رحيل دلال عبد العزيز... حديث المساء الأخير
القاهرة/ العربي الجديد
قد تكون دلال
عبد العزيز (1960 ــ 2021) واحدة
من الشخصيات الفنية العربية القليلة التي تتمتّع بعلاقات طيبة مع جميع
العاملين في هذا الوسط، إلى جانب الحبّ الكبير الذي يكنّه لها الجمهور
المصري والعربي، إذ إضافة إلى موهبتها الكبيرة التي أظهرتها في الشخصيات
التي جسدتها، فإن الودّ والطيبة اللذين اشتهرت بهما، جعلا منها مثالاً على
الساحة الفنية المصرية.
هذه الشعبية الكبيرة ظهرت مع إعلان خبر وفاتها، بعد أكثر من
3 أشهر من دخولها المستشفى إثر
إصابتها بفيروس كورونا، نهاية
شهر أبريل/نيسان الماضي. ففور نشر عائلتها لنبأ رحيلها امتلأت مواقع
التواصل بصورها، والتدوينات التي تستذكر رحلتها الفنية الطويلة.
وكانت الفنانة ميرفت أمين، من أكثر الصديقات قرباً من دلال
عبد العزيز، إذ جمعت الممثلتين مع الراحلة
رجاء الجداوي صداقة
اشتهرت عبر عقود في الوسط الفني. وهو ما دفع أمين إلى التوجّه إلى
المستشفى لإلقاء النظرة الأخيرة على صديقة عمرها وتوديعها.
مسيرة طويلة
برعت الفنانة الراحلة في تجسيد مختلف الشخصيات، فسواء كان
الدور كوميدياً أو تراجيدياً، كانت دلال
عبد العزيز تقدمه
بنفس القدر من السلاسة والعمق في آن واحد. وقد بدأت مشوارها الفعلي عندما
قدمها المخرج الكبير الراحل نور الدمرداش في مسلسل "بنت الأيام" عام 1977،
من بطولة محمود مرسي وكريمة مختار ونعيمة وصفي، لكنّ عائلتها أصرت أن تنتهي
من دراستها الجامعية قبل أن تحترف التمثيل.
بعد التخرج من الجامعة، عادت مرة أخرى للتلفزيون حيث التقت
مع الممثل جورج سيدهم في أحد المسلسلات ورشحها لبطولة مسرحية "أهلا يا
دكتور" مع صديق عمره سمير
غانم.
قدمت على خشبة المسرح العديد من الأعمال، منها "فخ السعادة
الزوجية"، "هالة حبيبتي"، و"فارس وبني خيبان"، و"أخويا هايص وأنا لايص"،
و"حب في التخشيبة"، و"جوازة طلياني".
وفي التلفزيون، اشتهرت بدور نجاة في مسلسل
"ليالي الحلمية"،
ومن بعده قدمت مسلسلات "لا"، و"للعدالة وجوه كثيرة"، و"حديث الصباح
والمساء"، و"الناس في كفر عسكر"، و"ابن الأرندلي"، و"سابع جار".
أما في السينما، فشاركت في عشرات الأفلام، منها "يا رب
ولد"، و"بئر الخيانة"، و"بنات حارتنا"، و"البوليس النسائي"، و"صراع
الزوجات"، و"النوم في العسل"... ولعلّ أعمالها السينمائية هي التي أكسبتها
لقب "ممثلة كل الأدوار" بسبب قدرتها على الانتقال من التراجيدي إلى
الكوميدي، وتقديم كل الأدوار بنفس الجودة. هكذا تبقى أبرز أعمالها
السينمئاية، فيلم "مبروك وبلبل" مع الفنان يحيى الفخراني، عام 1998 من
إخراج ساندرا نشأت. واستطاعت عبد العزيز خلاله تقديم شخصية الفتاة "بلبل"
التي تعاني من مصاعب جمة بعد موت والدتها واضطرارها للهجرة إلى القاهرة،
لتعمل بائعة هوى. وقد برعت في تقديم هذه الشخصية بكلّ تناقضاتها وصراعاتها
النفسية والاجتماعية، ما جعلها واحدة من الأرقام الصعبة على الساحة الفنية.
من الأدوار المهمة أيضاً، والتي تركت أثراً كبيراً، تأديتها
شخصية "فطوم" في مسلسل "كفر عسكر"، من إخراج نادر جلال، وسيناريو بشير
الديك، عام 2003.
وفي المسلسلات قدمت دلال عبد العزيز شخصية سلوى وهبي في
مسلسل "لا" (1994) وقد لاقى نجاحاً كبيراً. وكان المسلسل من ﺇﺧﺮاﺝ يحيى
العلمي وﺗﺄﻟﻴﻒ مصطفى أمين.
وبعيداً عن الأدوار المركبة، قدمت دلال عبد العزيز، أدواراً
كوميدية نجحت فيها بامتياز، ومنها الفيلم الكوميدي "لا تراجع ولا استسلام
(القبضة الدامية)" مع أحمد مكي وذلك في عام 2010، إذ قدمت شخصية "ميار"
والدة "حزلقوم" وكان بينهما كيمياء فنية مدهشة لاقت استحساناً بين الجمهور.
كما شاركت في البطولة الجماعية لمسلسل "سابع جار" الذي يعتبر من أنجح
المسلسلات المصرية في العقد الأخير، بعدما لاقى نسب مشاهدة عالية في مصر
والعالم العربي.
حياتها الشخصية
ولدت دلال عبد العزيز في قرية فرغان، إحدى قرى ديرب نجم في
محافظة الشرقية، وحصلت على بكالوريوس الزراعة من جامعة الزقازيق، وعلى
بكالوريوس من كلية الإعلام في جامعة القاهرة، وليسانس الآداب قسم اللغة
الإنكليزية من كلية الآداب في جامعة القاهرة، وحصلت على دبلوم في العلوم
السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة كذلك.
وقد شكّلت مع زوجها سمير غانم ظاهرة في العالم العربي، وذلك
بعد زواجهما المفاجئ عام 1984، خصوصاً أنّ غانم كان يكبرها بأكثر من عشرين
عاماً، وهو ما جعل شائعات كثيرة تلاحق سنوات زواجهما الأولى. لكنّهما بقيا
معاً حتى رحيل غانم في 20 مايو/أيار الماضي متأثراً هو الآخر بتبعات إصابته
بفيروس كورونا.
هذا الزواج أثمر عن ابنتين هما الفنانتان دنيا وإيمي سمير
غانم.
ردود الفعل
وكان أوّل من نشر خبر وفاة عبد العزيز، المذيع رامي رضوان،
زوج ابنتها دنيا، إذ نعاها عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك" وهو ما فعله كذلك
الفنان حسن الرداد زوج ابنتها إيمي، مؤكداً خبر رحيلها.
كذلك نعتها ظهر اليوم السبت، وزارة الثقافة المصرية في بيان
جاء فيه: "الراحلة تميزت بأسلوب فني خاص وعبرت بصدق عن المرأة المصرية في
كافة الشرائح الاجتماعية، كما جسدت شخصيات تركت بصمات بارزة في وجدان
الجمهور".
ونشر فنانون مصريون وعرب عبر حساباتهم على مواقع التواصل،
نعياً للفنانة الراحلة وصوراً ومقاطع من أبرز أعمالها. ومن بين أبرز هؤلاء
هند صبري، وشيرين رضا، وهنا شيحا، ونادية الجندي، وكارمن لبس، وهيفا وهبي،
ولطيفة. |