لا يمكن اعتبار دليل السينما العربية والعالمية الذي صدر حديثاً
للناقد السينمائي محمد رضا، مجرد مرجع يمكن العودة إليه للحصول على خلاصة
نتاج العام 2011 في السينما العالمية والعربية. في الواقع هذا الدليل أكثر
من ذلك بكثير، فهو إلى جانب كونه مرجعاً هامّاً وكتاب يبنغي اقتناؤه من قبل
أي مهتم بالسينما وقضاياها، فهو أيضاً بمثابة «دليل» إرشادي لكل كتّاب
السينما والمهتمين بها من صحافيين ونقاد، لما يحويه من معلومات مهمة عن
أحوال السينما بشكل عام، وحول واقع مهرجانات السينما العربية. بالإضافة إلى
ذلك يضم الدليل قراءات نقدية قيمة قدمها الناقد لما يزيد على ثلاثمئة فيلم
تنوعت بين أفلام روائية طويلة وأخرى قصيرة وأفلام وثائقية. تلك الأفلام
ليست هي الأفلام العظيمة التي قدمها مخرجون كبار والتي يمكن إدراجها في
قوائم أفضل مئة فيلم في أي سينما أو تلك التي تحمل أسماء مخرجين أو فنانين
كبار. في الواقع أدرج محمد رضا في قراءاته كل ما وجده مميزاً أو مثيراً
للاهتمام من وجهة نظره.
ويعد هذا الكتاب الثامن في سلسلة بدأها محمد رضا العام 1983 حين أصدر
أول كتاب للسينما استمر حتى العام 2008، ليتوقف بعد ذلك سنوات بسبب ظروف
إقامته في دول عدة وابتعاده عن المنطقة العربية، حتى عاد ليصدره أخيراً في
صورة «دليل السينما العربية والعالمية» على يد الناشر الإماراتي عبدالله
الشاعر.
الناشر أشار في مقدمته إلى أنه وعلى رغم علمه بخطورة إصدار كتب
سينمائية، فإن حماسه لدعم الثقافة والإبداع أولاً وللناقد محمد رضا
وكتاباته ثانياً هما ما دفعاه إلى التغاضي عن كل ما يبرز من معوقات تجارية
أو تلك التي تتعلق بالقراء وغيرها .
الشاعر أشار في مقدمته إلى أن ما يميز الكتاب فعلاً هو عدم انحيازه
إلى سينما معينة، فهو يحوي أفلاماً تنتمي للسينمات البديلة من المكسيك
والدنمارك والمغرب والبرزايل والهند والصين وأوروبا، إلى جانب السينما
السائدة.
الناقد هو الآخر أكد المخاطر التسويقية والتجارية التي تحدث عنها
الناشر في مقدمته هو أيضاً، إذ أثنى على إيمان وفعل الشاعر وهما ما دفعاه
إلى تبني هذه الخطوة التي قد يجدها كثير من الناشرين غير مجدية على أي
مستوى.
وأشار محمد رضا إلى أن هذا الدليل ليس إضافة إلى ما سبقه من كتب
للسينما، بل «كبداية جديدة على نحو كامل يبلور الرغبة الدفينة عندي في نشر
المعرفة السينمائية جنباً إلى جنب الموقف النقدي».
يضم الكتاب أربعة فصول، يندرج تحت كل فصل منها عدد من الأبواب التي
يناقش محمد رضا من خلالها قضايا وإشكالات سينمائية ويستعرض معلومات تهم
السينمائيين وجميع المعنيين بالشأن السينمائي والمتابعين له.
يلقي في الفصل الأول نظرة عامة على وضع السينما العربية والعالمية في
العام 2011 وذلك عبر تقرير يرصد من خلاله أهم المهرجانات العالمية والعربية
ويستعرض جوائز هذه المهرجانات وأهم الفائزين بها.
ويتحدث الكاتب في بدايات هذا الفصل عن السينما العربية التي وصفها
بأنها سينما مهددة، وأنها ليست سوى تجارب أكثر من كونها سينما، مشيراً إلى
عدم توافر العناصر الكفيلة بإطلاق السينما العربية، عدا عن انطلاق ثورات
الربيع العربي التي زادت الأمر تعقيداً.
بعد ذلك انتقل الكاتب إلى الحديث عن السينما العالمية في تقرير وضع له
عنوان: «العودة إلى الينابيع» في إشارة إلى الواقع الاستهلاكي الذي بدأ
يفرض نفسه على سينما هوليوود والمتمثل في تقديم الثنائيات والثلاثيات
والرباعيات في عدد من الأفلام، إضافة إلى إعادة تقديم عدد من الأفلام، أو
بإدخال تقينة الأبعاد الثلاثة في بعضها، وهو ما أدى إلى تراجع الإبداع في
هذه السينما.
يضم هذا الفصل أيضاً تقريراً عن جوائز كتاب السينما والأفلام التي
تستحق التنويه بها، بعد ذلك يتطرق الكاتب إلى الحديث عن مخرج العام، وقد
اختار المخرج الأميركي ترنس مالك ليتحدث في تقرير مطول عن رحلة هذا المخرج
في وجدانيات أبطاله، مستعرضاً عدداً من الأفلام التي أنجزها على مدى أربعة
عقود بدءاً من فيلم بادلاندز Badlands
في العام 1983 وصولاً إلى العام 2012 وفيلم «إلى العجب»
To The Wonder.
بعد ذلك يلقي محمد رضا نظرة عامة على سلسلة «هاري بوتر» منذ بدايات
اطلاقها العام 2001 وصولاً إلى كل أفلام السلسلة التي أطلق عليها اسم
فانتازيا السحر الأسود. كذلك ألقى نظرة على أفلام جيمس بوند بمناسبة مرور
خمسين عاماً على إطلاق السلسلة. ويلقي التقرير الضوء على كل شيء عن العميل
007 الذي يقول عنه محمد رضا إنه «لا يزال حلاًّ للمشاكل رقم واحد».
في الفصل الثاني من الكتاب يستعرض محمد رضا أهم ما أنجزته السينما
العربية في العامين 2011 و 2012 في مجال السينما الروائية والتسجيلية
والقصيرة، متطرقاً إلى أفلام مثل أسماء، أنا بضيع يا وديع، بعد الموقعة،
تورا بورا، ظل البحر، لما شفتك، وجدة، وهنا لندن، وغيرها.
ومنه ينتقل إلى السينما العالمية ليستعرض إنجازاتها في مجالات السينما
الثلاثة، وذلك في الفصل الثالث، ليكتب عن أفلام مثل حب Amour،
احتجاز
Abduction، الفنان The Artist
وغير ذلك.
في الفصل الرابع والأخير من الكتاب وهو الذي أطلق عليه عنوان
«المفكرة» يسجل الناقد كل ما يمكن تسجيله من علامات فارقة لسينما اليوم
والأمس، وفي هذا الفصل يدرج الناقد بعضاً مما يراه أهم الأفلام التي عرضت
على شاشة السينما وهي 11 فيلماً وجد أنها تمثل 11 عقداً فريداً من تاريخ
السينما، وتمتد الفترة التي قدمت فيها هذه الأفلام من العام 1900 حتى
اليوم. بعض هذه الأفلام كما أشار الكاتب ليس معروفاً ولم يحتل مكانته
اللائقة بعد. ومن الأفلام التي استعرضها في هذا الباب الهاوية Afgrunden، مغامرات الأمير أحمد
The Adventures of Prince Ahmed
، وألكسندر نيفسكي.
بعد ذلك استعرض بعض أهم الأفلام التي صدرت على اسطوانات DVD،
ليختم كتابه أخيراً ببانوراما لأبرز الشخصيات السينمائية التي رحلت عن
عالمنا.
يضم الكتاب في بداياته دليلاً لكيفية قراءته وشرحاً للطريقة التي تم
من خلالها إدارج الأفلام وتصنيفها بالإضافة إلى شرح لبعض الرموز التي
استخدمها الناقد في تقييمه للأفلام.
الوسط
البحرينية
في 18 مايو 2013 |