«زهرة
حلب» في الافتتاح والعاصمة التونسية تأخذ «دُشًّا» باردًا
الدورة السابعة والعشرون لأيام قرطاج السينمائية
تونس ـ «القدس العربي» من عبدالدائم السلامي:
اُفتُتِحت مساء أمس الجمعة في قصر المؤتمرات في العاصمة بحضور وزير
الثقافة التونسي محمد زين العابدين والنجمة السينمائية التونسية
المقيمة في مصر هند صبري، وعديد من فنّاني السينما العربية
والتونسية والأفريقية.
وتتزامن هذه الدورة التي ستستمر إلى يوم 5 نوفمبر/ تشرين الثاني
المقبل مع الاحتفال بخمسينية هذا المهرجان العريق. يذكر أن إدارة
هذا المهرجان ساعدت على نقل حفله الافتتاحي مباشرة إلى المدن
الداخلية، على غرار مدن جربة وصفاقس وقفصة والقيروان والمنستير
والمهدية والقصرين وسليانة والكاف وجندوبة. كما سيتمّ عرض مجموعة
من أفلام هذه الدورة في بعض الجهات الداخلية الأخرى.
وكانت انطلاقة هذا المهرجان بعرض مخصوص بالصحافيين لفيلم «زهرة
حلب» (إنتاج مشترك تونسي لبناني) في قاعة «الكوليزي» في العاصمة.
وقال رضا الباهي مُخرج هذا الفيلم إنّ «زهرة حلب» يمثّل أفضل
أفلامه لأنه عمل نابع من معيش الناس ويُجيب عن أسئلتهم عبر رؤية
فنية تُفكِّكُ مسألة «الجهاد» وما فيه من استقطاب المجموعات
الإرهابية للشباب التونسي، والتغرير بهم ورميهم في أتّون حرب طاحنة
لا تعنيهم. وأضاف الباهي أن الفيلم ينهض على دعامة حكاية أمّ (هند
صبري) تعمل ممرِّضة، تقرّر الالتحاق بسوريا بتعلّة الجهاد وغايتها
في ذلك استرداد ابنها ذي الثمانية عشر عاما بعد أن تمّ تجنيده من
قبل عناصر تكفيرية وترحيله إلى مناطق الحرب في سوريا. وهناك تعيش
الأم مغامرة صعبة يتمّ فيها اغتصابها من قبل جماعة جهادية ثم
قَتْلها من قِبَل ابنها بدون أن يعرفها. ولم يُخفِ الباهي تبرُّمَه
من واقع الإنتاج السينمائي في تونس «هذا البلد الضيِّق» على حدّ
وصفه، وأكّد في الصدّد أن فيلَمه ثمرةُ تعاون فريق الممثِّلين
وزهدهم في الجانب الماديّ بغرض توفير كلّ أسباب النجاح له، وهم
هشام رستم ومحمد علي بن جمعة وباديس الباهي وفاطمة ناصر من تونس
ومحمد آل راشي وجهاد الزغبي وباسم لطفي من سوريا. وحيّا الباهي
الفنانة هند صبري التي قامت بدور البطولة في فيلمه وشاركت في
إنتاجه عبر شركة «سلام برود». والحقّ أننا شاهدنا فيلم «زهرة حلب»،
وحاولنا التنبّه إلى كلّ خطابه الفنيّ والمضمونيّ، ولا نُخفي في
هذا الصدد ملاحظةَ أنّ الفيلم لم يحفزِنا لأنْ نتعاطف مع أيّ شخصية
من شخصياته، ولم يقدّم جديدا في طرحه لمسألة الإرهاب، كلّ ما فيه
هو من قبيل الجديد المألوف، كما لو أنه طبيخ بائت.
وذكرت هند صبري في حديثها للصحافيين أنّ «زهرة حلب» أعادها إلى
السينما التونسية بعد غياب طويل، وهي واثقة من أنّه سيجد صدًى
طيِّبًا لدى الجمهور التونسي والعربي. ويذكر أن هذه النجمة فازت
بجائزة أفضل ممثلة في فيلم «صمت القصور» للمخرجة مفيدة التلاتلي
خلال أيام قرطاج السينمائية لعام 1994.
«الجديد في خمسينية المهرجان هو الرجوع إلى الذاكرة» بهذا القول
وصَّفَ إبراهيم اللطيف، مدير أيام قرطاج السينمائية، هذه الدورة
الجديدة، حيث ذكر أنه سيتمّ الاحتفاء بمؤسِّسِها الراحل الطاهر
شريعة وبكلّ الفائزين فيها بالتانيت الذهبيّ على مرّ الخمسين سنة
الماضية. واعتبر أن السينما العربية والأفريقية الراهنة إنما هي
ثمرة جهود فنانين ومخرجين مَهَرة كان لهم الفضل في تأصيل هذا الفنّ
وفي التعريف به عالميا. وأكّد إبراهيم اللطيّف أن النجم المصري
عادل إمام سيكون حاضرا في اختتامية هذه الدورة، وسيحضرها معه أيضا
كلّ من باسم يوسف ومحمود حميدة وجميل راتب وخالد النبوي وعمرو واكد
وعزت العلايلي وباسل الخياط. وستكرِّمُ هذه الدورة كلا من
المخرجيْن الراحليْن المصري يوسف شاهين والإيراني عباس كياروستمي،
وسيتمّ عرض بعض أفلامهما بحضور ممثِّلين قاموا بدور البطولة فيها
وقال إبراهيم اللطيّف إنّ مسابقة العمل الأول تتضمن 12 شريطا
سينمائيا، بينما تتضمن مسابقة الأفلام القصيرة 18 شريطا. وأشار
اللطيّف إلى أن لجان تحكيم مسابقات هذه الدورة تتكوّن من عبد
الرحمن سيساكو من موريتانيا (رئيس لجنة التحكيم الكبرى) وسفيان
الفاني من تونس (رئيس لجنة العمل الأول) وميمونة إندياي من بوركينا
فاسو (رئيس لجنة الأفلام القصيرة) وكريستوف لوبارك من فرنسا (ورشة
تكميل). وسيكون جمهور السينما على موعد مع مجموعة من الأفلام
الروسية والصينية، في إطار انفتاح المهرجان على محيطه العالمي.
وما ميّز هذه الدورة الجديدة من أيام قرطاج السينمائية هو احتفاء
العاصمة التونسية بزوّارها، إذْ منذ فجر يوم 28 أكتوبر، يوم
الافتتاح، بدت شوارع العاصمة التونسية كما لو أنها أخذت دُشًّا
صباحيا باردًا، فلا يعدِمُ الماشي في شوارعها رؤيةَ مظاهرِ
صَحْوِها المَدِينيِّ، ذلك أنّ محافظ العاصمة الجديد عزم أمره على
تخصيص ما يلزم من عتاد ماديّ وبشريّ لتخليصها من أوساخها ومَشاهد
بؤسها البيئي التي لازمتها منذ 14 سبتمبر/أيلول 2011، حتى تستقبل
زوّارها من نجوم السينما في أبهى منظر.
تونس
تسعى لأن يصبح «قرطاج» السينمائي في خمسينيته متوسطياً
تونس – من رشيد الجراي:
لا يخفي إبراهيم اللطيف، مدير الدورة السابعة والعشرين لمهرجان
«أيام قرطاج» السينمائي، الذي انطلق مساء أمس في العاصمة تونس، عن
طموح إدارة المهرجان إلى أن يصبح «متوسطياً».
كما كشف عن سبب غياب السياسة عن السينما التونسية قبل ثورة 14
يناير/ كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين
العابدين بن علي.
وقال اللطيف يطمح المهرجان لأن يكون خلال السنوات المقبلة
«متوسطياً» بالانفتاح على دول البحر الأبيض المتوسط وتوسيع مشاركة
تلك الدول فيه.
وأشار إلى أن ذلك الطموح لا يتعارض مع مواصلة الأهداف التي يعمل
عليها المهرجان في التعريف بالسينما العربية والإفريقية.
وتابع مدير المهرجان قائلاً «ستحتفي الدورة المقبلة بذاكرة
المهرجان وذلك بتوثيق إنجازات كبار مؤسسي التظاهرة تأكيدا على
قيمته التاريخية».
وتأسس مهرجان «أيام قرطاج» السينمائي عام 1966 وكان يقام كل عامين
بالتناوب مع «أيام قرطاج» المسرحي قبل أن يصبح تظاهرة سنوية.
واستعرض اللطيف برنامج الدورة الحالية للمهرجان التي قال إنها
«ستكون مختلفة عن سابقاتها لاحتفائها بخمسينية المهرجان (مرور
خمسين عاما على الانطلاق) بعرض أهم الأفلام لكبار المخرجين
والمنتجين العرب والأفارقة والتي تركت بصمة لدى جمهور الفن السابع
طيلة تلك السنوات منذ نشأة المهرجان».
وفي السياق ذاته ستنظم ندوات فكرية وعروض فنية في الساحات العامة،
إضافة إلى تقديم عروض في الجامعات والسجون والثكنات العسكرية
وقاعات العرض في مختلف محافظات البلاد بهدف وصول المهرجان لأكبر
قدر ممكن من عامة التونسيين، حسب المتحدث.
ولفت اللطيف إلى تكريم بعض الضيوف خلال الدورة الحالية «اعترافا
بمكانتهم في المهرجان منذ ولادته على غرار المخرج المصري الراحل
يوسف شاهين».
كما وصف بعض الأفلام التي ستعرض لأول مرة في قاعات السينما خلال
المهرجان «بالمفاجأة الكبرى للجمهور».
ولفت إلى أن تلك الأفلام «المفاجأة» ستعالج مواضيع الساعة من أحداث
إرهابية ضربت المنطقة إضافة إلى المواضيع التي تمس كيان المواطن
العربي والإفريقي على غرار الحب والعلاقات الإنسانية وغيرها، حسب
قوله.
وتابع «لدينا العديد من المفاجآت للجمهور فمعظم الأفلام ستعرض لأول
مرة (14 فيلما ستعرض لأول مرة من بين 18 يشاركون في المسابقات
الرسمية للأفلام الطويلة)».
وأضاف «المهرجان يطمح للوصول إلى 200 ألف متفرج هذه الدورة بعد أن
استقطب العام الماضي 182 ألفاً».
وأشار المدير إلى أن السينما «تسعى لرسم البسمة على وجوه التونسيين
طيلة أيام الدورة حتى يتصدوا بالفن والإبداع لكل مشاكل الإرهاب
وتداعياته».
وحسب البرنامج الذي أعلنت عنه إدارة المهرجان، تشهد المسابقة
الرسمية للأفلام الطويلة التي يرأسها المخرج الموريتاني، عبد
الرحمن سيساكو مشاركة 18 فيلمًا، بينها 4 أفلام من تونس هي: «شوف»
لمخرجه كريم دريدي، و«تالة حبيبتي» للمخرج مهدي هميليو، و«زينب
تكره الثلج» للمخرجة كوثر بن هنية، و«غدوة حي» للمخرج لطفي عاشور.
فيما يتنافس على جائزة الأفلام الطويلة 3 أفلام من مصر، وفيلمان من
سوريا، ومثلهما من المغرب، فضلاً عن فيلم واحد من كل من دول جنوب
إفريقيا والسنغال ونيجيريا وبوركينافاسو وتشاد والعراق، فيما تشارك
فلسطين والأردن بفيلم من إنتاج مشترك.
وردا على سؤال حول عدم تطرق السينما التونسية قبل ثورة 2011
للقضايا السياسية والاجتماعية، مثل غياب الحريات والأحداث الكبرى
التي هزّت البلاد، أقر اللطيف بذلك، مشيراً إلى أن السينما
التونسية لم تتطرق أيضاً لبعض الأحداث التاريخية الهامة مثل ثورة
«الخبز» عام 1984.
ورجح مدير المهرجان أن يكون ذلك إلى «التضييق الذي عرفته البلاد
إبان حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة
2011».
وفي الثالث من يناير/ كانون الثاني 1984 انطلقت مظاهرات شعبية في
كامل أنحاء تونس ضد الزيادة في أسعار الخبز ومشتقات الحبوب وأسفرت
عن عشرات الضحايا نتيجة إطلاق النار على المتظاهرين من قبـل
الشـرطة وانتـهت بتراجع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عن الزيـادة
في الأسـعار بعـد ثـلاثـة أيـام من الاحتـجاجـات. وتابع «لم يكن
بإمكاننا خلال العقدين الماضيين التطرق لبعض المواضيع لكن اليوم
على المخرجين والمنتجين السينمائيين في تونس معالجة هذه القضايا
لأنه من المهم أن يتم توثيق ذلك».
وتستمر الدورة السابعة والعشرين من مهرجان أيام قرطاج السينمائية
إلى الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وافتتحت الدورة الحالية بفيلم «زهرة حلب» للمخرج التونسي رضا
الباهي وبطولة هند صبري.
ويشارك في المسابقة الخاصة بتكريم «الطاهر شريعة» مؤسس المهرجان
عام 1966، تحت عنوان «العمل الأول» 13 فيلمًا من عدة دول إفريقية
وعربية.
وفي مسابقة «سينما واعدة»، التي يتضمنها المهرجان، يتنافس على
الجوائز 17 فيلمًا من عدة بلدان، منها تونس ومصر وفرنسا وصربيا.
ومسابقتا الأفلام الطويلة والقصيرة، هما المسابقتين الرئيستين في
المهرجان السينمائي التونسي، ويحصل الفيلم الأول من كل مسابقة على
جائزة «التانيت الذهبي»، فيما ينال الفيلم الثاني «التانيت الفضي»،
وتكون جائزة «التانيت البرونزي» من نصيب الفيلم الثالث.
والجائزة عبارة عن مجسّم لـ «التانيت»، وهو آلهة قرطاجية، فينيقية
الأصل، اعتبرها سكان قرطاج قديماً حامية للمدينة.
«ذاكرة
السينمائيين» في كتاب يصدر خلال أيام المهرجان
تونس – «القدس العربي»:
تشهد الدورة الحالية، حضوراً إستثنائياً، في ظل الإحتفالية الكبرى
التي يشهدها كبار السينمائيين ومحبو السينما من القارة الأفريقية،
بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس أيام قرطاج السينمائية عام
1966 على يد السينمائي الراحل الطاهر شريعة.
وفي إطار ذلك، أعدت إدارة الأيام السينمائية كتابا يحمل عنوان «من
ذاكرة أيام قرطاج السينمائية» وأشرف عليه الصحافي والسينمائي
التونسي خميس خياطي.
وفي تصريح خاص لـ»القدس العربي»، أكد خياطي أن الكتاب إستغرق
إعداده أكثر من أربعة أشهر، ويضم شهادات من جانب 51 من نقاد
السينما العرب والعالم وأفريقيا، ممن كانت لهم مساهمات في تاريخ
أيام أيام قرطاج السينمائية منذ تأسيسه، وفي مقدمتهم الناقد
السينمائي المصري سمير فريد، ومن المخرجين السينمائيين التونسي
فريد بوغدير والذي يكرمه المهرجان هذا العام، وكذلك المخرج المغربي
أحمد المعنوني.
وذكر خميس خياطي أن الكتاب سيضم 144 صفحة، تصدر منه نسخ باللغة
العربية، وأخرى بالفرنسية، مشيراً إلى أنه تم طباعة ما يقرب من
1300 نسخة.
وبمناسبة خمسينية أيام قرطاج السينمائية، تم تصميم بوستر المهرجان
ليضم سينمائيين كانوا قد تم تتويجهم بالتانيت الذهبي- وهي الجائزة
الكبرى- على مدار أعوامه الفائتة، وفي مقدمتهم المخرج السينغالي
عصمان سمبان، ويوسف شاهين والذي يتم تكريم إسمه في الدورة الجديدة،
وتوفيق صالح، وفريد بوغدير من تونس، ومرزاق علواش من الجزائر ومحمد
مفتكر من الغرب، والذي حصل العام الماضي علي التانيت الذهبي عن
فيلمه الروائي الطويل «جوقة العميين»، وقائمة طويلة من المخرجين. |