بعد سنوات من الركود، حلّت الدورة الـ65 من «مهرجان كان السينمائي»
بكل زخمها. الأسماء المكرّسة تشارك في المسابقة الرسمية، والسينما
الأميركية تنافس بقوة، والفرنسيون يحضرون مع عميدهم ألان رينيه. لكنّ
الكبار الذين أعادوا الوهج إلى الكروازيت، أفرغوها أيضاً من الاكتشافات
الجميلة
من 16 حتى 27 أيار (مايو)، ستكون الكروازيت على موعد مع واحدة من أخصب
دورات «مهرجان كان السينمائي» الذي يُفتتح أميركياً مع ويس أندرسون (مملكة
طلوع القمر) ويوجه تحية إلى مارلين مونر في ذكرى رحيلها الخمسين. برنامج
الدورة الـ 65 الذي كشف عنه أخيراً يتضمن في تشكيلته الرسمية ٥٤ فيلماً
آتياً من ٢٦ دولة. أشاد المدير الفني للمهرجان تييري فيرمو بهذا التنوع
الكبير، مطمئناً «محبّي الفن السابع بأنّ ماكينة الإنتاج السينمائي العالمي
استعادت عافيتها بعد الهزة التي سبّبتها الأزمة المالية العالمية خلال
المواسم الثلاثة الماضية».
لكنّ الخيارات المتعددة التي أتيحت للجان الفرز بحكم تنوّع الإنتاج
وغزارة الترشيحات التي تلقاها المهرجان أثناء الإعداد لبرنامج هذه الدورة،
كانت سلاحاً ذا حدين. التشكيلة الرسمية هذه السنة يهيمن عليها كبار صنّاع
الفن السابع، وتكاد تخلو من المفاجآت. لا أعمال أولى في المسابقة الرسمية،
خلافاً لما هو معتاد. ومن بين ٢٢ سينمائياً سينافسون على السعفة الذهبية،
لا نجد سوى ثلاثة لم يقدّموا سابقاً أعمالاً في التشكيلة الرسمية، هم: جون
هيلكوت، وأندرو دومينيك، وويس أندرسون. ومن نافل القول إنّ هؤلاء بدورهم من
الأسماء المكرسة والمعروفة لجمهور الفن السابع. بالتالي، ستتجه الأنظار إلى
التظاهرات الموازية، مثل «أسبوع النقاد» (سيكشف عن برنامجه الرسمي اليوم)،
و«أسبوعي المخرجين» (ستعلن تشكيلته الأربعاء)، لمحاولة التكهن بالأعمال
التي ستستقطب الأضواء ضمن خانة اكتشافات الكروازيت التي تُعَدّ ملح
المهرجان. السباق إلى السعفة الذهبية هذه السنة سيتخذ إذاً شكل «صراع
جبابرة» بين كوكبة من كبار السينمائيين. ويمكن التمييز بين فئتين منهم:
«أصحاب السعف» الذين سبق أن نالوا الجائزة الأشهر ويتطلعون إلى تكرار هذا
الإنجاز مرة ثانية. وهناك فئة أخرى من «الكبار» الذين يُعَدّون من «روّاد»
المهرجان، وسبق أن كوفئوا بجوائز، لكنهم لم ينالوا السعفة. بالتالي يدخلون
المسابقة هذا العام على أمل أن يبتسم لهم الحظ، فيما يأمل النقّاد أن تكون
هذه الدورة مناسبة يتدارك فيها المهرجان الإجحاف الذي لحق ببعض هؤلاء
الكبار، ممن لم تمنح لهم السعفة سابقاً، رغم أنّهم يستحقونها بالتأكيد،
كالفرنسي المخضرم ألان رينيه (٩٠ سنة) أو الكندي ديفيد كروننبرغ أو
البرازيلي والتر ساليس الذي كان إفلات السعفة الذهبية من رائعته «يوميات
سائق دراجة» (عن سيرة تشي غيفارا في شبابه) عام ٢٠٠٤، واحدة من أشهر خيبات
جمهور الكروازيت. في نادي أصحاب السعف، نجد خمسة أفلام تخوض السابق الرسمي،
إلى جانب فيلمين آخرين سيقدمان في فقرة «العروض الخاصة» (خارج المسابقة).
سينافس عباس كياروستامي على سعفة ثانية بجديده «مثل عاشق»، وهو ثاني عمل
يصوّره خارج بلاده بعد «نسخة طبق الأصل». كذلك، ينافس الفرنسي جاك أوديار
بجديده «عن الصدأ والعظام»، ويعود النمساوي المثير للجدل مايكل هانيكي
بـ«حبّ»، والروماني كريستيان مونجيو بـ«خلف التلال»، والبريطاني كين لوتش
بـ«حصة الملائكة» (راجع المقال أدناه). أما خارج المسابقة، فيعود الإيطالي
الكبير برناردو بيرتولوتشي بجديده «أنا وأنت» بعد أعوام من الانقطاع. ويبدو
أنّ السعفة الفخرية التي نالها العام الماضي أسهمت في فتح شهيته للعمل
السينمائي، بعدما أعلن اعتزاله منذ آخر فيلم قدمه عام ٢٠٠٣ (الحالمون). من
جهته، يعود التايلندي أبيشاتبونغ ويراسيتاكول ليصنع الحدث على الكروازيت
بجديده «ميكونغ هوتل»، بعدما كان قد منحه السعفة الذهبية عن فيلمه «العم
بونمي يتذكر حيواته السابقة» مفاجأة من العيار الثقيل ستبقى في ذاكرة
مرتادي الكروازيت لأعوام طويلة.
في نادي كبار الطامحين إلى سعفة أولى، هناك ديفيد كروننبرغ الذي سيدخل
السباق بـ«كوسموبوليس»، فيما يشارك ابنه براندون في تظاهرة «نظرة ما»
بباكورته «مضاد للفيروسات». الإيطالي ماتيو غاروني الذي أحرز الجائزة
الكبرى في «كان ٢٠٠٨» بفيلمه الشهير «غومورا» الذي سبب إهدار دمه من قبل
المافيا النابوليتانية، يعود بشريط جديد يحمل عنوان «واقع» تدور أحداثه هو
الآخر في نابولي. ويرتقب أن يكون والتر ساليس الأكثر استقطاباً للأضواء في
هذه الدورة، ليس لكونه يعود إلى الكروازيت للمرة الأولى منذ خيبة «يوميات
سائق دراجة» فحسب، بل يترقب النقاد بشغف جديده «على الطريق». العمل مقتبس
من رائعة جاك كيرواك الروائية التي تحمل العنوان ذاته. وكان سينمائيون عدة
قد حاولوا بلا جدوى اقتباس هذا العمل، مثل كوبولا الذي سيشترك هنا في
الإنتاج. أما الفرنسي ألان رينيه، فقد أصر القائمون على المهرجان على إدراج
جديده «لم تروا شيئاً بعد» داخل المسابقة، على أمل أن يكون تقارب عوالمه
ورؤاه مع رئيس لجنة التحكيم هذه السنة السينمائي الإيطالي ناني موريتي،
مناسبةً لتدارك الإجحاف الذي لحق بهذا المخرج الكبير منذ عقود. هو كان
يستحق السعفة منذ مشاركته الأولى برائعته «هيروشيما يا حبي» (١٩٥9) ثم قاطع
المهرجان طويلاً منذ الاستقبال لفيلمه «عمي الأميركي» (١٩80). ولم يعد إلى
«كان» إلا بعد ثلاثين سنة، حين كان جمهور الكروازيت يأمل أن تمنح له السعفة
سنة ٢٠٠٩، عن فيلمه المدهش «الأعشاب المجنونة»، لكنه لم ينل سوى جائزة لجنة
التحكيم.
باقي أعمال المسابقة تتوزع بين سينمائيين أقل شهرة، لكن جمهور
الكروازيت اعتاد حضورهم منذ سنين من يسري نصر الله العربي الوحيد هذه السنة
في المسابقة (بعد الموقعة) إلى المكسيكي كارلوس ريغاداس الذي سيقدم فيلماً
تجريبياً بعنوان
Post Tenebras Lux،
مروراً بالأميركي جيف نيكولز (طين) والشقيقين الكوريين هونغ وإيم سانغ سو
اللذين سيكونان أول أخوين يدخلان المسابقة الرسمية بفيلمين منفصلين. سيقدم
هونغ «في بلد آخر» (بطولة إيزابيل أوبير)، بينما سينافس شقيقه إيم على
السعفة بفيلمه «مذاق الفلوس».
«مهرجان كان السينمائي»: من 16 حتى 27 أيار (مايو)
ــ
www.festival-cannes.fr
الأخبار اللبنانية في
23/04/2012
وريث يوسف شاهين في (ميدان) «كان»
محمد خير / القاهرة
ينفرد يسري نصر الله بحمل إرث أستاذه. على خطاه، يشارك في المسابقة
الرسمية من المهرجان العريق خلال فيلمه الذي يتناول المواجهة الشهيرة التي
حسمت رحيل حسني مبارك
على طريقة الشعراء، يستلهم يسري نصر الله أعماله الكبرى من تفصيلات
شديدة البساطة: استلهم فيلمه «جنينة الأسماك» ( 2008) من معلومة عابرة حول
ذاكرة السمك قرأها في مجلة أطفال. أما فيلمه الجديد «بعد الموقعة» الذي
يشارك في مسابقة «كان» الرسمية، فيتأسس على تفصيلة صغيرة في مشهد كبير:
وجوه راكبي الجمال في المواجهة الشهيرة باسم «موقعة الجمل» التي حسمت رحيل
مبارك. سيتذكر السينمائي المصري ذلك، وهو يخطو خطوته الأولى على البساط
(الرسمي) لمهرجان «كان» بعد خطوتين فقط ليوسف شاهين في «وداعاً بونابرت»
(1987)، و«المصير» (1997). اليوم ينفرد يسري بحمل إرث أستاذه، وينفصل عنه
في اللحظة ذاتها. لم يعد التلميذ تلميذاً بل صار أحد مشاركين محدودين
للسينما المصرية في المسابقات الرسمية الكبرى، ولم يبق له إلا الخطوة
الأخيرة: الفوز بجائزة.
هي المصادفة التي جمعت بين منطقة نزلة السمان، موطن راكبي الجمال،
وبين باسم السمرة، الممثل المفضّل ليسري نصر الله والأكثر مشاركةً في
أفلامه. نشأ باسم في المنطقة الشهيرة الملاصقة لأهرامات الجيزة التي تعيش
على تأجير الخيول والجمال للسياح، ومنها جاءت مجموعة الخيالة التي منحت
للمواجهة مع الثوار اسمها وشكلها العجيب. قوم فقراء يعيشون يوماً بيوم،
انقطع رزقهم مع توقف السياحة أثناء الثورة، فكان سهلاً حشدهم ضد «أعداء
الاستقرار». كان صاحب «مرسيدس» (1993) يجري عملية المونتاج لفيلمه القصير
«داخلي/ خارجي» الذي ضمه الشريط الطويل «18 يوماً» مع 9 أفلام أخرى. دار
فيلم يسري حول زوجة شابة، منى زكي، تشاهد موقعة الجمل عبر التلفزيون، فتقهر
خوفها وتقرر النزول إلى الميدان. أثناء المونتاج، لاحظ يسري أنّ راكبي
الجمال دخلوا الميدان بحيواناتهم ـ أدوات رزقهم ـ وبلا سلاح سوى أدوات
عملهم من عصي وأسواط. لقد جرى استخدامهم ــ كما يحكي أثناء محاضرة في معهد
السينما ــ للتغطية على المجرمين الحقيقيين من القناصة. هنا قرر أن يكون
أولئك أساس فيلمه الجديد.
في «بعد الموقعة» نتعرف إلى أحدهم محمود (باسم السمرة) وزوجته فاطمة
(ناهد السباعي) وهما أبوان لطفلين. نرى كيف يصنع الفقر والجهل والحاجة من
عمال يوميين وحوشاً ظنت أنها تدافع عن الوطن. في نزلة السمان، يكتسب الفيلم
السمة التسجيلية أيضاً. يصوّر يسري أهل المنطقة ويستمع إليهم كمخدوعين
أفزعهم ما تحولوا إليه. كعادته في التجريب، لم يكتب يسري من الفيلم إلا أقل
من نصفه (بالمشاركة مع عمر شامة)، تاركاً نصف مساحة السيناريو خالية لما
يفاجئه به التسجيل والتوثيق. مزج الدراما بالتوثيق كان الوسيلة التي ارتآها
لتناول ثورة لم تنته بعد، وحدث لن يكتمل قريباً.
لكن الجمّال محمود وزوجته فاطمة هما اثنان من ثلاث شخصيات رئيسية يفصح
عنها الاسم السابق للفيلم «ريم، محمود وفاطمة». أما الثالثة ريم (منة شلبي)
فلا تنتمي إلى الثورة ولا إلى الثورة المضادة. جاءت من أرضية برجوازية،
تعمل في شركة دعاية وإعلان. يقف الكومبارس يلقنون أنفسهم الجمل التي
سيرددونها أمام الكاميرا، بدلاً من الاستعانة بمواطنين طبيعيين. والأسوأ
أنّ الدعاية تصوّر لصالح حملة توعية. في لحظة تنوير، تدرك ريم زيف المشهد،
فتقرّر «النزول إلى الشارع» الذي لم يكن إلا الميدان. هناك تكتشف أن عليها
أن تتعرف إلى وطنها من جديد.
تتقاطع الشخصيات ويجمعها الميدان من زوايا مختلفة، ويجمع آخرين منهم
ناشطة سياسية (سلوى محمد علي) وناشطة أخرى لكن في مجال الرفق بالحيوان
(فيدرا). تقاطعات تبررها «الموقعة» التي جمعت البشر بالخيول والجمال،
الفقراء بالأغنياء، المتعلمين بالأميين وشباب الثورة بشيوخها.
إذًا، ها هي السيرة اللافتة لصاحب «باب الشمس» تتوج اليوم بالتنافس
ضمن 20 فيلماً فقط في المسابقة الرسمية للمهرجان السينمائي الأشهر، بعد
أكثر من ربع قرن على مشاركته في «أسبوعي المخرجين» بفيلمه «سرقات صيفية».
لذا لم يكن غريباً فور إعلان قائمة أفلام المسابقة الرسمية، أن يوجّه يسري
التحية عبر تويتر إلى شركائه في الإنجاز وهم: عمر شامة شريكاً في
السيناريو، تامر كروان (موسيقى)، منى ربيع وزياد حواس (مونتاج)، سمير بهزان
وضياء جاويش (تصوير)، محمد عطية (ديكور)، ناهد نصر الله (ملابس)، إبراهيم
دسوقي (صوت)، وائل مندور، دينا حمزة، عمر الزهيري ومنى أسعد (مساعدو
إخراج)، أمل الحامولي (المشرفة على الإنتاج)، أحمد البدوي (المنتج الفني)،
والشركة المنتجة «نيوسنتشري».
الأخبار اللبنانية في
23/04/2012
عرب المهرجان: حضور لافت
عثمان تزغارت
الحضور العربي في «كان» سيوزع بين خمسة أفلام تعرض في التشكيلة
الأساسية بشقيها، أي المسابقة الرسمية وتظاهرتها التوأم «نظرة ما» في
انتظار الكشف عن برامج التظاهرات الموازية (أسبوع النقاد/ أسبوعي المخرجين)
التي يرتقب أن تحتضن بعض الأعمال العربية الأخرى التي سقطت في التشكيلة
الرسمية. في السباق نحو السعفة الذهبية ثلاثة أعمال عربية. المصري يسري نصر
الله سيدخل المسابقة بجديده «بعد الموقعة». أما السوري بسام شخص والفرنسي
من أصل مغربي محمد بوركبة، فينافسان على سعفة الأفلام القصيرة. سيقدم
المخرج السوري فيلم «فلسطين: صندوق الانتظار للبرتقال» الذي يسجل به أول
مشاركة سورية في تاريخ المهرجان. بينما سيقدم بوركبة الذي اشتهر كمغني راب
بلقب «ماحي» فيلماً بعنوان «هذا الطريق الذي أمامك».
علماً أنّ ماحي اشتهر بالمعركة التي خاضها ضد نيكولا ساركوزي أيام كان
وزيراً للداخلية على خلفية محاولة حظر إحدى أغنياته التي تنتقد ظلم الشرطة
لأبناء المهاجرين سنة ٢٠٠٦. في تظاهرة «نظرة ما»، سيشارك الفلسطيني إيليا
سليمان (الصورة) الى جانب سينمائيين بارزين (بينيثيو ديل تورو، بابلو
ترابيرو...) بالفيلم الجماعي «٧ أيام في هافانا». بينما يسجل المغربي
المثير للجدل نبيل عيوش أول حضور له في مصاف الكبار على الكروازيت عبر
«خيول الجنة» الذي يتناول موضوعاً إشكالياً يتعلق باستقطاب حركة جهادية
أطفال الشوارع من أجل تحويلهم الى منفذي هجمات انتحارية. وهي تيمة نمطية
تسعى إلى دغدغة المخيلة الاستشراقية الغربية، لكنّها لن تمر على الكروازيت
من دون إثارة الجدل. وفي مسابقة
Cinéfondation
للسينمائيين الناشئين، ستشارك اللبنانية باسكال أبو جمرة بفيلمها
«ورائي أشجار الزيتون». أما تظاهرة «الورشة السينمائية» التي يسعى «كان» من
خلالها إلى توفير ممولين يتولون انتاج مشاريع سينمائية لمخرجين واعدين،
فتحتضن ثلاثة مشاريع عربية لمحمد بن اسماعيل (الجزائر) ومي المصري (فلسطين)
ومحمود المسعد (الأردن). كما أعلن «أسبوع النقاد» عن اختيار المنتجة
المصرية ماريان خوري لعضوية لجنة تحكيمه لهذه السنة. وفي لقاء مع
«الأخبار»، قال رئيس المهرجان جيل جاكوب: «أنا سعيد بهذا الحضور العربي.
سوريا والأردن تشاركان للمرة الأولى وإيليا سليمان صار واحداً من العائلة
السينمائية الكبيرة. أما يسري نصر الله، فإنني سعيد لدخوله المسابقة ليس
فقط بحكم محبتي الشخصية له بوصفه أحد تلامذة يوسف شاهين، بل أيضاً لأنه
برهن في هذا العمل عن قدر مبهر من النضج، وعلى رؤية إخراجية محكمة ستفاجئ
كثيرين».
الأخبار اللبنانية في
23/04/2012
نادي السعفة الذهبية... هل يجلب الحظّ لأعضائه؟
سناء الخوري
من النادر أن يحصل سينمائي على سعفتين ذهبيتين خلال دورات «كان»
الـ65. تكررت هذه الواقعة خمس مرّات مع ست مخرجين، هم: فرانسيس فورد
كوبولا، وبيل أوغوست، وإمير كوستوريكا، وشوهي إيمامورا، والأخوان داردين.
لكنّ عام 2012 قد يشهد أمراً مماثلاً، وخصوصاً أنّ خمسة من الأفلام
المشاركة في المسابقة الرسميّة، تحمل توقيعاً سينمائياً من نادي حملة سعفة
«كان».
في مقدّمة هؤلاء المعلّم النمساوي مايكل هانيكي الذي أرخى ظلاله
الكئيبة على الكروازيت قبل عامين برائعته «الشريط الأبيض». حاز العمل
السعفة الذهبيّة، وفيه عاد إلى قرية ألمانية قبل الحرب العالمية الأولى،
باحثاً في بيوتها المحافظة، عن جذور القمع الديني والجنسي والسياسي.
هذه المرة، يعود مع ممثلته الأثيرة إيزابيل أوبير، وبجانبها الممثلان
المخضرمان إيمانويل ريفا وجان لوي ترنتينيان. «حبّ» هو عنوان الشريط الذي
يرشّح النقّاد أن ينافس بقوّة على الجائزة، مع حبكة تحكي تحديات الحبّ في
حياة زوجين عجوزين بعد تعرّض الزوجة لجلطة، وسط انشغال ابنتهما المقيمة
بعيداً عنهما.
عباس كياروستامي قد يفعلها هذا العام أيضاً، ويلتحق بشريكه شوهي
إيمامورا، السينمائي الياباني الراحل الذي تقاسم معه السعفة الذهبيّة
مناصفةً عام 1997. يومها أذهل المعلّم الإيراني العالم ببطله الباحث عمّن
يساعده في حفر قبره في «طعم الكرز». عمله تحوّل إلى مرجع في الواقعيّة
الإيرانيّة، وفتح عيون الأوروبيين على مدرسة جديدة في السينما خرّجت لاحقاً
جعفر بناهي، وبهمن غوبادي، وأصغر فرهادي. سيحكي كياروستامي في فيلمه
الياباني «مثل عاشق» المنافس على سعفة 2012 قصة شابة جامعية في طوكيو، تلجأ
إلى الدعارة لدفع نفقات دراستها.
كين لوتش، لن يتكلّم اليابانيّة، بل سيلجأ إلى لغة الملائكة في شريطه
«حصّة الملائكة». عام 2006، حصد لوتش سعفته الذهبية عن «الريح التي تهزّ
الشعير» الذي استرجع حرب الاستقلال الإيرلندية. وهذه المرّة، يحكي قصة رجل
يهرب من السجن، ويورّط معه كلّ العائلة.
بين العمالقة الثلاثة الموعودين بحمل سعفة ذهبية ثانية إلى صالون
منزلهم، إضافة إلى مخرج روماني شاب، نتذكّره من خلال فيلمه السجالي الجارح
«4 أشهر، 3 أسابيع، ويومان». إنّه الروماني كريستيان مونجيو الذي خطف
السعفة عام 2007 عن شريطه الذي روى حكاية طالبة تحاول إجهاض نفسها بمساعدة
زميلتها في السكن. وفي عمله الجديد «خلف التلال» سيأخذ الكروازيت إلى ميتم
روماني، حيث تقيم صديقتان تفرقهما الدروب لاحقاً، تختار إحداهما اللجوء إلى
ألمانيا، مع ما تستبطن هذه الحبكة الأولية من إحالات سياسية وإنسانية.
الأخبار اللبنانية في
23/04/2012
اختيار بطلة فيلم «الفنان» لتكون عريفة حفلي الافتتاح
والختام
هل تكون الأرجنتينية بيرينيس بيجو دخيلة على مهرجان «كان»؟
باريس: «الشرق الأوسط»
جاء اختيار بيرينيس بيجو لتكون عريفة لحفل انطلاق مهرجان «كان»
السينمائي الدولي ليثير تساؤلات حول «ثقل» هذه الممثلة الأرجنتينية الأصل
في الميزان التاريخي للسينما الفرنسية. فهل يصح أن توضع بيجو، التي لم تكن
غالبية الفرنسيين قد سمعت باسمها قبل أدائها دورا في فيلم «الفنان»، في
مكان شغلته من قبل أسماء لامعة مثل النجمة الكبيرة جان مورو وكريستين سكوت
توماس ومونيكا بيلوتشي وشارلوت رامبلينغ؟
هناك من هو ما زال ينظر إلى بيجو باعتبارها الممثلة التي كادت، لولا
ترضيتها بجائزة «سيزار» الفرنسية، أن تخرج من مولد فيلم «الفنان» بلا حمص،
بينما نال كل من شريكها في البطولة الممثل جان دوجاردان عدة جوائز مهمة
وعالمية بينها الأوسكار، كما حصل مخرج الفيلم ميشال هزانوفيسيوس، الذي هو
زوجها، على أوسكار ثانٍ. والسؤال الذي ظل يراود المشاهدين دون أن يجرؤ أحد
على التصريح به هو: هل كانت بيرينيس تنال الدور لولا كونها زوجة المخرج؟
بعيدا عن تقولات الوسط السينمائي والتحاسد بين المشتغلين بمهنة الفن
السابع، فإن بيرينيس بيجو هي ممثلة مجتهدة. وقد منحها دور بيبي ميللر في
«الفنان» سمعة طيبة، حاول القائمون على «كان» استغلالها من خلال إسناد مهمة
عريفة حفل الدورة الخامسة والستين إليها. ففي هذا المهرجان الذي يقام على
الشاطئ الجنوبي لفرنسا ويعتبر الأشهر في العالم، لا بد من الكثير من البريق
للحفاظ على التألق واستقطاب آلاف الصحافيين والتصدي لمنافسة مهرجانات أخرى
مثل البندقية في إيطاليا وبرلين في ألمانيا وشيكاغو في الولايات المتحدة.
لذلك ظل جيل جاكوب، رئيس المهرجان، يسعى بدأب كبير لاستقدام نجوم أميركيين
وأفلام أميركية باعتبار ذلك من أقوى أسباب الجذب للمهرجان الفرنسي.
تبلغ بيرينيس من العمر 35 سنة، وهي من مواليد العاصمة الأرجنتينية
بيونس آيرس وتحمل الجنسية الفرنسية أيضا بعد فرار والدها المخرج ميغيل بيجو
من بلاده إلى باريس، وهي طفلة، هربا من ديكتاتورية العسكر. وبحكم مهنة
والدها نشأت في مناخ فني وتعرفت إلى المخرجين والممثلين منذ نعومة أظفارها.
كما أنها تلقت دروسا في المسرح وأدت أدوارا بسيطة قبل أن تتاح لها فرصة
المشاركة والانتقال إلى الشاشة، حيث كان أول ظهور لها في أفلام قصيرة مثل
«خبز ضائع»، عام 1993، و«حب يعاد اختراعه». وبعد 5 سنوات أدت دور كارين في
الفيلم الروائي «أخوات هاملت». وواصلت الممثلة الظهور في أدوار ثانوية لحين
مشاركتها في فيلم «أفضل ممثلة واعدة» للمخرج جيرار جونو، حيث أدت دور ممثلة
مبتدئة تعشق السينما وتكرس لها كل جهودها. وبالفعل نالت بيرينيس عن ذلك
الدور جائزة «سيزار» الفرنسية المقابلة للأوسكار، كأفضل ممثلة واعدة.
خطوتها التالية كانت كبيرة حيث قفزت بها من باريس إلى هوليوود. لقد
حصلت على دور معقول في فيلم «فارس» للمخرج بريان هيلغلاند، وبعد مغامرة
عاطفية طويلة هناك مع ممثل نيوزيلندي عادت إلى باريس وظهرت في فيلم «مثل
طائرة»، قبل أن تلتقي بالمخرج هازانوفيسيوس وتتزوجه وتنجب منه طفلين. أما
فيلمها الأهم «الفنان» فقد كان بمثابة هدية ثمينة تلقتها من زوجها، وهي قد
حاولت أن تكون على مستوى التحدي وقدمت في الدور أقصى ما يمكنها من أداء
ورقص، واعتبرت نفسها شريكة للمخرج في النجاح المدوي للفيلم، لكنه ليس أول
تجربة لها مع الممثل جان دوجاردان الذي ناضل كثيرا، مثلها، في الأدوار
الثانوية قبل أن يقذف به دوره في «الفنان» إلى الآفاق العالمية ويضعه على
مسافة متساوية مع نجوم من وزن جورج كلوني وبراد بت اللذين نافساه على
الأوسكار. لقد تقاسمت بيرينيس مع دوجاردان دور البطولة في «القاهرة عش
الجواسيس»، عام 2006، وكان من إخراج زوجها أيضا. عادت بيرينيس بيجو، في
العام التالي، إلى الأفلام القصيرة والأدوار الصغيرة. وظهرت في فيلمين من
النوع العاطفي الخفيف، وتوقفت لتنجب طفلها الأول وتضع مهنتها بين قوسين
لفترة من الزمن. وفي عام 2009 أدت دورا في فيلم وثائقي عن المخرج هنري جورج
كلوزو.
وماذا بعد «الفنان» وتقديم حفلي الافتتاح والختام في مهرجان «كان»
الذي يبدأ الشهر المقبل؟ لقد باشرت بيرينيس بيجو العمل في الفيلم الجديد
للمخرج أمير كوستاريسا والمأخوذ عن رواية دانييل بيناك «لسعادة الغيلان».
وبما أن كوستاريسا من المخرجين المعتادين في مسابقات المهرجان الفرنسي وسبق
له أن نال السعفة الذهبية مرتين، فإن من المتوقع أن تعود الممثلة
الأرجنتينية الأصل لتمشي على السجادة الحمراء في دورة العام المقبل.
الشرق الأوسط في
24/04/2012 |