المشهد الأول من 'باب الحارة' في جزئه الخامس والأخير ينفتح على
دخول قائد مقاومي الغوطة 'أبو حسن' إلى الحارة على حصانه وبيده سلاحه، وفي
وضح
النهار. فهل أراد الكاتب والمخرج معاً أن يقولا للمشاهدين
بتحرير الحارة نهائياً من
الفرنسيين؟ أم إنتقال المقاومة من مرحلتها السرية إلى مرحلتها العلنية؟
هذا
المشهد الأول الذي خصت به أسرة 'باب الحارة' شاشة تلفزيون 'المنار' أتى في
سياق
الإحتفالية التي أقامتها تلك الشاشة للمسلسل وأهله في موقع تصويره. وسط
إستعراض
لافت يشبه المسلسل وناسه دخل الممثلون متمهلين، متهادين
ومنتشين بالأثر الذي تركوه
في النفوس المشاهدة لهم. ورافقتهم تحية وإشهار عن وصولهم 'طلّوا الأحباب يا
عالم يا
هو'.
يحق للمنار أن تحتفي بمسلسل صار سيرة شعبية رغم النقد الفني الذي أحاط
به.
حقها هذا يتأتى من كونها أول من آمن بـ'باب الحارة' كنص ودراما وعرضت
باكورته على
أرضيتها وفضائيتها. وكذلك كان الحال مع الجزء الثاني الذي
'كسّر الدنيا'. وهنا
نستعير التعبير من المطربين الذين يرددون بأن هذه أو تلك الأغنية 'زلزلت
الأرض
وكسّرت الدنيا'. وعندما هجم القرش التلفزيوني العربي
'MBC'
ليشتري بفلوسه الطائلة
'باب
الحارة'، تحقق له ذلك في الجزء الثالث وأغرى أهله بإنتاجه السخي، وتمّ
إحتكاره. المعطيات التي أحاطت بعرض الجزء الثالث على شاشة
واحدة فضائياً لم تكن
لصالحه. وغيرت قناعات القرش التلفزيوني بعدم جدوى سياسة الإحتكار، فعاد
المسلسل في
جزئه الرابع إلى حضنه الأول. والمميز في هذا الجزء أنه ركز على حالة
المقاومة
الشاملة للحارة بعد حصارها. فيما تراجعت نسبياً المماحكات
الإجتماعية بين نساء
الحارة، وبين الحارات المجاورة.
إحتفالية 'المنار' بالحارة وأهلها بقيت محصورة
في الهالة التي يُستقبل بها من أبلوا بلاءً حسناً. بل أن
الإستقبال تخطى ذلك الوصف
المتواضع للفعل ووصل لحدود إستقبال الأبطال. هكذا كان ممثلو 'باب الحارة'
الذين
حلّوا تباعاً في فسحة قبالة دكان أبو عصام. والسؤال المحور في ذهن المذيعة
دار في
فلك وبحث حثيثين عن تماه مفترض أو حقيقي، بين مقاومة 'أهل
الحارة' للفرنسي المحتل،
ومقاومة اللبنانيين للعدو الإسرائيلي. إيحاءات المذيعة المقصودة وغير
المقصودة تركت
الضيوف في وضعية الإستجابة. وبالتالي راح كل منهم يضيف ويزيد، ويوجه التحية
للجنوب
اللبناني وأهله. قراءة 'المنار' في مقاومة 'باب الحارة' والإسقاط المفترض
في مقاومة
العدو الإسرائيلي في لبنان يحمل تضخيماً مبالغاً به. فإن صحت
قراءة 'المنار'
للأهداف والنوايا والرغبات من مسلسل 'باب الحارة' وبخاصة في جزئه الرابع،
فهي
بالتأكيد لن تكون القناعات نفسها التي من أجلها قاتلت محطة 'MBC'
للحصول على حق
التبني الكامل للمسلسل، وهي المعروفة بنشرة أخبارها، وسياسة قناتها الشقيقة
'العربية'،
بمقاومتهما الشرسة للمقاومة في فلسطين ولبنان.
وفي إستضافة 'المنار'
لأبطال 'باب الحارة' حلّ الرجال أولاً وبمفردهم، ومن ثم كانت الضيافة لـ'أم
جوزف،
فريال، أم زكي'. ولأن 'أم جوزف' كان دوراً مميزاً وحالة خاصة، حرة ومتحررة
وسط
الحصار المطبق على نساء الحارة، تركز الحوار حولها. فسألت
المذيعة السيدة منى واصف
صاحبة الدور إن كان في عصرنا الحاضر أم جوزف؟ وللأسف كانت بطولات النساء في
جنوب
لبنان وفي فلسطين غائبة تماماً عن بال المذيعة، كما غابت الأمثال عن بال
القديرة
منى واصف وإكتفت بالقول'أيه في ليش ما في'. والأمثال هنا تبدأ
من سناء محيدلي
الإستشهادية الأولى في لبنان بوجوه جنود الإحتلال وتنتهي مع المقدامة سهى
بشارة
التي أطلقت النار وجهاً لوجه على العميل أنطوان لحد.
'باب الحارة' في جزئه
الرابع غرق في متاهة من البطولات غير المقنعة. وطافت على وجهه المشاهد غير
الواقعية. ترهل من شدة التكرار. لم تحمل أحداثه تطورات في بنية الشخصيات
وعلاقاتهم
الإجتماعية. بقيت النسوة معزولات مخنوقات في أدوارهن. التطور
الوحيد في دور المرأة
مثلته 'أم جوزف'. في شخصيتها نبع جرأة، وإيمان بضرورة مقاومة المحتل في
سورية
وفلسطين. لكن للأسف، نموذج أم جوزف كان من الطبيعي تطويره في الجزء الخامس،
غير ان
هذا النموذج انتهى قتلا. لقد إستعجل المخرج والكاتب معاً في قتل أم جوزف،
ولم يعملا
في الوقت نفسه على تطوير بنيوي لأي من الشخصيات النسائية.
وفيما عدا مشاركتهن
الجماعية في ضرب الفرنسيين بالمولوتوف في بدايات العرض، بقيت النسوة في
دورهن
المسطح. وغاص الرجال في شعارات لبعضها هدف حرف الأنظار عن علل لا تعد في
مجتمعاتنا
الحديثة على الصعيدين السياسي والإجتماعي. فلعلّ إستجداء
الشعار والموقف من زمن
مضى، يعفي من موقف تحتمه الضرورة في سياق حاضر يعتصره الخزي. 'أيه والله'
كما يردد 'النمس'، و'يللي بدو يتحدى هاي الحارة مين
قدا'.
'زمن العار' وعار أمة
لا شك بصحة النظرية التي تقول ان الدراما مرآة المجتمع. وعندما نسعى
للتعرف
إلى رغبات ومتطلبات المجتمع بالمشاهدة قد يفاجئنا أن تحل في الطليعة
أعمالاً درامية
تغوص في الماضي القديم. تُستقبل تلك الأعمال بالكثير من الإهتمام والترحاب،
ولا
تشوبها شائبة في نظر المتلقين، بل هم يثنون على الزمن الغابر،
ويتمنون عودته. بعضهم
يطلبه مع تعديلات ولمسة عصرنة، وبعضهم يفضله كما هو في حالته التراثية
التقليدية.
فالدنيا أذواق.
ومع كل من جولات وصولات المسلسلات في شهر رمضان ـ والتي خلالها
يُظلم الكثير من الأعمال ـ نحاول الإطلالة من خلال مسلسل أو أكثر على
زمننا، علّنا
نجد ذاتنا في أحدها. ولا شك بأن الدراما التي عالجت الواقع في
هذا الموسم كثيرة،
ومنها السوري والمصري والخليجي. نتوقف عند مسلسل 'زمن العار' السوري من
بطولة سلاف
معمار. إنها دراما الحياة المعاصرة بكل ما تحملها من ضغوط نفسية ومادية
وعاطفية.
وفيها يترك الإنسان لقدره وقدرته في المقاومة والصمود، أو هو يسقط في هوة
تفتقد
قعراً في أحيان، ولها قعر في أحيان أخرى فينقذ ذاته بذاته.
في 'زمن العار' تمضي
بثينة (سلاف معمار) شبابها في خدمة والدتها المريضة ومعها والدها الذي ضاق
ذرعاً
بمرض زوجة لم يشف ولم يضع حداً للحياة، ولها إخوة برز أحدهم كمرتش من
وظيفته ومبتز
لمال والده. تموت الأم لأن زوجها لم يستجب لنداء ضميره
بتزويدها بالأوكسجين. 'بثينة'
المتفانية في خدمة والدتها وكل أفراد الأسرة، تستجيب لإلحاح عاطفتها وتقع
في غرام زوج صديقتها، وتحمل منه بعد زواج عرفي وتُسقط الحمل. ينتشر الخبر
وتهب
الثورة دفاعاً عن 'الكرامة المستباحة والشرف المسفوك'.
تهرب 'بثينة' من المنزل،
وتترك أهله في حالة مكاشفة مع الذات. الأب تؤرقه مشاعر القاتل.
الأخ المرتشي يكاشف
أخاه بأفعاله في عمله. ذلك الأخ الذي يتوسع ويغوص في 'زمن العار' ليتذكر
ذلك البناء
الضخم القائم منذ سنوات على الآثار. ليس هذا وحسب، بل تحته ينابيع مياه
عذبة
بإمكانها أن تروي عطش الشام لسنوات، لكنها تُضخ وتذهب هباءً كي
لا تؤثر على البناء
الذي يعود لأحد المتنفذين. في هذه المكاشفة كل يستعرض العار العام والعار
الخاص على
طريقته. والعار موجود ومتغلغل في دنيانا في كل الإتجاهات. بحث في العار
المزدهر في
مجتمعاتنا تستدعيه حالة بثينة، فمن يسعى للإختباء خلف من؟
بالطبع تبقى المرأة
الحلقة الأضعف، وتبقى ذلك 'الشرف الرفيع' الذي تتحطم عنده 'الكرامات
وتُداس'. لكن
ما حدث في 'زمن العار' هو ذلك القبول بالواقع كما هو. عادت بثينة إلى منزل
العائلة
لتعتني بوالدها المريض بعد أن ضيع جني العمر في 'جهلة متأخرة'،
وتنامت أعمال الأخ
المرتشي وإزدهرت. والزوجة التي خانها زوجها مع بثينة سامحته وعادت إليه.
في 'زمن
العار' بقي كل شيء على حاله. إنتهت الإشكاليات المتعددة عاطفية، إنسانية
ومادية إلى
قبول الواقع كما هو. في 'زمن العار' هذا، نحن واقعياً بمواجهة ما أراد
المجتمع
تسميته بـ'عار بثينة'، لكن البحث بين السطور والكلمات يفضي إلى
إستنتاج بأن بثينة
وأمثالها ستبقى ذلك المشجب الذي يُعلق عليه 'عار أمة' تخلت طوعاً عن شرفها
وبقرار
واضح وصريح من حكامها. وتركته عرضة للإنتهاك اليومي. فيما القائمون على
شؤونها
يحاضرون بالعفة ويسنون لها القوانين، ويفتون بعدد الجلدات لمن
تسول له نفسه الخروج
عن 'القيم العامة' في ضوء النهار. انما للظلمة أحكامها.
'زمن العار' دراما
الواقع، فيها تختلط المشاعر والقيم والمفاهيم والمبادىء لتفضي بنا إلى ذلك
النفق
الطويل المظلم. البحث عن 'بقعة ضوء' مهمة ملحة درامياً وواقعياً.
صحافية من
لبنان
zahramerhi@yahoo.com
القدس العربي في
25/09/2009
الأيام الأولى للسينما الجزائرية تنظمها جمعية المخرجين
المستقلين
الجزائر ـ من رياض وطار
بإشراف من وزارة
الثقافة الجزائرية تنظم جمعية المخرجين المستقلين'لنا الشاشات'، التي
يترأسها
الصحافي والسينمائي سليم أقار، فعاليات الدورة الأولى للأيام السينمائية
بالجزائر
العاصمة في الفترة الممتدة من 3 إلى 7 تشرين الأول (أكتوبر)
القادم، بقاعتي ابن
زيدون وكوسموس بديوان رياض الفتح،بأعالي العاصمة الجزائرية.
الافتتاح سيكون يوم
3
تشرين الأول (أكتوبر) بقاعة كوسموس بعرض الفيلم القصير 'السائق المخفي'
لعبد
الحميد كريم والشريط الوثائقي'صور بالجزائر' لمخرجه سليم أقار، وعرض مجموعة
من
الأفلام القصيرة طوال أيام التظاهرة. وستشهد المناسبة تنظيم
أيام دراسية وورشة
سينمائية، إضافة إلى عرض عديد من الأفلام الطويلة أبرزها، سيعرض للمرة
الأولى
بالوطن العربي، الفيلم الفلسطيني لإيليا سليمان 'الزمن الباقي'، اضافة إلى
فيلم
'طفل
كابول' للمخرج الأفغاني برماك أكرم، أما سهرة الاختتام فستكون بعرض فيلم 'البحث عن إيريك' لمخرجه ليكان لواش.
من ناحية أخرى ستشهد الأيام السينمائية
الجزائرية إلى جانب عرض الأفلام القصيرة عرض العديد من الأفلام
الوثائقية المنتجة
بين 2008/2009 منها: 'هيدا لبنان' لآليان الراهب من لبنان، 'جنوب' لنزار
حسن، 'فيا
فيا' لدورين يورا من إيطاليا، 'دعوة لزواج' لهيلين شوفان من فرنسا، 'محمود
درويش'
لسيمون بيتون والياس، 'الرسالة الأخيرة' لمحمد بلحاج، وأخيرًا الشريط
الوثائقي 'السينغالي والسينغاليات'.
كما برمج المنظمون للتظاهرة ندوتين سينمائيتين الأولى
بعنوان 'وضعية السيناريو بالمغرب العربي' ينشطها الكاتب والمسرحي الجزائري
سليمان
بن عيسى وكذا الأستاذ الجامعي ومدير متحف السينما بوهران،
عاصمة الغرب الجزائري،
محمد بن صالح الى جانب كل من المخرج المصري احمد عاطف والمخرج المغربي محمد
نظيف.
والثانية موضوعها 'وضعية إنتاج الأفلام الوثائقية بالعالم العربي'مع
العديد من
الأسماء نذكر منهم: منتصر مرعي من الأردن، المخرجة أليان راهب من لبنان
والمنتج
الفلسطيني نزار حسن.
والى جانب الندوتين سينظم القائمون على الأيام السينمائية
أمسية ً لعرض فيلمين قصيرين 'سيمفونية الآلهة' لسعيداني زكريا و'الباب'
لياسمين
شويخ متبوعة ً بمناقشة موضوعها' أهمية الفيلم القصير لمستقبل
السينما الجزائرية'
يديرها السينمائي الجزائري المقيم باسبانيا عبد الحميد كيم رفقة المدير
الفني لأيام
السينما الجزائرية مهدي بن عيسى وكذا المخرجة والمديرة الفنية للتاغيت
الذهبي
للفيلم القصير ياسمين شويخ.
أما الورشة السينمائية التطبيقية فقد وقع اختيارها
على موضوع 'أهمية التركيب في السينما' مع رشيد علال.
يذكر أن التظاهرة قد أطلقت
قبل فترة طويلة مسابقة للسيناريو وسيتم خلال سهرة الاختتام
ليوم 7 تشرين الأول (أكتوبر)
تسليم الجوائز للفائزين في المسابقة المذكورة، إضافة إلى تسليم جوائز
للمشاركين بالأيام السينمائية بالعاصمة الجزائرية في دورتها الأولى.
وسيضاف هذا
الموعد السينمائي الجديد لأجندة المشهد للفن السابع بالجزائر والذي يشهد في
الفترة
الأخيرة انتعاشاً ملحوظاً من خلال تنظيم العديد من المهرجانات مثل مهرجان
السينما
الامازيغية، الأيام السينمائية ببجاية، المهرجان الدولي للفيلم العربي
بوهران،
التاغيت الذهبي للفيلم القصير ببشار، وفعاليات أخرى نظمت
بمناسبة الجزائر عاصمة
الثقافة العربية وكذا المهرجان الثقافي الإفريقي.
القدس العربي في
25/09/2009 |