هذا الكتاب دراسة جادة ومتعمقة وواعية ، حيث يربط الباحث
والكاتب محمود علي تاريخ الرقابة علي السينما مع قانون المطبوعات الصادر في
6 نوفمبر 1881 ، والذي تم تعديله عام 1904 .الرقابة علي السينما ، لم يكن
لها علاقة بأي من التاريخين ، ولكن الكتاب يرصد لائحة الرقابة المستقلة
للتياترات الصادر في يوليو 1911 ، بقرار من الداخلية ينص علي ضرورة الترخيص
السابق لفتح التياترات وتشغيلها واجراءات أخري لحفظ النظام ، وعرفت مصر
الرقابة علي المحلات المضرة بالصحة، وصدرت لوائح تياترات الاسكندرية في
يوليو 1904 فيها أحكام عامة لحفظ النظام والأرواح وأمن المشاهدين ، وهي
خطوات لإنشاء المسارح واعدادها للتمثيل ومواصفات الأسلاك الكهربائية
المستخدمة ، ووضع الأبواب ومساحتها وقواعد خاصة بالمسارح المبنية بالخرسانة
والأخري المصنوعة من الخشب وذلك حفاظا علي الأرواح ، وهذه اللائحة تتكون من
37 مادة غالبيتها تتعلق بالمسارح من حيث توافر الأمان من أخطار الحريق.يضم
الكتاب الذي يرصد نشأة الرقابة في مصر ، ثم علاقتها بالسينما عام 1896 :195
، خمسة أبواب ، يناقش الباب الأول : مصادر تشريعات الرقابة والثاني يرصد
الهيكل التنظيمي للرقابة والثالث يناقش الرقابة علي الأفلام من خلال ملفات
الصحافة ، والباب الرابع يناقش الأفلام التي تعرضت لحذف بعض المشاهد وذلك
من خلال ملفات الرقابة.في عام 1909 تم انشاء قلم الرخص واللوائح بوزارة
الداخلية للرقابة علي الصحافة والمسرح والسينما ، تحت إشراف إدارة الأمن
العام ،وتعددت المسميات والتقسيمات الادارية بعد ذلك ، أثناء الحرب
العالمية الأولي ، أنشئ لأول مرة قسم فني خاص بالمباني والمحافظة علي
العمال في دور السينما ، بعد عدة حرائق التهمت دور العرض السينمائي.في عام
198 ، تم توحيد الرقابة علي الروايات التمثيلية وأسطوانات الفوتوغراف
والأشرطة السينمائية في إدارة واحدة ، وحين أنشئت وزارة الشئون الاجتماعية
أخذت بعض المهام إلا أن وزارة الداخيلة أخذت ملف الرقابة مرة أخري ، خلال
استجواب وزير الداخلية في عام 198 صدتر أول لائحة مكتوبة حيث تألفت لجنة
بوزارة الداخلية لوضع نظام يكفل منع ارتكاب الجرائم أو مس الأخلاق والآداب
العامة وضمت اللائحة قواعد عامة لمراقبة أشرطة الصور المتحركة ، دخلت
مراقبة علي الأمور الدينية والسياسية والاجتماعية.يغوص محمود علي في دهاليز
الرقابة في الباب الرابع : ملفات الرقابة حيث فتحت له ملفات الرقابة بعد
اسدال ستار الصمت منذ نشأت الرقابة خاصة أن غالبية ملفات الرقابة اتلفت أو
اختفت أو ألقي بها في سلة الأهمال ، تبقي من ملفات الأفلام الغربية ، تبدأ
من سنة 1933 ، بفلمين ثم أختفت ملفات سنوات 1934،35،37، 194 .في عام 191
عرفت السينما المصرية أنواعاً من الأفلام ، اعلن عنها إنها أفلام ليست
للفتيان والفتيات ، لأن بها صوراً وضروباً من الخلاعة ، وبدأت نداءات
الصحافة تتحدث عن هذه السينما ، منها صحف كصحيفة البشير التي شنت حملة علي
هذا النوع من التمثيل ، من ثم أنشئت لجنة لمقاومة التمثيل الخليع، ودعت
رئيسة جمعية نهضة السيدات لتأليف لجنة لمنع السيدات من دخول هذه الأماكن،
ثم تكررت دعوات شيخ الأزهر ، ومفتي الديار المصرية وصاحب القداسة بطريرك
الأقباط.ورصدت الصحافة المصرية اتجاهات حول الرقابة علي الأفلام الأجنبية
التي صورت في مصر والتي تسيء إلي سمعه مصر ، في تلك الفترة تكونت جماعات
الضغط أي أن هناك رقابة غير رسمية علي هذه الأفلام هناك بعض الأفلام التي
منع تصديرها لأن هناك رقابة علي الأفلام المصرية عند تصديرها ، بعد أن
تعددت الشكاوي من السفارات والمفوضيات المصرية في الخارج.في الفصل العاشر
وهو ملفات الرقابة يرصد الأفلام التي تعرضت للرفض أو المنع الجزئي ، منها
فيلم الكنز المفقود عام 1938 ، من إخراج إبراهيم لاما وتأليف بديع خيري حيث
تعرض الفيلم للحذف ثم تقدم المخرج بعد أيام بمذكرة للرقابة التي أاعترضت
علي بعض المشاهد ، ولم يسلم فيلم أولاد الفقراء عام 194 تأليف وإخراج يوسف
وهبي من حذف عدد من المشاهد ، في عام 1946 وحدها تعرضت ثلاثة أفلام بحذف
مشاهد منها هي فيلم أرض النيل إخراج عبد الفتاح حسن وفيلم النائب العام
وفيلم اكسبريس الحب وفي عام 1948 تعرضت الرقابة لفيلمين هما اليتيمتان من
إخراج حسن الإمام وتأليف أبو السعود الأبياري وفيلم الريف الحزين تأليف
وإخراج حسن رمزي، في العام التالي تعرض فيلم أمينة انتاج وإخراج جوفريدو
السندريني ، في عام 1951 ، أعترضت الرقابة علي خمسة أفلام هي المعلم بلبل
إخراج حسن رمزي ، فيلم الخارج علي القانون سيناريو وإخراج محمد عبد الجواد
، فيلم أسرار الناس تأليف وإخراج : حسن الامام ، وفيلم الشيخ حسن إخراج
حسين صدقي ، فيلم ابن النيل من اخراج يوسف شاهين.كتاب الرقابة والسينما في
مصر من الكتب الرصينة والجادة التي تغوص في دهاليز الرقابة المصرية
وتاريخها وأزماتها مع المبدعين من السينمائيين.
جريدة القاهرة في 12
فبراير 2008
|