إلى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان برلين، جاء فيلم
"أسيرة"
Captive
للمخرج الفليبيني بريلانتي ميندوزا الحاصل على جائزة أحسن مخرج في مهرجان
كان قبل ثلاث سنوات عن فيلم "كيناتاي"
Kinatay
الفيلم الجديد هو "أسيرة"
Captiveالذي
تقوم ببطولته الممثلة الفرنسية- السويسرية إيزابيل أوبير في دور أخصائية
اجتماعية، ترتحل في الفليبين مع مجموعة من السياح والتابعين لإحدى بعثات
التبشير المسيحية الأجنبية. والحوار في الفيلم يأتي في معظمه بالإنجليزية
ولك في اطار الرغبة في ضمان التوزيع العالمي للفيلم.
تتعرض هذه المجموعة من الأجانب للاختطاف من قبل جماعة مسلحة تابعة
لمنظمة أبو سياف الإسلامية التي تشن حملة ضد قوات الحكومة الفليبينية بدعوى
تحرير المقاطعة التي يقطنها سكان معظمهم من المسلمين. وجماعة أبو سياف من
الجماعات التي تصنف دوليا في إطار "الإرهاب"، ويقال إنها تابعة لتنظيم
القاعدة.
ويقوم الفيلم على التصوير المؤثر الذي يحاكي الواقع الخشن، سواء في
الغابات المتوحشة الوعرة المليئة بالحيوانات والحشرات الغريبة القاتلة، أو
الرحلة البحرية بالقارب. وخلال تلك الرحلة تتعرض المجموعة البشرية، سواء من
الخاطفين أوضحاياهم، مرات عدة، لنيران القوات الحكومية، فيصاب من يصاب
ويقتل من يقتل.
تنتقل المجموعة من بلدة إلى أخرى، يستولي المسلحون أولا على مستشفى،
ثم يقتحمون مدرسة للأطفال، في المقاطعة التي يتحركون فيها بنوع من الأمان
بسبب تعاطف معظم السكان معهم. يأتيهم شباب بالإمدادات من الأسلحة والذخيرة
مقابل المال. ولذلك نفهم أن الحصول على المال هدفه الانفاق على انتسليح
وشراء الأعوان أيضا.
تطالب الجماعة المسلحة بالحصول على فدية مالية عن كل أسير أجنبي مقابل
الافراج عنه، والأحداث جميعها تتتابع من خلال "عين" المرأة الفرنسية (تيريز
بورجوان) التي تشاهد الفظائع التي ترتكبها جماعة "المسلمين" المسلحين، وكيف
يبدون ازدرائهم للديانات الأخرى، فنحن نشاهد مثلا كيف يصرون على التخلص مما
تحمله تيريز من أناجيل (غالبا لحساب بعثة التبشير المسيحية) وكيف يلقون
بالأناجيل في البحر، كما يرفضون بعد ذلك السماح بدفن المسيحية "سوليداد"
التي تتوفى خلال الرحلة بسبب تعرضها للاجهاد الشديد وهي المرأة المسنة
رفيقة تيريز في السفر، ولا يستجيبوا أويسمحوا بدفنها الا بعد أن تتشبث
تيريز بهذا الطلب وتصر عليه!
محور الفيلم
وتيريز هي محور الفيلم، وهي لسان حال المخرج- الذي يستخدمها كنقيض في
سياق فيلمه الذي شارك في كتابته، للجماعة المسلمة، فهي "المسيحية الأوروبية
البيضاء" التي تجسد "الحضارة" أمام الهمجية، والتسامح في مواجهة التعصب،
والحب حتى لأعدائها كما نرى في علاقتها بالصبي المسلح الذي يتولى حراستها،
وكيف تداوي جروحه، وتسمح له بالاستناد على ساقها أثناء نومه، وكيف تصدم في
النهاية عندما يقتل في المواجهة النهائية مع القوات الحكومية.
وتيريز أيضا هي المخلصة الوفية لصديقتها "سوليداد"، وهي التي تتعاطف
مع الممرضة المسيحية التي ترغم على اعتناق الاسلام والزواج من أحد
المسلحين، وتنصحها بالاهتمام بطفلها الوليد الذي جاء نتيجة اغتصابه لها،
وهي التي تستنكر اغتصاب أحد المسلحين الشباب للممرضة الأخرى وتواجهه بشراسة
وتتحداه أن يقتلها، فهي تجسد الشجاعة الغربية في مواجهة "الجبن" الشرقي بل
والنذالة التي تبلغ أقسى درجاتها رغم حمل السلاح.
هذا فيلم، ينطلق من فكرة الابحار داخل عقلية الارهاب. وهو مبني على
واقعة حقيقية مع الكثير من الاضافات والمعالجات الخيالية، فقد تعرضت جماعة
من الأجانب للاختطاف بالفعل في منتصف 2001 أي قبل تفجيرات نيويورك وواشنطن
في 11 سبتمبر، وظلت في الأسر أكثر قليلا من عام كامل.
ومن البحث في سيكولوجية الارهابي وكيف يمكن أن يتحول المختطف الى أسير
هو نفسه، وما يحدث من تقارب من الجلاد والضحية، أو المختطف والأسير (وهي
فكرة نظرية لم تتجسد في الفيلم)، إلى فيلم دعائي فظ لا يدخر أي فرصة للهجوم
على الدين الإسلامي والتعريض بالمسلمين جميعا والاساءة للعقيدة الإسلامية
بشكل متعمد وقصدي، لخدمة أغراض عنصرية واضحة. وهو بالتالي يستخدم الحادثة
الحقيقية للترويج الدعائي ضد أمة بأسرها، ولذلك جاء الفيلم عملا فجا،
ضعيفا، هابط الايقاع، يفتقد للتماسك بسبب افتقاده أصلا للتوازن بين الأطراف
المختلفة، فكل المسلمين أشرار حتى النهاية الدموية، وكل غير المسلمين ضحايا
أبرياء أقرب للقديسين والشهداء.
الخيارات الأربعة
في أحد مشاهد الفيلم يقول عضو في الجماعة المسلحة (بالمناسبة يطلق
عليه الفيلم لقب "المخيف") إن القرآن ينص على أن هناك أربعة خيارات أمامه
هو ورفاقه، في التعامل مع الأسرى: الخيار الأول أن يقتلهم، والثاني أن
يستعبدهم أي يحولهم الى عبيد للمسلمين، والثالث أن يعتنقوا الاسلام ويعفى
عنهم بالتالي، والرابع أن يدفعوا الجزية ويحصلون على حرية ممارسة عقيدتهم!
ويركز الفيلم على شهوانية المسلحين المسلمين وطمعهم في النساء
الأسيرات، خصوصا في مشهد الاغتصاب، كما يصور في مشهد يستخدم فيه أسلوب
المونتاج المتوازي، كيف يغير المسلحون على معسكر للقوات الحكومية ويقتلون
بعض الجنود، ومشهد ولادة طفل الممرضة التي اغتصبها أحدهم، وهو مشهد ولادة
حقيقية في مستشفى البلدة.
ولعل قصدية الإساءة للإسلام تتضح أفضل ما تتضح أيضا عندما نرى الشاب
وهو يصلي طالبا الغفران من الله بعد اغتصابه للمرأة الأخرة مباشرة. ويصور
الفيلم زميله وهو يرغم الممرضة الأخرى على الزواج منه رغم أنها متزوجة
ولديها ثلاثة أطفال، وذلك تحت تهديدها بالقتل اذا رفضت!
وتتردد عبر الفيلم كثيرا صيحات الابتهاج والتكبير كلما قتل المسلحون
شخصا أو حصلوا على فدية. كما تتردد صيحات التكبير أمام الأسرى، بعد
استماعهم عبر المياع لأنباء نسف برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك.
وعندما يطلقون سراح احدى الأسيرات يطلبون منها أن تقول للسلطات انها
كانت واقعة في أسر جماعة بقودها أسامة بن لادن!
ويستخدم ميندوزا الكاميرا المحمولة على اليد في تصوير الفيلم بأكمله
لكي يوحي لنا بجو الرعب الذي يعيشه الأسرى، كما يعقد مقارنات عن طريق
المونتاج، بين لقطات تظهر فيها ثعابين الكوبرا الضخمة القاتلة وهي تهاجم
حيوانات صغيرة، تقتنصها وتلتهمها، وبين المسلحين وهم يمارسون أعمال القتل
والترويع وسط الأبرياء.
ولا توجد سوى شخصية واحدة في فيلم يبلغ طوله ساعتين بالتمام والكمال،
تبدي تعاطفا على استحياء مع الخاطفين حينما تقول احدى النساء الفلبينيات
الأسيراات قبل اطلاق سراحها مباشرة موجهة حديثها للمراة الفرنسية انها
تتفهم نضالهم من أجل تحرير أرضهم. لكن الفرنسية ترد عليها على الفور
لتذكرها بقولها: لكن كيف تقولين ذلك بينما هم اضطروا والدك تحت التهديد
بقتلك، الى بيع كل ما يملك لكي يدفع الفدية لك!
نوايا مقصودة
إن بيرلانتي ميندوزا الذي أخرج هذا الفيلم من تمويل شركات فرنسية
وبريطانية وألمانية، يعود بنا إلى الوراء.. فبعد أن كانت السينما العالمية
قد أصبحت تميل الى طرح رؤية متوازنة فيما يتعلق بمعالجة موضوع الاسلام
والمسلمين والارهاب، ها هو ميندوزا يرتد الى نوع من السينما "الفاشية" التي
تنزع الانسانية عن جماعة بشرية كاملة، وتخلط الأوراق، وتغالط في تصوير
التقاليد والتعبير عن المفاهيم الاسلامية، دون أن توجد أي شخصية تصحح
الصورة أو تشير الى احتمال أن يكون هؤلاء المسلحون يسيؤون الى العقيدة
الاسلامية بتفسيراتهم القاصرة لجوهر الدين الاسلامي نفسه!
لذلك لا نظن أن هذا الفيلم يمكن أن يندرج في إطار الأفلام التي تناقش
القضايا السياسية الساخنة في مهرجان برلين، ولم يكن يصلح اصلا للمشاركة في
مسابقة مهرجان دولي كبير بحجم برلين. ولاشك أنه سيواجه مصيره حينما يذهب
الى زوايا النسيان!
مهرجان برلين يكرم الراحل الكبير أنجلوبولوس
أعلن مهرجان برلين السينمائي أنه سيكرم المخرج اليوناني الذي رحل عن
عالمنا مؤخرا، ثيو أنجلوبولوس، بعرض فيلمه "ثلاثية: الدغل الباكي" بترجمة
ألمانية في نسخة جديدة كاملة يوم 126 فبراير.
وكان المخرج الراحل الكبير قد شارك بفيلمه الأخير "غبار الزمن" في
دورة 2009 من المهرجان العريق.
وأنجلوبولوس الملقب بـ"شاعر السينما" أخرج 18 فيلما طويلا غير أجزاء
من أفلام ومسلسلا تليفزيونيا. وكان يقوم بتصوير أحدث أفلامه عندما قتل في
حادث اصطدام دراجة بخارية به في أحد شوارع أثينا.
عين على السينما في
12/02/2012
«مهرجان برلين» صاخب جدّاً... سـياسي للغاية
الثورة والقيصر والحب الحرام
زياد عبدالله
الافتتاح جاء ملكياً مع ماري أنطوانيت. أيقونة العام ميريل ستريب، أما
الحدث فعودة الأخوين تافياني بعد طول غياب، فيما شبح المعلّم أنجلوبولوس
يحوم في الجوار... المسابقة التي غابت عنها أميركا، تستعير من التاريخ
أحداثه القريبة والبعيدة. «مهرجان برلين السينمائي الدولي» بدوره يحتفل بـ
«الربيع العربي»
برلين | إذا كانت الدورة الـ 62 من «مهرجان برلين السينمائي الدولي» (البرليناله)،
انطلقت مع الثورة الفرنسية، فإنها تضع هذا العام العالم العربي تحت دائرة
الضوء، والسبب «الربيع» من دون أن يكون هناك حضور للأفلام العربية في
المسابقة الرسمية (راجع ص 15). مسابقة سجّلت غياباً أميركياً باستثناء عمل
واحد من إنتاج أميركي روسي هو «سيارة جاين مانسفيلد» لبيلي بوب ثورنتون.
يمكن التعامل مع فيلم الافتتاح «وداعاً يا مليكتي» للفرنسي بونوا جاكو
بوصفه على اتصال بالثورات العربية، وخصوصاً أنّنا سنقع على قصر فيرساي عام
1789 عشية الثورة الفرنسية، وسكّانه الذي يلفظون أنفاسهم الأخيرة، وكلّ
يفكر في الهرب، وأهواء الملكة ماري أنطوانيت، لكنّ الفيلم الذي تشارك فيه
نخبة من النجوم مثل ديان كروغر، وليا سيدو، وكزافييه بوفوا، لم يحظ بأيّ
حفاوة نقدية.
الثورة هي الكلمة السحرية هذه الأيام. لتعزيز ذلك في برلين، فإن نسخة
جديدة وكاملة من «أكتوبر» (1928) لسيرغي آيزنشتاين جرى العمل عليها منذ عام
1970، عُرضت في ثاني أيام المهرجان مع أغنيتين مصوّرتين للمغني هانز ايسلر،
مستعادتين من فيلم «ثورة الصيادين» (1934)، لكن في الوقت نفسه، لن تغيب
تيمات أخرى عن الأفلام: اعتداءات 11 سبتمبر حضرت بقوة في جديد الإنكليزي
ستيفن دالدري «صاخب جداً، قريب للغاية» (خارج المسابقة)، وجاء الإرهاب
صاخباً وعنيفاً في فيلم الفليبيني بيرلنتي ميندوزا «أسيرة» (ضمن المسابقة)،
الذي يمضي بنا في أدغال مينداناو مع «القاعدة» وجماعة أبو سيّاف. أما
ألمانيا الشرقية، فما زالت واردة مع الألماني كريستيان بيتزولد في فيلمه
«باربرا» (ضمن المسابقة) حيث طبيبة تسعى إلى الهرب إلى ألمانيا الغربية.
القول إنّ
Extremely Loud and Incredibly Close
(بطولة توم هانكس وساندرا بولوك) فيلم مصوغ بحنكة سردية ومونتاجية أمر ليس
غريباً عن صاحب «ساعات». عبر الانحياز إلى توثيق الأحداث التاريخية
المفصلية في سياقها الإنساني، يقدّم الشريط رواية موازية هي رواية البشر
ومصائرهم الحزينة ونكباتهم الشخصية، من خلال نكبة تطاول شعباً أو أمة
بأكملها. وبناءً عليه، فإنّ ظهور برجي التجارة العالميين وهما ينهاران في
فيلم دالدري أمر ثانوي بالنسبة إلى قصة أوسكار شايل، الذي يقتل والده في
التفجيرات. مأساة أوسكار الشخصية تبقى شخصية في مسارها الظاهري، لكنّ
تنقلات أوسكار وحركيته المدهشة تمسيان معبراً إلى ملف ضخم عن العذاب
الإنساني. مع مأساته، يجمع مآسيَ كثيرة، إذ يقوم بزيارة 472 شخصاً ويلتقط
صورهم، ويوثق قصصهم في دفتره، محاولاً اكتشاف لغز بسيط بعدما ترك والده
ظرفاً صغيراً يحوي مفتاحاً كتب عليه «بلاك». وهؤلاء الأشخاص ليسوا سوى كل
مَن يحمل كنية «بلاك». الكيفية التي جرى بها تقطيع الفيلم مونتاجياً،
والطريقة التي يتلقى بها أوسكار نبأ وفاة والده، وتتبّعنا للرسائل التي
يتركها الأب على الهاتف قبل أن ينهار البرج، تضعنا جميعها في أجواء هذه
المأساة.
بالانتقال إلى الأفلام الأخرى التي عُرضت حتى الآن، يمكن اعتبار
اليوناني«ميتيورا» (دير) للمخرج سبيروس ستاتهولوبولوس، وفيلم الأخوين
الإيطاليين باولو وفيتوريو تافياني «قيصر يجب أن يموت»، أهم ما عرض حتى
الآن ضمن المسابقة الرسمية. الأول مثّل تعزيزاً للأسلوبية وإمكان تقديم
مقترحات جمالية جديدة في الفن السابع. جمالية الشريط تبدأ من موقع التصوير،
الذي يجري في دير يقع عند كتل صخرية هائلة الحجم والارتفاع. إنه فيلم مدهش
يحوّل الأيقونات الكنسية إلى «أنيماشن» وتشكيلات بصرية تأتي بمثابة سرد
مواز للقصة التي لن تكون سوى قصة غرام محرّم بين راهب وراهبة، وصراعاتهما
مع الغواية. ما يكون محمّلاً بشعرية عالية ومجازات خاصة، يتولى الأنيماشن
سرده مستثمراً مفردات الأيقونة، كأن يتحول شعر الراهبة إلى حبل طويل يمتد
إلى غرفة الراهب، فيسير عليه آتياً إليها.
الأخوان تافياني قدما معالجة سينمائية جديدة لمسرحية شكسبير «يوليوس
قيصر». يبدأ الشريط مع المشهد الأخير من المسرحية، وبروتوس ينتحر، ثم
سنكتشف أن الممثلين ليسوا سوى سجناء. سيكون الفيلم توظيفاً لسينوغرافيا
السجن في إعادة تقديم قيصر الذي «مات آلاف المرات على خشبة المسرح». حتى
الآن، تبدو الدورة الـ62 من «برلين» مسيّسة، تستعير من التاريخ أحداثه
القريبة والبعيدة، لعلّها تصلح إسقاطاً على زمن الثورات العربية.
www.berlinale.de
جولي ولجنة التحكيم
«مهرجان برلين السينمائي» الذي انطلق في التاسع من الشهر الحالي
ويستمرّ حتى 12 شباط (فبراير)، يرأس لجنة تحكيمه هذه السنة المخرج
البريطاني مايك لي، ويضمّ كلاً من المصوّر الهولندي أنتون كوربجين، والمخرج
الإيراني أصغر فرهادي، الذي نال جائزة «الدب الذهبي» العام الماضي عن شريطه
«انفصال»، والممثلة شارلوت غينسبور، والممثل الأميركي جايك غيلينهال،
والمخرج الفرنسي فرنسوا أوزون، والكاتب الجزائري بوعلام صنصال، والممثلة
الألمانية باربرا سوكوا. وينتظر كثيرون الفيلم الأول الذي أخرجته أنجلينا
جولي «في بلاد الدم والعسل»، الذي سيعرض ضمن تظاهرة
Berlinale Special.
الأخبار اللبنانية في
13/02/2012
الثورة اليمنيّة... حسب شون مكاليستر
زياد عبدالله
اصنع فيلماً عن الثورات العربية وستجد موطئ قدم في المهرجانات
العالمية. الجمهور حول العالم متعطش لمعرفة الحاصل في العالم العربي، وأول
عروض «البرليناله» في هذا الإطار كان وثيقة عن ثورة لم يوثّق لها أبداً!
أفلام كثيرة صنعت عن الثورتين المصرية والتونسية طبعاً، لكن من سيصنع
فيلماً عن الثورة اليمنية؟ أو بصيغة الحاضر، من صنع فيلماً عن الثورة
اليمنية؟ الإجابة في برلين والعرض العالمي الأول لفيلم «الثوري المتردّد»
من إخراج البريطاني شون مكاليستر، ضمن تظاهرة «بانوراما».
شهد
The Reluctant Revolutionary
حضوراً كثيفاًَ من الجمهور الألماني. طبعاً، الجمهور هو خاصية المهرجان،
لكن هنا الأمر مختلف. هناك تعطش للتعرف إلى ما يعرف بـ «الربيع العربي»، لا
بل إن الأمر سيكون مضاعفاً مع اليمن، حيث الثورة التي لم تنل الاهتمام الذي
حظيت به الثورات الأخرى.
بناء الفيلم الوثائقي يعتمد أولاً وأخيراً على خيط درامي يتركّز على
شخصية قيس، رجل يمني يملك فندقاً في صنعاء، أو وكالة سياحية تتولى شؤون
السياح الغربيين الذين يقصدون اليمن. العلاقة الشخصية التي تربط المخرج
بقيس آتية من كون مكاليستر سائحاً بريطانياً.
وصف الفيلم للثورة اليمنية بالمترددة آت من كون قيس وأشخاص آخرين حوله
متردّدين في اتخاذ موقف من هذا الحراك الشعبي. في بداية الفيلم، يكون قيس
ضد الثورة اليمنية، وموالياً للرئيس علي عبد الله صالح. وفي الزيارة التي
يقوم بها مكاليستر في بداية الفيلم إلى ساحة التحرير في صنعاء، يصارح قيس
صديقه المخرج بأنه ليس في وارد أن يكون مع المعتصمين في هذه الساحة، لكن
سرعان ما يتغير ذلك، ويمضي الفيلم في توثيقه للثورة، وخصوصاً بعد الجمعة
الدامية التي يصورها الفيلم بتفاصيلها المأساوية. سنكون شهوداً على توافد
القتلى بالعشرات على المستشفيات، سواء تلك التي أقامها المتظاهرون، أو
المستشفيات الحكومية، وكلّها إصابات قاتلة في الرأس أو الصدر. وسنتابع في
الوقت نفسه تفاعل قيس مع تلك المشاهد المروعة. طبعاً، فقيس من المتضررين من
الثورة لكون مصدر رزقه يأتي من قطاع يتعارض تماماً مع الفعل الثوري، أي
السياحة، لكنه لا يجد بداً من الانخراط فيها.
يعتمد الفيلم في بنائه على شخصية قيس، وهو ما قاله المخرج قبل العرض.
وهذا رهان يحتمل أن يكون رابحاً أو خاسراً، لكنّه لم يكن إلا ناجحاً
بالنسبة إلى الجمهور الألماني، إذ راح يصفّق طويلاً لما تركه المخرج بعد
العرض، حين جاء بقيس إلى المسرح ليشاركه الإجابة عن أسئلة المشاهدين. أتى
قيس بكامل الزي التقليدي اليمني، بما في ذلك «الجنبيّة»، الخنجر اليمني
الشهير!
الأخبار اللبنانية في
13/02/2012
«الربيع» من دون أهله
يزن الأشقر
رغم احتفاء الدورة الحاليّة من المهرجان المميّز بربيع الثورات، إلا
أنّ الحضور العربي غاب تماماً عن المسابقة الرسمية، واقتصر على أفلام عُرضت
في التظاهرات الموازية
رغم احتفاء الدورة الثانية والستين من «مهرجان برلين السينمائي
الدولي» (البرليناله) بالربيع العربي، تبدو المشاركة السينمائية العربية
متواضعة، وسط غياب تام عن المسابقة الرسمية التي تضمّ 14 فيلماً من فرنسا
وألمانيا، وإسبانيا، وسويسرا، واليونان، وإيطاليا... ولو أنّ المخرج بونوا
جاكو عدّ شريطه «وداعاً يا مليكتي»، الذي افتتح المهرجان، استعارةً لـ
«الربيع العربي».
إلى جانب الندوات المختلفة التي تحتفي بالثورات، تضيء الأفلام العربية
المشاركة على الثورة في مصر والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في ديار
العرب. في المهرجان، خمسة أفلام متنوعة تتناول الثورة المصرية. ضمن تظاهرة
Berlinale Special، يعرض الشريط الوثائقي «الثورة خبر» لمخرجه بسام
مرتضى (2012 ـــــ 62 د) الذي يوثق عمل ستة صحافيين من صحيفة «المصري
اليوم» خلال أحداث الثورة، من خلال مواد الفيديو التي استطاعوا تسجيلها.
ومن جانب آخر، يسلّط العمل الضوء على التناقض الذي عاشه الصحافيون بين
عملهم اليومي في تغطية الأحداث بحيادية، ومشاركتهم في ثورة النيل ومواجهة
آلة القمع.
ضمن تظاهرة «بانوراما الأفلام الوثائقية»، يقدّم المخرج المصري نمير
عبد المسيح فيلمه الأول «العذراء والأقباط وأنا» (2012ــــ 85 د). الشريط
الذي سبق أن نال جائزة أفضل فيلم وثائقي في الدورة الأخيرة من «مهرجان
الدوحة ـــــ ترايبيكا السينمائي»، يحكي قصة والدة المخرج التي «رأت
ظهوراً» للعذراء في أحد شرائط الفيديو القديمة التي تمتلكها في مصر. يقرر
المخرج زيارة مصر وصناعة فيلم عن هذه الظاهرة، ليتحول الفيلم بعدها إلى
محاولة للتغلب على مصاعب مختلفة يواجهها المخرج، سواء من الأهل أو من منتج
الفيلم أو سكان القرية في مصر.
يعرض أيضاً ضمن «بانوراما الأفلام الوثائقية» شريط المخرجة المصرية
الأميركية مي إسكندر «كلام شهود» (2012 ـــ 68 د). توثق إسكندر في الفيلم
جهود الصحافية هبة العفيفي، التي تعمل في النسخة الإنكليزية من صحيفة
«المصري اليوم» خلال مشاركتها في تظاهرات الثورة من جهة، وجهودها مع أمها
بمحاولة اقناعها بأهمية ما تفعله من جهة أخرى. أما فيلم «في ظل رجل» لحنان
عبد الله (2011 ــــ 65 د)، فيحاول تقديم صورة لوضع المرأة في المجتمع
المصري، من خلال قصص أربع نساء من خلفيات اجتماعية مختلفة، وربط مستقبل
تطور النظرة الاجتماعية إلى وضع النساء على نحو عام، بالحالة الثورية التي
تمر بها البلاد. هذا إضافةً الى الفيلم القصير «باي باي» للمصري بول جيداي
(2011 ــــ 5 د).
وضمن تظاهرة «منتدى»، يشارك المخرج الأردني يحيى العبد الله بباكورته
الروائية «الجمعة الأخيرة» (2011 ـــ 88 د). في الفيلم الذي شارك أخيراً في
عدد من المهرجانات السينمائية، ونال ثلاث جوائز في النسخة الأخيرة من
«مهرجان دبي السينمائي» (جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وأفضل تأليف موسيقي
للأخوين جبران، وأفضل ممثل لعلي سليمان)، يقدم العبد الله دراما هادئة عن
الأربعيني يوسف، سائق التاكسي، الذي يعيش في أحد الأحياء الشعبية في عمّان،
بعدما فقد معظم ما يملك. وفي انتظار عملية جراحية، يحاول إعادة علاقته
المبتورة مع محيطه، ويحاول جمع المال لتغطية تكاليف العملية. من خلال ذلك،
يقدّم الشريط نظرة إلى العلاقات الإنسانية في العائلة والمجتمع، التي
تحكمها الظروف الاقتصادية. من المغرب، يشارك المخرج فوزي بن سعيدي بشريطه
الروائي «موت للبيع» (2011 ـــ 117 د) ضمن تظاهرة «بانوراما». يلقي الفيلم
نظرة على الشباب المغربي الضائع من خلال قصة ثلاثة أصدقاء يعيشون حياة خطرة
في تطوان، واختلافهم مع بعضهم بعضاً بعد التفكير في سرقة متجر للمجوهرات.
من المغرب أيضاً، يشارك الفيلم القصير «كيف ما يقولو» لمخرجه هشام عيوش
(2011ــــ 13 د) ضمن تظاهرة «منتدى». يتناول الشريط قصة أب وابنه يقرران
الذهاب الى الجبال في رحلة تخييم، لتواجه عملية محاولة توطيد العلاقة بين
الاثنين اختباراً وامتحاناً بعد إفشاء الابن سره أمام والده.
لبنانياً ضمن تظاهرة «منتدى»، يشارك المخرج أحمد غصين بشريطه الوثائقي
«أبي ما زال شيوعياً، أسرار حميمة للجميع» (2011 ــ 32 د). يحاول غصين في
فيلمه، الذي نال شهادة تقدير في «مهرجان الدوحة ترايبيكا»، إعادة فحص
العلاقة بين والديه من خلال أشرطة كاسيت كانت والدته ترسلها من لبنان الى
السعودية، حيث كان والده يعمل إبان الحرب الأهلية، إضافةً الى ذلك، تشارك
أربعة أفلام لبنانية قصيرة، اثنان منها لمحمود حجيج هما «سوف نربح»
(2006ـــ 8 د) و «تبادل مستحيل» (2011، 10 د) ضمن تظاهرة
Berlinale Short Extra
وفيلمان لغيث الأمين بعنوان «الملك يفقد أسنانه» (2011 ـــ 5د) و«تي إس تي
إل» (2011ــــ 3د) ضمن تظاهرة
Forum expanded.
مكرّمون
يحتفي الـ «برليناله» هذا العام بالمعلم اليوناني ثيو أنجلوبولوس
(1935 ــ 2012)، وبالمخرج والممثل الألماني فاديم غلونا (1941 ــ 2012).
ضمن عرض خاص، سيقدّم في 16 من الشهر الحالي فيلم «المرج الباكي» (2004)
الذي ترشح عنه أنجلوبولوس لجائزة «الدب الذهبي» في برلين. أما فاديم غلونا،
أحد أهم الوجوه في السينما الألمانية الجديدة، فسيعرض له شريط «ديسبيرادو
سيتي» (1981)، إضافةً إلى ذلك، سيكرّم المهرجان ميريل ستريب، وسيمنحها
جائزة الدب الذهبي التقديرية عن مسيرتها، مع عرض فيلمها الجديد «المرأة
الحديدية»، الذي تؤدي فيه شخصية رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت
تاتشر.
الأخبار اللبنانية في
13/02/2012 |