الكاميرا تتحرك أفقيًا من اليمين إلى اليسار أو العكس،
ورأسيًا من أعلى إلى أسفل أو العكس، وقد تكون حركتها
بطيئة أو متوسطة أو سريعة، كما أن حجم الصورة يتغيّر
من القريب إلى البعيد.
الكاميرا تتحرك
مع المنظور، تصاحبه أو تتابعه أو تزحف نحوه أو تتراجع
عنه في سرعة معينة وبدلالات خاصة. إنها تطفو، تحلّق،
تحوم، تعلو وتهبط، تنسل وتنزلق، تنقض وترتد، تدور
وتثبت.. وذلك وفق ما تقتضيه الحالة وأجواؤها وأبعادها.
وفي كل الأحوال، لا بدَّ أن تكون حركة الكاميرا –
بمختلف أنواعها – مدروسة ومعبّرة، سواء أكانت ذاتية أم
موضوعية.
الحركة الذاتية تعبّر عن وجهة نظر الشخصية. وهي وسيلة
لوضع المتفرج في موقف الشخصية وحالتها لغاية إثارية أو
تشويقية، ولجعل المتفرج يتطابق قدر المستطاع مع
الشخصية، ويتبنّى وجهة نظرها.
عندما تتحرك الكاميرا لتقديم منظور جديد أو مختلف على
الشاشة، فإن هذا يؤثر في ما يراه المتفرج ويشعره.
العنصر الرئيسي في خلق الصورة هو قدرة المخرج على
التحكم في عين المتفرج وتوجيهها. المخرج يتعامل مع
الصور التي تتحرك على نحو متواصل. تخوم الكادر تتغير،
تنكمش وتتمدّد حسب رغبة المخرج. عندما يكون تركيز بؤرة
الاهتمام على وجه الممثل، فإن المخرج ببساطة يقدم لقطة
قريبة، والمتفرج عندئذٍ لا يستطيع أن ينظر إلى مكان
آخر.
ثمة مخرج لا يحرّك كاميرته إلا عند الضرورة، تاركًا
الشخصيات تتحرك في الكادر، راصدًا انفعالاتها
ومشاعرها، مراقبًا إيماءاتها، مسجلاً الحدث الدائر.
ومخرج آخر يستخدم كاميرته في متابعة الشخصيات محركًا
الكاميرا على نحو غير ملحوظ تقريبًا، ذلك لأنه يلاحق
الحدث عن كثب بحيث تكون الحركة مبرّرة وبالكاد تبدو
محسوسة.
ومخرج آخر يحرّك كاميرته باستمرار وعلى نحو ملحوظ بحيث
تبدو مشاركة في الحدث وليست راصدة، أي تبدو كإحدى
شخصيات الفيلم، وهو بذلك يورّط المتفرج في الحدث.
ينبغي للكاميرا ألا تلفت الانتباه إلى نفسها بالإفراط
في الحركات الاستعراضية، وتلك الحركات أو الزوايا التي
لا تنسجم مع الموضوع أو حالة الشخصية. في عدد من
الأفلام نجد حركات الكاميرا آلية واعتباطية وعشوائية،
لا تعبّر عن وجهة نظر أو مفهوم أو فلسفة، ولا تعبّر
حتى عن رؤية جمالية. الكاميرا في يد مصوّر (ومخرج) سيئ
تبدو أشبه بلعبة أو دمية، والمصوّر يبدو أشبه بطفل
يلهو مع لعبته: لهْوٌ استعراضي عابث وأخرق، تلفت
الانتباه إلى نفسها لا إلى الحدث والشخصيات التي تتحرك
ضمن المشهد، وتشعرنا في كل لحظة بنرجسيتها وولعها
بالاستعراض. أما المصوّر هنا، فيعلن عن حضوره بشكل
سافر ومزعج، وهذياني تقريبًا.
هناك مخرجون يميلون إلى تجنّب الكاميرا المتحرّكة
بذريعة أنها مكلفة، أو خرقاء، أو مبدّدة للوقت، أو
ببساطة هم لا يحبونها.. مثل العظيم جون فورد. |