رأيت في هذه السلسلة ان تكون مارلين مونرو في المرتبة
الثالثة في الوقت الذي تحتاج به أن تكون في طليعة الاسماء، لأنني كنت
وقتها، واعترف شخصيا بأنني كنت في حيرة من أين أبدأ مع هذه النجمة، هل من
جمالها الأخاذ، أو علاقاتها أو غرامياتها، او انتحارها، أو كل ذلك وغيره من
الحكايات والاسرار التي احيط بها، بالذات، علاقتها مع الرئيس الاميركي
الاسبق جون كينيدي.
أيقونة حقيقية، ونجمة خالدة إنها شقراء السينما الاميركية
واحدى الرموز الخالدة في السينما العالمية والاميركية على وجه الخصوص.
وكمدخل لقراءة مسيرة وأحاسيس ومضامين هذه النجمة نورد جوانب
من النص الذي كتبته في رسالتها الى جمهورها في عام 1960، وذلك قبيل عامين
من وفاتها أو انتحارها، ويبدو أنها
كانت تخطط لهذا الانتحار منذ زمن طويل، وذلك لاحساسها بأن
لم تقدم أي شيء، وأن هنالك من يحركها.. ومن جعلها تتحول إلى مجرد صناعة..
ونورد النص:
- «لدي
احساس عميق بأنني لست حقيقية تماما، بل انني مجرد زيف مفتعل، صنع بمهارة،
وكل انسان يحس في هذا العالم بهذا الاحساس بين وقت وآخر، ولكنني أعيش هذا
الاحساس طيلة الوقت، بل أظن احيانا أنني لست الا انتاجا سينمائيا فنيا
أتقنوا صنعة».
من خلال تلك المفردات، نتعرف على نوعية المرارة أو الألم
الذي راح يسيطر على حياة هذه النجمة التي تحولت الى رمز، ولعل صدرها، حتى
اللحظة تحتل واجهة المطبوعات والأماكن كرمز حقيقي للجمال، حسب الذوق
الاوروبي والاميركي.
لقد جاءت وفاة مارلين مونرو، نتيجة لجرعة زائدة في الدواء،
وهي تعلم جيدا بأن تلك الجريمة هي خلاصها من ذلك الألم.. والعمر الذي راح
يزحف.
وتعود الى البدايات الأولى، ولدت مارلين مونرو (نورما جين
موتيفن) في الاول من يونيو 1926، علماً بأن اسمها قد تغير الى «نور جين
بيكر» نسبة الى والدتها نظرا لأنها لم تكن متأكدة من أبوة والد ابنتها،
ودخلت دار للأيتام وهي في سن التاسعة، حيث رفضت أمها رعايتها وتنقلت بين
عدة عائلات وعاشت حياة مليئة بالمصاعب.. وايضا بالتحرشات وهي طفلة وحدث
وصبية، وهذه التحرشات غير الاخلاقية، اعترفت بها وتركت ندوبا غائرة في
حياتها ولربما في تصرفاتها.
حينما قامت بزيارة الى مدينة هوليوود برفقة احدى السيدات
اللواتي اشرفن على تربيتها في مرحلة الطفولة، قررت (مارلين) أن تكون نجمة،
وهذا ما جعلها تبذل قصارى جهدها من أجل بلوغ ذلك الحلم.. مقابل أي شيء..
ولهذا قامت بالارتباط مبكرا مع شاب يبلغ من العمر 21 عاما وهي لاتزال في
السادسة عشرة من عمرها من أجل التخلص من دار الايتام والقوانين الصارمة
لتلك الدار في الدخول والخروج.
سيكون مفاجأة للجميع حينما نشير الى أن من اكتشف مارلين
مونرو هو النجم السابق والرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان، الذي أسس
مشروعا فنيا لاكتشاف المواهب، وكان ذلك في العام 1945، بعد الحرب العالمية
الثانية مباشرة، حيث تم اختيارها بعد أن نشرت صورتها في غلاف احدى المجلات
كموديل لاحدى شركات الاعلان الاميركية، وكانت يومها في التاسعة عشرة من
عمرها، ويومها كانت تعاني من (التأتأة) في اللفظ.. وهذا ما جعلها تعتمد على
مفاتنها وجسدها وابتسامتها وضحكتها المثيرة، حتى لا يلتفت صناع الانتاج الى
عدم مقدرتها الكاملة في النطق.
حتى ذلك الحين كانت مارلين تمثل بشعر اسود.. ولكنها قررت أن
تجري عملية لتعديل اسنانها.. وفكها.. وايضا صبغ شعرها باللون الاشقر، لتصبح
بمثابة القنبلة التي انفجرت في عالم هوليوود، حيث راحت شركات الانتاج
تتهافت عليها.. لتصبح النموذج.. والدمية.. والمرأة في ذهن العالم.
لقد عملت آليات الانتاج في هوليوود، على تحويلها الى
«المرأة الحلم»، ونشير هنا الى أنه لايزال الكثيرات في عصرنا اليوم يقلدن
مارلين مونرو في أسلوبها ولون شعرها واظهار مفاتنها، ومنهن مادونا وبريتني
سبيرس وسكارليت جوهانسون.. وغيرهن.
خلال مسيرتها الطويلة، أنجزت مارلين أفلام عدة ومنها، كيف
تتزوجين مليونيرا «1953» الرجال يفضلون الشقراوات «1953» البعض يفضلها
ساخنة «1959» دعنا نمارس الحب «1960».
توفيت مارلين مونرو «نورما جين بكير» يوم 15 أغسطس 1962،
حيث وجدت عارية في سريرها في منزلها في لوس انجلوس وكان عمرها يومئذ «36»
عاما، في حادثة اقترنت بالغموض، ولاتزال أسرارها مكتومة، الا انها قيدت في
الملفات الرسمية على انها انتحار بالحبوب المنومة والكحوليات.
ورغم وفاتها منذ عام 1962، الا ان مارلين لاتزال حاضرة في
كل يوم وفي كل لحظة... فهي النجمة التي لا تغيب عن العالم.
على الصعيد الشخصي، تزوجت مارلين ثلاث مرات، وكل منها انتهى
بالانفصال، الاول كان مع جيمس دوغرتي والثاني مع جو ديمانغو والثالث كان مع
الكاتب الشهير ارثر ميلر.
وتؤكد الاخبار عن ارتباطها بعلاقات غرامية مع الاخوين جون
وروبرت كينيدي، بل ان علاقتها مع جون كينيدي كان ابان رئاسته للولايات
المتحدة الاميركية.
ارتباطها الاول كان في الفترة من 19 يونيو 1942 الى عام
1946، اما الزواج الثاني فقد استمر في الفترة من 14 يناير 1951 - 1954، ثم
جاء ارتباطها مع الكاتب ارثر ميلر عام 1956.
يمثل لقاؤها مع المصور الفوتوغرافي، برونو برنارد نقطة
التحول الاساسية في مسيرتها، حينما قدم صورها لكبريات الاستديوهات والصحف،
مبشرا بميلاد نجمة جديدة سيكون لها كثير من الشأن... وهكذا كانت توقعاته.
بعدها بستة أشهر تماما، وقعت مارلين عقدها الاول مع
ستديوهات «كولومبيا» لتقدم أعمال عدة مهدت الطريق الى النجومية.
ولكنها في جميع أفلامها، ظلت مارلين دائما مجرد الفتاة
الجميلة... والمرأة الشقراء المثيرة، ولا شيء أبعد من ذلك على صعيد
المضامين والطروحات الانسانية او الاجتماعية، عكس كثير من الجميلات
الخالدات، بالذات الايطالية آنا مانياني.. او انغريد بيرغمان او كاثرين
هيبورن... وهذا الثلاثي ظل دائما يمزج الجمال بالقيم الانسانية الكبرى.
التقت مارلين خلال مسيرتها مع عدد بارز من النجوم ولعل
أبرزهم جاك ليمون وتوني كيرتس في فيلم «البعض يفضلها ساخنة - 1958» ومن
اخراج بيللي وايلدر. وقد حصد هذا الفيلم كثيرا من النجاح والانتشار ورسخ
حضورها عالميا كنجمة اغراء من الطراز الاول.
وهنالك تجربة نتوقف عندها من فيلم «دعنا نمارس الحب» مع
ستويوهات فوكس، فقد كان السيناريو الاول قد ترشح له غريغوري بيك، الا انها
لم توافق على السيناريو، الذي أعاد كتابته زوجها ارثر ميلر وترسخ الدور
الرجالي نجوم عدة رفضوا العمل ومنهم كاري غرانت وشارلتون هيستون وبول
برانيره روك هوسون بعد ان رفض الدور من قبلهم غريغوري بيك... حتى وصل الدور
الى الفرنسي ايف مونتان الذي قام بالبطولة ليقف أمام مارلين، لترتبط مارلين
وزوجها ارثر بعلاقة صداقة حميمة مع ايف مونتان وزوجته النجمة القديرة سيمون
سينيورية.
ونصل المحطة الاخيرة...
يوم 5 اغسطس 1962 في الساعة 4.25 صباحا، يأتي اتصال هاتفي
للنقيب جاك كليمنص، من الدكتور رالف جرينسون، الطبيب النفسي لمارلين، تخبره
بان مارلين مونرو وجدت ميتة في منزلها في ينتوود في هوليوود «كاليفورنيا»
عن عمر يناهز 36 عاما.
ورغم ان التقارير والبيانات الرسمية، أكدت بان الموت جاء
نتيجة انتحار بواسطة الجرعة الزائدة والكحول الا ان هوليوود، والصحافة
الاميركية، حتى اليوم لاتزال تطرح ذات السؤال يوميا: «من قتل مارلين مونرو؟».
فهل كانت علاقتها مع الرئيس جون كينيدي سببا في اغتيالها،
لابعاد البيت الابيض عن الفضائح والعلاقات الغرامية، خصوصا بعد تطور
العلاقة بينها وبين الرئيس، الى الحد انها قامت بتقديم وغناء أغنية «بعيد
ميلاد سعيد جون» التي قدمت بمناسبة عيد ميلاد الرئيس الاميركي.
ونعود الى البدايات... لقد ظلت مارلين دائما تشعر بانها
«مصنوعة... لهدف.... وكانت تتحرك وفق احتياجات هوليوود... وتتحرك ايضا
كدمية مصنوعة... خالية من الاحاسيس.
بدليل ان العالم يذكر مارلين... وجمالها... وجسدها وينسى
جميع أفلامها... وهنا سبب مأساتها.
النهار الكويتية في
12/07/2013 |