حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ملف خاص عن فيلم جيمس كاميرون الجديد "أفاتار"

على الوتر

ما قبل وما بعد "أفاتار"

محمود حسونة

ليس كثيراً على فيلم “أفاتار” أن يحصد جوائز الجولدن جلوب والبافتا والأوسكار وغيرها خلال العام ،2010 وأن ينال مخرجه جيمس كاميرون تكريم النقاد والجمهور والمؤسسات المعنية والحكومات، وكل من يدرك أهمية صناعة السينما وتأثيرها الخاص على الرأي العام في أي بقعة من الكرة الأرضية، والسبب أن هذا حق للفيلم ومبدعه الذي غيّر الكثير من المفاهيم والنظريات السينمائية بعد أن سادت قرناً وعقداً يمثلان تاريخ الفن السابع وصناعة الوجدان والمشاعر .

ليس مستبعداً أن يؤرخ للسينما مستقبلاً بمرحلة “ما قبل أفاتار” و”ما بعد أفاتار”، خصوصاً أن هذا الفيلم ليس مثل غيره من آلاف الأعمال التي مرت مرور الكرام وانقطعت صلة الجمهور والنقاد بها بعد مشاهدتها وتناولها نقدياً، حيث أحدث ثورة في هذا العالم الساحر، سواء على المستوى التقني أو على مستوى المضمون .

فعلى المستوى التقني تعيد حالياً شركات الإنتاج العالمية الكبرى النظر في خططها الإنتاجية لتستغل تقنية التصوير ثلاثي الأبعاد في أفلامها المقبلة بعد أن أحال “أفاتار” كاميرات التصوير العادية إلى المعاش، وفرض التقنية الجديدة على كل من يبحث لنفسه عن مكان على خريطة سينما المستقبل .

ونتيجة النجاح المذهل جماهيرياً وفنياً الذي أحدثه الفيلم بتقنية الأبعاد الثلاثة، سارعت كبريات شركات الصناعة الإلكترونية للإعلان عن تصنيع شاشات تلفزيونية ثلاثية الأبعاد، ووصل الأمر بإحداها إلى تصنيع شاشة ثلاثية الأبعاد 152 بوصة لتنافس شاشات السينما في الحجم والإمتاع، ولتنقل الشاشة الكبيرة إلى البيوت التي تحتمل ذلك .

وعلى مستوى المضمون فقد تحرر جيمس كاميرون من مطالب النجوم وأنانيتهم وتدخلهم في السيناريو والإخراج أحياناً، للاستحواذ على أكبر مساحة حتى لو نال ذلك من القصة وحبكتها ومنطقية الأحداث، وذلك باعتماده على شخصيات كرتونية لسكان كوكب “باندورا” والذين رسم ملامحهم بدقة ليكونوا متشابهين ومختلفين عن البشر في آن واحد، وحتى لا تبتزه وتنال من رؤيته شروط وطلبات النجوم، فقد اختار وجوهاً جديدة للبطولة باستثناء الفنانة غير المتطلبة سيجورني ويفر، وأسند الدورين الأساسيين إلى سام ورثنجتون وزوي سالدانا وكلاهما غير معروف واستلزم منه جهداً لتدريبهما، ولكن كل شيء يهون لأجل أن تصل الرسالة إلى المشاهدين حسب رؤية جيمس كاميرون، وبعيداً عن تدخلات النجوم .

وإذا كان فنانونا يفضلون النسخ والنقل عن السينما العالمية، وإن كانوا لا يجيدونه، فإننا نتمنى أن يتعلموا من درس جيمس كاميرون الجديد، وأن يتحرروا ويحرروا السينما بشكل خاص والفنون الأخرى بشكل عام من سلطتهم وتحكمهم وتدخلهم في السيناريو والإخراج، وأحياناً زوايا التصوير وعمليات المونتاج والمكساج، والغريب أنهم لا يكتفون بالتدخل لأجل مساحة دور يؤدونه، ولكنهم أيضاً يتدخلون لاستبعاد ممثل لأن دمه ثقيل على قلبهم أو اختزال دور آخر بهدف قص أجنحته حتى لا يستطيع أن يطير ويحلق أعلى منهم .

إن تدخلات النجوم أفسدت السينما العربية وشوهت الدراما التلفزيونية وتحكمت في سوق التوزيع والإنتاج، واليوم جاء جيمس كاميرون ليقدم الدرس لكل من يريد أن يتعلم تقنية السينما الجديدة ولمن يريد أن يتحرر من سلطة النجم . . ولكن المهم أن يتعلم مخرجونا الدرس، وإن كنت أشك، وإن حدث فسيأخذ الأمر الكثير من الوقت والجهد .

mhassoona15@yahoo.com

الخليج الإماراتية في

25/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)