جلست زينب تغني في الفرح، الذي لم يكن بضخامة الأفراح التي
تقام في الأحياء الشعبية، فضلاً عن أن غالبية الحضور كانوا من الأفندية
والبكوات والهوانم، ولا يثيرون ضجيجاً.
نظرت حفيظة إلى زينب وهي تغني، فأعاد المشهد إلى ذاكرتها
صورة {الست بمبه العوادة} وهي تتوسط فرقتها، وتعزف على العود، بينما صوتها
يصدح في سكون الليل، وسط صيحات المعجبين.
انتهت الليلة، وكان نصيب زينب من الفرح جنيه، مئة قرش صاغ،
أمسكت به ونظرت إليه، ثم جرت وأعطته لوالدتها، أخذته الأم وابتسمت وهزت
رأسها، ولم تكن تفهم زينب معنى أن تبتسم وتهز رأسها. هل وافقت تماماً على
أن تعمل بالفن والمغنى؟ أم فرحت بالجنيه؟ خصوصاً أن ما معهما من نقود أوشك
على الانتهاء.
عادت زينب من فرح زيزينيا والأسئلة تدور في رأسها، لكن ما
إن دخلت إلى البيت، حتى جرت إلى حجرة والديها، فتحت خزانة ملابسهما وأخرجت
منها العود الذي كان قد اشتراه والدها لوالدتها يوم مولد زينب، أخذت زينب
العود وخرجت به، جلست تجرب العزف الذي لطالما دربتها والدتها عليه في أوقات
المرح والغناء وعز الأسرة الذي كان.
تذكرت حفيظة متى رأت شكل العود للمرة الأولى والست {بمبه
العوادة} تعزف عليه، وكيف تمنت آنذاك أن تكون مكانها، نعم مكانها... تمنت
حفيظة أن تصبح مطربة، {صييته} لها تخت مثل الست {بمبه العوادة} أو {بهية
المحلاوية}، خصوصاً أن صوتها أفضل كثيراً، بل وبلا مبالغة أحد أجمل الأصوات
التي أنجبتها الإسكندرية.
لم يلفت نظر حفيظة أن ابنتها زينب تعزف، أو أنها لا تجيد
العزف، بل راحت تفكر في ما وراء هذا المشهد:
=
ياااه... بتفكريني بشبابي يا بت يا زينب. إيه لأ... اسم
الله عليا ما أنا لسه في عز شبابي. غيرش بس أبو زينب هو اللي خلي بيا. كان
نفسي أكون صييته وأغني وصوتي يوصل لكل الناس. لكن بقى القسمة كدا. أيووه...
طب أنا ليه معارضة إن زينب تعمل اللي أنا كان نفسي أعمله. هي صحيح صوتها مش
حلو أوي زي صوتي... بس تنفع تقول. لا.. لا.. الناس تقول علينا إيه؟
آااه من الناس... كلام الناس هو اللي منعني وخلاني أبعد، دا
خلاني حتى أخاف أن حد يشوف العود دا في بيتي، حتى أخواتي. ويظهر أن مكتوب
على بيتي هي كمان تكون ضحية للناس. مش لازم تغني... أيوا مش هاينفع. اسم
أبوها واسم العيلة... لا لالا.
كان الصراع الداخلي لحفيظة مع نفسها أكبر كثيراً من الصراع
الداخلي لزينب مع نفسها. كانت حفيظة تحسب حساب كل كبيرة وصغيرة، كلام
الناس، صورة ابنتها أمام أهلها، عائلتها وأقاربها، ماذا سيقولون عنها؟ بل
ماذا سيفعل بها أعمامها، خصوصاً عمها الكبير... وما أدراك ما عمها، فإذا
كان قد أقام الدنيا ولم يقعدها عندما تجرأ والدها وأخذها معه إلى المقهى
وهي لا تزال ابنة خمس سنوات، فماذا سيفعل بها اليوم؟!
اسم الشهرة
هذا تحديداً ما كان يخيف زينب، فموافقة والدتها أصبحت
مضمونة، خصوصاً بعدما رضخت للأمر وذهبت معها وخيرية إلى فرح في حي زيزينيا،
لكن ماذا ستفعل حيال عمها لو بلغه، أو أي من أفراد العائلة، خبر أنها أصبحت
مطربة؟!
كان الجميع يفكر في كيفية الخروج من المأزق، حتى اهتدت
خيرية صدقي صديقة زينب إلى حيلة، ربما تضمن عدم كشف أمرها ولو بشكل موقت في
الفترة الأولى:
*
إزاي... مش فاهمة؟
=
انت اسمك إيه؟
*
اسم الله عليكِ. مالك يا خيرية؟
=
يا ست ردي عليا. اسمك إيه؟
*
يا بنتي ما انت عارفة... زينب.
=
أيوا زينب إيه؟
*
زينب محمد سعد.
=
حلو. يعني كل اللي يعرفك يعرف إن انت زينب بنت المرحوم محمد
سعد.
*
اسم الله عليك وحواليكِ يا روح النون. النبي حارسك وصاينك.
يعني جبتي التايهة. ما أنا عارفه والناس كلها عارفة أن آني زينب بنت
المرحوم محمد سعد.
=
لكن الناس مش ممكن هتعرف زينب بنت المرحوم صدقي.
*
مين صدقي دا.
=
أبويا أنا.
*
وأنا مالي ومال أبوكي.
=
يا بنتي افهمي. لأن الناس كلها أهلك وعيلتك ومعارفك يعرفوا
إن اسمك زينب محمد سعد. لكن لما يسمعوا إن في مطربة جديدة اسمها زينب صدقي
تبقى انت بعيد عن اسم العيلة. وصلتك ولا لسه؟
*
يا بنت الذين يا خيرية. أما حتة فكرة ما تخطرش على بال
العفاريت ولا الأبالسة. زينب صدقي... زينب صدقي... تصدقي اسم حلو يا بت يا
خيرية.
=
أمال... هو آني هنختارولك حاجة وحشة... وأهو تبقى أختي رسمي
يا بت.
احتضنت خيرية زينب، وتعاهدتا على المحبة والإخلاص، والمضي
معاً في الطريق الجديد الذي اختارته الأقدار لزينب، واضطرت الأم إلى أن
توافق عليه، وهي ليست كارهة له، لكنها خائفة من عواقبه غير المضمونة.
لم تنتظر زينب طويلاً فقد اتفقت خيرية على إحياء فرح جديد،
لكن هذه المرة فرح كبير، لابنة أحد تجار الأسماك، في منطقة {كامب شيزار}
وستكون زينب هي مطربته الأولى، بمعنى أنها ستقدم أكثر من خمس أغانٍ بعدما
قدمت أغنية في الفرح السابق، وستصاحبها خيرية كراقصة أمامها.
كانت الأغنية التي غنتها زينب في الفرح السابق قد سبق لها
حفظها، لكنها لم تكن تحفظ أغنيتين كاملتين، بل بعض مقاطع من عدد من
الأغاني، كانت ترددها مع نفسها من حين إلى آخر، لكن الآن لا بد من أن تحفظ
لتعمل.
أحضرت خيرية عدداً من الأسطوانات لبعض المطربين والمطربات
ذائعي الصيت، من بينهم الست عزيزة المصرية، الست فاطمة العراقية، الست بهية
المحلاوية، الست هانم الصغيرة، سلطانة الطرب الست منيرة المهدية، الست
فتحية أحمد، الآنسة أم كلثوم، عبده الحامولي، الشيخ سيد درويش، محمد أفندي
عبد الوهاب، وغيرهم، على أن تحفظ عدداً من أغاني هؤلاء المطربين والمطربات
لغنائها في الفرح... بل وحفظ المزيد للأفراح المقبلة.
رشحت خيرية أسطوانة جديدة للمطربة عزيزة المصرية، على أن
تحفظ زينب أغانيها، إلى حين موعد الفرح، فزادت عليها أغنية للمطرب الشاب
محمد أفندي عبد الوهاب وحفظتها، وقررت أن تبدأ بها في الفرح، على أن ترقص
أمامها خيرية. قدمهما مقدم فقرات الفرح: والآن مع الأختين زينب وخيرية صدقي.
يامين يحكم بينى وبينك
تبيعيني حرام على دينك
ده انس سنين يعوض الله
ما كنش عشمي انها تسلى
بقى برضه يهون عليكِ
تكسري في راس حبيبك
أنا اللي كنت اداديكِ
وطول عمري روحي فى دباديبك
كنتِ في قلبي مسا وصباح
الكل يحلف والقلب يخلف
عرفت حبك كفاية تبلف
ياما سمعت كلام وبتاع
وطريق مفروش بزبدة
طلع عليه النهار وساح
اخصى عليك غرتني يا قاسي
وسيبتني وحدي اقاسي
ولكِ عين تلومينى يا ناقصة
دى محبتي فيكِ كانت خالصة
أنا استاهل ده كله
إني صدقتك يا خاين
مين فينا خان التاني
مفروض فيها أمر فايت
خليني ساكت يكفاني نار
يرحم ايامنا لحظة غرامنا
يا عيب مابعنا كدبت أحلامنا
انسى الواحد والواحدة
تبقى قلوبهم متحدة
مفهوم مفهوم في عش الغرام
ما إن انتهت زينب من الأغنية، حتى ضج المعازيم في الفرح
بالآهات وعبارات الانبساط والمديح، فقدمت الوصلتين الثانية والثالثة، ولم
تخرج من الفرح إلا بعدما ردد {المعازيم} اسمها، وكانت والدتها حفيظة بين
الحضور، شاهدت ابنتها تغني، وشاهدت الناس تهتف لها وتستزيدها.
فاتنة
نظرت زينب إلى صورتها في المرآة، للمرة الأولى تلاحظ أنها
جميلة بالفعل، جميلة جمال بنات الجاليات الأجنبية، وليس الجمال الإسكندري
لبنات البلد، فتعجبت من أمر أمها التي طلبت منها أن تحاول قدر المستطاع
زيادة تبرجها كي تبدو للحضور قبيحة، فكل أم تحاول قدر الإمكان إظهار جمال
ابنتها وفتنتها، إلا والدتها، تدعوها إلى أن تكون بشعة، غير أنها فهمت ما
ترمي إليه بعدما هم أحد السكارى في أحد الأفراح بالتعدي عليها، عندما صعد
إلى خشبة المسرح وهي تغني، وحاول أن يحتضنها ويقبلها. هنا فهمت زينب ماذا
كانت تقصده أمها عندما طلبت منها أن تكون قبيحة.
منذ تلك الليلة حرصت زينب على الجلوس أمام المرآة ما يقرب
من الساعة يومياً، ليس كما تفعل النساء لمحاولة إظهار حسنهن، بل للعمل
جاهدة على أن تكون قبيحة، ثم الخروج من بيتها بصحبة والدتها وصديقتها خيرية
سرا عندما ينتهي آخر ضوء للنهار، والعودة أيضاً سراً بعد أن يكون قد نام
أهالي الشارع.
زينب العالمة
استطاعت زينب خلال أشهر أن تكون إحدى {العوالم} اللائي
يطلبن بالاسم في الأحياء المحيطة بها في الإسكندرية، فلم يكن يتم فرح إلا
وكانت تقوم به بمفردها، أو تشارك مع عدد من {العوالم} في إحيائه، وسط
احتياطات مشددة منها لجمع معلومات عن أي فرح قبل أن تذهب إليه حتى تتقي خطر
أن يتعرف إليها أحد أفراد عائلتها. لكن يبدو أن الحذر لا يمنع قدراً، حيث
اتفق المتعهد الذي يعمل معها وصديقتها خيرية، على إحياء فرح كبير في
{الأنفوشي}. بينما كانت تستعد لهذا اليوم وتحفظ عدداً من الأغاني التي
ستحيي بها الفرح، فوجئت بزيارة غير متوقعة لشقيقتها سنية:
*
أهلاً أهلاً إيه النور دا؟ والله لك وحشه يا سنية... فين يا
بت من يوم المرحوم؟
-
أعمل إيه يا أختي ما انت عارفه سي علي... فين وفين لما
بيخرجني.
*
والله بركة أنه افتكر أن لك أم وأخت وبعتك تزوريهم.
-
لا أطمني من الناحية دي هو عامل ناسي على طول حتى لو فكرته
كل يوم.
*
أمال إيه اللي فكره يبعتك النهارده.
-
هو ما افتكرش؟ بنت عمه هي السبب. ملك بنت إسماعيل اللبان
اللي في الأنفوشي فرحها النهاردة. قلت له ننزلوا بدري شويه أعدي عليكم قبل
ما أروح الفرح.
*
اسمها ملك؟ وما تعرفيش عريسها اسمه إيه؟
-
والنبي يا اختي ما فاكره... فوزي... فايز.. حاجة زي كدا. ما
هو ابن رمضان الفللي.
سمعت زينب اسم العريس واسم والده، ولم تعد تستطيع أن تبتلع
ريقها. استأذنت من شقيقتها وجرت إلى أمها في المطبخ، وأبلغتها بالكارثة، أن
سنية ستذهب الليلة لحضور الفرح الذي من المفترض أن تغني فيه زينب. وقفتا
حائرتين لا تعرفان ماذا تفعلان:
*
تبعتي الواد حمو بسرعة لبيت خيرية. خليها تيجي دلوقت بالعجل.
=
هنقولولها إيه؟
*
قوللها أي حاجة إن شالله حتى يقولها زينب بتموت.
=
الشر بره وبعيد. ودي غرقت إيه دي بس يا ربي... دا اللي ما
كناش عاملين حسابه.
أرسلت زينب المرسال لطلب خيرية، فيما جلست الأم في
{التراسينا} ( البالكون) في انتظار وصولها، غير أن سنية لاحظت شيئاً غير
عادي في حركة زينب واضطراب الأم:
-
هو في إيه؟ مالك يا أختي انت وامك مش على بعضكم؟
*
ليه يا اختي بتقولي كدا. ما آدي بعضي وآدي بعضي يبقى إزاي
بقى مش على بعضي.
-
أمال مالكم من الباب للشباك للتراسينا؟ انت مرة وأمك مرة؟
*
فرحانين بيك يا أختي.
-
بمناسبة الفرح... انت مش ناوية تفرحينا تاني يا أختي.
*
مين... أنا؟
-
أمال بعد الشر أنا؟ طبعاً انت يا دوب عندك ييجي ستاشر
سبعتاشر سنة... واللي قدك لسه ما تجوزوش.
*
أنا جربت حظي مرة وعرفته... ومش هكررها تاني.
-
كلام إيه دا؟ هتقعدي بقية عمرك كدا عازبة؟
*
اللي شفته يخليني أكره الجواز والرجالة. أمال أنا مقاطعاهم
ليه؟
-
بلاش كلام فاضي. أنا عندي لك عريس إنما إيه لقطة. عنده
خمسين سنة ومستوظف حكومة وعنده تلات عيال. مراته ماتت الشتوية اللي فاتت.
*
عايزة تجوزيني واحد أد أبويا الله يرحمه... وكمان عنده تلات
عيال.
-
أيوا يا اختي ما تآخذنيش ما انت دلوقت عازبة مش بنت بنوت.
*
بقولك إيه قفلي على الكلام دا وتعالي نتغدوا... أمك عامللنا
صيادية ورز أحمر هتاكلي صوابعك وراهم.
من دون أن تدري فتحت سنية جرح شقيقتها الذي لم يكن قد التأم
بعد، لدرجة أنه أنساها توترها وقلقها من أن تعرف سنية موضوع عملها بالغناء،
وما إن وصلت خيرية حتى أوضحت زينب الأمر لها مؤكدة على ضرورة البحث عن
مطربة أخرى لإحياء الفرح بدلاً منها، غير أن المشكلة في أن عنصر الوقت لم
يكن في صالحهما:
=
إزاي بس احنا داخلين على العصر؟ أجيب منين أنا دلوقت صييته
تحيي الفرح؟
*
اتصرفي. بقولك دول نسايب سنية أختي. يعني مش بس هنتفضحوا...
لا وسنية هتتطلق كمان.
=
يا ستي عارفة بس فكري معايا نعملوا إيه ونجيبوا مين... وحتى
لو جبنا حد... هانقولوا إيه لأصحاب الفرح وهم طالبينك بالاسم؟
*
يعني طالبين منيرة المهدية. قولي أي حاجة... تعبت...
ماتت... انتحرت... أي حاجة.
=
بعد الشر. أنا عارفة بس دي حوسة إيه دي.
استطاعت خيرية، وعبر دائرة معارفها الكبيرة أن تدبر فرقة
كبيرة من العوالم، مطربات وراقصات وتخت آلاتية، واتفقت معهم على إحياء
الفرح بدلاً من فرقتها التي أصبحت مطربتها الأولى زينب صدقي، وأعطت
{العربون} وعنوان الفرح للفرقة. بقيت المشكلة الأهم وهي أن تقنع أصحاب
الفرح بالفرقة البديلة، وهي مهمة لا بد من أن تقوم بها شخصياً.
في الوقت الذي اتجهت فيه خيرية إلى بيت أصحاب الفرح لتخبرهم
بالتغير الذي طرأ على الفرقة بسبب ظروف تعانيها مطربة الفرقة، كان ابن عم
العريس في طريقه إلى بيت {الست زينب العالمة} لاستعجالها لأن الوقت تأخر
والفرقة التي ستزف العروسين لم تصل بعد!
استعدت سنية للذهاب إلى الفرح، فتحت باب البيت، فإذا
بالسائل في وجهها:
=
مش دا بيت الست زينب العالمة المتصيتة.
-
لا يا عم انت غلطان في العنوان.
=
غلطان مين العنوان صح... وأهو بالأمارة عمود النور هنا أهه.
زي ما وصفولي بالظبط.
لاحظت زينب الرجل فجاءت تركض، وحضرت والدتها. حاولتا
الانفراد بالرجل، حاولتا إبعاد سنية وصرفها، غير أنها كانت قد فهمت كل شيء،
فانهارت ووقعت أمامهما مغشياً عليها.
البقية الحلقة المقبلة
بلا جمال
حصلت زينب وحدها على جنيهين أجرها في الفرح، وقررت أن تشتري
أسطوانات جديدة بجنيه، والجنيه الآخر أعطته كالعادة لوالدتها التي تدير
شؤون البيت.
راحت زينب تنتقل من فرح إلى فرح، ومن حي إلى آخر من أحياء
الإسكندرية، غير أنها في كل مرة وقبل أن توافق على الذهاب إلى الفرح، كانت
تقوم بالسؤال والاستفسار عن أهل العريس والعروس، وأهلهما وأقاربهما، وعن
الحي والشارع والعائلات التي تسكن فيه، خوفاً من أن تصطدم بأحد أفراد
عائلتها أو من يتعرف إليها.
لاحظت حفيظة أنه كلما صعدت زينب إلى خشبة المسرح لتغني
يتهافت المعازيم عليها حتى قبل الغناء، فهم يتهافتون على جمالها قبل صوتها،
فمن كان يرى زينب عن قرب يلاحظ أنها بارعة الجمال، الأمر الذي بدأ يثير قلق
ومخاوف والدتها، خصوصاً أن زينب مطلقة، فاهتدت إلى فكرة تقيها شر هذا
الطريق:
*
إيه اللي بتقوليه دا يا أمي؟
=
ما فيش حل غير كدا.
*
أيوا مش فاهمة يعني إيه أبقى وحشة؟
=
يعني تبقي وحشة... صعبة دي؟
*
هو أنا حلوة للدرجة دي؟
=
طبعاً... بسم الله ما شاء الله النهارده الخميس. خمسة من
شهر خمسة.
*
بس بس... إيه هو في حد غريب بينا.
=
يا بت ما يحسد المال إلا أصحابه.
*
طب وأبقى وحشه إزاي يا ست أم زينب.
=
يعني انت مثلاً عينيك جميلة وملونة زي البرسيم الأخضر.
*
آه... أخزئهم.
=
يوه. بعد الشر... يا بنتي اسمعي بس. وانت بتحطي كحل تزودي
الكحل حوالين عينيك أوي... علشان اللي يبص ياخد باله من الكحل ما يشوفش لون
عينيك. وبقك الصغنن دا لما تحطي أحمر ابقي زودي الأحمر حواليه علشان يبان
أنه كبير... وابقي لطخي وشك بشوية بويه من اللي بيحطوها دي تداري بياضك.
*
طب وعلى إيه يا أم زينب. ما نحطوا {بيشه} على وشي واحنا
بنغنوا وخلاص.
=
يا بنتي اسمعي كلامي احنا مش عايزين مشاكل والأمر ما يسلمش.
الجريدة الكويتية في
15/07/2013 |