فى عام 2009 انتشر فى العالم فيروس مميت أوصل البشرية إلى حافة
الانقراض وكرس الدكتور روبرت نيفيل حياته لإيجاد علاج وإنقاذ البشرية، وفى
الساعة 8 و45 دقيقه فى يوم 9 سبتمبر عام 2012 اكتشف العلاج وفى الساعة 8
و52 دقيقه ضحى بحياته كى يدافع عنه، نحن ميراثه، وهذه أسطورته ضياء
الظلام". الاعتماد على التكرار لتأكيد فكرة ما أسلوب قديم وراسخ من أساليب
التعليم ولكنه يوجه فى الغالب الى محدودى الذكاء ونظرا لان هوليود ترى
العالم من خلال منظار السلطة الأمريكية فأنها توجه رسائل مكرره إلى سكان
العالم تحاول فيها تأكيد السيادة والهيمنة الأمريكية على العالم سواء كان
فى الحاضر أو فى المستقبل وأخر تلك الرسائل صرخة مصوره تحمل عنوانا مباشرا
"أنا اسطورة" وعدم التعريف أو التحديد فى الاسم يضعنا من البداية أمام عده
تساؤلات لا يجاب عنها إلا بمشاهده الفيلم. تدور أحداث الفيلم عبر "100"
دقيقه من خلال فرضيه مستقبليه فى المستقبل القريب ولنكون أكثر تحديدا فى
عام 2009 حيث سيهاجم العالم فيرس غريب يؤدى إلى تحول البشر إلى مسوخ ولا
ينجو منه سوى "1% " من سكان الكرة الأرضية ويتم عزلهم فى مكان خاص لا نراه
سوى فى مشهد النهاية ولكننا نقضى الفيلم بأكمله داخل مدينه نيويورك التى
تحولت بعد انهيار البشرية إلى غابة مدنيه أو مدينه الغاب فانتشرت داخل
شوارعها الأحراش والنباتات الشيطانية والحيوانات المفترسة وتلك حال النهار
وفى الليل يحكمها المسوخ من البشر المصاب بالفيرس وهم ليسوا بأفضل من
حيوانات النهار ويعيش وسط كل هذا طبيب عالم مفكر باحث عسكرى يدعى "روبرت
نيفيل" "ويل سميث" وحيدا مع كلبته "سام" وقد تم تركه فيما سمى "بأرض الصفر"
ليكمل بحوثه على أمل الحصول على علاج ينقذ البشرية وبالطبع ينجح فى ذلك
مضحيا فى سبيله بكل شى حتى حياته. من الواضح فى البداية أننا أمام قصه
مكرره حول البطولة الامريكيه فى إنقاذ العالم والتى تختلف فى مكان الحدوث
وشكل العدو فبدلا من مخبول يحطم العالم او كائنات فضائية تريد احتلاله أو
حتى كارثة طبيعية تدمر الكوكب نجدنا هذه المرة أمام فيرس يسير فى الدم
ويحكم العالم ويسيطر عليه من خلال التحكم فى الإنسان نفسه وبساطه الفكرة
هنا وارتباطها بتحليل علمى وتحديدها لموعد زمنى فى المستقبل القريب يجعلها
اكثر قابليه للتصديق ويخرجها من اطار افلام الخيال العلمى الى اطار افلام
التنبؤ المستقبلى كما ان وجود المسوخ البشريه كاد ان يكون مبررا قويا لدفع
العمل للسقوط فى بئر الرعب الرخيص وهو ما لم يحدث فالصراع اعتمد على
المشاعر والأحاسيس بعيدا عن الاندفاع للإثارة والفزع دون مبرر. تمت كتابه
فيلم "أنا اسطوره" على ثلاث مراحل فالسيناريو النهائى للكاتبين مارك
بروتوسيفيتش واكيفاجولدسمان مأخوذ عن سيناريو للكاتبين جون ويليام وجويسى
كورنجتون وهما بدورهما أعداه عن رواية للكاتب الأمريكى ريتشارد ماسيسون
وبمرور النص بمراحل متعددة فى الكتابة نكون أمام شيء من اثنين إما نصا
عبقريا يخلو من الثغرات وإما نصا تضاربت فيه وجهات النظر فأفشلته وهذا ما
حدث هنا فى الغالب ولا يعنى هذا اننا امام سيناريو ضعيف ولكن يعنى أننا
أمام سيناريو غير متناسب مع حجم صناعه وحجم إنتاجه فهناك عمليه تشتيت
مستمرة بينهما وواضحة وشد وجذب بين كل من المستوى التجارى للفيلم والذى
يسعى إلى مخاطبه جماهير الاثاره والرعب وبين المستوى الفكرى للفيلم والذى
يروج من خلال التركيز على الرموز وكلا المستويان يلتقيان فى مفردات الوباء
والفيرس والمسوخ وسيطرة الظلام وقوة النور وصراع العقل والهمجيه. المخرج
فرانسيس لورنس يلجأ هنا الى الاسلوب الامثل والنموذجى للتعامل مع موضوعه
فنحن أمام عالم موحش فارغ يكشفه فرانسيس بلقطاته المتسعه التى تقدم لنا
مدينه نيويورك فارغه تماما الا من الحيوانات والطيور ونتحرك عبرها بسرعه من
خلال حركات انقضاضيه للكاميرا ونحن نغوص فى اعماق الشخص الوحيد "نيفيل" من
خلال لقطات قريبه تلتقط انفاسه وهناك مسوخ تطارده عبر لقطات سريعه وغير
موضحه لكيان المسوخ او تفاصيلها إنها الدقه فى التعامل الدرامى بالكاميرا
وليس مجرد تصوير للحدث لكن يعيب الصوره البصريه الكليه ضعف مشاهد الجرافيك
ووضوح الحركه الميكانيكيه للحيوانات . بينما برع مصمموا المناظر فى الاقناع
بخلو المدينه تماما من البشر وربط مشاهدها العامه بالقريبه والتركيز على
المناطق الرئيسيه فى منهاتن لتاكيد الواقع الجغرافى. الممثل النجم " ويل
سميث " يصول ويجول منطلقا فى انحاء العمل ليمثل وحده دون مشاركة أكثر من
ثلاثة ارباع العمل وهو يتعامل مع تضارب المشاعر واختلاطها حتى يمكننا ان
نحصى جميع الاحاسيس والمشاعر الانسانية مؤداه داخل العمل فنجد الحب
والكراهيه العنف واللين الرحمه والقسوه الكفر والايمان.....الخ وكل هذا
باقتدار وكفاءه حتى يكاد يكون شرح كامل لمنهج متكامل فى التمثيل السينمائى.
العربي المصرية في 19
فبراير 2008
|