شهدت
الساحة الفنية في السنوات الأخيرة اقتحام أبناء الفنانين ميدانها، والسيطرة
على الأعمال الفنية سواء في السينما أو التلفزيون، بحيث خاضوا مع آبائهم
سباق التتابع، كما لو أن الفن إرث من الآباء إلى الأبناء يستلمونه منهم وهم
على قيد الحياة!
هذا لا
يعني أن الساحة الفنية لم تكن تعرف هذه الظاهرة إلاّ مؤخراً، لكنها كانت
أقرب إلى كونها حالات معدودة تندرج تحت مسمى العائلات الفنية من ضمنها في
مصر عائلات: ذو الفقار، سرحان، راضي، زايد، وفي لبنان عائلة الرحباني، وفي
سورية عائلات: سكر، واصف، جبر.
في مطلع
الثمانينات سجلت ساحة الدراما في مصر دخول أبناء الفنانين مجال الفن أسوة
بآبائهم، من ضمنهم: أحمد عبدالوارث، مصطفى نور الدمرداش، محمد حسن رمزي،
ياسين إسماعيل ياسين، عمرو حسن الصيفي، منال أحمد السبعاوي، جالا أشرف
فهمي، عبير جلال الشرقاوي، عاطف محمد عوض، وفاء عادل صادق، نهلة فاروق
سلامة، رانيا فريد شوقي، أشرف وحيد سيف، رانيا محمود ياسين، أحمد صلاح
السقا، محمد الشقنقيري، وآخرون. قدمت هذه الأسماء أعمالاً تلفزيونية
وسينمائية ومسرحية تفاوتت في جودتها، اتضحت الموهبة لدى البعض، بينما فشل
البعض الآخر، واعتزل من اعتزل وتزوج من تزوج واستمر من استمر.
وفي سورية
ولج أبناء الفنانين الساحة، ومنهم: بسام أدهم الملا، الليث عمر حجو، يارا
صبري ابنة الممثلة ثراء دبسي، ليلى وشقيقتها مرح ابنتا محمود جبر، علاء
الدين كوكش، أماني مظهر الحكيم، سيف رفيق سبيعي، محمد عبدالرحمن آل رشي،
وآخرون.
أيضاً في
لبنان دخلت المجال السينمائي والتلفزيوني الفنانة جمانة فؤاد شرف الدين،
وكذلك يورغو جورج شلهوب، وليليان نمري ابنة الفنانة علياء نمري، وقبلهم
هويدا ابنة صباح.
هجوم معلن
في
الألفية الجديدة تسارعت قوافل أبناء الفنانين باتجاه الأستوديوهات، ونالوا
فرص الظهور في معظم المسلسلات الرمضانية خلال السنوات السبع الأخيرة،
وزحفوا باتجاه السينما وقاموا ببطولات مطلقة أو جماعية في الأفلام الجديدة،
من ضمنهم: أحمد فاروق الفيشاوي، دينا سمير غانم، حنان كرم مطاوع، أحمد صلاح
السعدني، كريم محمود عبدالعزيز، أحمد سعيد عبدالغني، ريهام أشرف عبدالغفور،
محمد أمين الهنيدي.
وفي ذات
الآونة شهد التلفزيون السوري دخول أبناء الفنانين لاستديوهاته، من بينهم:
قيس محمد شيخ نجيب، روعة هاني السعدي، ديمة بياعة ابنة الممثلة مها المصري،
منال محمد صالحية، علي هاني الروماني.
وجاءت
انطلاقة الفضائيات في تلك الفترة الزمنية التي صاحبتها طفرة في الدراما
العربية، وإشهار شركات إنتاج فني، لتساهم في شيوع هذه الظاهرة وأتاحت ظهور
أبناء وبنات جدد، بعضهم لايحمل مؤهلات علمية ولا ثقافية، بل شهادة قيد تفيد
أنه ابن فلان أو فلانة من الفنانين! وسبّب شيوعها إرباكاً في معاهد الفنون
المسرحية في مصر وسورية، كما أشار إلى خطرها أساتذة في تلك المعاهد
كالمخرجة السورية د. نائلة الأطرش ود.بسام العالي، وأطلق أحمد بهجت عبر
الأهرام صرخته الشهيرة كفاية ارحمونا بقى فالفن صار مهنة من لامهنة لهم،
وأعداد الخريجين لا تجد فرصة للعمل إلاّ في الدبلجة والإعلانات ومسارح
الأطفال، بسبب فئة غير موهوبة ولا أكاديمية ولامدربة، دخيلة على الفن تحمل
لقب ابن فنان وتسرق فرص هؤلاء، ملتهمة الكعكة وحدها.
يا ليل يا
عين
في مجال
الغناء الأمر مختلف، لأن الموهبة هي المعيار الحقيقي، لكن الظاهرة بدأت
بمصر عبر أنغام محمد سليمان، ثم غادة رضا رجب، وآدم محمد الحلو، ومحمد أحمد
عدوية، وأبناء شعبان عبدالرحيم، وغيرهم.
وفي سورية
قد ظهرت قبل نحو عشرين عاماً طفلة ترافق والدها الفنان مصطفى نصري، تشاركه
غناء الكلثوميات والأسمهانيات، هي المطربة أصالة، أما المراهقة التي غنت
للوطن صباح الخير قبل خمسة عشر عاماً، فكانت أمل ابنة الفنان سهيل عرفة،
وكذلك باسيل سليم سروة، وأنس ابن المطرب صباح فخري الذي لم تشفع له مكانة
والده في تحقيق أي نجاح يذكر.
ومؤخراً،
شهد لبنان رواج هذه الظاهرة من خلال بريجيت عبده ياغي، رنين عبدالكريم
الشعار، كريستال نور الملاح. وكان قد سبقهم إلى هذا الإرث أبناء الرحابنة.
من المحيط
إلى الخليج
ساحة الفن
في الخليج العربي لم تكن في منأى كلي عن ظاهرة التوريث، ففي الدراما
السعودية ظهر الفنان عبد الإله العلي ابن الممثل محمد العلي، وكذلك لؤي
حمزة ابن الممثل محمد حمزة، ومروان الصالح ابن الممثل المسرحي عبدالله
الصالح.
وفي مجال
الغناء، فتح أصيل أبو بكر سالم، الباب للراغبين من أبناء الفنانين، فعجّل
عادل إدريس ابن الموسيقار عبدالرب ادريس بدخول الفن وإطلاق ألبوم غنائي،
وكذلك عوض السناني ابن المطرب حمد السناني، وأحمد حسين ابن المطرب حسين
جاسم. ولا زلنا نذكر النجمة أحلام حين طرحت أغنية بصوت والدها هزيم الشامسي
الذي تفخر بأنها ورثت عنه الصوت والفن الجميل.
وبالتوجه
إلى العراق نجد بعض الأسماء ممن تنطبق عليها ظاهرة التوريث، فالفنان فنار
ابن الفنان طالب غالي يخوض مسيرة الغناء، وكذا يشاع عن عمر ابن الفنان كاظم
الساهر الذي يخضع لتدريبات صوتية بغية وراثة والده.
ومن اليمن
تطالعنا أسماء كثيرة لفنانين شباب ولجوا عالم الأغنية أسوة بالوالد الفنان،
منهم: علوي فيصل علوي، أسامة الآنسي، أبوبكر عوض أحمد، عبدالباسط الحارثي،
أسامة العزاني. ومع أن الظاهرة لم تنتشر في دول المغرب العربي، إلا أنها
وصلت إليها، فهناك سعد المجرد ابن الفنانين البشير ونزهة الركراكي. وفي
الجزائر ظهر مصطفى ابن المطرب الهاشمي قروابي، وفلة ابنة المطرب الشعبي
نجيب عبابسة، ومصطفى ابن الممثل رويشد عياد، وسليم الطاهر الفرقاني.
وعلى
الرغم من لجوء الفنانين إلى ما يسمى بـ وريث الفن لأبنائهم ومحاولة احتكار
شاشات العرض السينمائي والتلفزيوني، إلا أن ذائقة الجمهور اللي مش عاوز كده
وحدها تقرر صعود أو هبوط أي فنان، من خلال شهادتها في موهبته وقدراته
الفنية، فإما ينطبق عليه المثل ابن الوز عوام أو أنه يغرق في شبر ميّه .
الأتحاد الإماراتية في 13
يناير 2008
|