كتب المخرج السينمائي إنغمار بيرغمان ذات يوم"..
الرغبة في الابداع كانت تبرز عندي دائما، وكنت احقق
هذه الرغبة بكل اشباع، وهذا شيء معروف، وخلال حياتي
الناضجة ولو لمرة واحدة لم اسأل نفسى سؤالا لماذا
يظهر هذا الجوع ولماذا يطالب بالشبع بكل الحاح.
اما الان وخاصة في السنوات الاخيرة، أي عندما بدأت هذه
الرغبة تضعف وتتحول الى شيء آخر، فاني لضرورة خاصة
بدأت احس بإيجاد السبب لنشاطي الفني.
ومن أوائل ذكريات طفولتي المبكرة، اذكر كيف كانت تبرز
عندي الرغبة في عرض ما توصلت اليه في تقدمي في الرسم،
او القدرة على رمى الكرة في الشبكة او حتى اولى
محاولاتي في السباحة.
لقد اصبحت السينما وسيلتي التعبيرية، لقد فهموني عندما
تكلمت بلغة لا تعتمد على الكلمات التي لم اكن اجيدها،
او الموسيقى التي لم اكن اسيطر عليها، او الرسم الذى
كنت لا ابالي تجاهه، وفجأة اصبحت املك امكانية
الاختلاط بالعالم الخارجي بواسطة لغة تنطلق من النفس
الى النفس بصورة مباشرة، وبإحساس خاص، ان تلك اللغة لا
تخضع مطلقا لسيطرة العقل".
"إنغمار بيرغمان.. المفرد والمتعدد" كتاب جديد صدر
للروائي والسيناريست الكبير امين صالح ضمن الموسوعة
السعودية للسينما، ودشنه مؤخرا في مهرجان أفلام
السعودية في دورته العاشرة، ونحن عشاق السينما نعرف ان
بيرغمان قد أثار حيرة النقاد والمشاهدين، وعالمه مليء
برموز ورؤيا متكاملة. بيرغمان وجه اصيل في هذا العالم
المتداخل، عالم السينما في عصرنا، بيرغمان مدرسة
سينمائية كاملة تعيش عوالمها في اذهان من شاهدها
طويلا.
يقع الكتاب في 474 من الحجم الوسط، ويشتمل على
العناوين التالية.. عالم انغمار بيرغمان، الطفولة
الخلاقة، البعد الذاتي، الادب..الارتياب في الكلمات،
لماذا السينما؟، ما هو الفيلم؟، ماهي السينما؟، لغة
السينما، لماذا الإخراج؟، ما هو الفن من هو الفنان؟،
من هو المخرج؟، الفكرة ترجمة اللاوعي، السيناريو..
الكينونة الناقصة، الحوار.. بين الالتزام والارتجال،
ثيمات.. كمن يحفر منجماً، الشخصيات.. الأمية عاطفياً،
الأسلوب.. كالسفينة القديمة، الكاميرا.. العين
الشهوانية، يوم التصوير الفعل الجماعي، التصوير..
واستنطاق الضوء، اللون.. حسية المعنى، المونتاج.. حسية
الإيقاع، التمثيل.. وجوه كثيرة، الموسيقى.. اللغة
الأكثر كمالاً، الإنتاج.. بين النخبوي والجماهيري،
المسرح.. المصدر الأول، التلفزيون، الفراغ المكتنز
بالحلم، التأثر.. في مسألة الإصالة والتفاعل،
التأثير.. ممهد الطريق، الجمهور.. الاتصال الإنساني،
السياسة.. الفنان لم يعد رائياً، الطبيعة، الموقع..
كحالة ذهنية، النقد.. فتور، احتفاء، فتور، العمل خارج
السويد، إعادة مشاهدة الأفلام السابقة، الاعتزال لقد
انتهى زمني، الشيخوخة والموت، من يحتاج إلى إنغمار
بيرغمان؟، الأفلام.
وفي تعريف لهذا المخرج العبقري كتب على الغلاف الأخير
من الكتاب:
انغمار بيرغمان هو واحد من أعظم المخرجين في السينما
العالمية، إنجازاته السينمائية أكسبته شهرة واسعة
كفنان استثنائي وراثي ومفكر عميق.
براعته الفنية وقدراته التعبيرية تتكشف من خلال توظيفه
البارع للإضاءة للقطات القريبة الممتدة زمنياً،
لإيقاعات الإلقاء، والصمت ولحظات التوتر والترقب. قد
تكون صوره متقشفة بصرياً، لكنها فاتنة وأخاذة، إنه
يركب بعناية وبحرص كل لقطة وحركة، ويجعلها مضاءة على
نحو درامي ومرسومة بدقة. لا يترك شيئاً للارتجال أو
الصدفة، ومع ذلك يأتي الأداء طبيعياً وواقعياً.
هو من الفنانين الذين يمتلكون رؤيةً خاصةً، ويقدم في
كل فيلم، تأويله الذاتي للعالم والإنسان والوجود. إلى
جانب معالجته الفريدة للموضوعات الذاتية الفلسفية،
الميتافيزيقية، السيكولوجية.
بيرغمان مخرج ذو كتلة متماسكة ومتناغمة، بصرياً
وفكرياً، أعماله تعد من الأعمال التي تصبو إلى تحري
الوضع الإنساني وسبره.
أفلامه تتمتع بجمالية مدهشة، وأداء مذهل، وتتضافر فيها
وتتوحد عناصر متعددة الضوء واللون والصوت والإيماءة
والحلم والذاكرة في نسيج متماسك لتشكل عالمه الخاص. |