سهير البابلي... ضحكات كثيرة ما زالت على الخشبة
القاهرة/ العربي الجديد
في إحدى ليالي عرض مسرحية "مدرسة المشاغبين"، اتفق عادل
إمام وسعيد صالح ويونس شلبي وأحمد زكي وهادي الجيار على تدبير مؤامرة
لإضحاكها عند اعتلائها خشبة المسرح، لكنها عرفت، وحضرت مقلباً. ارتدت
نظارات كبيرة ذات عدسات سميكة جداً، وفاجأتهم على خشبة المسرح بهيئتها،
فانفجروا كلهم بالضحك.
لا أحد يتحدى سهير
البابلي في
القدرة على الإضحاك، فهي ملكة هذه المنطقة عن جدارة. كل من عرفها يعلم ذلك
جيداً. هي من القلائل الذين يمسكون جيداً بجوهر الكوميديا.
سهير البابلي ممثلة مسرحية من الطراز الرفيع. لا أحد ينكر
أنها من أهم من وقفوا على الخشبة. كان المسرح ساحتها الأثيرة ومملكتها
الخاصة، ولولا الذكورية المنتشرة في الوسط الفني ــ شأنه شأن المجالات
الأخرى ــ لأطلق عليها لقب "الزعيمة"، كما أطلق على النجم عادل إمام.
لمعت سهير البابلي في مسرحية "مدرسة المشاغبين" التي تعد من
أشهر أعمالها
لمعت البابلي في مسرحية "مدرسة المشاغبين" (1973)، وتعد من
أشهر أعمالها، علماً أنها شاركت فيها بمحض الصدفة، فالممثلة ليلى طاهر كانت
مرشحة للدور قبلها، ولكنها جاءت بدلاً منها، كما أدّت نيللي هذا الدور
أيضاً، ثم استقر الرأي على البابلي. إلا أنها غابت عن المسرح بسبب سفرها
إلى باريس لإجراء عملية جراحية، فقدمت الدور بدلاً منها الممثلة ميمي جمال،
زوجة الممثل حسن مصطفى بطل المسرحية.
كانت البابلي من القلائل الذين يستطيعون بسهولة شديدة خلق
كيمياء بينها وبين أي ممثل يقف أمامها، فمن ينسى الدويتو الشهير بينها وبين
الفنانة الكبيرة الراحلة شادية في مسرحية "ريا وسكينة" (1982)، والثنائي
الرائع الذي شكلته مع أحمد بدير (الشاويش عبد العال) في المسرحية نفسها؟
ومن منا لم يضحك على شخصيتها الغريبة "بكيزة هانم الدراملي" وعلاقتها
العجيبة بـ"زغلول العشماوي" التي جسدتها إسعاد يونس في المسلسل الشهير
"بكيزة وزغلول" (1987)؟ حتى أنها دفعت الراحل عزت العلايلي الذي اشتهر
بالأدوار الدرامية، في فيلم "ليلة عسل" (1990)، إلى مناطق كوميدية كانت
جديدة عليه.
ولدت سهير حلمي إبراهيم البابلي في 14 فبراير/شباط 1937، في مركز فارسكور
في محافظة دمياط، ولكن نشأتها كانت في المنصورة. كان والدها مُدرساً
للرياضيات وناظراً لـ"مدرسة المنصورة الثانوية العسكرية بنين"، ووالدتها
كانت ربة منزل.
بدت على سهير البابلي الموهبة في سن مبكرة، فالتحقت
بـ"المعهد العالي للفنون المسرحية" و"المعهد العالي للموسيقى" في الوقت
نفسه، الأمر الذي رفضته والدتها على الرغم من تشجيع والدها.
وحكت البابلي، في إحدى إطلالاتها التلفزيونية، إن والدتها
قصدت المسرح القومي حيث كانت تؤدي دور "الغازية" في مسرحية "الصفقة" للكاتب
توفيق الحكيم. وعندما جاء دور البابلي لتخرج إلى خشبة المسرح، بملابس
الراقصة وهي ممسكة بالصاجات، صدمت والدتها التي أطلقت صرخة سمعها الحاضرين؛
ففزعت، وغادرت المسرح ركضاً حتى وصلت إلى دار الأوبرا، واختبأت هناك من
والدتها.
لسهير البابلي رصيد مسرحي وسينمائي وتلفزيوني هائل، ومن أهم
أعمالها المسرحية "ريا وسكينة" مع شادية، و"مدرسة المشاغبين"، و"عايزة
أتكلم" (2010)، و"عطية الإرهابية (1992)، و"ع الرصيف" (1987)، و"يا حلوة ما
تلعبيش بالكبريت" (1977)، و"جوزين وفرد" (1966)، و"الفرافير" (1964)،
و"العالمة باشا" (1991)، و"الدخول بالملابس الرسمية" (1979)، و"نص أنا...
نص إنتي"
(1988).
ومن أشهر أعمالها السينمائية فيلم "ليلة القبض على بكيزة وزغلول" (1988)،
و"يا ناس يا هووه" (1991)، و"ليلة عسل" (1990)، و"القلب وما يعشق" (1996)،
و"الأونطجية" (1987)، و"وعد ومكتوب" (1986)، و"دقة زار" (1986)، و"السيد
قشطة" (1985)، و"حدوتة مصرية" (1982)، و"انتخبوا الدكتور عبد الباسط"
(1981)، و"استقالة عالمة ذرة" (1980)، و"الوليد والعذراء" (1977)، و"أميرة
حبي أنا" (1975)، و"العاطفة والجسد" (1972)، و"الشجعان الثلاثة" (1969).
كما شاركت عبد الحليم حافظ في فيلم "يوم من عمري" (1961)، و"البنات والصيف"
(1960)، وشاركت النجمين عمر الشريف وفاتن حمامة في فيلم "نهر الحب" (1960)،
وشاركت كمال الشناوي وشادية في فيلم "المرأة المجهولة"
(1959).
اعتزلت البابلي التمثيل بعد ارتدائها الحجاب عام 1992
اعتزلت البابلي التمثيل بعد ارتدائها الحجاب عام 1992، وكان
ذلك كما قالت في تصريحات سابقة لها لسببين: الأول هو تأثرها بارتداء ابنتها
الحجاب، إذ قالت: "بنتي تحجبت وأنا لا، لازم أعمل زيها عشان أرضي ربنا".
أما السبب الثاني فهو علاقتها بالشيخ محمد متولي الشعراوي الذي شجعها على
انتقاء أدوارها.
وعادت للفن عام 2005 بمسلسل "قلب حبيبة". وكانت عودتها
أيضاً بسبب الشيخ الشعراوي الذي شجعها على العودة قائلاً "مفيش ما يمنع إنك
تمثلي وأنت محجبة ووقورة بهذا الشكل الملتزم، الناس بتتفرج على التلفزيون
أكتر ما بتروح الجوامع". وابتعدت مجدداً، قبل عودتها بمسلسل "قانون سوسكا"
في 2016.
تزوجت سهير البابلي خمس مرات، كان أولها قبل أن تتم السادسة
عشرة، من محمود الناقوري الذي أنجبت منه ابنتها الوحيدة نيفين، ثم تزوجت في
سن الثامنة عشرة من المطرب والملحن منير مراد الذي كان يكبرها بخمسة عشر
عاماً، والذي قيل إنه أسلم ليستطيع الزواج منها إذ كان يهودياً. تزوجت
البابلي أيضاً من تاجر المجوهرات المعروف أشرف السرجاني الذي توفي، لتتزوج
بعده من رجل الأعمال محمود غنيم، كما تزوجت من الممثل
الراحل أحمد خليل.
وفي لقاء معه حكى خليل عن تفاصيل زواجه منها حيث قال إنه
تعرف إليها في أثناء تصويرهما سهرة تلفزيونية أثناء فترة شبابهما، وأشار
إلى أنها كانت تتعامل معه بشدة في البداية، ووصل الأمر إلى مشادة بينهما،
وقال مبتسماً إن "الخناقة انتهت بالزواج عند انتهاء التصوير". |