هذه النصوص (الدروس) هي خلاصاتٌ نظرية لوثائق
سمعيّة/بصرية، وأفلاماً تسجيلية عن التفكير في السينما
التسجيلية، متاحة للمُشاهدة العامة من خلال قناة
افتراضية هي
Canal-U،
مشروعٌ يخصّ المجتمع الأكاديميّ، بدأ منذ عام 2000
بقيادة "الهيئة الرقمية للتعليم العالي" التي تتبع
"وزارة التعليم العالي، والبحوث"، ويُشرف على هذا
المشروع "مركز الموارد، والمعلومات الخاصّ بالوسائط
الإعلامية للتعليم العالي".
Canal-U
هي موقعٌ مرجعيّ للمواد السمعية/البصرية للتعليم
العالي، وخزينة أفلام رقمية، بإمكان الأساتذة، والطلبة
أن يجدوا فيها برامج ثرية تتضمّن وثائق تربوية معتمدة
من طرف الهيئات العلمية للجامعات الرقمية المُتخصصة،
وتتوجه هذه القناة إلى الطلبة، والأساتذة، والباحثين
بمُقتضى محورين :
ـ توفير موارد تعليمية بالإضافة إلى المناهج
المُعتادة.
ـ مواكبة تطورات الجامعة الفرنسية بتطوير استخدام
تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات في مجال التعليم
العالي.
ومن بين المُشاركين في هذا المشروع "السينماتيك
الفرنسية" التي تحتوي خزينتها على مؤتمراتٍ مصوّرة،
ولقاءاتٍ حول السينما.
***
الدرس1 (الجزء الأول)
مخرجو الأفلام التسجيلية، وأدواتهم عبر السنين
وُلدت السينما التسجيلية من اللقاء بين رغبة سينمائيين
في اكتشاف العالم، وعشق مُكتشفين في تسجيل الواقع:
بين الأخوين لويّ، وأوجوست لوميير اللذان صورا غداءً
عائلياً صامتاً بواسطة كاميرا سينمائية بالأبيض،
والأسود، ودومينيك كابريرا تصور نفسها بكاميرا رقمية
بالألوان، والصوت، هناك مئة عام من الكتابة التسجيلية،
والاختراعات التقنية.
أراد السينمائيون نقل الحياة اليومية لمُعاصريهم مع
إبداء وجهة نظرهم بالاقتراب تدريجياً من حميميتهم إلى
درجة أنهم أصبحوا في بعض المرات "ممثلين" لأفلامهم،
ومن أجل تحقيق ذلك، تمّ تأسيس حواراتٍ دائمة بينهم،
وتوّجب على المخترعين، والمهندسين:
ـ التفكير بتخفيف الكاميرات.
ـ وضعها على حوامل ثلاثية يمكن تحريكها في كلّ
الاتجاهات بطريقةٍ انسيابية.
ـ ترويض ألوان الشريط السينمائي.
ـ الإقدام على فتح حقيقيّ لسماع الأشخاص الذين يصورهم
المخرجون مباشرةً.
ـ جمع الصورة، والصوت في شريط واحد مع وصول الفيديو.
ـ اكتشاف تقنياتٍ جديدة للمونتاج أكثر بساطة، وسهولة.
ـ تصغير كلّ التجهيزات حتى الوصول إلى الكاميرا التي
نعرفها اليوم.
(خلاصةٌ نظرية مأخوذة من الفيلم التسجيلي: "مخرجو
الأفلام التسجيلية، وأدواتهم عبر السنين"، إخراج
"كاترين جوبيل"، 53 دقيقة، إنتاج عام 2003).
***
الدرس1 (الجزء الثاني)
يُصوّر كي يشاهد
روبيرت فلاهرتي، واكتشاف الإخراج التسجيلي.
تسجيليّ : تمّ توثيق هذا الوصف التعريفيّ منذ عام 1876
(قاموس روبير)، وبدأ تطبيقه على الفيلم في عام 1896.
في عام 1915 أصبحت كلمة (Documentaire)
في اللغة الفرنسية وصفاً، وفي عام 1967 تمّ توثيق
الاختصار (docu)،
ولكن، بإمكاننا الافتراض بأنها وُجدت قبل ذلك التاريخ
في اللغة المحكية، بينما الكلمة المُركبة (docucu)
أكثر حداثةً، وتُستخدم بمعنى تحقيريّ
(فيلمٌ تسجيليّ متواضع).
في اللغة الإنكليزية، ظهرت كلمة (documentary)
عام 1926 في مقالة كتبها "جون جريرسون" في
New York Sun
حول فيلم "موانا" لـ"روبيرت فلاهرتي".
(موانا، تقريرٌ بصريٌّ لأحداثٍ من الحياة اليومية عن
شباب سكان جزر المحيط، وعائلاتهم، يمتلك قيمة
تسجيلية).
وُفق "بول روثا"، (الكلمة مُستعارة من الفرنسية،
وتُستخدم إذاً في تصنيف أفلام الرحلات، والاكتشافات،
وهي ليست تقارير ممّلة عن رحلات).
بدون شكّ، ساهمت المقالة التي كتبها "جريرسون" في جعل
"روبرت فلاهرتي" شخصية أسطورية "أبّ السينما
التسجيلية".
تاريخياً، هذه المكانة محلّ دراسة : منذ عام 1895 ظهرت
أفلام يمكن تصنيفها تسجيلية، وقد يصبح النقاش
التاريخي، والنظريّ حول هذا الموضوع بلا نهاية،
ومعقداً إلاّ من أجل الانتباه إلى الملاحظات التالية :
كحال الأدب، يتوّجب علينا تحديد تاريخ ظهور نوعاً
سينمائياً عندما يتمّ التعرّف عليه، وتحديده،
بإمكاننا اعتبار الأفلام التي سبقت هذا التاريخ
وعوداً، بدايات، تفريخات، ..
فقط، مفهومٌ غائيّ من تاريخ الفن يمكن أن يسمح بضمّها
لاحقاً إلى نوع ما، وتقييمها تعسفياً تحت خانة
البدايات.
لن يكون هناك أصلاً، ولكن بدايات، إذاً، من غير
المُجدي البحث بأيّ ثمن عن أول "فيلم تسجيلي في تاريخ
السينما الفرنسية"، لقد نشأ النوع بالتدريج، وظهر ما
بين 1915 (فرنسا)، و1926 (بريطانيا).
تعرضت كلمة "تسجيلي" مثل كلّ كلمات اللغة إلى تحولاتٍ
في المعنى، حتى أنّ متفرج اليوم يعاني من بعض الصعوبات
في قبولها على هذا النحو، على سبيل المثال، "رجل
آران"، أو "قصة لويزيانا"، بنظرةٍ معاصرة، وبالاستناد
على إدارة الممثلين غير المحترفين، ونظام السرد الطفيف
(وُفق تعبير "بول روتا")، سوف يضعها بالأحرى في جانب
الأفلام الروائية، علينا إذاً القبول بأن أفلاماً تمّ
تصنيفها تسجيلية، اليوم، يمكن أن لا ننظر إليها
بمُقتضى نفس التصنيفات، ويعتبر هذا التغيير جزءاً من
تاريخ النوع.
"تسجيليّ : "هو فيلمٌ تعليميّ يُظهر وقائع حقيقية،
وليست متخيلة" (قاموس روبير).
يتوضح الهدف التعليميّ للفيلم التسجيلي من الاسم نفسه،
اشتقاقياً، الكلمة مأخوذة من اللاتينية (docere)،
وتعني: تعليم، تثقيف، تبيين،
Un documentum
هي مثال، نموذج، درس، تعليم، إظهار، هنا أيضاً، علينا
الأخذ بعين الاعتبار التحولات التاريخية للكلمات.
حالياً، بدأنا نعتبر نقل المعارف في فيلم تسجيلي من
الآثار الجانبيةّ، وليس بالضرورة أساسياً، ويكمن
الجوهري إذاً في منح وجهة نظر حول حقيقة ما.
(ملاحظات مأخوذة من مقالة كتبها "بيير بودري" : بعض
المعارف الأساسية للتفكير في الفيلم التسجيلي، نُشرت
في ملفٍ بعنوان "الإخراج التسجيلي"، نصوصٌ جمعها "جيل
ديلافوو"، إصدار عام 1994.
هذه الملاحظات أيضاً، هي خلاصةٌ نظرية مأخوذة من
الفيلم التسجيلي: "يُصور كي يشاهد، روبيرت فلاهرتي،
واكتشاف الإخراج التسجيلي"، إخراج "جيل ديلافو"، 41
دقيقة، إنتاج عام 1994).
***
الدرس 2 (الجزء الأول)
محاولات تعريف الفيلم التسجيلي
ـ تعريف الفيلم التسجيلي يُحدث نقاشاً لانهاية له.
ـ هل الفيلم التسجيلي فقط: "تفسيرٌ إبداعيّ للواقع"؟
ـ الفيلم التسجيلي ليس نوعاً بنفس المعنى الذي نُطلقه
على أفلام النوع المُصنفة وُفق موضوعاتها، أو
تأثيراتها على المتفرجين.
ـ يمتلك الفيلم التسجيلي أنساباً، ويتطور عبر التاريخ.
ـ يمتلك الفيلم التسجيلي غاية محددة: تقديم المعرفة.
ـ غالباً، الفيلم التسجيلي ينقل قيما ً(حتى مشكوكٌ
فيها)، ويمتلك غرضاَ جاداً.
ـ لا تكفي الخصائص الشكلية للفيلم التسجيلي لتعريفه.
ـ عملياً، يتبين لنا، بأنّ الفيلم التسجيلي يتوافق مع
بعض المُمارسات الاجتماعية (إنتاج، وبثّ على سبيل
المثال).
ـ من وجهة نظر أنثروبولوجية، الفيلم التسجيلي إنتاج
رمزيّ من طراز خاصّ (أنظر الدرس الثالث : نظرية الفيلم
التسجيلي).
ـ يجب فحص وظيفته في داخل المجموعات البشرية.
ـ خلاصة : يهدف الفيلم التسجيلي إلى نقل المعارف، ما
يطرح مسألة طرائقه الاستطرادية، وشعريته، ويشير إلى
غير الروائي (أنظر الدرس الثالث : نظرية الفيلم
التسجيلي)، ويقدم صوراً متطابقة مع الواقع.
الجزء الثاني: لتوسيع النقاش
ـ لماذا التمييز بين روائي، وغير ـ روائي؟ يرفض فكر ما
بعد الحداثة هذا الأمر، ولكن اقتراباً نفعياً يأخذ
بعين الاعتبار خصائصه.
ـ تمّ مسبقاً نقد الأنظمة السينمائية (التجهيزات)،
ويمكن اليوم تجازوه.
ـ مع ذلك، يمتلك الفيلم التسجيلي وظيفة سياسية، يتعلق
الأمر في نهاية المطاف بطرح تساؤلات عن العالم.
ـ تخضع صور الواقع لبعض التناقض : حيث نحكم عليها
بأنها موثوقة، أو لا وُفق السياقات التي وردت فيها.
***
الدرس 3
نظرية الفيلم الوثائقي
لقاء مع "جان لوك ليوو" (أستاذ في جامعة
بروفانس/فرنسا)
أفلامٌ اجتماعية، اثنوغرافية، علمية، أو سياسية،
أفلامٌ طورت أشكالاً من السيرة الذاتية، البورتريه،
المُذكرات الفيلمية : أشكال الفيلم التسجيلي متنوعة
إلى حدٍّ كبير، وبالتالي، سوف يكون تبسيطاً استيعابه
في "نوع"، "إنه مجالٌ معقدٌ يكشف في الوقت ذاته عن
معايير اقتصادية كما شبكات تصنيع، وبثّ، ومراجع
سينمائية، إنه مساحة عمل، لفتة، إشارة : من أجل التوجه
نحو الحقيقي،.. وتقترح هذه المناقشة التمهيدية
الارتكاز على التمييز الخاطئ بين التسجيلي، والروائي،
من أجل التساؤل حول مسألة التفريق بين الحقيقي،
والمزيف، وإظهار بأن إنتاج معنى محدد للفيلم التسجيلي
يمكن أن يتطوّر في حالاتٍ مختلفة ...
- في الأساس هناك طريقة واحدة لتجسيد العالم الحقيقي،
والتي في نهاية المطاف نجدها في الغالبية العظمى من
الأفلام.
- ومع ذلك، هناك أشكال مختلفة للمُحاكاة تؤدي وظائف
مختلفة.
- وبالتالي، تمتلك الأنشطة الخيالية/الروائية علاقة مع
جانبٍ مسليّ، وترفيهي للمحاكاة : في هذه الحالة، نوافق
على تعليق القواعد المعتادة للواقع.
- الإطار النفعيّ/الذرائعيّ للروائي هو تقاسم الخداع
الترفيهيّ.
- الإطار النفعيّ/الذرائعيّ للتسجيلي هو قبول جدية
الواقع المُؤكد .
- اتفاق محدد ينشأ بين المؤلف، وجمهور الفيلم
التسجيلي.
- متفرج الأفلام التسجيلية يقظ، وحذر.
- الشك، أو الاعتقاد في الصور؟
- فيما يتعلق بالواقع، والحقيقة، المفردات الحالية
غنية، ولكنها غير دقيقة.
- من الناحية النظرية، هناك "مستويان" من الواقع :
الأول ملموسٌ مع خصائصه الموضوعية، والثاني يكمن في
المعاني، والقيم التي نمنحها له.
- المستويان في علاقة متبادلة، لا يمكن أن يكون
المستوى الثاني موضوعياً.
- لا يمكن التطرق للمستوى الثاني إلاّ من خلال وجهات
نظر ذاتية متباينة.
- وجهات النظر الذاتية المتباينة لا يمكن أن تضمن
حكماً بالإجماع.
- يشير الفيلم التسجيلي، بالآن ذاته، إلى كلا
المستويين، الواقع الملموس، والحقائق الرمزية.
- ما يسمح الفيلم التسجيلي بإجماع على وجهات النظر
المتباينة على تأكيداتٍ جدية، وينطوي هذا الأمر على
افتراض صحة هذه التأكيدات.