نجمة بكل ما تعني هذه المفردة من معان ودلالات ومضامين،
وباختصار شديد، انغريد بيرغمان، سفيرة الجمال والابداع السويدي، فازت
بجائزة الأوسكار 3 مرات، بالاضافة لجائزتي ايمي وجائزة توني.
هل تريدون المزيد....؟ وصفت بانها رابع أهم امرأة في تاريخ
السينما، عبر العصور، من خلال استفتاء المعهد الأميركي للفيلم.
في مسيرتها العديد من الانجازات والبصمات، وسيظل العالم
يتذكرها من خلال دورها في فيلم «كازبلانكا» 1942 أمام النجم همفري بوغارت،
بالاضافة لكم آخر من الأعمال والتحف السينمائية التي جمعتها مع كبار النجوم
والمبدعين.
حملت بيرغمان، اسم «انغريد» تيمننا باسم الأميرة انغريد
السويدية، وقد ولدت انغريد بيرغمان في 29 أغسطس 1915 لوالدين هما السويدي
جوستس صموئيل بيرغمان
والألمانية فريدل بيرغمان، توفيت والدتها حينما كانت في
الثالثة من عمرها، كما توفي والدها المصور وهي في سن الثالثة عشرة من
عمرها. وقد كان يجهزها لأن تكون مطربة أوبرا، حيث جعلها تخضع لدروس متخصصة
في عالم الأصوات والغناء ولمدة ثلاثة أعوام متتالية.
ولكنها كما قالت في كتاب ذكرياتها، الذي صدر في الثمانينيات
بانها كانت تعلم جيدا بانها ستصبح ممثلة. بل انها كانت ترتدي في أحيان
كثيرة ملابس والدتها لتقديم بعض المشاهير أمام والدها، الذي كان يلتقط لها
الصور من أجل توثيقها.
حينما توفي والدها، ارسلت للعيش مع عمتها، والتي توفيت بعد
ستة أشهر من وصول انغريد، بعدها انتقلت الى عمتها هيلدا وعملها اوتو الذي
كان لديه خمسة أطفال، بالاضافة الى عمتها «اليسا ادلر» التي أخبرتها ذات
يوم بان والدتها تحمل دماء يهودية.
في عام 1932 وحينما كانت في السابعة عشرة من عمرها، حصلت
انغريد على الفرصة لتصبح ممثلة، حينما شاركت في مسابقة ضمن «رويال دراماتيك
ثياتر» في ستكهولهم، حيث فجرت انغريد احاسيسها وطاقاتها.
وقد حصدت على منحة لدراسة التمثيل، حيث كانت غريتا غاربو،
قد حصلت على ذات المنحة قبيلها بأعوام.
وتحت مظلة المعهد والدراسة المتخصصة، حصلت على دور في عمل
مسرحي، وهي في أول أيامها الدراسية، وكان ذلك بمثابة المخالفة، حيث يمنع
على البنات التمثيل الرسمي الا بعد العام الثالث من الدراسة.
وخلال الفترة الصيفية تم طلبها من قبل ستديو الفيلم
السويدي، حيث حصلت على عقد عمل كامل. وبدأت تمارس حضورها السينمائي، بعد ان
تركت دراسة التمثيل، وقد اتيحت لها الفرصة للعمل مع العديد من المخرجين.
في عام 1939 شاهدها المنتج الأميركي دايفيد سلترنك والذي
دعاه الى الدور الرئيسي في فيلم «انترميزو قصة حب»، وهي اعادة لفيلم سويدي
بنفس الاسم، وكانت تعاني من شيء من الصعوبات في المرحلة الأولى في النطق
الانكليزي ولهذا اعتقد بانها سرعان ما ستعود الى السويد بعد الفيلم الأول،
ولهذا تركت زوجها الأول (د. بيتر لاندستروم) مع ابنتها بيا 1938 في
ستوكهولم لان سرعان ما ستعود بعد انجاز الفيلم.
واضطرت الى الاقامة في منزل المنتج، لانها لم تكن تجيد
اللغة الإنكليزية بطلاقة، وكانت تعيش مع أسرته وأبنائه، خصوصاً، وقد كان
يومها ينتج فيلمه الآخر الكبير «ذهب مع الريح» الذي تطلب كثيراً من المال،
وكانت انغريد تعيش تلك اللحظات بل انها كانت لا تخرج من الستديو الى
المنزل، حيث تواصل دراستها والعمل على اجادتها اللغة الانكليزية واللكنة
الأميركية على وجه الخصوص.
وحينما عرض فيلم «انترميزو» حقق نجاحاً كبيراً، ولتصبح
انغريد بيرغمان نجمة جديدة في السينما الأميركية.
في مرحلة ما بعد الحرب العالمية، بدأت انغريد تشعر بشيء من
الحزن، لان اصولها المانية، في مقابل دور ألمانيا في الحرب ودورها في
المجازر التي وقعت بحق اليهود وعلاقتها الوطيدة مع الكثير من الألمان.
وظلت انغريد تواصل نشاطها بين السويد وأميركا، حتى انتقلت
للعمل في السينما الأميركية، وحققت أعمال ناجحة عدة منها «آدم لديه أربعة
أبناء» و«ريج ان هافن» و«دكتور جايكل ومستر هايد»، وذلك في عام 1941.
وتأتي النقلة الأساسية والمهمة في مسيرتها مع فيلم «كازبلانكا»
عام 1942 أمام النجم القدير همفري بوغارت، وهي تصف في مذكراتها، ان أداءها
شخصية الزوجة النرويجية في الفيلم يمثل ليس بأحد أهم أعمالها وأدوارها التي
قدمتها في مشوارها السينمائي، لأن هنالك أعمال أخرى تفوقه أهمية، ولكن شهرة
الفيلم وضعته تحت الأضواء وضعت دورها تحت دائرة الاهتمام.
ومع ذات المنتج قدمت بعد «كازبلانكا» فيلم «لمن تقرع
الأجراس» 1943، بدور ماريا الرائع، وهو أول فيلم ملون لها وترشحت عن الدور
للأوسكار كأفضل ممثلة، والعمل كما هو معروف مأخوذ عن رواية ارنسنت همنجواي،
ويقال بان همنجواي نفسه رشحها لدور ماريا في الفيلم بعد ان كان قد شاهدها
في فيلم «انترميزو».
وعن فيلمها التالي «جازلايت» 1944 فازت بجائزة أوسكار أفضل
ممثلة مع المخرج جورج كيكور، وبعده قدمت «أجراس سانتا ماريا» وعنه ترشحت
أيضاً للأوسكار.
ثم جاءت مرحلة العمل في عدد من أفلام الفريد هيتشكوك ومنها
«سبل بوند» 1945، و«نيدربس» 1946.
وتأتي النقلة الثانية البارزة في مسيرتها مع فيلم «جان
دارك» 1948، حيث ترشحت مجدداً للأوسكار، ونال الفيلم كثيراً من النجاح
والانتشار بسبب العلاقة التي جمعت بين انغريد والمخرج الايطالي روبرتو
روسوليني، حتى ان الفيلم لم يفز بعدة جوائز أوسكار، بسبب تلك العلاقة
الفضائحية.. خصوصاً انها كانت تقدم شخصية «قديسة» فكيف لها ان تخون.. وتعيش
الغرام والعشق!!
على الصعيد الشخصي، ارتبطت انغريد حينما كانت في الحادية
والعشرين من عمرها بطبيب الأسنان بيتر لاند ستروم ومنه أنجبت ابنتها «بيا»
1938.
عند عودتها الى أوروبا، وتصاعد علاقتها مع روبرتو روسوليني،
طلبت الانفصال من زوجها السابق، حيث ارتبطت مع روبرتو روسوليني وأنجبت منه
ابنها الأول روبرتو روسليني الابن 1950، وفي عام 1952 انجبت التوأم الانثى
انجريد دايزابيلا روسوليني وهذه الأخيرة تحولت الى عارضة أزياء وممثلة
لاحقاً.
وفي عام 1957 انفصلت انغريد عن روبرتو روسوليني لترتبط مع
مواطنها لارس شميت، نجل احدى العائلات السويدية الثرية، لتنفصل عنه في عام
1975.
قدمت انغريد مع زوجها روسوليني العديد من التحف السينمائية،
والتي مثلت جوانب من الواقعية السينمائية الايطالية، التي فجرت طاقاتها
كمبدعية.. وكممثلة من الطراز الأول.. وكانت انغريد تمثل بلغات عدة وبطلاقة
تامة. ويظل فيلمها الأخير، هو العمل التلفزيوني «امرأة اسمها غولدا» عام
1982، عن حياة رئيسة الوزراء الاسرائيلية غولدا مائير، وعنه فازت بجائزة
ايمي الثانية كأفضل ممثلة.
وأتذكر يومها، وقد عرض الفيلم خارج المسابقات الرسمية
لمهرجان البندقية السينمائي الدولي، وخلال المؤتمر الصحافي الخاص بالفيلم
في فندق الاكسلبسور في جزيرة الليدد في البندقية اعترفت انغريد بيرغمان
باصولها اليهودية، وانا قدمت هذا العمل، ليكون خاتمة مشوارها السينمائي، كي
تعتذر لليهود عن التقصير في تقديم أعمال عن عذاباتهم.
توفيت انغريد بيرغمان في عام 1982 في يوم عيد ميلادها الـ67
في العاصمة البريطانية نتيجة معاناة طويلة مع سرطان الثدي، حيث احرق جسدها،
ونقل رمادها الى حيث البحار السويدية.وكانت بيرغمان قد أصدرت في عام 1980
مذكراتها بعنوان انغريد بيرغمان: بالتعاون مع آلان بيرجيس، مع حذف للفضيحة
التي لحقت بها نتيجة علاقتها الأولى مع روسوليني بناء على طلب ابنائها،
لتبقى حياتها بعيداً عن تلك المحطة الاستثنائية.
ويبقى ان تعود الى البدء، فقد كللت انغريد مسيرتها بثلاث
جوائز أوسكار، من بينها جائزتان كأفضل ممثلة وجائزة كأفضل ممثلة مساعدة..
وهي احدى القليلات أو القلة في السينما الذين حققوا مثل هذا الانجاز، وان
ظلت النجمة المتصدرة هي كاترين هيبورن بأربع جوائز كأفضل ممثلة.
النهار الكويتية في
16/07/2013 |