لم تكن
رندة الشهال مكثرة كمخرجة لكنها رحلت عن ثلاثة أفلام روائية وعدد
من الأفلام الوثائقية ومشاريع روائية ووثائقية لم يتح لها
المرض الخبيث إتمامها
وتأخر تيسر المال اللازم لانتاجها،وقد انتظر سيناريو فيلمها الأخير طويلا
علي الورق
ورحلت بعد أن كتبته ولم تنجزه وهو نوع من كوميديا موسيقية حول عالم كرة
القدم كان
يفترض أن تقوم ببطولته الفنانة هيفاء وهبي في دور صاحبة مطعم
إلي جانب فال كريمر
الأمريكي والنجمة الأسبانية فيكتوريا ابريل كما سبق للمخرجة أن ذكرت في
أحاديث
صحفية.
وكان
فيلمها الروائي الأخير طائرة من ورق الذي تدور أحداثه في أوساط
الدروز في قرية حدودية مقسومة جزء منها لبناني- سوري والآخر
محتل من قبل إسرائيل
نال جائزة الدب الفضي في مهرجان البندقية عام 2003 وانتجه الفرنسي الراحل
امبير
بلزان منتج يوسف شاهين وعدد من المخرجين العرب الذين غدوا يتامي من
دونه،وافتتح هذا
الفيلم أيام قرطاج السينمائية عام 2005 حيث كان أول فيلم روائي
قصير لها فاز بجائزة
قبل سنوات من ذلك،وكانت الرقابة في لبنان منعت فيلمها الروائي الثاني
متحضرات عام
1998
وإلا كان
علي المخرجة أن تحذف منه 47 دقيقة وهو ما رفضته رندة الشهال، وركز
الفيلم في كتابة درامية لا تخلو من سخرية مريرة علي شخصيات تعيش حمي الحرب
الأهلية
اللبنانية وعلي خادمات متروكات في بيروت الحرب. أما فيلمها
الروائي الأول فحمل
عنوان شاشات الرمل عام 1991 وحكي قصة صداقة حميمة بين امرأتين، وقد تناولت
رندة
الشهال في أعمالها وباستمرار مواضيع بدا أنها ثوابت لديها مثل السياسة
والحب والحرب
والوطن والمنفي وقد برزت هذه المواضيع في أفلامها الوثائقية
كما الروائية. وبعد أن
درست المخرجة في باريس التي جاءتها عام 1973 في السوربون وفي معهد لويس
لوميير
أنجزت عددا من الأفلام الوثائقية كان أولها خطوة بخطوة عام 1997 الذي تناول
الحرب
والتدخل الخارجي في لبنان، وبعد عدد من الأعمال الوثائقية
وفيلم تلفزيوني عرضته
قناة آرتي الفرنسية الألمانية أنجزت رندة الشهال أحد أهم أفلامها الوثائقية
حروبنا
الطائشة الذي صورت فيه الحرب الأهلية اللبنانية من خلال أفراد
عائلتها ومسؤوليتهم
وعلاقتهم بهذه الحرب في مزيج غير معهود بين العام والخاص، ونال هذا الفيلم
الذي
يعتبر من أهم أعمالها الوثائقية والذي أنجز عام 1995 جائزة الفيلم الوثائقي
في
بيانالي السينما العربية في باريس، عام 2000 صورت رندة الشهال
بورتريه لسهي بشارة
المحررة من معتقل الخيام أيام الاحتلال الإسرائيلي للبنان في خطة أخري تبين
مدي
التزامها القضايا الوطنية ومناهضتها للاحتلال عبر أعمالها. وكانت الشهال
قبل ذلك
زارت مصر وأنجزت عام 1984 فيلما وثائقيا عن الشيخ إمام تحول
اليوم إلي وثيقة حول
المغني الراحل. وهي في رحلتها الفنية لم تتردد حتي في تصوير الفيديو كليب
حيث وقعت
كليب لطيفة معلومات مش أكيدة التي كتب كلماتها ووضع موسيقاها الفنان زياد
الرحباني
الذي تعاونت الشهال معه لوضع الموسيقي التصويرية لفيلمها طائرة
من ورق وهو يظهر
أيضا ممثلا فيه. كانت رندة الشهال مخرجة جريئة أنجزت أفلاما حميمة ملتزمة
وبرعت في
الوثائقي اكثر منه في الروائي وظلت يسارية بعد أن ارتد الكثيرون عن قناعتهم
في
لبنان وظلت طموحة متمردة. وعاشت رندة الشهال في باريس تحلم
بلبنان الآخر وتنجز
أفلاما عنه تتصارع مع المرض الذي انتصرت عليه سنوات قبل أن يعود وينتصر
عليها فتمضي
الفترة الأخيرة من حياتها في كفاح مرير ضده لكنها ظلت مقاومة
وشجاعة حتي اللحظة
الأخيرة.وذكرت مصادر عائلية في باريس لوكالة فرانس برس أن جثمان رندة
الشهال التي
توفيت الاثنين سينقل إلي لبنان اليوم ثم يواري الثري في مدينتها طرابلس
غدا.
الراية القطرية في 28
أغسطس 2008
|