أقام نادي الكويت للسينما
بالتعاون مع مراقبة السينما في المجلس الوطني للثقافة والفنون
والآداب احتفالية فنية ثقافية بمناسبة مئوية الأديب العالمي
نجيب محفوظ وذلك في قاعة عبد الرزاق البصير في مقر الأمانة
العامة.
شهدت الاحتفالية حضوراً مميزاً
لعدد كبير من الأدباء الكويتيين والعرب أبرزهم: الروائية ليلى
العثمان، الإعلامية أمل عبد الله، الإعلامية فاطمة حسين، مراقب
السينما في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبد الله
الجديد، المستشار الإعلامي في السفارة المصرية محمد فوزي،
الروائية ليلى محمد صالح، د.نادر القنة، د.إيهاب النجدي،
د.محمد عليم، الروائية سوزان خواتمي، الروائي عدنان فرزات،
الروائي إبراهيم فرغلي، والكاتبة إستبرق أحمد وآخرون.
بدأ الحفل بعرض فيلم قصير عن
محفوظ تناول في عجالة مشواره الإنساني والأدبي منذ ميلاده في
حي الحسين في العام 1911 وحتى وفاته في آخر أغسطس من العام
2006 ودراسته للفلسفة وحصوله على جوائز الدولة إلى أن توج
مسيرته بفوزه المستحق بجائزة نوبل في العام 1988
بعد ذلك أقيمت ندوة أدبية وفنية
أدارتها د.ليلى السبعان نائب رئيس مجلس إدارة نادي السينما
وتحدث فيها الروائي إسماعيل فهد إسماعيل والكاتب والناقد شريف
صالح.وقدم للندوة عماد النويرى مدير نادى السينما .
تحدث إسماعيل عن علاقته بأدب
محفوظ منذ ما يقرب من نصف قرن وقراءة أعماله أولاً بأول،
مشيراً إلى مرحلة الصمت التي عاشها عقب ثورة يوليو آملاً أن
تحقق الثورة ما نادى به في إبداعه، وعندما يأس من ذلك انتقل
عبر الكتابة إلى مرحلة متطورة غلب عليها الطابع العبثي وهو ما
رصده إسماعيل في مقال كتبه في منتصف الستينيات من القرن الماضي
بعنوان "نجيب محفوظ يتجه إلى العبث" لكن سهيل إدريس صاحب دار
الآداب رفض نشره آنذاك!
وعن مميزات محفوظ قال: ثمة عناصر
أساسية دفعته إلى هذا التميز في مقدمتها تواصله مع الأجيال،
وحرصه على الكتابة حتى آخر أيامه. واعتبر إسماعيل أن إصداره
"أصداء من السيرة الذاتية" أفضل ما كتبه، ممتدحاً روايات أخرى
مثل: زقاق المدق، بداية ونهاية، واللص والكلاب.وفيما يتعلق
بعلاقته الشخصية بمحفوظ أكد أنه كان يلتقيه باستمرار وآخر لقاء
جمعهما كان في العام 1998.
وتناول الزميل شريف صالح في
ورقته التي جاءت تحت عنوان "اللص الهارب في أربع حكايات" رواية
"اللص والكلاب" التي استهلهما نجيب محفوظ مما نشرته الصحف عن
سفاح الإسكندرية الشهير محمود أمين سليمان، ثم عولجت في فيلم
من إخراج كمال الشيخ، ومسرحية من إخراج حمدي غيث، ومسلسل من
إخراج أحمد خضر. ونظراً لعدم العثور على نسخة من المسرحية
ارتكزت الدراسة على التحولات ما بين القصة الحقيقية والرواية
والفيلم والمسلسل.
وأبرز هذه التحولات تتعلق
بالمكان، فبينما دارت معظم أحداث القصة الحقيقية في حي محرم بك
في الإسكندرية، نقلها محفوظ روائياً إلى مصر الفاطمية ومناطق
الجمالية والحسين والقلعة. وكذلك حدثت تغيرات كبيرة في عدد
الشخصيات وملامحها ووظائفها السردية، حيث هذب محفوظ من
العلاقات النسائية للسفاح، وبدلاً من إدانته الواضحة في الصحف
أبدى تعاطفاً معه. أما الفيلم فكان قريباً إلى حد كبير من النص
الروائي وإن أضاف بعض الشخصيات مثل "السجين مهدي" الذي أدى
دوره الفنان صلاح منصور. وجاء المسلسل لينقل الأحداث كلياً من
عصر عبد الناصر والإدانة الرمزية له، إلى عصر السادات ومبارك..
وبدلاً من الصحفي اليساري الوصولي "رءوف علوان" في الرواية ظهر
"علوان" في المسلسل صحفياً إسلامياً على صلة بشركات توظيف
الأموال وتيار الإسلام السياسي الذي انتشر في تلك الآونة. ومن
ثم خلصت الدراسة إلى أنه لا أحد ينزل نهر الحكاية مرتين.
عقب ذلك فتح المجال لشهادات
ومداخلات مجموعة من الكتاب الكويتيين والعرب، حيث تحدثت
الإعلامية أمل عبد الله عن الحوار الذي أجرته مع الأديب الراحل
مشيرة إلى دار الشروق أعادت طبع أعماله وتصويب الأخطاء اللغوية
فيها. وأكدت أن محفوظ عبر له عن إعجابه بالأعمال السينمائية
والتلفزيونية المستوحاة من أعماله.
الروائية ليلى العثمان روت
جانباً من تجربتها الشخصية مع محفوظ وزياراتها المتكررة له
وحيت فيه تواضعه ونبله وسؤاله الدائم عن الأدباء في الكويت،
وأنها أرسلت إليه أول كتبها ففوجئت به يرسل لها رسالة يهنئها
فيها على كتابتها وموهبتها ويشجعها على الاستمرار. مشيرة إلى
أنه كان مقروءاً في العالم العربي خصوصاً في الكويت والعراق
وفلسطين وسورية أكثر مما هو مقروء في مصر التي لم ينتبه
كُتابها إليه إلا بعد حصوله على نوبل، وذكرت أنها رقصت فرحا
إثر فوزه بالجائزة وكأنها هي التي فازت بها.
وأشار رئيس نادي السينما السابق
الكاتب عامر التميمي إلى أهمية الرمز والتورية في كتابات نجيب
محفوظ، معتبراً أن شخصيات أعماله الأدبية خالدة.
من جانبها، قالت الأديبة ليلى
محمد صالح أن نسيج الشخصيات في أعمال محفوظ الأدبية جاء
متناغماً مع نسيج المكان، أما د. نادر القنة، فذكر أن مرجعية
رواية "اللص والكلاب" الحقيقية ليست قصة السفاح بل تشريح واقع
الحياة في تلك الفترة، بينما أكدت الكاتبة سوزان خواتمي أنها
أصيبت بالإحباط بعد قراءتها لكتابه "أصداء من السيرة الذاتية"،
لشدة المفاجأة مشيرة إلى أن محفوظ كان سابقاً لعصره في رؤاه
وإبداعه.
وكان للكاتبة إستبرق أحمد مشاركة
متميزة بقراءة بعض النصوص من كتاب "أصداء سيرة الذاتية". وختام
الشهادات كانت لمدير نادي الكويت للسينما عماد النويري الذي
تحدث عن تأثير محفوظ في وجدان ملايين العرب من خلال رواياته
والأفلام التي أخذت عنها وأثرت الحركة الأدبية والفنية في
العالم العربي بل وتجاوزت إلى بلدان أخرى من العالم.
وفي ختام الاحتفالية التي بدأت
في السابعة وانتهت في العاشرة، عرض فيلم "اللص والكلاب" من
بطولة شكري سرحان، شادية، كمال الشناوي، سيناريو صبري عزت
وإخراج كمال الشيخ. كما أقيم على الهامش معرض كتب بالمجان
إهداء لمحبي الأدب و إبداع محفوظ. |