هنالك نوعية من النجوم، حينما يعصف بهم الزمن تتغير
أحوالهم، ولكن هنالك نوعية، ترسم خطوطها ومساراتها وتعرف ماذا تريد سلفا في
كل مرحلة من مراحل حياتها، ومن تلك النوعية النادرة يأتي اسم النجمة أودري
هيبورن، التي ظلت النجمة، والجميلة، حتى وهي تصارع الموت وتقضي كل وقتها
كسفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وتنال الوسام الرئاسي
للحرية لاعمالها الانسانية الجليلة.
نجمة تتمتع بمواصفات جمالية هادئة، ورغم ذلك قفزت الى
فضاءات النجومية والخلود في ذاكرة الفن السابع، عبر اختيارات ومسيرة اقترنت
بالجدية والالتزام وقبل كل هذا وذاك الاختيارات الفنية العالية الجودة، فمن
النادر، ان ترى أودري هيبورن في فيلمين او شخصيتين متشابهتين رغم مسيرتها
الطويلة.
ولدت أودري كاترين هيبورن واستن في الرابع من مايو 1929 في
العاصمة البلجيكية بروكسل، وكانت وحيدة والديها، والدها المصرفي الايرلندي
جوزيف فيكتور انطوني راستن، ووالدتها الهولندية ابنة الاسرة الارستقراطية
البارونة «ايلا مشان هيميسترا».
وقد أدت وفاة والدتها في مرحلة مبكرة من شبابها، الى
الاقامة مع والدها، حيث انتقلا للعيش في مدينة «باونهام» في هولندا، وتقول
الاخبار ان والدتها انفصلت عن والدها بسبب خيانته لها مع مربية أودري،
وكانت تريدها والدتها راقصة باليه، نظرا لرشاقتها وملامحها، ولهذا ارسلت
بها في سن السادسة من عمرها للدراسة في العاصمة البريطانية لندن، ولكن ظروف
الحرب العالمية حتمت عودتها الى هولندا في العام 1948، حيث واصلت دراسة
الباليه في هولندا.
في عام 1948 ظهرت أودري في اول دور سينمائي لها في فيلم
«سبعة دروس لتعلم الهولندية» لتعود بعدها أودري الى لندن لدراسة الباليه من
جديد، كما عملت في وقت فراغها كموديل من اجل تأمين كلفة دراستها واقامتها
في لندن.
كما بدأت تواجه بعض الحقائق، انها مجرد فتاة عادية، كما ان
طولها 1.70 لا يؤهلها لان تكون راقصة باليه محترفة، وهذا ما جعلها تصغي الى
استاذها في الباليه رامبرت، وان تبدأ بالاتجاه الى دراسة التمثيل، على ان
تبقى تواصل دراسة الباليه، حتى لو حصلت على أدوار مساعدة.
وبدأت تحصل على بعض الفرص في المسرح البريطاني، حيث قدمت
مشاركات مسرحية عدة، الا انها كانت دون الطموح، حيث كانت تتمنى أودري ان
تحصد الشهرة.
في عام 1951 حصلت على د ور بارز في المسرحية الاستعراضية
«الناس السريين».
وهنا تأتي احدى المصادفات، حيث يتم اختيارها للمشاركة بدور
في فيلم بريطاني يصور في فرنسا بعنوان «طفل مونتي كارلو» في عام 1951،
ويتصادف ان تحضر الى موقع التصوير الروائية الفرنسية «كوليت» التي كانت
تبحث شخصيا عن ممثلة شابة ذات امكانات عالية تستطيع ان تجسد الشخصية
الرئاسية في المسرحية الاستعراضية «جيجي» التي يتم التحضير وقتها بقديمها
في برودوني - نيويورك، لتحصل على الدور الذي ينتج لاحقا ابواب الشهرة، وذلك
في اكتوبر 1952، تقوم بعدها بجولة شملت عدة ولايات اميركية لتقديم هذا
العرض المسرحي المذهل.
وتأتي قفزة اخرى، رسخت حضورها ونجوميتها، وذلك من خلال فيلم
«رومان هوليداي» «عطلة في روما» الذي صدر في روما، وجسدت خلاله دور الاميرة
«آن» التي تقرر الهروب من حراسها لتقع في غرام رجل الاخبار «النجم غريغوري
بي» وهنا نورد بان المنتج كان يريد النجمة اليزابيث تايلور للدور ولكن
المخرج وليم ويلر ادهش بأداء أودري هيبورن فرسخها للدور «مصرا».
وكان من المقرر ان يوضع على الفيلم اسم غريغوري بيك وحده،
وبحروف اصغر اسم أودري ولكن اسم أودري وضع الى جوار اسم اشهر نجوم ذلك
الزمان غريغوري بيك.
وتكون المفاجأة بفوزها بالاوسكار وايضا ترشيحها بافتا
والغولدن غلوب ولتحصد كما هائلا من الجوائز والكتابات النقدية الايجابية.
هذا النجاح، منحها اول عقد من نوعها، حيث وقعت على عقد
لبطولة سبعة افلام مع ستديوهات «بارامونت» ويكون هناك 12 شهرا بين الفيلم
والاخر وتعطى الفرصة من واجل عملها بالمسرح.
بعد ذلك النجاح في عام 1953 احتلت صورتها غلاف مجلة
«التايم» وكان هذا بمثابة المؤشر على ميلاد نجمة حقيقية.
بعد ذلك النجاح، يأتي فيلم «صاربينا» ليرسخ حضورها في
الفيلم الذي اخرجه بيلي دايلور ولتقف امام نجمين من قامات هوليود وهما
همغري بوغارت ووليم هولدن، ولترشح لاحقا من جديد للاوسكار كأفضل ممثلة
ولتفوز بجائزة بافتا.
في ذات العام قدمت على المسرح مسرحية «اوترين» مع المخرج
بيل نيرير، لتحصل على جائزة توني كأفضل ممثلة مسرحية، وهذا ما يمثل انجازا
كبيرا لنجمة تحصل على الاوسكار وتوني في وقت واحد.
ويتي انجاز آخر في مسيرتها مع فيلم «الحرب والسلام» حيث
قدمت شخصية نناشا روستونا، وعام 1956 عن رواية لوي تولستوي الشهيرة، ومنها
الفيلم هنري فوندا.
وفي العام التالي 1957 تقدم انجاز سينمائي آخر يتمثل بفيلم
«الوجه المرح» امام النجم فريز استر وتجري احداث الفيلم في باريس، وتعورد
لتقدم فيلم عاطفي جديد بعنوان «حب في المساء» امام كاري كوبر وموريس
شوفالييه.
وفي عام 1959 قدمت فيلم «قصة قديسة» امام بيترفينش، حيث
ترشحت للمرة الثالثة الى جائزة الاوسكار، ولتحصل على جائزة بافتا الثانية.
بعدها راحت تنتقل بين الافلام بسرعة كما البرق، ولكنها ظلت
تختار، وتقول معلومات نشرت في مذكراتها انها كانت تحصل في كل عام.
في عام 1960 انجبت ابنها «شوق» وبعده بعام قدمت فيلم «افكار
في تيفاني» مع المخرج بليك ادواردز، وقد كان من المقرر ان تلعب الدور ما
بين موزو، ولكنها رفضت لبعض المشاهد المثيرة، وهذا ما جعل أودري تحصل على
الترشيح الرابع للاوسكار، وينصح واحدة من ايقونات السينما الاميركية،
والعالمية، انها قدمت الشخصية بمفاهيم ابداعية عالية المستوى.
ويأتي انجازها البارز من خلال فيلم «سيدتي الجميلة» الذي
يعتبر اهم انجاز سينمائي ضخم بعد فيلم «ذهب مع الريح».
وفي عام 1967 قررت الابتعاد عن السينما، الا ما قدر كي
تتفرغ لاسرتها، وايضا نشاطاتها الانسانية والخيرية على وجه الخصوص، حيث تم
اختيارها كسفيرة للنوايا الحميدة، كما قلدها الرئيس الأميركي جورج بوش
ميدالية الحرية «وسام الحرية الرئاسي» لاعمالها الانسانية الجليلة.
وقبيل وفاتها قامت بجولات خاصة بدورها الانساني، الى
الصومال وفيتنام واثيوبيا وبنغلادش وفي كل مرة كانت الانسانة، وليست
النجمة، وهذا ما رشحها كجميلة دائما بخلقها، وابداعها الانساني.
على الجانب الشخصي، ارتبطت أودري هيبورن مع جيمس هانسون
1052 وقد ربطت بينهما علاقة اثناء دراستهما للرقص.
كما ارتبطت بعلاقات مع النجم غريغوري بيك اثناء تصوير فيلم
«اجازة في روما».
في عام 1954 تطورت علاقتها مع الممثل الاميركي ميل فبرير،
وفي عام 1955 انجبت منه طفلها «شوق».
وفي عام 1969 تزوجت من عالم النفس الايطالي اندريا دوتي،
واستمرت العلاقة بينهما حتى عام 1982 بعد ان انجبت منه ابنها «لوكا».
ومنذ عام 1982 حتى وفاتها ارتبطت مع الممثل الايطالي روبرت
ولدرز.
وبعد عودتها من رحلة الى الصومال، بدأت أودري تعاني من
اورام سرطانية، ويأتي يوم 20 يناير 1993 يوم وفاتها بعد صراع طويل مع مرض
السرطان، ولتفقد السينما والبشرية واحدة من نجماتها الخالدات.
النهار الكويتية في
27/07/2013 |