكانا
له في هذا المشروع غير المكان المناسب له، البعض يريد أن يوجد في مكان خارج
عن المنطق، الذي يفرض علينا وضع الرجل في المكان المناسب، ولو كنا نعمل
بغير هذه الآلية منذ البداية لما نجحنا .
ورأى العظمة أن الرد يستحسن أن يكون في الميدان، وذلك عند عرض المسلسل
قريبا، وقال: أرفض الرد على من يتكلم بالاسم، ولكن الجمهور يعرف ويقرأ من
يتكلم، ومن سياستي ألا أقيم سجالات مع أحد، سواء من الذين عملوا معي، أو
ممن لم يعملوا، فالأمر عندي سيان .
وقال المخرج سامر برقاوي: ما كنت لأتصدى لهذا العمل الكبير لو لم أكن
على ثقة تامة بنجاحه ونجاحي في إخراجه، فالمسلسل له تاريخ طويل وربما هو من
أقدم السلاسل الدرامية العربية، التي ينتظرها المشاهد العربي .
وانتظار المشاهدين لهذا العمل يضعني أمام مسؤولية، لكنه في نفس الوقت
يزيد من رصيدي الفني في الإخراج، فعندما تعمل في مسلسل صاحب مشروعه قامة
فنية كبيرة مثل ياسر العظمة، وفيه مجموعة كبيرة من نجوم الدراما والكوميديا
السورية، فأنت أمام مشروع ناجح ليس عليك سوى وضع لمستك عليه .
وأشار إلى تغير الكثير في العمل، ليس من الجزء الأول حتى الآن وحسب،
بل من آخر جزء صنع في 2006 حتى اليوم، موضحاً أن ما سيضاف في الإخراج هو
عنصر “الغرافيك” الذي سيضفي على الصورة جمالية أخرى دعا المشاهد لأن
يترقبها .
وبالنسبة للانتقادات التي تطال العمل قال: لا تهمني، فهي في معظمها لا
تنتقد العمل وإنما تطال الشخص، وهو قادر على الرد إعلاميا، أما أنا فالرد
بوصفي واحداً من أهل المسلسل، لا يجوز أن يكون إلا في أثناء العرض .
الخليج الإماراتية في
09/02/2011
مسلسلات أردنية على شاشات
مصرية
عمّان - ماهر عريف:
في خطوة فنية جديدة تعتزم قنوات فضائية مصرية رسمية عرض مجموعة
مسلسلات أردنية وعربية أحدها كان بوابة انطلاق الممثل إياد نصّار صوب
القاهرة .
وأكد المركز العربي للإنتاج الإعلامي في الأردن الاتفاق مع رئيس اتحاد
الإذاعة والتلفزيون أسامة الشيخ على بث “الأمين والمأمون” و”الشمس تشرق من
جديد” و”شهرزاد” في المرحلة الأولى، وذلك عقب اجتماعات عقدت خلال مهرجان
القاهرة للإعلام العربي الأخير .
وحسب المركز أبرمت مذكرة تفاهم بهذا الخصوص نحو إنجاز أعمال جديدة
مشتركة تعد مدخلاً إيجابياً ناحية ميدان أكثر انفتاحاً في ظل ما اعتبرها
“مقاطعة التلفزيون الأردني لإنتاجه” وتداعيات معضلة محاولة المركز إطلاق
محطات فضائية لم تر النور .
يذكر أن مسلسل “الأمين والمأمون” ضم إياد نصّار ومنذر رياحنة وعبير
عيسى ورشيد عسّاف ونبيل المشيني وعاكف نجم، فيما جمع “شهرزاد” سلاف فواخرجي،
ونادرة عمران، وعبدالكريم القواسمي، ورشيد ملحس، وهشام هنيدي، وهما من
إخراج شوقي الماجري، بينما تصدّرت صبا مبارك “الشمس تشرق من جديد” إلى جانب
عبدالهادي الصباغ وعابد فهد وفق إخراج هيثم حقي . وكان نصّار أكد غير مرة
أن تجسيده الأخ الأصغر “المأمون” ضمن العمل التاريخي الذي تناول مرحلة
هارون الرشيد وما بعدها منحه فرصة الانطلاق جهة الدراما المصرية بعدما عرضت
عليه جهة إنتاج مسلسل “صرخة أنثى” تقاسم البطولة مع داليا البحيري قبل شقه
طريقه بنفسه صوب مشاركات عدة كان آخرها وأبرزها تقمّصه “حسن البنا” في
“الجماعة” .
الخليج الإماراتية في
09/02/2011
مشاهد وجودها في الإعلام والإخراج
تتسع
المرأة قلب الصورة ومحركها
تحقيق: دارين شبير
إبداع المرأة يشبهها، فلا حدود لكليهما، فهي في كل المجالات والأماكن
والزوايا موجودة، تترك في كل مكان بصمة، وإبداعها يطاردها ويسابق خطواتها،
لتسجل نجاحاً تلو الآخر . وهذا ما يشهده عالم صناعة الصورة المرئية الذي
اقتحمته المرأة الإماراتية مؤخراً، وعبرت فيه عن قضاياها وهمومها بأحاسيس
ومشاعر وصلت إلى الجميع، وبرؤية إخراجية اختصرت عليها طريق النجاح، لتقدم
صورة صامتة تفوقت على ألف لسان، أو مشهد درامي أوصل ألف رسالة في واحدة، أو
لغة سينمائية عادلت ألف لغة أخرى، فما سبب توجه المرأة الإماراتية إلى
صناعة الصورة المرئية مؤخراً؟ وما سبب إبداعها فيه رغم سنوات عمرها
القليلة؟ الإجابة على لسان عدد من المخرجات في الأسطر الآتية .
“الإعلام المرئي هو المكان الوحيد الذي تستطيع من
خلاله المرأة التعبير عن قضاياها وهمومها”، هكذا بدأت المخرجة راوية
عبدالله حديثها، حيث أكدت أن اتجاه المرأة نحو الإخراج كان بسبب بحثها عن
منصة تطرح من خلالها قضاياها وتعبر عن مشاعرها . وتقول: من خلال الصورة
المرئية تستطيع المرأة الوصول إلى أكبر شريحة في المجتمع، ووجدت المرأة
التشجيع من الدولة ما دفعها إلى زيادة نشاطها في هذا الجانب، ولأن المرأة
لها مكانة مميزة في دولتنا كما لها حقوق، فقد وجدت الدعم من الجميع لتصبح
منافسة للرجل في جميع المجالات، فهي اليوم وزيرة، وربما كان المجال
الإعلامي الوحيد الذي جاءت مشاركتها به متأخرة، وذلك يعود لعدم تقبل البعض
عمل المرأة في هذا المجال، فقد اعتاد أن تكون معلمة أو ربة منزل . وعن تميز
المرأة في مجال صناعة الصورة المرئية تقول: تختلف نظرة المرأة ورؤيتها عن
الرجل في جميع الجوانب، فالمرأة تعبر بعمق عن قضاياها التي تلقى تفاعلاً من
المجتمع، كما أن لديها إبداعاً ربما لم تستطع أن تعبر عنه في السنوات
السابقة لأن الفرصة لم تكن متوافرة، ولم تحظَ المبدعات في الجيل السابق
بفرص ليعبرن عن إبداعاتهن كما هو متوافر للجيل الحالي . وعن اتجاهها لهذا
المجال، تقول راوية: كنت أحلم بالتمثيل طوال حياتي حتى قبل الالتحاق
بالجامعة، ولذا درست الإعلام، لأنه المجال الذي أستطيع أن أطلق فيه العنان
لشغفي ما دام التمثيل خياراً مرفوضاً من الأهل، وبدأت بعمل مشروعات طلابية
عبارة عن أفلام أشارك فيها بالمهرجانات، ووجدت التشجيع من عائلتي . وعبرت
راوية عن تفاؤلها بمستقبل المرأة في مجال الإعلام فقالت: ستصل المرأة
مستقبلاً إلى أعلى المناصب الإعلامية، ويمكن التنبؤ بذلك من خلال ما نراه
من إبداعات الفتيات اليوم التي طغت على إبداعات الشباب .
وترى المخرجة نهلة الفهد أن الرؤية الإخراجية تختلف من مخرج لآخر بغض
النظر عن كونه رجلاً أو امرأة، وتقول: تؤثر التركيبة النفسية فيما يقدمه كل
شخص، فقد يتأثر أحد الأشخاص بموقف يمر على آخر مرور الكرام . وعبرت نهلة عن
سعادتها بوجود العنصر النسائي في المحطات والمهرجانات ومجال السينما
والدراما والإخراج، وتقول: ساعد على ذلك الحافز الكبير إلى الإبداع
والتشجيع الذي تلاقيه المرأة من الدولة والمسؤولين الذين أعطوها مساحة لأن
تشارك وتقدم وتثبت نفسها وتعبر عن قدراتها وأفكارها وإمكاناتها، وكنا
نفتقده، وأنا سعيدة بمشاركة المرأة في مجال صناعة الصورة المرئية، ووقوفها
إلى جانب الرجل ومنافستها له وتفوقها في جوانب كثيرة . وعن سبب تزايد اتجاه
المرأة نحو هذا المجال، تقول: زاد الوعي في مجتمعنا، وكان هذا الأمر
مرفوضاً أو مستنكراً قبل عشرة أعوام، أما الآن وبعد النجاحات التي قدمتها
المرأة في هذا المجال فالتشجيع لا يتوقف سواء من الأهل والمحيطين أو
المسؤولين . ولم يكن هناك ثقة بأن المرأة ستبدع في هذا المجال، ولكن اختلف
الوضع الآن وزادت الثقة بها، كما زادت الرغبة لدى الطالبات ليتجهن إلى
دراسة الإعلام والغرافيك والإخراج، واستطعن أن يقدمن صورة راقية من خلال
تقديمهن لفن راق يحترم العادات والتقاليد، فنحن في النهاية مجتمع عربي
محافظ له عاداته وتقاليده التي نلتزم بها ولا نتجاوزها . وذكرت نهلة أن
الإخراج كان حلماً حولته إلى واقع، وأثرته بحرصها على تعلم المزيد والجديد
من كل تجربة، موضحة أنها تتجه هذا العام نحو الدراما، فطموحها لا يتوقف،
حيث تقوم حالياً بتأليف مسلسل خليجي، سيحظى بلمساتها الإخراجية أيضاً .
لا ترى المخرجة نجلاء الشحي وجود المرأة في مجال صناعة الصورة المرئية
جديداً، لكنه، في رأيها، لم يكن بارزاً بسبب قلة عدد النساء وعدم ثقة
الجهات المنتجة بقدراتهن، وتقول: كل ما هنالك أن عوامل ثقافية واقتصادية
وتغيرات مجتمعية ساعدت على ظهور المرأة اليوم بشكل أكبر، ما تسبب في بروزها
وتألقها، وعندما تبرز بعض المخرجات ويتفوقن بالعمل، يشجع هذا الأمر الفتيات
الأخريات على الظهور، ما يشجع التنافس على الإبداع والجودة . وتضيف: نيل
أول مخرجة الأوسكار السنة الماضية شجع العديد من المخرجات على الإجادة
والإبداع . وذكرت نجلاء أن الإبداع غير مرتبط بجنس الإنسان، فإن صادف أن
تألقت المرأة المخرجة في السنوات الأخيرة، فهذا لا يعني أنها مبدعة أكثر من
الرجل، وإن صادف أن أبدع الرجال المخرجون سابقاً، فلا يعني ذلك أن المرأة
لم تكن مبدعة . وعما إن كانت معالجة المرأة أعمق من معالجة الرجل في ما
تعرضه، تقول الشحي: المرأة بطبيعتها عاطفية وحساسة أكثر من الرجل، والعمق
في معالجة القضايا لا يعني العاطفة فقط، فالنص والتصاعد في بناء الإحساس
وأمور إخراجية أخرى تساعد على المعالجة العميقة للقضايا، ولكن ما يختلف بين
المرأة والرجل هو نوعية الموضوعات التي يتناولها كل منهما، فالمرأة تفضل
إخراج الموضوعات الإنسانية والدرامية التي تجذب شريحة كبيرة من الجمهور،
بينما يميل الرجل أكثر نحو “الآكشن” والخيال العلمي .
وعن مدى تقبل المجتمع للمرأة المخرجة تقول: لا أستطيع القول إن
المجتمع تقبل وجود المرأة المخرجة تماماً، وإن كان هناك تغير كبير في
حضورها، خصوصاً في المجتمع الإماراتي، فقبل عشر سنوات لم يكن هناك وجود
حقيقي للمرأة المخرجة، ولكن بسبب اهتمام الجامعات والكليات بهذا التخصص
وظهور المسابقات والمهرجانات في الدولة اختلف الأمر، إلى جانب ما تقوم به
بعض المؤسسات الحكومية من دورات وورش ودعم مادي ومعنوي للأفلام الإماراتية،
وابتعاث الموهوبين والموهوبات لنهل الخبرات العالمية . وأكدت الشحي أنها
تنتمي إلى عائلة تؤمن بأنه لا خلاف على عمل المرأة ما دامت ملتزمة، وتضع
حدوداً للتعامل مع من حولها، وهذا لا ينطبق على المرأة المخرجة فقط بل على
العاملة في كل المجالات .
لم تتوقف مريم جاسم السركال، عند كونها مخرجة في مؤسسة دبي للإعلام،
بل أصرت على أن تكمل دراستها للماجستير في الإخراج السينمائي في “لندن فيلم
سكول” . وترى أن وجود المرأة في الإعلام والإخراج قديم، ولكن نظرة المجتمع
لها كانت نظرة ظالمة وسلبية، وفيها الكثير من التخوف . وتقول: بعض السيدات
تسببن في هذه النظرة ولكنهن أولاً وأخيراً لا يعبرن إلا عن أنفسهن،
والكثيرات ممن التحقن بهذا المجال استطعن أن يغيرن هذه النظرة . وتضيف: إن
لم نوضح نحن صورة المرأة العاملة في هذا المجال بشكل صحيح فلا نلوم
الآخرين، خلال دراستي للماجستير في بريطانيا، كنت الإماراتية الوحيدة في
الجامعة التي أدرس فيها، وذلك دفعني لأن أسعى بجدية لتصحيح صورة المرأة
الإماراتية، فمازال الكثيرون يعتقدون أنها لا تمتلك فكراً وإبداعاً . وعبرت
مريم عن فخرها بأوائل المخرجات اللواتي اقتحمن مجال الإخراج كنهلة الفهد
ونايلة الخاجة، فلم يصغين للأصوات المستنكرة والرافضة لوجود المرأة في مجال
صناعة الصورة المرئية، وتقول: استطعن أن يثبتن قدرة المرأة على أن تفرض
احترامها وقدرتها على الإبداع، ومع دعم المؤسسات والمجتمع تم تفعيل مشاركة
المرأة بشكل أفضل، لتحظى فتيات اليوم بفرصة أفضل من فتيات الأمس . وعن تميز
المرأة في هذا المجال تقول: المرأة بطبيعتها تتعمق في التفاصيل، فهي حساسة
وطبيعتها أنها تحتمل أكثر من الرجل وتصبر وتتحدى وتراجع العمل أكثر من مرة،
وحين يكون لها هدف، تتعب حتى تحققه . وترى السركال أنها محظوظة لدراستها
الإعلام في كليات التقنية العليا بدبي لأن دراستها لهذا المجال زودتها
بالخبرة الشاملة في جميع المجالات الإعلامية، وأكدت أنها لاقت الدعم
والتشجيع من أسرتها، فوالداها يمتلكان بعد نظر حول ما سيكون عليه حال
الإعلام بعد فترة وقد تحققت فعلا نظرتهما، كما تؤكد .
وأكدت المخرجة رولا شمص أن الإبداع لا يقتصر على المرأة أو الرجل،
فكلاهما مبدع، وتقول: زاد الاهتمام بالمرأة مؤخراً لتشجيعها على المشاركة
في هذا المجال، وبما أن الرجل موجود فيه، فالتركيز على أعمال المرأة يلاقي
اهتماماً أكبر . وذكرت شمص أن وجود المرأة العربية في مجال السينما
والإخراج ليس جديداً، ولكنه جديد بالنسبة إلى المرأة الإماراتية، وتقول:
ازداد اتجاه المرأة الإماراتية نحو هذا المجال للتشجيع والدعم والمحاولات
الجادة لصناعة سينما إماراتية، ولا يقتصر الأمر على هذا المجال فقط، بل
تلقى المرأة الدعم للمشاركة في جميع المجالات .
مخرجات طالبات
اتجاه الفتيات نحو عالم الإخراج لا يبدأ مع تخرجهن في الجامعة، بل على
مقاعد الدراسة، فطالبات كثيرات يقدمن أفلاماً كمشروعات تخرج، ويشاركن بها
في المهرجانات السينمائية، ليحصلن على جوائز تبثت قدرتهن على الإبداع،
وتعدّ شمة أبو نواس وحفصة المطوع، خريجتا إعلام بكلية دبي للطالبات، أحد
هذه الأمثلة، فقد شاركتا بفيلمهما القصير “إشش” وحاز جائزة أفضل فيلم
إماراتي قصير بمهرجان أبوظبي السينمائي . تحدثت شمة عن سبب اتجاهها للإخراج
فقالت: يتجه كثيرون نحو السينما، ولكنهم نادراً ما يتابعون المشوار،
واتجاهي للإخراج له أسباب كثيرة، فالسينمائي يستطيع أن يوصل رسائل هادفة
إلى شريحة كبيرة من المجتمع، ولأني إماراتية أرغب في أن أرفع اسم الإمارات
عالياً في مجال صناعة السينما، فهذه مسؤوليتنا نحن أبناء الدولة . وأكدت
شمة أن الرجل والمرأة قادران على الإبداع وكل منهما يعالج القضية بأسلوب
مميز، ولكن يجب أن ينبع ذلك من أعماقه حتى يكون عمله مبدعاً، وذكرت أن
المرأة خاضت مجال الإخراج والإعلام لأنها وجدت الدعم من الدولة، وتقول: كل
ما في دولتنا يدفع المرأة إلى الالتحاق بمجال صناعة الصورة المرئية،
فالمهرجانات في تزايد، واحتضان المواهب متوافر . ولدينا إمكانيات كثيرة
نستطيع من خلالها توصيل رسائل هادفة تنفع المجتمع . وأشادت شمة بدور
الجامعة التي امتلكت خطة أكاديمية مدروسة بعناية، تؤهل خريجيها للتعامل مع
الحياة العملية بكل ثقة .
وشاركتها زميلتها حفصة الرأي بأن الدعم الذي قدمته الدولة للمرأة
دفعها إلى الانطلاق بقوة في هذا المجال، وتقول: إبداع المرأة حقيقي،
فطبيعتها الحالمة، وخيالها الذي يفوق خيال الرجل يجعلانها تكتب الحوار
الداخلي على شكل قصة تقوم بتحويلها إلى فيلم، ليصل للمشاهد بشكل سريع،
وتوصل من خلاله ما يدور بخاطرها بطريقة غير مباشرة إلى المجتمع . وذكرت
حفصة أن نظرة المجتمع في السابق كانت قاصرة في ما يخص اتجاه المرأة
للمجالات الإعلامية، ولكن بعد أن رأوا دعم الدولة للمهرجانات السينمائية
والمنتديات الإعلامية زادت ثقتهم بذلك، ما دفعهم إلى تقبل الأمر وتشجيع
بناتهن على خوض مجالات الإعلام المتعددة . وعن اتجاهها إلى هذا المجال
تقول: منذ صغري وأنا أحلم بأن أكون مذيعة، وكان المحيطون بي يرون هذا
الأمر، ولأن مجتمعنا لديه بعض القيود توجهت إلى مجال آخر في نفس الإطار وهو
الإخراج، ورغم صعوبته، أعبر به عن قضايا كثيرة تهم المجتمع.
الخليج الإماراتية في
09/02/2011 |