ساعده لكن لا تملي عليه
على المخرج أن يساعد الممثل على إيجاد الشيء الذي
يريده بشروطه الخاصة، لا أن يملي عليه الشيء، أو يقول
له: "هذا هو أنت، وهذا ما تريده".
على المخرج أن يساعده من دون أن يغفل عن ما حدث له من
قبل، والعوائق التي يجب أن يواجهها. قد يتعيّن عليه أن
يساعده بشيء من الوصف والتصوّر لكي يمنحه المشية
المناسبة، والنظرة الملائمة، والمظهر اللائق.. عندئذ،
ما سوف يحدث قد يدهشك ويذهلك.
ثم هناك تقنية المفاجأة. في البروفة قد تشعر بأن
المشهد على وشك أن يكون مكتملاً، وأن الهاوي، المادة
الخام غير المصقولة، يستمتع بوقته. لكنه سوف يتجمّد في
اللحظة التي يصيح فيها مساعد المخرج "هدوءاً"، أو
عندما يركّب المصور الإضاءة في الموقع.
ليس لديك الوقت لاعطاء دروس في التمثيل لكل شخص. بعض
الممثلين يطلقون العنان لأهوائهم، ويشعرون بأنهم يؤدون
خدمة للجمهور بظهورهم، والمضي في ممارسة حاجاتهم التي
تتّسم عادةً بالاضطراب العقلي واختلال الصلة بالواقع.
هؤلاء يحسبون النشاط الابداعي تشوّشاً، أو يحسبون
التشوّش نشاطاً إبداعياً، ولديهم كل الأسئلة لطرحها،
تماماً مثل الطفل الذي لا يريد أن يشرب حليبه لأن
أحداً لا يعرف من أية بقرة جاء الحليب.
منذ لحظة مجئ الممثل إلى الموقع، ينبغي أن تشعر بما
حدث له قبل مجيئه مباشرةً لتعرف إن كان هناك ما يمكن
الإستفادة منه للمشهد. ينبغي أن تعرف المادة على نحو
أفضل من الممثلين. ينبغي أن تعرف ما يصلح من أفعال لكل
ممثل، وأن تكون لديك أيضاً الخيارات، بحيث لو اختار
الممثل فعلاً خاطئاً، فهناك خيار آخر جاهز له ولن يجد
نفسه يتخبط بلا معين.
خصوصية الحوار
ثمة ممثلون يطلبون من المخرج أن يشرح ما يريد عن طريق
توضيح المشهد أو تأدية ذلك أمامهم، ومن هذه النقطة
ينطلقون. قد تفعل هذا مرّة أو مرتين فقط أثناء
البروفات، لكن بما يكفي لإعطاء الممثل الثقة، وجعله
يعرف من أين يبدأ. إنه أشبه بالكاتب الذي يحتاج إلى
وضع الحروف الأولى على الورقة ليشرع في الكتابة.
هذه الطريقة، التي هي ربما الأكثر صعوبةً ومضيعةً
للوقت من أية طريقة أخرى أعرفها، تقتضي علاقة حميمة
بين الممثل والمخرج إلى حد أن كل ما يقال بينهما، سواء
في الاتصال التمهيدي أو بين اللقطات، هي ذات طبيعة
حميمة جداً في محتواها وتداعياتها.
نصيحتي لمخرج الفيلم أن يحافظ دائماً على خصوصية
الحوار بينه وبين الممثل، ولا يدع الحوار يصل إلى
مسامع الممثلين الآخرين.
لا يجب أن تنتهك معلومات الممثل الشخصية والخصوصية،
لأنك إن فعلت ذلك فسوف يقطع التدفق بينكما، وبين
الممثلين الآخرين أيضاً.
في الوقت ذاته، على المخرج أن يكشف نفسه.. حتى لو عن
طريق الكذب. شخصياً، استطيع أن أروي ما لا يمكن تخيله
من القصص الشنيعة عن نفسي لكي أجعل الممثل يحرّر نفسه
من الإحساس بالخجل.
هذا يعني إنك استطعت إقناع الممثل بأن أدواته الأساسية
- بالإضافة إلى السيناريو والمواقع والإكسسوارات
والمخرج - هي ذاته، ذكرياته، تداعياته، مخيلته.
والأكثر أهمية، من بين كل تلك الأشياء، هي المخيّلة.
لا أعرف مخرجاً واحداً استطاع أن ينفث الموهبة في
ممثل. لا تحاول فعل ذلك لأنك لن تنجح. لن تستطيع أن
تنفخ في الموهبة، لكن تستطيع أن تفجّر المخيّلة. يجب
أن تكون المخيّلة خصبة وغزيرة.
أنت كمخرج تحتاج إلى ممثليك، لكن ينبغي أن تعرف كيف
تجعلهم أفضل مما هم عليه.
التحكم من غير ترهيب
قبل أن تسمح للكاميرا بأن تدور، يجب أن تكون مستعداً
للتلقي والاستجابة وتقييم المشهد الذي على وشك أن
يصوّر. إذا افتقدت الاستجابة، عليك أن تكتشف السبب،
وهنا يتعيّن عليك إما أن توجّه الممثلين مرة أخرى، أو
تزودهم بشيء آخر يبدأون به حتى يتم انجاز المشهد. هذا
يعتمد على معرفة ما تريده من المشهد.
لا يجب على المخرج أبداً أن يستبعد الحدس، على العكس،
يجب أن يؤمن به. نحن جميعاً نتلقى، من حين إلى آخر،
إشارات معينة.. إذا حازت على ثقتنا مرةً أو مرتين فسوف
نبدأ في إدراك وقت حدوثها.
على المخرج أن يظل متحكماً ومسيطراً. هذا لا يعني
إخافة الممثلين أو الطاقم الفني أو العاملين معه.
السلطة، بشكل عام، تُصان بفعالية أكبر عن طريق قدرتك،
كمخرج، على تحفيز التخيّلات والاهتمامات المشتركة
للأفراد المشاركين.
يجب استخدام لغة مختلفة لأنك لا تستطيع أن تتحدث مع
الهاوي بمصطلحات أو لغة احترافية. لهذا السبب يتعيّن
عليك أن تقضي بعض الوقت مع اللاممثل قبل التصوير لكي
تكتشف كيف كانت حياته، وأي المجالات التي يمكن فيها أن
تتصل معه.
عندما تعمل مع عدد من الأفراد، عليك أن تجد معجماً
مشتركاً يجد فيه كل شخص مفرداته الخاصة به.
|