بقلم: علا الشافعي
عندما سألني الأستاذ والمعلم حسن حداد أن أصيغ مقدمة الجزء الثاني من كتابه "أفلام
لا تغادر الذاكرة"، تداخل لدي شعورين، أولهما الامتنان لواحد من أساتذتنا الكبار
الذي حملني هذه المسئولية، وثانيهما أنه يقدم شيئا كنت في أمس الحاجة إليه وهو أن
أعود وأنغمس في قراءات سينمائية من جديد لم أغب عنها بالطبع ولكن قد تكون هناك
تفاصيل باعدت بيني وبينها قليلا.
قراءتي لسلسلة المقالات المختارة بكتاب الناقد والكاتب حسن حداد التي تناولت العديد
من الانتاجات السينمائية العالمية على مدار عقود مختلفة، أعادتني للكثير من
الذكريات وبعض ما ارتبط في ذاكرتي ومخيلتي بهذه الانتاجات المميزة والملهم منها.
تلك الحالة من استعادة الذكريات جعلتني أطرح سؤالا مهما يتعلق بالطريقة التي نتعاطى
بها مع الأفلام السينمائية وهل يظل الأمر كما هو؟ أم أنه عند تكرار المشاهدة أو
القراءة عن بعضها يختلف الأمر؟ بالطبع هذا ما يحدث مع مرور السنوات تختلف الرؤي
وطريقة التعاطي نظرا لتراكم الخبرات والمشاهدات ووضعها في سياقات عدة، إضافة إلى
تبدل بعض المفاهيم وهو ما يحمل متعة متجددة في كل مرة، كما أنه يظل هناك خيطا سحريا
يربطنا بأفلام وفعنا في غرامها، أو أثارت الكثير من الجدل والتساؤلات حين مشاهدتها.
هذا ما حدث عندما توقفت عند مجموعة الأفلام التي اختارها الكاتب والناقد حسن حداد
ومنها "سيريانا" من انتاج عام 2005 وينتمي لدراما الاثارة والتشويق وهو واحد من
الأفلام الذي فتح باب النقاش وطرح التساؤلات عن الفساد المرتبط بصناعة النفط، كما
يعكس مدي التدخلات الأمريكية في رسم السياسات بالشرق الأوسط دون أدني اهتمام يذكر
سوي بمصالحها، ورغم نظرة الاستشراق الغالبة على بعض التفاصيل في الفيلم، يظل واحدا
من الأفلام التي تعكس واقعا لا زلنا نعيش تبعاته. وأعتقد أن ذلك الأمر كان وراء
اختيار ناقدنا المخضرم ليفتتح به كتابه وكأنه يريد أن يجعلنا نسأل أنفسنا هل حقا
تغير شيء في هذا الواقع؟ أم أن المشهد أصبح أكثر ارتباكا وبؤسا؟
وتحمل القائمة التي اختارها الأستاذ حسن حداد بعناية فائقة تنوعا لافتا حيث تنقل ما
بين الدراما السياسية، والاجتماعية، والكوميدية، ودراما المغامرات، واللايت كوميدي
والرومانسي، ومنها "حافة العقل" 2004، وطريق الهلاك 2002، ومدينة الله 2003،
وشوكولا 200، والمسيسبي يحترق 1988، وصرخة الحرية 1988، ورجل المطر نفس العام،
والعودة إلى الوطن 1977، ولورانس العرب 1962، وجاء حسن الخاتمة في الكتاب مع
الفيلم الملهم الذي يعد واحدا من أهم أفلام السينما العالمية على مر التاريخ وهو
الفيلم الروسي "المدرعة بوتمكين" 1925، الذي أخذني مقال الأستاذ عنه لرحلة
البدايات وسنوات الدراسة الأولي في المعهد العالي للسينما والشغف الذي كان يناقشنا
به الكاتب والناقد الراحل الدكتور رفيق الصبان حول الفيلم.
يضمن الكتاب حالة من القراءة الممتعة والسلسة لعدد من المقالات المهمة التي أعادتني
لمتعة الفرجة بشكل شخصي ومتعة الأداء لمجموعة من كبار النجوم من أصحاب المواهب
المتفردة ومنهم "توم هانكس، وبول نيومان، ودينزل واشنطن، وروبرت دي نيرو، وبيتر
سيلرز، وجوليت بينوش، وداستن هوفمان وفرنسيس مكدرومايند، وجين فوندا، وبيتر أوتول
وانطوني كوين وعمر الشريف، إضافة إلى مدارس اخراجية متنوعة لعدد من المخرجين
المخضرمين ومنهم سام منديز، وستيفن جاجان، وكلير دينيس، ومارتن سكورسيزي، وريتشارد
ايتنبورغ والعظيم سيرجي اينشتاين صاحب "المدرعة بوتمكين" وغيرهم.
عُلا الشافعي |