* 3 سينمائيين عرب، هم محمد خان (مصر)، وفريد
رمضان (البحرين) وميشيل كمون (لبنان) اشتركوا في هذه الدورة بإعداد أصحاب
المشاريع السينمائية الخليجية لخطواتهم في عالم السيناريو.
إنها ورشة عمل دعا إليها المهرجان وخصص لها جانبا من مهامه تحت عنوان
«سوق سيناريو الفيلم القصير»، تنص على أن يتقدم أصحاب المشاريع والأفكار
بصياغاتهم إلى هذه اللجنة الثلاثية فتستمع اللجنة لهم وتنصحهم بالتعديلات
أو التغييرات المطلوبة تمهيدا لإعادة صياغة السيناريوهات قبيل البحث عن
التمويل وتسويق الفيلم.
وقبل يومين تم عقد لقاء مفتوح ضم أعضاء اللجنة وبعض المسؤولين عن
المهرجان لجانب معظم الكتاب الذين تقدموا بمشاريعهم بالإضافة إلى الجمهور.
وقام كل صاحب مشروع بسرد تلخيص لمشروعه مشفوعا بكلمة عن الهدف أو الغاية من
وراء هذا السيناريو أو ذاك.
وإذ توالى الكتاب الطامحون من السعودية وعُمان والبحرين وقطر
والإمارات والعراق، بدا واضحا أن نقطة القوة تكمن في أكثر من ناحية، هناك
الفرصة التي يوفرها هذا المهرجان لهؤلاء المبتدئين، ثم هناك المبتدئون
أنفسهم وهم في غاية الجد والسعي.
إلى ذلك، هناك ملاحظتان مهمتان تم لهذا الناقد تسجيلهما؛ الأولى أن
الكاتبات النساء كن أفضل في تقديم أفكارهن أمام الجمهور من الرجال. في
الحقيقة الأكثر رتابة وإثارة للملل توزع على عدد من الكتاب الذكور الذي كان
بعضهم يسرد قصته كما لو أنه مل التفكير فيها أو كما لو كان يتحدث عن موضوع
بعيد عنه لا يشعر صوبه بأي تقارب.
الملاحظة الثانية هي أن معظم هذه السيناريوهات المقدمة تدور حول أولاد
ما بين العاشرة والثالثة عشرة من العمر. قليل منها عن أشخاص راشدين. وهذه
الملاحظة تقود إلى أسئلة: هل السبب يكمن في الرغبة في التعبير عن الطفولة
والمستقبل الطري والبراءة المناطة؟ أم أن هناك سببا آخر أهم؟
الحقيقة أنه لا يمكن اعتبار أن الرغبة في التعبير عن عالم الطفولة
ومستقبله هي الأساس لأن الكثير من هذه القصص (وهذه تصلح لتكون ملاحظة
ثالثة) تدور في منتصف القرن الماضي (الخمسينات والستينات) بحيث مستقبل ذلك
الحين بات ماضي هذه الأيام والرسالة بالتالي لن تصيب غايتها المنشودة.
السبب الحقيقي، مقصودا أو نصف مقصود، هو أن التعامل مع الشخصية -
الطفل هو أسهل للكاتب، خصوصا إذا ما كان جديدا، ذلك لأن الشخصية بين يديه
منصاعة لقراره، ليس فيها عقد الراشدين النفسية والاجتماعية والعاطفية.
خالية من الشوائب وأسهل في نسيجها الدرامي.
إنه خلاص صوب البساطة إلى أن نضيف أن هذه الكتابات ستؤول إلى التنفيذ
وأن منفذيها هم كاتبوها. بالتالي، هو خلاص مؤقت فحتى معالجة شخصيات لأطفال
تتطلب أكثر بكثير من لقطات هائمة وموسيقى حالمة (هناك علاقة غريبة هذه
الأيام بين نقرات البيانو والأفلام) وطفل تبدو عليه معالم البراءة.
الإماراتية نجوم الغانم التي سبق لها وأن قدمت عددا من الأفلام
التسجيلية الأخرى التي نالت جوائز في مناسبات ومهرجانات عدة. هذا الفيلم
بدوره كان نال جائزة الفيلم التسجيلي الأولى في مهرجان دبي الأخير، ومشترك
في مسابقة الفيلم الطويل في هذه الدورة ولو فاز بها فإنه يستحقها عن جدارة.
إنه عن الفنانة السورية أمل حويجة التي كانت تركت دمشق قبل عدة سنوات
ولجأت إلى مدينة أبوظبي على أساس أنه اغتراب مؤقت لن يزيد على عام أو عام
ونصف في أفضل الأحوال. هكذا قالت لزميلاتها الفنانات المسرحيات حين غادرت
وطنها لتعمل «بشكل مؤقت» في الإمارات. لكن العام تحول إلى عامين ثم إلى
ثلاثة وتجاوز الخمسة.
على الشاشة نتابع مناجاة الفنانة لنفسها ولغيرها ولنا في كل الأحوال.
تتحدث عن مشاعرها. عن حبها لوطنها وحبها الموازي لمكان إقامتها. هنا عرفت
حرية من نوع غير معهود (بالنسبة لها على الأقل) لكنها تدرك أنها تركت هناك
ما لا تستطيع تحقيقه هنا: هويتها الخاصة وذاتها الفنية ضمن معايشة ثقافية
جامعة تواجهها حياة ثقافية شاملة لكنها تبدو عابرة. أمل حويجة تذكر، عن
صواب، أن ما تشتاق إليه هو «البروفة»، تلك المرحلة من العمل الفني حيث
يلتقي الممثل وشخصيته التي سيقوم بأدائها لأول مرة. يتعرفان ويبدآن مشوار
التحول إلى ذات واحدة.
وتلاحظ كذلك أن النقد يتبع «المجاملة الثقافية» حيث للجميع رأي مؤيد
للمشروع أو للعمل المقدم. لكنها هي لا تنتقد أو تلاحظ إلا من حيث علمها
وتجربتها. ليس هناك أي لوم أو نقد للتجربة الإماراتية، فقط تلك الملاحظات
النابعة عن وضعين ثقافيين مختلفين بعض الشيء.
لكن ما يكشف عنه الفيلم ليس وجهات نظر الممثلة المسرحية بتلك الفوارق،
بل بعالم من الغربة تعيشه الفنانة بين ماض دفعها للهجرة وحاضر تخشى معه أن
ينجلي عن مستقبل باهت، فتقرر العودة.
إلى هنا كان يمكن للفيلم أن ينتهي. وهو لو فعل لبرز السؤال عن مصيرها
اليوم، وسوريا في هذه الولادة المتعسرة للحرية التي يخوضها الشعب في محاولة
جسورة وبطولية لتحقيق الذات. لكان السؤال المطروح هو: ماذا حدث لها؟ ألم
تختر أسوأ الأوقات للعودة إلى سوريا وهو القرار الذي هدفت منه إعادة اللحمة
مع طموحاتها السابقة؟
لكن الفيلم لا ينتهي هنا بل يُضيف خمس دقائق مهمة أخرى: ها هي أمل
تعود من سوريا لاجئة من جديد. هذه المرة برسالة أخرى مفادها تحقيق ما لا
يمكن تحقيقه تحت جور النظام القائم هناك: تأييد تلك الثورة المطالبة
بالتغيير.
عند هذا الحد ينفصل الفيلم عن الشخصية. الفيلم هو الوعاء الذي عبرت
فيه الفنانة عن نفسها وعالمها وتطلعاتها وأحزانها لكنه ليس وعاء مناسبا
يترك القيادة للمضمون ويتخلى عن وظيفته الفنية. في نحو 90 دقيقة، تقدم
المخرجة على تحويل رصدها من علامات وحسابات تقنية ورقمية وعلمية إلى فن
نابض. الشغل على الفيلم التسجيلي، الآيل يوما لأن يكون وثيقة، لا يعتمد على
الحدة ولا يحاول أن يبرهن عن شيء، بل يستغل الوقت في توفير سلاسة مطلقة
للموضوع مع خبرة في التوقيت واقتصاد في التعامل مع الكاميرا فهي حاضرة
ومعايشة ولقطاتها مختارة بعناية. كل ما عند المخرجة من إلمام في الصياغة
السلسة تستخدمه هنا، علما بأن بطلتها هي في 99 في المائة من المشاهد.
طبعا في البداية من حق المرء أن يتساءل عما إذا كان موضوع امرأة تتحدث
عن غربتها وتطرح تساؤلات لا تعرف الإجابات الوافية لها جميعا سيستطيع شغر
الوقت الذي يعد به الفيلم. يُضاف إلى هذا أن أمل حويجة من الفنانات غير
النجمات على نحو ساطع. هي معروفة بالتأكيد في شؤون ومجهولة في شؤون رغم
ظهورها في التلفزيون وبعض الأفلام القليلة في سوريا (يستعين الفيلم بمشهد
لها من فيلم ريمون بطرس «الطحالب») والبديل في هذه الحالة هو التركيز على
ما تعايشه من أفكار وأحاسيس فهي التي ستشغل البال وتسيطر على الاهتمام أو
تسقط تماما.
الفيلم لا يحولنا إلى مجرد متابعين: هؤلاء الذين يعيشون غربة مماثلة
سيشعرون أن الفيلم إنما يتحدث عنهم، والذين لم يحيوا هذه الغربة (من أهل
البلاد مثلا) فإن نقطة الاهتمام تنطلق وتكبر على الدوام: كيف يرى الغريب،
إذا ما كان مثقفا وفنانا، البلد الذي حل فيه ضيفا.. وبكل صراحة.
بعض المشاهدين لن يتحمل ملاحظاتها، لكن لا أمل ولا الفيلم يقصدان
القول إن بطلته جاحدة. ما يقصدانه هو البحث في وضع إنسانة بين المطرقة
والسندان. بلدها لم يوفر كل طموحاتها، والبلد الذي حطت به ليس قادرا،
ببنيته الخاصة، على تحقيق تلك الطموحات. وبذلك هو حديث قلب لفنان ينظر إلى
ماضيه بنوستالجيا حانية وإلى مستقبله ببعض ما بقي لديه من أمل وإلى حاضره
المتشرذم بين الاثنين. تعمل المخرجة على التفاصيل من دون أن تغدق فيها.
لديها شخصية نشطة وحيوية من ناحية وحزينة ومنطوية من ناحية أخرى. تحت
الحياة وتنظر إليها بعتاب أيضا وعلى إيقاع ذلك تختار المخرجة أسلوبا رشيقا
مصاغا بمقدرة فنية مثيرة بسبب غناها البصري بحد ذاته. «أمل» ليس فقط أفضل
أعمالها إلى اليوم، بل هو واحد من أفضل الأفلام التسجيلية العربية في
السنوات العشر الأخيرة.
تم تصوير الفيلم في أبوظبي كما في دبي والشارقة، لكن أبوظبي هي
المدينة النجمة والصرح الكبير لما كان يوما «المجمع الثقافي» (الذي تم
إخلاؤه ثم تقويضه فيما بعد) هو جوهرتها. حين تتحدث أمل عنه، تتحدث عنه بحب
كبير وبإعجاب شديد. فهو كان عالما من الثقافة والتراث فريدا من نوعه وفي
نشاطاته في كل أنحاء العالم العربي.
الشرق الأوسط في
16/04/2012
"تورا
بورا": رحلة روحية إلى مجاهل العنف والجريمة
صحوة العقل، ووخزة الضمير الإنساني في اللحظة المناسبة
دبي: عدنان حسين أحمد
أفتتح مهرجان الخليجي السينمائي دورته الخامسة بفلم "تورا بورا"
للمخرج الكويتي وليد العوضي. وقد اشترك في تمثيله نخبة من نجوم السينما
الكويتية خاصة والعربية بشكل عام مثل سعد الفرج، أسمهان توفيق، خالد أمين،
عبدالله الطراروة، العربي الساسي، قيس ناشف وآخرين لا يسع المجال لذكرهم
جميعاً. لا شك في أن ثيمة الفلم الأساسية حسّاسة ومثيرة للجدل في واقعنا
العربي. ففكرة التطوّع للجهاد ومقاتلة القوات الأميركية سواء في أفغانستان
أو في العراق أو في أي بلد إسلامي آخر هي فكرة رائجة وتشغل بال العديد من
العوائل في مجتمعاتنا الإسلامية.
غسل الأدمغة
يمكن اختصار القصة السينمائية لفلم "تورا بورا" ببضعة جمل مركزة
مفادها أن "أحمداً" شاب ينتمي إلى عائلة كويتية مثقفة، وميسورة الحال. وقد
بذل والداه جهداً كبيراً في تربيته وتعليمه، لكنه وجد نفسه فجأة في
أفغانستان مدفوعاً بفكرة الجهاد ضد القوات الأميركية. وفي غفلة من هذه
الأسرة المكونة من أبي طارق وأم طارق وشقيقه الدكتور طارق وصل أحمد إلى
مدينة تورا بورا التي تسيطر عليها بعض المجموعات الدينية المتطرفة التي لا
تتورع عن ممارسة الإرهاب ضد الناس الأبرياء، وتقتل من دون وازع أخلاقي
الشيوخ والعجائز والأطفال، ويتعرض هناك إلى غسيل للدماغ بحيث تتغير قناعاته
كلياً ولا يجد حرجاً في أن يقوم بأية عملية إرهابية تُسنَد إليه. وفي خضم
هذا الغياب تنشغل أسرة أبي طارق برمتها، وتقلق على مصير ابنها أحمد فيقرر
الأب أبو طارق "جسّد الدور بإتقانٍ عالٍ الفنان سعد الفرج"، وزوجته أم طارق
"مثّلت الدور بحرفية شديدة الفنانة أسمهان توفيق، يقرر الأبوان السفر إلى
أفغانستان، والقيام برحلة مليئة بالمخاطر إلى مدينة تورا بورا التي ينتقلان
إليها عبر الحدود الباكستانية الأفغانية ويتحملان مشاق السفر بسيارة كبيرة
تحمل البشر والحيوانات معاً.
وقبل الوصول إلى غايتهما يتعرضان إلى مخاطر جدية أوشكت أن تفضي بهما
إلى الموت غير مرة، فلقد قُتل الدليل الذي كان يقودهما إلى تورا بورا في
الطريق بحجة التجسس عليهم لمصلحة الأميركان والصهاينة، كما يتعرض للسجن
والتعذيب دليل آخر بالتهمة ذاتها. تمرضت أم طارق بعد أن فقدت أدويتها التي
وضعتها في حقيبتها اليدوية التي أخذها أحد أفراد طالبان، فيما سجن أبو طارق
وتعرض إلى تعذيب شديد. قبل أن يصل الأبوان إلى غايتهما يلتحق بهما ابنهما
الثاني الدكتور طارق ويصادف مشاكل جمة هو الآخر، بل ويصاب بطلق ناري في
أثناء الهجوم على المعسكر الذي يسيطر عليه طالبان بمساعدة شيخ من شيوخ
القبائل البشتونية التي تحمي الناس الذين يلوذون بها ويطلبون مساعدتها. وفي
خاتمة المطاف يتمكن الأخ طارق من انقاذ أخيه أحمد وتجرى له عملية بدائية
يخرجون فيها الرصاصة من ظهره، لكنه يظل بحاجة ماسة إلى عملية جراحية سريعة.
وفي نهاية المطاف تأتي طائرة سمتية لتنقل مجمل أفراد هذه العائلة من منطقة
الخطر إلى مكان آمن لكي يعودوا أدراجهم إلى الكويت بعدما لاقوه من المصائب
والأهوال في هذه الرحلة المضنية والمحفوفة بالمخاطر الجدية.
الرؤية الإخراجية
لا شك في أن ثيمة هذا الفلم واقعية، وأن هناك الكثير مما أُتفق على
تسميتهم بـ"العرب الأفغان" الذين "تأفغنوا" متأثرين بالفكر الجهادي ضد
تواجد القوات الأميركية في كل مكان من هذا العالم. وما أحمد إلا أنموذج
لهذا المثال، لكنه صحا في اللحظة المناسبة واكتشف أن "الأمير" "نفذّ الدور
الفنان العربي الساسي" قد اشتط بعيداً عن الخطوط الحمر التي يجب أن لا
يتجاوزها حينما كلفه بتفجير نفسه في مدرسة أطفال لا غير، وأن الهدف المخطط
لتفجيره ليس قاعدة عسكرية على الإطلاق. ما يريده المخرج في هذا الفلم أن
هناك شباباً قد يصحون في اللحظة المناسبة، ويرفضون تنفيذ الأوامر التي
يبلغون بها كما حصل لأحمد الذي رفض تنفيذ العملية الإرهابية. وعلى الرغم من
تعرضه للضرب، والتعنيف الشديد، والإهانة إلا أنه أصرّ على موفقه، كما
أفادته الظروف المحيطة به، وخصوصاً ما قام به الأبوان من رحلة شاقة في
محاولة أخيرة لانقاذ ابنهم مما هو فيه. كما أن وصول طارق في الوقت المناسب
هو الذي أنقذه من المأزق الحقيقي الذي يعاني منه، ولولا الهجوم الذي شنّه
الشيخ البشتوني وجماعته لكان أحمد في عداد الأموات خصوصاً وأن المهلة
الزمنية التي مُنحت له كانت قصيرة وغير محمودة العواقب. لقد حقق المخرج
وليد العوضي رؤيته الإخراجية التي تعالج ومضة الصحو التي تبرق في ذهن
الضحية المُغرر بها، كما أراد القول بأن الأُسر الحريصة على أبنائها لا
تترك فلذات أكبادها تتخبط تحت هذه التأثيرات الدينية المشوهة التي تفضي
حتماً إلى نتائج كارثية للضحايا وعوائلهم في آنٍ معاً.
لابد من الإشارة إلى الجهود الجهيدة التي بذلها الممثلون أنفسهم، تحت
إدارة المخرج طبعاً، في تأدية أدوارهم بحرفية عالية أقنعت غالبية المشاهدين
والنقاد. وتجدر الإشارة في هذا المضمار إلى أن المصور هو الشخص الوحيد الذي
كان في أدائه نوعاً من المبالغة التي لا تنسجم مع أجواء الحرب المليئة
بالصخب والعنف. وكان على المخرج أن تنبه إليه ويخفف من وطأة هذه المغالاة
غير الضرورية التي لا تنسجم مع أجواء الحروب المعروفة. لابد من الإشادة
بدور الفنان سعد الفرج الذي بدا مقنعاً جداً، وكذلك الفنانة أسمهان توفيق
التي وجدت نفسها في هذا المأزق الحرج، لكنها انسجمت معه وقدّمت شكلاً
مقبولاً للأم الكويتية التي تركت الغالي والنفيس بغية إنقاذ ولدها من موت
محقق دون مسوغات مقنعة. وعلى الرغم من أن مواقع التصوير لم تكن في
أفغانستان نفسها، إلا أن اختيار المخرج لهذه المواقع المناسبة في المغرب قد
منحت الفلم جماليات مضافة تشي بالأمكنة الأفغانية وتوحي بها في الأقل. وفي
الختام لابد من القول بأن هذا الفلم يعد إضافة حقيقية للسينما الكويتية،
والعربية بشكل عام لأن فيها نخبة من الممثلين العرب الذين تألقوا في
الأدوار المُسندة إليهم. كما يجب التذكير بأهمية التصوير وبراعة المصور
السينمائي راكيل فرنانديز الذي قدم لنا لقطات ومشاهد غاية في الحرفية
والروعة والإتقان، كما لعب المونتير أليخاندرو لازارو دوراً مهماً في تكثيف
لقطات الفلم ومشاهده بحيث لم نشعر بالحشو والترهل والإطالات غير المبررة.
أما الموسيقى التي نفذها رعد خلف فقد كانت متناغمة مع مناخات الفلم وأجوائه
الداخلية. بقي أن نشير إلى أن المخرج وليد العوضي قد أنجز عدداً من الأفلام
الوثائقية والقصيرة نذكر منها "لحظة من الزمن"، "صمت البراكين"، "هاتف
الكويت"، "سدرة" و "أحلام بلا نوم". وقد حاز على بعض الجوائز المهمة خلال
مشواره الفني.
الجزيرة الوثائقية في
16/04/2012
ماذا تعرف عن خبراء السينما؟
دبي – من محمد الحمامصي
'الخليج السينمائي' يسلط الضوء على 'الجنود المجهولين' الذين
يشكلون حجر الزاوية في قطاع السينما.
سلّطت الجلسة الثالثة من "ليالي الخليج"، إحدى فعاليات "مهرجان الخليج
السينمائي الخامس"، الضوء على خبراء السينما المسؤولين عن جوانب الإنتاج
السينمائي للأفلام، والذين يُعتبرون الجنود المجهولين في قطاع السينما،
وغالباً ما يتمّ التغاضي عن الجهود الحثيثة التي يبذلونها.
وقد أدار الحوارات التي أُقيمت تحت عنوان "خلف الكواليس"، مسعود
أمرالله آل علي؛ مدير مهرجان الخليج السينمائي، وشاركه في الحوار كل من
المصوّر السينمائي وخبير المونتاج علي بن مطر والمصوّر السينمائي سمير كرم
والمؤلف الموسيقي البحريني محمد حداد والمخرج الفني أحمد حسن أحمد.
وأثناء تقديمه للمتحدثين، قال مسعود أمرالله آل علي إن خبراء السينما
هؤلاء هم النجوم الحقيقيون الذين يعملون خلف الكواليس بصمت وجهد.
وأردف "قد لا يكون عمل أولئك الخبراء واضحاً للعيان، لكنهم بجهودهم
تلك يشكّلون حجر الزاوية لقطاع السينما برمّته. لقد أدهشنا المشاركون
الأربعة معنا الليلة بالفعل، بحرفيتهم العالية، وجودة الأعمال التي
يؤدونها".
وقد أجمع كافة المتحدّثين خلال الجلسة على الحاجة الماسّة لرعاية
الكفاءات في منطقة الخليج، بغية تأسيس قاعدة متينة من المواهب لدى الخبراء
السينمائيين، عبر مختلف جوانب الإنتاج السينمائي. وتكمن أهمية ذلك، حسب
تعبيرهم، في أنه يساهم بالدفع قُدماً في عملية إنتاج أفلام ذات جودة عالية
في منطقة الخليج.
وقال علي بن مطر، مستعيداً ذكرياته في الحياة المهنية، وخبراته التي
حصدها في قطاع السينما، إنه كان يعلّم ذاته، خطوة بخطوة، فأتقن الصنعة
بنفسه.
وعقّب بقوله "بدأتُ بالتصوير الفوتوغرافي والمونتاج والتصميم
الجرافيكي، وكانت تلك التجربة بالنسبة لي عملية تدريجية في التعلّم الذاتي.
كنتُ أستخدم شبكة الإنترنت للبحث عن البرنامج التي أحتاجها في عملي،
وتعلمّتُ الكثير من تجاربي وأخطائي. وهنا أشدّد على ضرورة وجود مؤسسات
وهيئات لتعليم كافة جوانب ومراحل التصوير السينمائي، خاصة المجالات التي
تتطلّب العمل وراء الكواليس".
وقال محمد حداد، الذي أتمّ تدريباته في الموسيقى في مصر، إن المخرجين
لا يأخذون، في معظم الأحيان، مفهوم الموسيقى التصويرية، على محمل الجدّ.
وأضاف في هذا السياق: "يركّز معظم المخرجين على الأغاني، ولكن الموسيقى
تشكل جزءاً مكملاً لا يتجزأ من الصناعة السينمائية. أعشق الموسيقى
التصويرية، وأفضل العمل إلى جانب المخرجين الذين يمنحونني المجال باستعراض
إبداعاتي ومواهبي. تعمل الموسيقى على تحسين جودة الصورة السينمائية، ونحن
بحاجة ضرورية لوجود مخرجين شغوفين بدمج الموسيقى بالسينما".
ومن جانبه، دعا أحمد حسن أحمد المخرجين أيضاً لأخذ الجوانب الفنية على
الدوام بعين الحسبان، وقال "عندما بدأنا العمل على الأفلام، لم يكن الناس
يدركون وقتها مفهوم الإخراج الفني. أرصد في كل إطار سينمائي من أيّ فيلم
لمسةَ المخرج الفني، ولهذا أُوصي المخرجين السينمائيين بأخذ الإخراج الفني
على محمل الجدّ".
وذكر سمير كرم، متحدثاً عن التحديات التي يواجهها المصورون
السينمائيين، أن بيئة الإمارات العربية المتّحدة تتسم بقساوتها الشديدة.
وأردف "غالباً ما يكون الجو ضبابياً، ويتطلّب تحقيق النتائج المتوخاة
عند التصوير بذل جهد مضاعف عما نقوم به في العادة".
وأكد المتحدثون الأربعة أنهم شغوفون بما يعملون، الأمر الذي يشجّعهم
على التجريب، ويدفعهم قُدماً نحو الأمام لتقديم المزيد من الأعمال
المتميّزة، برغم النظر إلى عملهم على أنه يتمّ في الظلّ، و"وراء الكواليس".
وأشاد الخبراء بالأعمال الرائدة التي يقدّمها خبراء السينما
المخضرمون، من قبيل مسعود أمرالله آل علي، الذي كان مصدر إلهام كبيراً لهم،
إذ حثّهم على مشاهدة الأفلام من منظور مختلف لم يعهدوه من قبل.
ميدل إيست أنلاين في
16/04/2012
سوق سيناريو الأفلام الخليجية القصيرة:
الفائزون يستعرضون أعمالهم
دبي ـ من محمد الحمامصي
مبادرة جديدة لمهرجان الخليج السينمائي تُساعد في إيجاد برنامج دعم
شامل لكتّاب السيناريو والمخرجين الناشئين والمعروفين في العالم
العربي.
في جوّ حافل بالإبداع والشغف بالسينما، قام كتّاب السيناريو، الذين
اختيروا كفائزين في النسخة الأولى من "سوق سيناريو الأفلام الخليجية
القصيرة"؛ المبادرة الجديدة التي يقدّمها "مهرجان الخليج السينمائي" لهذا
العام، باستعراض أعمالهم ومشاريعهم أمام حشد من المخرجين وخبراء السينما.
وسعى "مهرجان الخليج السينمائي" من خلال "سوق سيناريو الأفلام
الخليجية القصيرة"، إلى تقديم دعم جديد للقطاع السينمائي في المنطقة، من
خلال رفده بذخيرة من النصوص السينمائية الاحترافية.
وتألّفت السوق من 3 مراحل، حيث تمثّلت المرحلة الأولى بدعوة الكتّاب
والسينمائيين لتقديم مشاريعهم للمشاركة في السوق، ليختار المهرجان من هذه
المشاركات، التي فاق عددها 100 سيناريو، 14 نصاً، وفي المرحلة الثانية،
تمّت دعوة أصحاب هذه النصوص للمشاركة في جلسات تعليمية مكثّفة، أدارها كل
من المخرج وكاتب السيناريو المصري محمد خان، والمخرج وكاتب السيناريو
والمنتج السينمائي اللبناني ميشيل كمّون، والمؤلف وكاتب السيناريو البحريني
فريد رمضان.
وفي المرحلة الثالثة عادت السوق لتسلّط الضوء على كتّاب السيناريو
المُختارين، عبر تقديم نصوصهم المنقّحة والمعدّلة أمام مجموعة من خبراء
القطاع، لتتيح لهم المجال لتحويل نصوصهم السينمائية إلى أفلام.
ومثل كتّاب السيناريو المُختارون دول الإمارات والبحرين وقطر والعراق
وبلجيكا، وتنوّعت نصوصهم بين الوثائقيات الاجتماعية والقصص الدرامية
السريالية، واستلهم أغلب الكتّاب مواضيعهم من الوقائع والأحداث الجارية في
الحياة اليومية.
وقدّمت كاتبة السيناريو الإماراتية شيخة العيالي، مشروعها بعنوان "563
درهم"، عن قصة صبي صغير يعمل بدأب كي يجمع 563 درهماً ثمناً لدواء أمه
المريضة.
وذكرت العيالي أن الجلسات التعليمية كانت "مكثّفة وإيجابية للغاية"،
وساعدتها في "التعرّف على العديد من العناصر الجديدة، التي يتطلّب للكاتب
أن يلمّ بها عند كتابته لنصّ سينمائي ما".
أما أمل الدويلة (كاتبة أخرى من الإمارات) فقدّمت نصا بعنوان "مطر"
حول فتاة تتوق للّعب تحت المطر، وقالت إن أحد أهم الفوائد التي تقدّمها
الجلسات التعليمية، واستعراض النصوص ضمن "سوق سيناريو الأفلام الخليجية
القصيرة" هو أنها تساعد الكتّاب في التفاعل مع المخرجين وخبراء القطاع
الذين يصعب عادة على الكتّاب والمؤلفين الجدد لقاؤهم والحديث معهم.
وأردفت الدويلة "عندما كتبتُ النسخة الأولى من السيناريو، تخيّلته في
ذهني كما لو كان حلماً، ولكن بعد الجلسات التعليميّة القيّمة التي شاركتُ
فيها، أضفيتُ عليه تعديلات جذرية لأجعل منه قصة حقيقية. لقد كانت الجلسات
مفيدة للغاية حيث ساعدتني على تحسين النص السينمائي".
وقدّمت كاتبة السيناريو البحرينية فتحية ناصر نصّها بعنوان "حياة"،
حول شابين يتعرضان لحادث أليم. وقالت ناصر إن الجلسات ساعدتها على تقليص
حجم النص الذي ألّفته.
وأضافت "احتوت المسودة الأولى للنص السينمائي الذي كتبته على العديد
من الشخصيات، وقد ساعدتني الجلسات التعليمية على تقليص عدد الشخصيات
الإضافية، وتكثيف النص، بحيث يمكن إيصال الفكرة الرئيسية منه بشكل مؤثّر
ومقنع".
وذكر محمد خان (أحد الخبراء السينمائيين في السوق) أن النصوص التي تمّ
اختيارها كانت طموحة، وكانت القصص التي تعالجها تستحق أن تتحوّل إلى أفلام
يشاهدها الجمهور.
وأوضح خان أن الجلسات التعليمية ركّزت على تنقيح النصوص، وتحفيز
كتابها على مواصلة أعمالهم المتميزة، بما يقدّم لهم الطرق الأنسب في تشكيل
بنيان النص السينمائي.
والنصوص التي اختارتها السوق هي "563 درهم" بقلم شيخة العيالي و"ضوء
يذهب للنوم" بقلم يوسف إبراهيم و"مطر" بقلم أمل الدويلة و"ترانزيت" بقلم
مروان الحمادي، وهو النص الوحيد باللغة الإنكليزية من الإمارات، "تشولو"
بقلم مزنة المسافر و"بنت الوادي" بقلم أمل السابعي و"الكشاف" بقلم سماء
عيسى من سلطنة عمان، "قطن" بقلم لؤي فاضل، و"شارع الذكريات" بقلم هاشم
العيفاري من العراق، "المهرّج" بقلم حسام الحلوة وعبد المحسن الضبعان،
و"غشوة" بقلم سلمى بوخمسين من السعودية، "حياة" بقلم فتحية ناصر من
البحرين، ومن قطر، "المصلوب" بقلم خالد المحمود من قطر، "نادي بغداد
الرياضي" بقلم ساهم عمر خليفة من بلجيكا.
وتبع جلسة استعراض الأفلام لقاءٌ تفاعليّ بين خبراء وأقطاب القطاع
السينمائي وكتّاب السيناريو، تمّ خلاله طرح ومناقشة العديد من المواضيع ذات
الصلة، ومنها الصعوبة في إيجاد مواهب تمثيلية بين الأطفال بحيث تناسب
النصوص السينمائية، على اعتبار أن أبطال معظم النصوص السينمائية المختارة
هم أطفال.
وبالمقارنة بينها وبين برنامج "إنجاز" السنوي لتقديم الدعم والتمويل
بقيمة 250 ألف دولار لإنتاج الأفلام الخليجية القصيرة، فإن مبادرة السوق
الجديدة تُساعد في إيجاد برنامج دعم شامل وفوري لكتّاب السيناريو والمخرجين
الناشئين والمعروفين، وللمواهب السينمائية الأخرى من كافة أرجاء المنطقة.
ميدل إيست أنلاين في
16/04/2012 |