أصبح شهر
رمضان الفضيل
موسما لعرض المسلسلات الدرامية، حيث تدور عجلة صناعة الدراما بسرعة لتقدم
إنتاجها
في
شهر رمضان بالجملة، وقد وصل عدد الأعمال الدرامية السورية لهذه السنة إلى
35
مسلسلأً حسب تصريح مدير لجنة صناعة السينما عماد رفاعي، وبعد
ان حققت الدراما
السورية نقطة مضيئة على الساحة الدرامية وتربعت على عرش الدراما بشهادة
جمهور
التلفزيون والمراقبين، تواجه الدراما السورية مطبا فنيا، فهناك معطيات
جديدة بدأت
تعكر صفو هذا النجاح، أولها تدفق رؤوس أموال خليجية لسوق
الدراما وإنتاج مسلسلات
تتوافق مع امزجتهم، الأمر الذي يبعث الشك في مستقبل هذه الدراما التي سجلت
نجاحا
منقطع النظيرمؤخرا، وقد أكد المنتج وائل سويداني ان رؤوس أموال خليجية
بمقدمتها
اموال سعودية بدأت تحكم سيطرتها على الدراما السورية والافكار
التي تطرحها، يقول
سويداني 'الدراما السورية بدأت تسيس، كما ان إنتاج اعمال درامية برؤوس
اموال من
الخارج، جعلها مباحة للتدخل فيها من ناحية النص والافكارالتي تطرحها، ولذلك
لاحظنا
إنتاج العديد من الأعمال البدوية كـ'فنجان الدم' و'صراع على
الرمال'، كما ان هناك
اتجاها لتخريس الدراما السورية التي كانت صاحبة كلمة في السابق' وأكد
سويداني ان
مسلسل 'فنجان الدم' الذي كان من المقرر أن يعرض على شاشة الmbc
قد
تم منع عرضه
بعدما تمت مراقبة العمل الذي خيب ظن السعودية بعدما وجدت فيه فكرا وهدفا لا
يتناسب
وتوجهاتها.
دخول
الدولارات الخليجية للسوق الدرامي السوري لم يكن مصدر سعادة
لكثير من المنتجين السوريين ممن تأثروا وتضرروا بسبب ارتفاع أجور الممثلين
الذين لم
تعد تغريهم الاجور التي يدفعها المنتجون السوريون، وعن ذلك
يقول سويداني ' اصبحت
أحسب مليون حساب عند إنتاج المسلسل، في السابق كان يدفع للنجوم 300 ألف
ليرة والآن
اصبحت أجورهم مرتفعة تصل إلى مليونين وثلاثة ملايين ليرة
سورية، فالمسلسل الذي كان
يكلف 10 ملايين اصبحت كلفته 50 مليون ليرة بنفس نسبة الربح، فرؤوس الاموال
السعودية
أثرت على المنتجين السوريين سلبا، و تسببت في خروج الكثر من
السوق لعدم قدرتهم على
مجاراة رؤوس الاموال الوافدة'.
وعن ظهور
أعراض دراما النجم المرض المزمن الذي
تعانيه الدراما المصرية، قال المخرج بسام الملا 'آمل ألا نشهد ذلك،فدراما
النجم
الواحد هي التي اوصلت الدراما المصرية العريقة إلى ما هي عليه
الآن حيث كانت نصف
ميزانية العمل تعطى للنجم ويتم التقطير على باقي العناصرالفنية واعتقد أننا
في
سورية لا زلنا نحافظ على دور المخرج القيادي'.
والشيء
الملفت الذي شهده موسم
الدرما لهذه السنة ترجل الدراما المصرية التي ترهلت فنيا من برجها العاجي
لتعلن
اعترافها بالدراما السورية، حيث كان هناك مجموعة من الاعمـــال المشتركة
بين
البلدين كما عرضت قناة النيل الدرامية 7 اعمال سورية الامر
الذي يعد سابقة تاريخية،
ويبدو ان مصر قررت فتح بوابتها للدراما السورية بعد أن كانت مقفلة لسنوات
عديدة،
الأمر الذي اكده المنتج سويداني 'يوجد هناك اكثر من عمل مصري ينفذ في
سورية،
فالحاجز الذي كان بين الدراما السورية والمصرية قد كسر' واضاف
بسام الملا في هذا
الخصوص 'إذا كان من الطبيعي ان تقتحم اعمالنا شاشة العرض المصرية فإن
الأشقاء
المصريين قد ذهبوا أبعد من ذلك حين فتحوا بوابات أعمالهم لمشاركة ممثلين
ومخرجين
سوريين في صناعتها' ومما لا شك فيه أن السمة الأبرز التي ميزت
الاعمال السورية أيضا
غلبة المسلسلات الشامية، فنجاح 'باب الحارة' كان محفزا للمنتجين لصناعة
اعمال
مماثلة بعدما اتضح ان هذه الاعمال بضاعة رائجة، فلقد شهدنا أربعة اعمال
شامية لهذا
العام، وهي 'باب الحارة' و'اهل الراية' و'بيت جدي' و'اولاد
القيمرية'.
وعن
ازدحام ساحة الدراما السورية بالأعمال التي تروي حياة البيئة
الشامية، يقول بسام
الملا مخرج 'باب الحارة' والذي له باع طويل في إخراج مثل هذه المسلسلات
'اعتقد أن
مجموعة النجاحات التي حققتها اعمالي منذ 'ايام شامية' والتي توجت بالنجاح
المدوي
لـ'باب الحارة' قد ساهم بشكل أو بآخر لتوجيه الانظار لهذا
اللون' إلا ان التحول
الإيجابي الذي لوحظ في المشهد الدرامي السوري طرح موضوعات جديدة وجريئة، في
خطوة
لافتة لقدرة الدراما السورية على تجديد نفسها والخروج عن النمطية، على
الرغم من
ضبابيـــة التقييم كون هذه المسلسلات لا زالت في بدايتها ولم
يتجل بعد خيرها من
شرها، مثل مسلسل 'عرب لندن' الذي يناقش قضية المغتـــــربين العرب في
الخارج، كذلك
مسلسل 'ليس سرابا' من إخــراج المثنى صبح وتمثيل عباس النوري وسلوم حداد،
والذي
يطرح امرا جدليا وجريئا تجاهلته الدراما العربية باعتباره احد
مكونات الثالوث
المحرم وهي قضية علاقة المسيحيين بالمسلمين والدخول بعمق للعالم المسيحي.
وفي
النهاية يبقى تصاعد الخط البياني للدراما السورية رغم كبواته
محرضا لتطوير أداء
باقي صانعي الدراما في العالم العربي.
القدس العربي في 12
سبتمبر 2008
|