إنها احدى أشهر نجمات السينما، إن لم تكن أشهرهن. الأسترالية نيكول
كيدمان (46 سنة) لم تمثل في مسيرتها إلا بإدارة كبار المخرجين
السينمائيين، ولم تتقاسم بطولات أفلامها إلا مع نجوم من الطراز
الأول. آخر أعمال كيدمان السينمائية عنوانه «غريس دي موناكو»، من
إخراج الفرنسي أوليفييه دهان، ويروي فترة محددة من حياة أميرة
موناكو الراحلة غريس كيلي التي بدأت حياتها ممثلة سينمائية في
هوليوود وتحولت في أوج نجوميتها إلى أميرة إثر زواجها من أمير
موناكو. وقد رفضت الإمارة الاعتراف بفيلم «غريس دي موناكو» بحجة
أنه لا يطابق الواقع.
وفي باريس، عرض الفيلم قبل أيام قليلة من تقديمه في افتتاح مهرجان
«كان» السابع والستين، وذلك في شكل خاص وأمام عدد قليل من
الإعلاميين الدوليين، بحضور مخرجه وبطلته.
«الحياة» التقت كيدمان بعد عرض الفيلم وحاورتها.
·
هل كان من السهل عليك تقمص شخصية على مستوى الأميرة الراحلة غريس،
لا سيما في ما يخص شهرتها العالمية؟
- لم تكن المهمة سهلة اطلاقاً، وقد فكرت طويلاً قبل أن أمنح الشركة
المنتجة والمخرج أوليفييه دهان موافقتي النهائية على المشاركة في
المشروع، وذلك فعلاً بسبب الصيت العالمي لغريس كيلي طوال حياتها،
منذ أن كانت ممثلة سينمائية مرموقة على مستوى العالم كله، ثم بعدما
تزوجت من الأمير رينييه وأصبحت أميرة موناكو، وحتى عقب رحيلها
المأسوي في حادثة سيارة، فهي إمرأة لا تزال حية في الذاكرة
الجماعية. إنها تتمتع بشعبية فوق العادة، غير أنها أيضاً مكروهة من
بعض الذين انتقدوها بشدة وهي على قيد الحياة، ولكل هذه الأسباب
شعرت شخصياً بالخوف أمام مسؤولية تجسيدها فوق الشاشة، لكنني تجاوزت
هذه المرحلة ورفعت التحدي.
·
عائلة الأميرة رفضت الاعتراف بالفيلم، فما هو تعليقك؟
- لقد توقعنا، أنا والمخرج، رد الفعل هذا من الإمارة، وأقصد عائلة
الأميرة، والمهم في النهاية هو حكم المتفرج العادي، وهو لم يسقط
بعد، وأنا أترقبه بلهفة.
·
ما الذي جعلكم تتوقعون رد فعل سلبياً؟
- لقد حاول مخرج الفيلم أوليفييه دهان مرات ومرات، قبل بدء
التصوير، الحصول على موعد مع الأمير ألبرت وسائر أفراد عائلة
الأميرة، أو على الأقل مع ناطق رسمي باسم العائلة، وذلك بعد إرسال
سيناريو الفيلم إليهم في شكل رسمي، لكن من دون أي نتيجة. فقد
أبلغوا المخرج رفض العائلة للمشروع بأكمله وعدم رغبة أفرادها في
مناقشة الموضوع، أو ربما إجراء تعديلات على النص المكتوب. وبالتالي
عرفنا أن ظهور الفيلم في الأسواق ستصاحبه حملة انتقادات سلبية من
عائلة الأميرة غريس. وما أود قوله هو أن الفيلم عبارة عن حكاية
رومانسية وليس عملاً تسجيلياً عن حياة الأميرة، وهو بالتالي يتضمن
الكثير من المواقف الخيالية التي لا شك في أن الأميرة لم تعشها كما
هي مصورة في الفيلم. لكن العمل لا يمس في أي شكل من الأشكال بشخصية
هذه المرأة أو بكرامتها، ولا يتضمن أي أكاذيب في شأنها. والمشكلة
هي أن عائلة الأميرة لم تشاهد الفيلم حتى تحكم عليه بطريقة منصفة.
التركيب النهائي
·
وها هو مهرجان «كان» يعرض الفيلم في ليلة افتتاحه، فما رأيك بهذه
المبادرة؟
- أرى في المبادرة درجة كبيرة من الشجاعة ومحاولة للنظر إلى عمل
فني بحت على أنه كذلك، وليس لكونه موضع جدال حاد بين منتجه ومخرجه
وعائلة الشخصية التي يروي الفيلم سيرتها.
·
هناك مشكلة ثانية بين المنتج الأميركي المشارك في الفيلم هارفي
واينشتاين والمخرج دهان، أليس كذلك؟
- نعم هناك جدال حاد يخص التركيب النهائي للفيلم، فاز به حتى الآن
المخرج دهان، لكنه قد يتسبب بعدم نزول الفيلم إلى الأسواق في
أميركا الشمالية.
·
ما هو الفارق بين التحضير لدور عادي وآخر مثل غريس كيلي يستمد
تفاصيله من حكاية شخصية عاشت بالفعل؟
- الفارق كبير جداً بين الوضعين، إذ إن الخطأ ممنوع بالمرة، طبعاً
في المثال الثاني، وأنا قضيت أكثر من ستة أشهر كاملة في مشاهدة
تسجيلات تلفزيونية وسماع أشرطة إذاعية لأحاديث منحتها الأميرة، كما
أنني قرأت مقالات في الصحف والمجلات في شأنها لا عدّ لها ولا حصر.
لقد تعلمت الكلام على طريقتها والمشي على خطاها، إضافة إلى تعبيرات
الوجه، وذلك كله تحت رعاية إثنين من أفضل المدربين الاختصاصيين
عيّنتهما الشركة المنتجة للفيلم. ثم أتى دور اختصاصي الماكياج وهو
أنجز عملاً رائعاً وحوّلني فعلاً إلى غريس من حيث المظهر، الأمر
الذي ساعدني إلى درجة كبيرة في تقمص الدور، إذ كنت أنظر إلى نفسي
في المرآة وأرى غريس كيلي.
·
هل كنت من المعجبات بالأميرة قبل تمثيلك شخصيتها في فيلم «غريس دي
موناكو»؟
- كنت أحبها، لكنني كنت أعرفها مثلما يفعل العالم كله وحسب، بمعنى
أنني كنت أتخيلها هكذا أو هكذا، بينما لم أكن على دراية فعلية
بحقيقة شخصيتها وبما عاشته من ظروف شخصية. كنت معجبة بالصورة التي
ركّبتها عنها في ذهني، والناس في النهاية أحبوا أو كرهوا صورة
معينة وليس إمرأة حقيقية. لقد تحدثت مع نساء ورجال عرفوها في
الحقيقة، وهنا عرفت أنها كانت إمرأة تتميز بذكاء حاد وحس مرهف،
وأنها كانت متقلبة، إلى حد ما، في شأن سعادتها الزوجية مع أمير
موناكو، ومُحبة إلى درجة كبيرة لأولادها.
·
أنت نجمة معروفة وفي الوقت ذاته زوجة وأم، فهل لعبت مثل هذه
التفاصيل دورها في طريقة إدراكك شخصية غريس كيلي؟
- لا، فأنا لا أعيش ما عاشته غريس كيلي اطلاقاً ولا أشبهها. أنا
معروفة لكنني لا أثير العواطف على المستوى الذي فعلته الأميرة،
وجمهوري لا يقضي وقته في محاولة اكتشاف خبايا حياتي العائلية،
مثلما فعل العالم كله تجاهها هي، والسبب في ذلك طبعاً كونها أميرة.
أنا مثلت الشخصية استناداً إلى مقومات كثيرة سبق وذكرتها، لكنني لم
ألجأ في أي حال من الأحوال إلى تجربتي الشخصية بهدف حسن إدراك
عقلية غريس.
·
حدثينا عن تجربة أخرى، هي العمل تحت إدارة السينمائي جوناثان
تريبليتزكي في الفيلم الذي سينزل قريباً إلى الأسواق «رجل السكك
الحديد»؟
- لقد تلقيت من تريبليتزكي مكالمة هاتفية في أول الأمر عبّر لي
فيها عن رغبته في منح بطولة فيلمه الجديد لممثلة شقراء تشبه نجمات
أفلام ألفريد هيتشكوك في زمن الخمسينات من القرن الماضي، لأن حبكة
فيلمه تدور في تلك الفترة. وأضاف أنه يراني في هذا الشكل وبالتالي
يتمنى مقابلتي للتحدث معي عن الفيلم والدور المعني. ودارت هذه
المكالمة في أسلوب بسيط وطبيعي جداً إلى درجة جعلتني أشعر بأنني
أتكلم مع صديق وليس مع مخرج سينمائي مرموق وذكي جداً، وسرعان ما
زال الارتباك الذي انتابني في بداية الحديث وحلّت مكانه الثقة في
نفسي وفي الشخص الذي كان على الخط معي.
وحدث الشيء نفسه في ما بعد عندما حصلت على الدور ومثّلت تحت إدارة
تريبليتزكي، إذ إنني اكتشفت رجلاً خلوقاً وهادئاً يعبّر عما يحتاجه
من الممثلين، خصوصاً الممثلات في كلمات قليلة جداً وفي الوقت ذاته
واضحة جداً. وهو يتعامل مع المرأة وكأنه مستشارها النفساني، فما
أحلى هذا الشيء بالنسبة إلى أي ممثلة طبعاً. لقد ارتحت للعمل تحت
إشرافه وأدركت ما الذي يدفع بالممثلات عموماً إلى السعي للحصول على
أدوار في أفلامه.
·
هل تشبهين في رأيك الشخصي بطلات هيتشكوك فعلاً؟
- لم أكن أرى نفسي في هذه الصورة في الماضي، لكن الأمر تغير عندما
أديت شخصية غريس كيلي في فيلم «غريس دي موناكو»، فهي تظل أكبر بطلة
«هيتشكوكية» في تاريخ السينما. واقتنعت أكثر وأكثر عندما منحني
تريبليتزكي بطولة فيلمه «رجل السكك الحديد» إلى جوار كولين فيرث،
فهو مثلما ذكرت، كان يفتش عن شقراء على نسق بطلات هيتشكوك، وعيّنني
أنا. |