شاهدت بالأمس مع "الحبسة الثلجية" فيلم "أميركان سنايبر" المرشح للاوسكار
فوجدته بالحق سخيفا ويميل للمبالغة والميلودراما، ويحفل بيعض اللقطات
المبتذلة التي لا تفيد سياق السيناريو، كما يبدو ان المخرج اخفق لحد كبير
باختيار الشخصيات وخاصة العراقية، سواء باللهجة او السحنة او اللباس، وحتى
صوت المؤذن البغدادي المفترض فقد بدا "باكستانيا"...ثم انزلق بتصوير مشاهد
القتال "بلا واقعية" الا فيما ندر، حيث نرى المقاومين العراقيين يتساقطون
كالنمل، فيما نرى القليل من الجنود الأمريكان يقتلون غدرا بواسطة قناص عري
ماهر، مضفيا على موتهم بعدا انسانيا عاطفيا حزينا! كما صور كالعادة نموذج
"البطل" الأمريكي الذي يكافح لحماية أقرانه بقتل وصيد "العراقيين"
الخطيرين، والذي تمنعه انسانيته المزيفة من قتل صبي عندما يترك هذا الأخير
"الأر بي جي" ويفر هاربا، واعتبر "قنصه" للعراقيين كقربان ديني عندما يلتقي
ربه، ولم يعتبره "قتلا واجراما"، ونرى "القناص" يتواضع عندما يثني احد
الجنود عليه لأنه انقذ حياته، كما أنه يعتبر دوره كفناص بارع "كرسالة انفاذ
لزملاءه" وربما أدمن على القنص، فيعود للعراق لأربع جولات بعد اجازته
العائلية...مؤسف ان ينهي كلينت استوود مسيرته السينمائية الحافلة بهذا
الفيلم "الدعائي" السخيف الذي اراد به أن يبرر "اللقتل والقنص" من اجل هدف
"مزيف" لا انساني، فأمريكا هي التي بادرت لاحتلال العراق لأهداف استعمارية
معروفة وبحجج واهية "غير مقنعة"...وحتى فيلمي "خزانة الألم وزيرو دارك
ثيرتي" يتفوقان على هذا الفيلم من حيث الاخراج والسيناريو والعمق
ودراسةالشخصيات، ولم اجد فيه الا عدة لقطات تستحق التنويه وتتمثل بطريقة
تمكنه وقتله "للقناص" العراقي الذكي ( باستعراض التصوير البطىء لانطلاق
الرصاصة)، وبطرق التدريب "التحضيرية"القاسية (التي ذكرتني بمشاهد فيلم
كوبريك الرائع "الخوذة المعدنية)، ثم بحالة الشرود والتأثر التي اصابته بعد
عودته والتي دفعته لمحاولة قتل "كلبة" العائلة المدللة، ومراجعته لطبيب
نفسي، والتقاءه مع "معوقي" حرب العراق اللذين يعانون من فقدان اطرافهم ومن
عذاب الضمير ...كما بدا تأثره اللافت بأبيه المستبد ونظرته "المريضة
اللانسانية" للبشر، حيث قسمهم لرعاة وغنم وكلاب حراسة وصيد، كما حاول ان
يعيد الكرة مع ابنه الصبي الصغير، وانتهى مقتولا على يد أحد زملاءه بميدان
التدريب وليس بالعراق، بعد ان اجهز على 160 عراقيا...وحتى اكون منصفا فقد
ابدع الممثل برادلي كوبر بتقمص الشخصية الحقيقية للقناص "كريس كايل"، ولن
أندهش اذا ما حصد هذا الفيلم الدعائي "العنصري" اوسكار او اثنين، لنعود
ونتذكر كيف حصد فيلم خزانةالألم (للمخرجة كاترين بيغلو والذي يتعرض ايضا
لحرب العراق) الاوسكارات فبل سنوات متفوقا على تحفة "آفاتار" لجيمس
كاميرون، فالسياسة كما يبدو هي التي توجه لجنةالتحكيم بالخفاء!
*كاتب وباحث وناقد سينمائي
Mmman98@hotmail.com |