باختصار شديد سلمى حايك نجمة مكسيكية من أصول لبنانية،
استطاعت ان تقفز وبسرعة فلكية الى قمة النجومية في هوليوود والعالم، ولكنها
لا تنسى الأيام الصعبة التي عاشتها قبيل الانطلاق الى الشهرة، في لوس
أنجلس، والتي شكلت لاحقاً بمثابة الدافع والمحفز، فقد عاشت سلمى أشهراً عدة
من دون اقامة أو أوراق رسمية في الولايات المتحدة، وتنازلت عن نجوميتها
وشهرتها في بلادها من أجل نجومية هوليوود.
والحديث عن سلمى حايك، دائماً يجعلنا نتساءل، من أين تكون
البداية، هل من حيث هي الآن، مقيمة مع ابنتها الوحيدة في فرنسا مع صديقها
رجال الأعمال الفرنسي فرانسوا هنري بينليه، أو من بدايات مسيرتها.. أو
طفولتها.
ولكننا سنذهب الى ما قبل كل ذلك، حيث هاجرت أسرة والدها، من
لبنان الى أميركا الجنوبية، شأنها شأن
الكثير من المهاجرين اللبنانيين في تلك الفترة، ليتم
الاستقرار في المكسيك، والدها هو سامي حايك، الذي ولد في المكسيك بعد حضور
والده (جد سلمى) الى تلك البقعة من العالم.
والدتها هي ديانا خيمنيز مدينا، من أسرة ارستقراطية، درست
الموسيقى، وأصبحت مغنية أوبرا.
وكان لقاء سلمى حايك مع ديانا خيمنيز ليكمل حلقة الثراء،
بالارتباط.. وايضاً بميلاد الابنة الجميلة وسلمي الذي أراد لها والدها ان
تدرس القانون، وفي البداية ارسلها للدراسة في أكاديمية «القلب المقدس» في
كوتو الكبرى لويزيانا، ثم المدارس الخاصة، ومن بعدها الجامعة الايبيرية
الأميركية لدراسة العلاقات الدولية.
جاء ميلاد سلمى في 2 سبتمبر 1966، وكانت تتمنى ان تسير على
خطى والدتها في المجال الفني، وفي الموسيقى والغناء على درجة الخصوص، بينما
كان يريدها والدها متخصصة في القانون والعلاقات الدولية، وهذا ما سارت عليه
ردحاً من الزمان، وكانت تتنقل بين المكسيك والولايات المتحدة للدراسة، حيث
استقرت لسنوات عدة في هيوستن عن عمتها اللبنانية الأصل.
وعند عودتها الى المكسيك، حيث فضلت دراسة العلاقات الدولية
هناك، كانت تحرص على ان تقضي وقت فراغها ببعض الأعمال المسرحية، حيث شاركت
في تقديم بعض الأدوار والمشاهد والشخصيات الصغيرة، سرعان ما وصلت الى دور
البطولة في مسرحية «علاء الدين والمصباح السحري».
لتأتي في ذات الفترة، عروض العمل في مجال الإعلانات
التلفزيونية، ما منحها فرصاً ذهبية للشهرة، وذلك لعشق أهل المكسيك
للتلفزيون وكل ما يعرض به.
وتأتي الفرصة الأهم، حينما يسند اليها بطولة المسلسل
التلفزيوني الشهير «تيريزا» الذي تجاوزت حلقاته المئة حلقة، رسخت نجوميتها،
وتمت ترجمة ودبلجة هذا المسلسل لعشرات اللغات من بينها العربية، حتى بات
الجميع يتحدث عن «تيريزا» في أنحاء العالم، ولكن تلك الشهرة والنجومية، لم
تجعلها تعبر الحدود الى حيث تريد، ونعني الولايات المتحدة، حيث كانت تتمنى
ان تخلق النجومية هناك.
وذات يوم، قررت سلمى حايك، ان تحمل أمتعتها وكل ما جمعته من
نقود وان تغادر الى لوس انجلوس، وكانت تعلم (جيداً) خطورة الخطوة التي
أقدمت عليها، حيث لا أحد يعرفها هناك.. ولا تأثير للملايين من ذوي الأصول
المكسيكية أو الاسبانية.
وهنا تأتي اللحظة الأصعب، لقد وصلت سلمى الى أميركا بزيارة
رسمية (فيزا) من أجل الترويج لأعمالها الفنية، ولكن سرعان ما انتهت الفيزا
وكان عليها ان تعيش من دون أوراق. ومخالفة لقوانين الاقامة، وتتحمل الكثير
من الظروف، من بينها عدم الحصول على فرص عمل كممثلة، بل ان اقصى ما حصلت
عليه هو العمل كمساعدة في الماكياج من أجل تأمين مصاريف اقامتها.
واليوم، كلما كان الحديث من المتاعب، في مسيرة سلمى حايك،
بادرت للحديث عن الصعوبات التي واجهتها في مطلع التسعينيات في لوس أنجلس،
والتي تصفها بأنها الفترة (الأسوأ)، والتي سرعان ما تجاوزتها لاحقاً وبكثير
من الصبر، كما كانت هنالك محطات تتدرج في دائرة «الأسوأ» ولكن تظل بما
تمتلك ارادة قادرة على التجاوز.
وظلت سلمى ترضى بالقليل، وعينها على الكثير، دور صغير هنا
ودور أكبر هناك، وظهور هنا وتواجد هناك، حتى جاءت النقلة الأهم، حينما تم
اختيارها للمشاركة في بطولة فيلم «ديسبرادو» في العام 1995 أمام النجم
الاسباني انطونيو بانديراس يومها، وكأن ليلة القدر فتحت لها، راحت صورها
تحتل أغلفة كبريات المجلات والصحف وحصدت كماً من الكتابات النقدية
الايجابية وجمع الفيلم حصاداً وافراً من الملايين.. والانتشار.
وفي العالم التالي، وكحصاد لتلك التجربة، جاءت سلمى حايك
ضمن الـ50 شخصية الأجمل في هوليوود وذلك حسب استبيان مجلة «بيبول» الواسعة
الانتشار.
وتمضي المسيرة، لتقدم في عام 1999 فيلم «دوغما» وفي ذات
العام فيلم آخر يرسخ حضورها، حيث فيلم «الغرب المتوحش» أمام ويل سميث.
إلا ان سلمى تظل لا تنسى تجربتها الكبيرة في فيلم «فريدا»
الذي جسدت خلاله حياة وشخصية الفنانة التشكيلية المكسيكية «فريدا كحلو»،
حيث ترشحت سلمى لذلك الدور للاوسكار وايضاً «بانتا» و«الغولدن غلوب» كما
حقق الفيلم نجاحات كبيرة وكتابات نقدية مهمة، الا ان المشكلة الاساسية،
والتي صنفتها سلمى بانها تأتي ضمن دائرة الأيام الأسوأ، كانت بالخسائر
المالية، فقد اضطرت سلمى لانتاج الفيلم لأخذ قرض، لم تستطع تغطيته.. الا
بعد أكثر من خمسة أعوام، وبدعم كبير من صديقتها النجمة الاسبانية بينلوبي
كروز التي راحت ترسخها للعمل في أكثر من عمل وتقف الى جوارها.
وتمضي المسيرة، وتتواصل الأعمال لتقدم أفلام «غرون ابس»
2010 امام ادم ساندلر وغيرها من الأعمال التي تعود من خلالها الى جمهورها..
ومن أهم الأعمال التي قدمتها نشير الى «زمن الفراشات» 2001، المأخوذ عن
رواية جوليا القارز، كما راحت سلمى تقرن حضورها الفني، بين السينما
والتلفزيون، حيث قدمت مع قناة «اي. بي. سي» العديد من الأعمال.
كما شاركت بصوتها «كمطربة» في أعمال عدة من بينها «ديسبيرادو»
وعدد آخر من الأعمال، وحينما نصل الى محطة الجوانب الشخصية من مسيرة هذه
النجمة الجميلة، التي تحملت الكثير من المحطات الصعبة لتبلغ النجومية فاننا
نشير الى ان سلمى تحمل، بالاضافة الى الجنسية المكسيكية الجنسية الأميركية
التي حصلت عليها لاحقاً.
في 9 مارس 2007 ارتبطت رسمياً برجل الأعمال الفرنسي فرانسوا
هنري بينليه، وانجبت في 21 سبتمبر 2007 طفلتها «فالنتينا بالوما بينليه، في
لوس أنجلوس، كاليفورنيا، بعدها بفترة قصيرة انفصلت سلمى عن زوجها، ليعودان
الى الزواج والارتباط 25 أبريل 2009 في مدينة البندقية.
وبعيدا عن الفن، فان للنجمة سلمى حايك ادواراً اجتماعية
مهمة، أبرزها المشاركة في حملات دولية في موضوع العنف ضد المرأة وأيضاً
العنف ضد المهاجرين، بالاضافة لعملها في العديد من الحملات الانسانية لدعم
التعليم ومحاربة الفقر.
ولعلهم قلة في العالم العربي، الذين يعرفون ان النجمة سلمى
حايك تتمتع بعلاقات صداقة حميمية مع عدد بارز من الأسر العربية بالذات في
دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وأيضاً لبنان
حيث العلاقات الأسرية والصداقة.
هذا وتقيم سلمى هذه الفترة بين فرنسا ولوس أنجلس، وهي تتحرك
في العديد من المجالات الاجتماعية والفنية.. وان ظلت تحصر اهتمامها بابنتها
التي قالت عنها ذات يوم: «انها كل حياتي».
فما أروع النجوم حينما يلتفتون لأبنائهم.. وأحفادهم..
وأسرهم!
النهار الكويتية في
26/07/2013 |