مهرجان الأقصر: في طفرة السينما الأفريقية
وائل سعيد
انتهت منذ عدة أيام فعاليات النسخة الرابعة عشرة من مهرجان
الأقصر للسينما الأفريقية، والتي امتدت على مدار أسبوع في الفترة بين 9-14
يناير/ كانون الثاني، حيث التقى حشد من السينمائيين وصناع السينما الأفارقة
تحت شمس المدينة التاريخية التي تستأثر وحدها بثلث آثار العالم. إنها متحف
مفتوح لطالما أدهش الزوار، وهو ما يجعلنا ننتبه إلى عبقرية المكان لمهرجان
يعنى في المقام الأول بإبداع القارة السمراء بكل ما يكتنفها من غموض.
حملت دورة هذا العام اسم الفنان المصري نور الشريف كما رفعت
شعار "السينما الأفريقية قمر 14"، وذلك تقديرا للطفرة التي يشهدها الفيلم
الأفريقي على مدار السنوات الماضية، عن طريق حضور قوي وملحوظ في المحافل
الدولية السينمائية، نتجت عنه سلسلة من الجوائز والتقديرات لعدد كبير من
الأفلام. ويشير الشعار إلى الموروث الشعبي المصري على حد قول، رئيس
المهرجان السيناريست سيد فؤاد، حيث اعتاد المصريون على وصف الجمال بـ "قمر
14" انطلاقا من اكتمال القمر في ذلك اليوم من الشهر، وهو ما تم ترجمته عن
طريق ريشة الفنان التشكيلي العالمي محمد عبلة في بوستر المهرجان؛ لقطة
مكبرة لقارة أفريقيا تحتل الكادر والكرة الأرضية، فيما ارتص صانع السينما
من وراء كاميرته فوق بساط سحري تحمله الريح... "راكب أحلامه"، على حد وصف
عبلة.
كما هي العادة، انطلقت مراسم حفل الافتتاح من نهر النيل،
شريان الحياة للقارة ولمصر على حد سواء. من خلال رحلة نيلية لا تتجاوز ساعة
يستقل فيها الضيوف مجموعة من الذهبيات –مراكب- تنقلهم إلى معبد الأقصر، على
أنغام المزمار والطبل البلدي تختلط الرقصات الأفريقية والعربية في صورة
أقرب إلى الواقعية السحرية، إذا جاز التعبير؛ فعلي ضفتي النهر يتجمع أهالي
المحافظة للاحتفال بهذا الحدث السنوي وما يحمله من رواج جزئي لعدد كبير
منهم، خصوصا ممن يمتهنون العمل بالسياحة وهي موسمية في معظم الأحيان.
حفل برنامج المهرجان بالعديد من الفعاليات والبرامج الموازية بجانب بروجرام
عروض الأفلام الذي يضم هذا العام (65) فيلما من (35) دولة أفريقية، تنافست
على جوائز المهرجان المختلفة أو عرض بعضها خارج مسارات المسابقات الأربعة
بزيادة تقارب العشرين فيلما عن الدورة الماضية. كذلك أهديت دورة "قمر 14"
إلى أرواح أربعة أسماء سينمائية من مصر، المغرب، موريتانيا، والسنغال غيبهم
الموت في السنوات الأخيرة، لعل أحدثهم السيناريست المصري عاطف بشاي الذي
رحل عن عالمنا منذ شهور قليلة. فيما ذهبت التكريمات إلى خمسة سينمائيين:
موسي ابسا- السنغال. أكوسوا بوسيا- غانا. أحمد الحفيان- تونس، ومن مصر:
خالد النبوي والمخرج مجدي أحمد علي، الذي أكد في حوار أجريته معه على أهمية
فعالية كتلك فيما يخص "التقارب الأفريقي"، مشيرا إلى أن مؤسسات الدولة
بدأت مؤخرا في الانتباه إلى هذا التأثير الذي قد تحدثه السينما أو الفن بين
الشعوب، ويتمثل ذلك في الدعم الحكومي المقدم من بعض الهيئات والوزرات مثل
الخارجية، السياحة والآثار، والهيئة الوطنية للإعلام.
نحو هوية أفريقية
لا شك في أن العمق الأفريقي يعد أحد المكونات الأساسية
للشخصية المصرية منذ القدم، حتى أن الباحث ميلاد حنا يورده في كتابه
"الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" تحت عنوان "العامود السابع: انتماء مصر
لأفريقيا" مؤكدا على أن "أفريقيا هي مخزون العالم في التوسع الزراعي وفي
اكتشاف كنوز الثروة المعدنية والغابات ومصادر الطاقة المائية والمسماة
بالجديدة أو المتجددة".
"حفل
برنامج المهرجان بالعديد من الفعاليات والبرامج الموازية بجانب بروجرام
عروض الأفلام الذي يضم هذا العام (65) فيلما من (35) دولة أفريقية"
وقد طرح ذلك حينها كأحد الحلول المصرية أمام الزيادة
السكانية وما سيترتب عليها من أزمة في فرص العمل. وبرغم التعدد الثقافي على
أرض مصر على مر العصور، تبقى للهوية الأفريقية مكانة خاصة في النسيج
المصري، هذا بخلاف الهوية العربية بالطبع... "هكذا جمعت مصر في آن واحد بين
قلب أفريقيا وقلب العالم القديم، أفريقيَّة هي إذن بالموضع، متوسطية
بالموقع"، حسب وصف د. جمال حمدان في "شخصية مصر–دراسة في عبقرية المكان".
في العصر الحديث، شهدت حقبة الستينيات تقاربا مصريا
أفريقيا. تمثل في صور دعم الرئيس عبد الناصر وتأييده لحركات التحرر في بعض
دول أفريقيا الرازحة تحت نير الاستعمار، غير أن سياسة السادات سرعان ما
بددت خيوط التقارب، وخصوصا بعد انتصار (73) وبداية عصر الانفتاح وتوطيد
أواصر العلاقة بعيدا عن الجنوب لتشطح في اتجاه الغرب. في عهد مبارك غامت
العلاقات تقريبا، خصوصا بعد تعرضه لمحاولة اغتيال في أديس أبابا منتصف
التسعينيات. الأمر الذي ما زالت مصر تتداركه منذ اندلاع ثورة يناير، وحتى
وقتنا الراهن، سواء على مستوى التوجهات السياسية والحكومية أو من خلال
مبادرات المجتمع المدني، كما هي الحال مع مهرجان الأقصر. يقول المخرج
التونسي مراد بالشي: "يجب أن نعي كعرب أننا أفريقيون بالفطرة"، مؤكدا على
أن "أهمية مهرجان كهذا تعود إلى كونه ينبع من عمق أفريقي ومن داخل دولة
عربية".
إلى جانب كونه أحد المكرمين هذا العام، شارك المخرج موسى
سنا أبسا في لجنة تحكيم مسابقة الفيلم الطويل. أبسا (1958) من أبرز
الأسماء السينمائية في السنغال، بدأ حياته ممثلا، ثم انتقل إلى الإخراج
والكتابة في السينما والمسرح، ناهيك عن شهرته الواسعة كرسام تناطح رسوماته
لوحات في العالم جالبة له ملايين الدولارات. كان أبسا من أكثر المتحمسين في
المهرجان، ينتقل من عروض الأفلام إلى الندوات والمؤتمرات بشغف طفل لا
تفارقه الابتسامة والاندهاش، يساعده في خفة الحركة زيه الوطني الفضفاض ناصع
البياض تماما كأسنانه حين يضحك. يقول أبسا: "المهرجان بالنسبة لي يمثل صوتا
آخر لقارتنا، طريقة مغايرة لسرد قصصنا".
عرض لأبسا ضمن برنامج أفلام المكرمين فيلم "عمة" (2022)،
وهو الجزء الثالث من ثلاثية "مصير المرأة" التي بدأها المخرج عام 1997.
يتعرض العمل إلى قضايا المرأة الأفريقية وبخاصة في السنغال، مع ذلك، تشترك
المرأة عبر العالم بأكمله في تلك القضايا كما يؤكد المخرج مضيفا: "لقد
تلقيت تعليمي على أيدي النساء لذا أجد نفسي أتحدث عنهن كثيرا في أفلامي، في
المقابل لا أستطيع كتابة قصة عن الرجال، وهذه مشكلتي". في إطار أفلام
المكرمين أيضا، عرض لخالد النبوي أربعة أفلام، بالإضافة إلى نسخة مرممة
لفيلم "عصافير النيل" (2010) للمخرج مجدي أحمد علي تعرض للمرة الأولى.
قدم المخرج مجدي أحمد علي، على مدار ثلاثة عقود، عددا من
الأفلام لا يتجاوز العشرة. حاول فيها تحقيق التوازن بين مخاطبة الجماهير
والنخبة. بدءا من "يا دنيا يا غرامي، 1996". وفي "عصافير النيل" المأخوذ عن
رواية بنفس العنوان للكاتب إبراهيم أصلان نجح أحمد علي في القبض على روح
الكاتب الرهيفة واستغلال الصورة كوسيط لنقل شعرية النص وهي من المرات
القليلة في تاريخ السينما التي تنحاز الصورة لسلطة النص لا للكاميرا. فقراء
أصلان يمكنهم بسهولة سماع صوته أثناء سرد المشاهد حتى في استخدام صوت
الراوي معلقا على الأحداث.
ينص البند الثالث من لائحة المهرجان على أن تكون الأفلام
المشاركة "من إنتاج دول أفريقيا أو لمخرجين أفارقة، أو مرتبطة بالشأن
الأفريقي"، لذلك دائما ما يحتوي البرنامج على عدد من الأفلام لصناع من خارج
أفريقيا لكنها تخاطب القارة السمراء، كما تعتبر مسابقة "الدياسبورا - أفلام
الشتات" واحدة من أهم مسارات البرنامج والتي احتفت هذا العام بالسينما
التسجيلية؛ حيث اقتصر التنافس على خمس أفلام وثائقية من كوت ديفوار،
أستراليا، سويسرا وبلجيكا، وذهبت جائزة لجنة التحكيم إلى فيلم من السنغال
بعنوان "ستيفي واندر في غانا: البحث عن حياة مباركة" من إخراج الممثلة
العالمية أكوسا بوسيا. يتناول الفيلم تجربة المطرب وكاتب الأغاني الأميركي
ستيفي واندر (1950) وبعضًا من حياته. ويُعد واحدا من أساطير الغناء الشعبي،
يخبرنا في أحد مشاهد الفيلم: "لا يقدر الخوف على إخماد الأحلام، مشروع
أغنيتي الجديدة... لم أفكر سابقا في صورة للرب بلون محدد... لا أتخيله سوى
روح عصية على حصرها في لون أو عرق أو جنس... لذلك اتخذ من الموسيقى طريقا
إلى الله".
السينما السمراء
أول سبعينيات القرن الماضي، صاغ المنتج السينمائي جونيوس
جريفين مصطلح "Blaxploitation"
ويعني به استغلال السود أو قضاياهم عن طريق الأفلام السينمائية، بيد أن أمر
هذا الاستغلال شمل أصحاب البشرة السمراء أيضا، ما نتج عنه هيمنة للصورة
الغربية التي فرضتها سينما هوليوود. تحكم هذا بدوره في سوق عرض وتسويق
الفيلم الأفريقي لا سيما ونحن الآن في عصر الرقمنة الذي فتح فضاءات مغايرة
لآلية العرض. حول هذه الخلفية، عقد ملتقى على مدار يومين لمناقشة مستقبل
المهرجانات السينمائية الأفريقية في عصر الرقمنة، من خلال ثلاث جلسات بحثية
ونقاشية تناولت بالحديث والشهادات موضوع يمثل أهمية بالغة للسينما
الأفريقية.
"في
العصر الحديث، شهدت حقبة الستينيات تقاربا مصريا أفريقيا تمثل في صور دعم
الرئيس عبد الناصر وتأييده لحركات التحرر في بعض دول أفريقيا الرازحة تحت
نير الاستعمار"
ويدور حول هموم الفيلم الأفريقي وآماله وتطلعاته في مختلف
بلدان القارة السمراء، في ظل عدد من القضايا والتحديات التي تواجهها سوق
الإنتاج والتوزيع على كافة المستويات.
احتوت قائمة مسابقة الأفلام الطويلة على (11) فيلما، حصل
نصفها تقريبا على جوائز المسابقة، من بينهم "مائة واثنا عشر" من توجو، وهو
الفيلم الوثائقي الوحيد ضمن القائمة. وعلى الرغم من تنافسه مع عشرة أفلام
روائية، استحوذ على تنويه خاص من لجنة التحكيم. الفيلم للمخرج الشاب جويل
مَماكا تشيدري، الذي يُعد من أبرز أسماء الجيل الجديد من صناع الأفلام في
بلدته الواقعة غرب أفريقيا. يعود تشيدري في فيلمه إلى منتصف الثلاثينيات
حين وصل القطار لأول مرة إلى أحد البقاع النائية، ستصبح لاحقا مدينة بليتا،
مدينة تتلاقى فيها الثقافات وتنمو محققة الرخاء للأهالي، ومع مرور الزمن
يتبدل الوضع ويتلاشى كل شيء كما ورد على ألسنة الشخصيات في الفيلم من
الشيوخ والعجائز كشهود عيان على هذا التحول.
استقطبت الجزائر جائزة لجنة التحكيم الخاصة بفيلم "الحكايات
الحقيقية لمستشفى بليدا جوينفيل للأمراض النفسية"، سيناريو وإخراج عبد
النور زحزاح، والذي اختار لفيلمه واحدا من أطول العناوين في هذه الدورة إن
لم يكن أطولها. تنطلق أحداث الفيلم من داخل المستشفى (53/1956) لنتابع
تجربة السياسي والناشط الحقوقي فرانز فانون حين تم انتدابه للعمل على
معالجة الآثار النفسية الناتجة عن الممارسات الاستعمارية، وذلك خلال حركة
إنهاء الاستعمار الفرنسي للجزائر التي دامت لأكثر من قرن وربع تقريبا قبل
أن تنال استقلالها.
توزعت جوائز التمثيل بين تونس ومدغشقر على النحو التالي،
وذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى أمل المناعي عن دورها في فيلم "عصفور جنة"
سيناريو وإخراج مراد بالشيخ، بينما حصل باريس سامبو على جائزة أفضل ممثل عن
دوره في فيلم "ديسكو أفريكا: قصة من مدغشقر" للمخرج لوك رازانا جاونا، الذي
يأخذنا في رحلة لا تتجاوز 80 دقيقة لنتابع قصة كفاح الشاب العشريني كوامي
من أجل لقمة العيش، وهو ما يفرض عليه العمل بالمناجم السرية للياقوت في
مدغشقر. أما "عصفور جنة" فيتناول في إطار كوميدي ساخر أزمة زواج المسلمة من
غير مسلم، الأمر الذي كان ممنوعا في السابق بتونس قبل أن يجري بعض
التعديلات على مواد قانون الأحوال الشخصية، في محاولة للحد من التناحر الذي
يحدث للجانبين في مثل هذه الحالات. لا شك في أن المخرج نجح في حياده حيال
الفريقين، بدون الوقوع في فخ الترويج لأفكار بعينها، والانتصار الذي بات لا
مفر منه لقبول الآخر.
ذهبت جائزة أفضل فيلم إلى "دمبا" من السنغال. بطولة
وسيناريو وإخراج مامادو ديا. سبق أن رشح الفيلم ضمن قوائم جوائز الأوسكار
عن السنغال. في إطار إنساني يُبحر مامادو داخل نفسية بطله الذي على وشك
الوصول إلى سن التقاعد بعد ثلاثة عقود قضاها في خدمة بلدته الصغيرة، الأمر
الذي يتزامن مع اقتراب ذكرى وفاة زوجته، ما يزيد من تدهور حالته وتنامي
شعوره بعدم القدرة على التعايش.
من الأفلام الجيدة أيضا في القائمة، نتابع الفيلم النيجيري
"مات الرجل" إخراج أوام أمكبا الحائز على جائزة "رضوان الكاشف"، والتي
تقدمها مؤسسة شباب الفنانين المستقلين لأفضل فيلم يحمل هوية أفريقية.
الفيلم مبنى على أحداث عمل أدبي بالعنوان ذاته لكاتب نوبل الأفريقي وول
سوينكا، وفيه يروي تجربته المريرة مع السجون النيجيرية منتصف الستينيات؛
حيث تعرض للاعتقال وسجن في حبس انفرادي بدون محاكمة أثناء نشوب الحرب
الأهلية، في مواجهة هذا الحكم العسكري يقول سوينكا: "بدا لي أن هذا هو
فعلًا الشرط الاجتماعي للطغيان: مات الرجل، مات الكلب، ماتت القضية. مات
الإنسان داخل كل من يبقى صامتًا في وجه الطغيان".
خارج الكادر وبالقرب منه
علي الرغم من مشاركة مصر بفيلمين ضمن مسابقة الفيلم الطويل،
لم يكن لأي منهما نصيب من جوائز المهرجان. عرض الفيلم الأول "الهوى سلطان"
في الشهر الأخير من العام الماضي بطولة منة شلبي وتأليف وإخراج هبة يسري.
وتدور أحداثه في قالب رومانسي وربما لذلك حظي بردود جيدة لدى الجمهور الذي
يفتقد الرومانسية في الأفلام والحياة على حد سواء. أما الفيلم الثاني فهو
بعنوان "لأول مرة" ويعرض لأول مرة قبل عرضه في السينمات نهاية الشهر
الجاري. الفيلم سيناريو محمد عبد القادر وإخراج جون إكرام ومن بطولة تارا
عماد.
عمر الشناوي يتناول حياة زوجين في مقتبل العمر لم يمضِ على
زواجهما سوى خمس سنوات، رغم ذلك تتعرض العلاقة بينهما إلى فتور وتقلب في
المشاعر يزداد بعد أن تحصل الزوجة على ترقية بموجبها تكون الرئيسة المباشرة
لزوجها، ما يستدعي إلى الذكرة فيلم "مراتي مدير عام" (1966) للمخرج فطين
عبد الوهاب.
إلا أن الصدام هنا ليس مع المجتمع ومعتقداته بين مكانة
الرجل والمرأة كما تناولها عبد الوهاب في فيلمه، بل يتخطى ذلك إلى صدام
جديد يكاد يصل لحد العراك، حين يكتشف كل من الزوجين الوجه الآخر لشريك
حياته، بعد أن يتبين للزوج إصابته بمرض الإيدز. ولما كان على يقين بعدم
خيانته اتجهت أصابع الاتهام إلى الزوجة، التي نكتشف من خلال تصاعد الأحداث
تورطها بالفعل وإن لم يكن بشكل كامل. غامر المخرج لا شك في الاكتفاء بمكان
وحيد ومغلق للتصوير وتصاعد الأحداث، حيث اعتمد على منزل الزوجية مسرحا لذلك
التصاعد الذي لا يخلو من رتابة، خصوصا مع الأداء المتواضع لبطلي الفيلم،
كذلك لم ينجح المخرج في المحافظة على إيقاع الأحداث، حيث لم تخرج جميعها
تقريبا عن المتوقع سواء من المتخصصين أو الجمهور وتعليقاتهم المصاحبة في
توقع المشهد التي لم تنقطع في صالة العرض.
على جانب آخر، ضم برنامج عروض أفلام الطلبة المقتصر على
العروض المصرية، 11 فيلما، تنوعت بين الروائي والتسجيلي. ضمنهم فيلم من
إنتاج "المدرسة العربية للسينما والتليفزيون"؛ المدرسة الوحيدة كما تؤكد د.
منى الصبان مؤسس ورئيس المدرسة لتعليم فنون السينما "اون لاين". جدير
بالذكر أن المخرج المصري الشهير بيتر ميمي أحد خريجي المدرسة، والذي لمع
نجمه في عدد من الأعمال الجماهيرية كان آخرها مسلسل "الحشاشين" المعروض في
الموسم الرمضاني الفائت. كثيرا ما أكد ميمي في حوارات سابقة على أن المدرسة
وضعته على أول الطريق نحو الانطلاق، الأمر الذي يراود أحلام المصور الصحافي
الشاب محمد حامد سلامة الحائز على الجائزة الفضية لأفضل فيلم عن "نبت
الأرض" إنتاج المدرسة العربية.
يعمل سلامة منذ سنوات مصورا صحافيا حرا. ينتقل من بلدته في
الجنوب إلى القاهرة ومن الإسكندرية إلى شرم الشيخ، ملتقطا بعدسته صورا
لفعاليات سينمائية ومسرحية تقام على مدار العام. على جانب آخر، يقاوم حلما
بعيد المنال في صنع فيلم من إخراجه، خصوصا وأن الطريق إلى معهد السينما
يكاد يطلب معجزة، سواء على مستوى القبول النظامي أو الدراسة الموازية التي
تتطلب آلاف الجنيهات. من هنا مثلت المدرسة لسلامة عوضا بديلا لأبواب المعهد
المغلقة، إلى جانب ما توفره لطلابها من حصول على عضوية نقابة المهن
السينمائية ما يضمن لشباب السينمائيين العمل بشكل رسمي. |