يتنافس ما يزيد على عشرين فيلماً من 14 دولة عربية وأجنبية على جوائز
الدورة
الثالثة للمهرجان الدولي للفيلم في تونس تحت شعار «أحبكم يا نساء» الذي بدأ
عروضه
امس في العاصمة التونسية ويستمر حتى 27 الجاري. وقال مؤسس المهرجان الفرنسي
نيكولا
بروشي أن المهرجان يحتفي هذا العام بالمرأة المبدعة، وأضاف أن
المهرجان يشكل مناسبة
لتبادل التجارب بين سينمائيين تونسيين وأجانب من شأنه تدعيم «حوار الحضارات
والتسامح والتنوع الثقافي». ويلتئم المهرجان بمشاركة أكثر من 25 فيلماً،
حيث افتتحت
التظاهرة السينمائية بفيلم كوري من إخراج كيم سو يونغ وهي مخرجة من أصل
كوري إلا
أنها نشأت بالولايات المتحدة، ويحمل الفيلم عنوان «تريلاس
مونتاين» وهو من إنتاج
سنة 2008. وسبق للمخرجة أن قدمت فيلمها الأول سنة 2006، وتدور أحداث الفيلم
في
كوريا وليروي قصة شقيقتين (6 و8 سنوات) تعيشان مع والدتهما منذ أن غادر
الوالد
البيت ولم يترك عنواناً يدل عليه، فتقرر الوالدة في يوم من
الأيام أن تبحث عن زوجها
وتعهد بالبنتين إلى قريبتها متعهدة للبنتين أنها ستعود عندما تمتلئ
حصالتهما بقطع
النقود، وهو أمل كان أفضل سند للبنتين الصغيرتين لتحمل مشقة انتظار الأم
الغائبة.
ويشارك عشرون من مجموع الأفلام في المسابقة الرسمية للمهرجان للحصول
على جائزة «عليسة»
وهو اسم الأميرة الفينيقية التي أسست قرطاج سنة 814 قبل الميلاد، فيما تبلغ
قيمة الجائزة خمسة آلاف يورو. وتضم لجنة تحكيم المسابقة
الدولية المخرجة التونسية
مفيدة التلاتلي والممثلة التونسية منى نور الدين مديرة فرقة مدينة تونس
للمسرح
والممثلة التونسية المقيمة في القاهرة درة زروق والسينمائية الفرنسية ميراي
دارك.
وتشارك تونس ولبنان ومصر والكويت إلى جانب
فرنسا وكوريا وإيران وهولندا وألمانيا
والبوسنة والولايات المتحدة وتشيلي وكندا والصين وانكلترا.
ويختتم المهرجان بفيلم
«الدواحة»
للتونسية رجاء عماري الذي
عرض ضمن تظاهرة «آفاق» في مهرجان البندقية. ومن
بين الأفلام المشاركة في التظاهرة فيلم «أميركا» للفلسطينية
شيرين دعيبيس وهو إنتاج
مشترك كويتي - كندي - أميركي حول امرأة فلسطينية تبحث لها عن مكان في
الولايات
المتحدة في زمن الحرب على العراق. وفيلم «هيران» للإيرانية شليزاه اريفبور
حول
علاقة حب مستحيلة بين فتاة إيرانية وشاب مهاجر أفغاني.
وإلى جانب العروض السينمائية تتضمن الدورة لقاءات فكرية مع ممثلات
ومخرجات
ومنتجات لهن بصمات في المشهد الثقافي العربي والأجنبي من بينهنّ الممثلة
الإيطالية
ذات الأصول التونسية كلوديا كاردينالي. وجاء في الورقة الإعلامية للمهرجان
أنّ
الدورة الثالثة للمهرجان العالمي للفيلم بتونس «تعتبر ثمرة عمل
متواصل وجادّ حيث أن
المرأة والسينما إضافة إلى المخرجين الشبان الذين سيكونون محور هذا الحدث
سيتاح لهم
فرصة التعارف والتبادل بين السينمائيين التونسيين ونظرائهم القادمين من
العالم
أجمع... وسعياً منه إلى توفير أفضل الظروف لتحقيق هذا الهدف،
اختار نيكولا بروشي
مجموعة من الخبراء لديهم تجربة في الميدان السينمائي. كما اختار منتج
المهرجان علاء
الدين نفطي بدوره ثلة من الخبراء في الميدان على غرار رجاء فرحات ورؤوف بن
عمر
كمستشارين ومراقبين للمهرجان. وجدير بالذكر أن المصور العالمي
جون دانيال لوريو
يشارك في تنظيم المهرجان وذلك من خلال إنجازه للمعلقة الخاصة بالمهرجان
والمستوحاة
من المحور الرئيسي لهذه الدورة وهو بذلك يكرم النساء الناشطات والمبدعات
اللاتي
تساهمن في تطوير وازدهار الفن السابع...» ويؤكد مدير المهرجان
أنّ «الوقت حان ليحتل
المهرجان العالمي للفيلم بتونس مكانة مهمة على مستوى الساحة الفنية
والثقافية
بالمتوسط. فهو حدث يعتبر فيه الفيلم وسيلة مهمة للاكتشاف، للتربية والتبادل
الثقافي. فتونس هي منبع الثراء الفكري والثقافي والمهرجان ليس
إلا دليل واضح على
مدى اهتمامها بالسينما وبالمرأة...» وتعرض في اليوم الختامي للمهرجان أربعة
أفلام
من بينها «الدواحة» لرجاء العماري أما الأفلام الأخرى فهي «شيري بلوسومس»
من
ألمانيا و «دير لامومن ليما» من الولايات المتحدة و «الزمن
الباقي» للفلسطيني إيليا
سليمان.
الحياة اللندنية في
25/09/2009
عصير الميلودراما الفجة
بندر عبد الحميد
في الـسـينما التركية تتعايش الـمـيــلــودرامـا الفـجة مـع الأفـلام
الطليعية،
لكن هذه الحالة مختلفة تماماً عن حالة المسلسلات التركية الطويلة جداً.
وإذا رغبت
في معرفة كل التفاصيل في كل المسلسلات التركية المدبلجة التي تتواصل،
وتعاد، عروضها
في بعض القنوات العربية، فما عليك إلا أن تشاهد الحلقتين
الأولى والأخيرة من كل
مسلسل، ثم تحشو ما بينهما بمشاهد مكررة من البكاء والعنف والتعذيب
والمطاردات
والاغتصاب والخطف واستخدام المسدسات والخناجر بكثافة تنجم عنها كثافة في
زيارة
المشافي والسجون، مع أحداث مكررة من الطلاق والزواج والصراع
على رعاية الأطفال.
بين هذا وذاك مشاهد سياحية مقحمة على شواطئ البوسفور وجسر اسطنبول
المعلق،
والآثار التاريخية، والقلاع والمساجد العملاقة والزوارق السياحية، إضافة
الى
المطاعم والفنادق والسيارات الفخمة، والاستخدام المفرط لمكالمات الخليوي،
وهي وجبة
دسمة، تنحشر فيها عشرات من أنواع التوابل الهندية الحارقة، إلى جانب خليط
من عصائر
الثمار الفجة. إنها الميلودراما التي تسوقها المصادفات الحلوة
والمرة معاً، ويتعايش
فيها الجمال الطبيعي مع البشاعة، والترف في المظاهر، مع الفقر في الإبداع.
وللحب الساذج نصيبه الوافر من الدموع والغيرة والشك والخيانة والفراق
والألم، ثم
التوبة أحياناً.
ومن عصابة إلى عصابة مضادة، ينتصر البطل الفرد في صراعات مجانية، لا
تجد مبرراً
لها إلا في تمجيد البطولات الخارقة، في غياب القانون الذي لا يتدخل إلا
نادراً،
وبعد حسم الصراع بالقتل والقتل المضاد، في مشاهد دموية بشعة ومؤذية، ولا
وظيفة لها
سوى بث الرعب في قلوب المشاهدين وعيونهم، قبل محاولة إنعاشهم
بمشاهد رومانسية
مفتعلة.
وإذا كانت الأفلام والمسلسلات الجيدة تعتمد على النصوص الجيدة فإن في
تركيا
كتاباً على مستوى عالمي، مثل يشار كمال وعزيز نيسين وأورهان كمال وأورهان
باموق (حامل جائزة نوبل)، كما أن لها رصيداً جيداً
من المخرجين البارزين مثل الراحل يلماز
غوني ونوري جيلان، حاملي السعفة الذهبية في مهرجان كان، لكن
منتجي ومخرجي المسلسلات
الميلودرامية الفجة لا يعرفون، أو لا يريدون أن يتعلموا، كيف يصنعون فـناً
يحـمل
المتــعة والجـمـال مـعـاً.
الحياة اللندنية في
25/09/2009 |