في فيلم "دقة قلب" (1976) من أعلى أفلام المخرج "محمد عبد
العزيز" كوميديا، حيث يدور الصراع بين الصديقين: "عماد" و
"كمال" على الفوز بقلب الفتاة الجميلة "مني"؛ كل منهم ينصب
شباكه للآخر، ليحول دون اللقاء مع "مني"، إلى أن يدبر "عماد"
مكيدة لصديقه "كمال" وعلى إثرها يسافر الأخير بمفردة في بعثة
خارج البلاد، ويعود بزوجة ألمانية، إلا أن "عماد" يقع في عدة
مشاكل ومواجهات مع زوجته "مني"، وهنا يتدخل صديقي الوفي "كمال"
ليصلح بينهما، وبالفعل يتحقق هذا، وتعود الحياة السعيدة بين
الجميع.. الفيلم يعالج قضية الصداقة الخالصة بي الصديقين، برغم
ما كان يحدث بينهما من الاعيب ومكائد، وقت الشباب، لكن يظل
الطابع يغلب التطبع، وإلى أخر العمر (المشهد الأخير من الفيلم
في أحد مباريات كرة القدم).
في فيلم "رجل فقد عقله" (1980) يتناول الفيلم قضية الزوج ال
تهمله زوجته ، فلا تهتم إلا بشغل البيت وخدمة الأولاد ، لهذا
لم يجد الزوج سوي تعويض ذلك إلا من خلال عمل علاقات نسائية
متعددة ، وبالفعل يتقرب من راقصة جميلة طاغية الأنوثة ، وما
علم ابنه الكبير (لاعب كرة قدم مشهور) ، بهذه العلاقة ، حتي
عمل علي إفسادها ، لدرجة أنه تزوج من هذه الراقصة ، دون علم
والده ، إلا أنها اشترطت عليه أن تكون العصمة بيدها ، وعليه
فقد احتجزته في البيت ومنعت ذهابه للمشاركة في أحد المباريات ،
فما كان من شقيقه الأصغر ، إلا أن يخلصه من هذا الموقف ومنها ،
لتعود الحياة في سلام للأسرة.
في فيلم "البعض يذهب للمأذون مرتين" (1978).. تدور أحداث
الفيلم حول قضية طلاق الأزواج، لأسباب يمكن معالجتها، فها هو
الزوج المخلص لزوجته الغيورة جدا جدا، والتي تدفع زوجها
لخيانتها بالفعل، فيتزوج من إحدى الراقصات، وعلى الجانب الأخر
يعاني شقيقة مشكلة إهمال زوجته له، فبتزوج من أخري، وتكتشف
الزوجتان خيانة أزواجهما، فتطلبان الطلاق.. وهنا تدخل حماة زوج
المرأة الغيورة، وتسدي للجميع نصيحة عدم التخوين وطلب الطلاق،
لتعود الحياة بين الجميع، وتكون بداية جديدة.
في فيلم "نشاطركم الأفراح" (1988).. يتناول الفيلم أزمة السكن
الطاحنة، وعمليات النصب والاحتيال من قبل أصحاب الشقق،
واستغلالهم لحاجة طالبي السكن، بالاستيلاء على مدخراتهم، التي
وفروها بشق الأنفس من قوتهم.. "مختار" وخطيبته "سامية" يقعان
ضحية أحد هؤلاء النصابين ، فقد كان يحدوهم الأمل ــ بعد فترة
خطوبة وصلت ثمان سنوات ــ في الحصول علي شقة. ولحل هذه
المشكلة، يلجأ "مختار" لحيلة تمكنه من الحصول على شقة؛ إذ
يتزوج من صاحبة شقة أرملة عجوز، حتى تكتب شقتها له كزوج، لكنها
تتمكن منه، فلا يستطيع تحقيق حلمه، فيعود إلى صوابه ويعود إلى
خطيبته "سامية"، ويحققا حلمهما في الزواج، بعد أن قررا العيش
في "مركب" على سطح النيل بعيدا عن الأرض التي ابتلعت
أحلامهما.
في فيلم "المعلمة سماح" (1989).. تدور أحداث الفيلم حول قضية
الجحود ونكران الجميل وخيانة الأمانة.. المعلم "كمال" تاجر
يتلاعب بقوت الناس وأرزاقهم، وهو نتاج خيانته لمعلمه "أبو
سماح"، والذي يطمع في الزواج من "سماح" الشابة الجميلة، إلا
أنها دائما ما تصده عن طلبه، لإحساسها بأنه سبب موت أبيها
بالسكتة القلبية.. علي الطرف الآخر تبادل "سماح" الشاب الجامعي
الفقير "سيد" وتتولي الإنفاق على تعليمه العالي للحصول على
درجة الدكتوراه من "ألمانيا".. بعد عودته تنكر لها، وارتبط مع
ابنة المعلم "كمال" في علاقة مصلحة وزواج على غير حب.. ينتهي
مشوار "سماح" ليلة زفاف "سيد" على ابنة "كمال"، بالقبض علي
المعلم الجشع تاجر السوق السوداء، الذي حرمها من أبوها ومن
"سيد" الجاحد ناكر الجميل.
في فيلم "حنفي الأبهة" (1990).. يدخل هذا الفيلم ضمن نوعية
"أفلام الحركة"، إلا أن المسحة الكوميدية من قبل أبطاله (عادل
إمام، فاروق الفيشاوي، يوسف داوود) أبعدتنا لحد ما عن جوهر
الفيلم والقضية التي يتناولها، ألا وهي قضية السجين، الذي يمكن
الاستعانة به للكشف عن تنظيم عصابي خطير، وعلى الجانب الأخر
يتعرض الفيلم لشخصية السجين كإنسان له مشاعره وإحساساته، وله
حقوقه في الحب وممارسة حياته الطبيعية.. وهو أخر أفلام "عادل
إمام" مع المخرج الكبير "محمد عبد العزيز".
في فيلم "ليلة عسل" (1990).. يتناول الفيلم قضية تناقض المصالح
بين الزوجين، حيث أن الزوج يعمل طبيبا لأمراض النساء والتوليد،
ومع عدم تحديد النسل يجد فرصته في الحصول على المزيد من المال،
بينما تعمل زوجته في مركز مرموق لجهاز تنظيم الأسرة، ولهذا فهو
دائما يطالبها بالاستقالة والتفرغ لبيت، وفي ليلة عرس ابنتهما،
تحمل بالصدفة، فيسخر منها ابنها الوحيد، الذي أصبح مهددا بقضاء
الخدمة العسكرية (لم يعد وحيدا).. تضع الزوجة ذات الأربعين
عاما مولودها، في نفس اليوم الذي تضع فيه ابنتها العروس
مولودها الأول؟
في فيلم "آه و أه من شربات" (1992).. الفيلم يعالج قضية
التوأم، ومدي إشكالية التفريق بينهما، وبوجه خاص إذا ما تم
اتهام أحدهما بجريمة ما؛ حيث تحوم الشبهات حولهما، لعدم الجزم
بين المتهم والبريء. "نهي" و "سهي" توأم، لظروف ما تفترق
الشقيقتان لمدة طويلة من الزمن، وتتورط "سهي" في جريمة سرقة
كبري (تعيش ضمن أفراد عصابة باسم "شربات")، وتدور الشبهات حول
شقيقتها "نهي" التي تعيش في كنف عائلتها معززة مكرمة، ويحاول
والدها (لواء الشرطة السابق) تبرئة أبنته، وعودة ابنته "سهي"
التي فقدها منذ سنوات، وبالفعل يعثر عليها، وتقدم للمحاكمة،
إلا أنه يقوم بالدفاع عنها، فقد اختطفت وهي طفلة، انتقاما من
والدها الضابط الشريف، لتعود "شربات" وسط عائلتها باسمها
الحقيقي "سهي" شقيقة "نهي".
في فيلم "حلق حوش" (1997).. يتناول الفيلم ظاهرة التأثير
السلبي للسينما على بعض المشاهدين، فهناك العديد من الشباب ــ
على وجه الخصوص ــ ممن يتأثرون ببعض سلوكيات أبطال أو بطلات
الأفلام، سواء كانت سلوكيات إيجابية مستهدفة أو سلبية
مستهجنة.. في هذا الفيلم تأثر بعض الشباب المنحرف بسلوك سلبي،
حيث قرروا محاكاة سرقة أحد البنوك كما جاءت في أحد الأفلام،
لكنهم وقعوا ضحية تقليدهم الأعمى، خاصة وهم يمرون بضائقة مالية
ويعيشون حياة البؤس والحرمان، وسط عالم مادي لا يعرف الرحمة،
ولينتهي بهم المقام بين جدران السجون جزاء لمغامرتهم الغير
محسوبة.
في فيلم "جنس ناعم" (1977).. يعالج الفيلم مشكلة قلة ذات اليد
لدي الغالبية العظمي من الشباب، الأمر الذي يدفعهم للحصول على
زوجة ثرية، بغض النظر عن وضعها الاجتماعي (أنسة، عانس، أرملة،
مطلقة.. لا يهم)، فالغاية هي الحصول على المال والزواج على أية
صورة.. وعندما يتحقق لهم ذلك، تتكشف الحقيقة وتبوح النفوس
بأسرارها، فهناك من الشباب من يراجع ضميره، ويستمر في علاقته
كزوج مخلص لمن مدت له يد العون، ومنهم من يستمر في تمثيله لدور
الزوج، حتى لا يخسر ما حققه من ترف العيش وحياة البذخ.. وفي
النهاية تبقي المرأة هي "الجنس الناعم".. هذه النماذج من أفلام
المخرج الكبير "محمد عبد العزيز" ــ رائد مخرجي الكوميديا في
جيل الوسط ــ وغيرها الكثير من أفلامه، التي تشير إلى أحقيته
في هذه الريادة، بتنوع أعماله، بحكمة معالجاته، بحرفية تناوله
لأفلام ذات الطابع الكوميدي، لكنها في حقيقتها رسائل موجهة لكل
من يهمهم الأمر، لعلنا نعيد النظر في سلوكياتنا المغلوطة،
لبناء حياة أفضل.
يبقي أن نشير إلى أن المخرج الكبير "محمد عبد العزيز" الذي
تعامل مع كبار أبطال الكوميديا في مصر ومنهم: عادل إمام،
لبلبة، فؤاد المهندس، محمد صبحي، سمير غانم، جورج سيدهم، سعيد
صالح، وحيد سيف، أحمد بدير، يوسف عيد، ومع العديد من نجوم
ونجمات الصف الأول في مصر مثل: نور الشريف، محمود ياسين، حسين
فهمي، محمود عبد العزيز، يسرا، بوسي، مديحة كامل، عزت
العلايلي، سهير رمزي، فريد شوقي، سمير صبري، شويكار، ماجدة
الصباحي، آثار الحكيم، ماجدة الخطيب، تحية كاريوكا.. وغيرهم.
ولازال مخرجنا الكبير "محمد عبد العزيز"، قادرا وبتميز خاص،
على العطاء، سواء في مجال السينما، أو الدراما التليفزيونية،
أو المسرح، وكما عودنا في أعماله أن: نستمتع.. نتأمل..
ونتعلم.. حفظه الله.
*ناقد وباحث سينمائي |