من المفارقات أن تشارك السعودية، ممثلة بوزارة الثقافة
والإعلام، في دعم إنتاج أفلام سينمائية، والمشاركة في مهرجانات اقليمية
ودولية، في حين لا توجد أصلاً دور لعرض الأفلام في المملكة، وهي الشرط
الأساسي لترسيخ الثقافة السينمائية في وجدان عشاق هذا الفن. غير أن الوزارة
جاهزة لتحطيم ذلك المأخذ بعبارة موجزة قالها لـ «الحياة» وكيلها للعلاقات
الثقافية الدولية الدكتور أبوبكر أحمد باقادر: عدم وجود دور للعرض
السينمائي لم يعد مشكلة، لأن الأفلام لم تعد على مقاس 16 ملم، بل على أقراص
«دي في دي».
مفارقة أخرى يصعب التصالح معها، ذلك ما يعكسه حال السينما في
السعودية، ففي الوقت الذي يتنافس فيه السينمائيون السعوديون مع نظرائهم من
عدد من الدول في مهرجانات عربية ودولية، لا توجد رعاية رسمية واضحة
للسينمائيين. كل ذلك يمثل علامة استفهام كبيرة لدى المهتمين والمتابعين
للجهود التي يقوم بها عدد من الشباب: كيف يمكن أن يشارك السعودي في محافل
عالمية ويحوز جوائز في حين لا يجد في السعودية دور سينما ليعرض فيها
إبداعاته؟ وكيف ينطلق من دون رعاية رسمية؟
عكست الأفلام السينمائية السعودية، بعيداً عن مستوياتها
الفنية، حراكاً ثقافياً في مجال «صناعة» السينما. ويظهر هذا الحراك استماتة
الشباب، مخرجين وكتاب سيناريو وممثلين، في تحقيق ذواتهم عبر «الكادر
السينمائي»، وتقديم رؤية سينمائية لعدد من القضايا المهمة، التي يعانيها
المجتمع السعودي، وفي مقدمها الإرهاب والتطرف.
وقال وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الدولية الدكتور
أبوبكر باقادر لـ «الحياة» إن عدم وجود دور سينما في المملكة لم يعد مشكلة،
«لأن الأفلام لم تعد على مقاس 16 ملم، إنما على أقراص (دي في دي)، وأضحت
هنالك سهولة في إمكان المشاهدة الخاصة للأفلام، خصوصاً ان المشاهد السعودي
يحصل على الفيلم بعد بدء عرضه بفترة وجيزة».
وأضاف: «في اعتقادي أن السينمائيين السعوديين عبّروا عن
مشكلتهم في انعدام وجود دور للعرض بفيلم سينمائي تطرق لشغف السعوديين
وتعلقهم بهذا الفن، ورغبتهم في الاستمتاع بمشاهدة الأفلام في دور عرض، من
خلال تحملهم مشقة السفر إلى دول الجوار».
وأكد المخرج السينمائي منظم «مهرجان العروض المرئية» الذي أقيم
في جدة ممدوح سالم أن موضوع دور السينما في السعودية «من الأمور الشائكة،
خصوصاً مع تعدد آراء المعارضين لها والمؤيدين».
وعزا السبب الرئيسي لانعدام دور العرض إلى تجربة «العروبة»
السينمائية «التي بدأت في الستينات وانتهت في الثمانينات، التي اتسمت بوجود
أفلام هابطة وتجارية، ما أعطى انطباعاً سلبياً عن السينما، باعتبارها باباً
للفساد». لكنه استدرك: «ان هذا الانطباع السلبي في طريقه إلى الاندثار، بعد
إنتاج أفلام جيدة وممتازة نافست عالمياً». ولفت سالم إلى الإقبال الذي شهده
«مهرجان العروض المرئية»، إذ كان الحضور كبيراً جداً على دار العرض».
وحول تفوق السعوديين في هذه الصناعة، أشار إلى أن السعوديين
«لديهم اهتمام قديم بفن السينما، وهم متابعون جيدون للأفلام العربية
والعالمية، ومع تقدم التكنولوجيا وصناعة الكاميرات العالية الجودة في
التصوير، وذات الحجم الصغير، أصبحوا ينتجون أفلاماً قصيرة ووثائقية ممتازة،
وأصبح لديهم وجود في المهرجانات العالمية».
يذكر أن مجلس الشورى السعودي ناقش قضية السينما في السعودية،
ولا يزال الأمر قيد الدرس.
الحياة اللندنية في 30
يناير 2008
|