قبل أن تنتهى الرحلة مع مهرجان البيئة وقبل إعلان جوائز الختام ببضع
ساعات يتبقى فى الذاكرة عدد من اللمحات أجد نفسى حريصا على توثيقها على
الورق. المؤكد أن هناك عالما آخر موازيا يسعى لحماية البيئة ويقاوم عالم
القبح والشر الذى يغتال البيئة، مثلا هناك جمعية أنشئت قبل عشر سنوات باسم
«فكر مرتين» الغرض منها هو حماية الحيوانات المعرضة للانقراض وتذكير الناس
بأهمية الحفاظ عليها من هجمات الزمن، تأملت تعبير «فكر مرتين» ووجدت أننا
فى حياتنا لو فكرنا مرتين لتجنبنا أشياء عديدة اندفعنا إليها، لأننا فكرنا
مرة أو ربما فى الحقيقة مارسناها فقط بحكم العادة.
كثيرا ما يشعر الإنسان أن تراجعه عن موقف اعتراف علنى بالخطأ، ولكن
هذه هى أهم قيمة علينا أن نحرص عليها. عقد فى المهرجان ندوة قبل النهاية
بساعات مع الكاتب الروائى والطبيب النفسى محمد المخزنجى واكتشفت أنه لم
يحصل حتى الآن على جائزة الدولة التقديرية. مزج د.المخزنجى بين الطبيعة
برؤية أدبية وعلم النفس والتاريخ المصرى القديم، ولديه تشبيه شديد البلاغة
نرى فيه حالنا، حيث إن لدينا ثلاثة اختيارات، إما أن نكون مثل الورق الشفاف
الذى ينقل ويقلد ما سبق حرفيا، وهو لا يعبر عن نفسه، ولكن عن آخرين ليصبح
صدى لهم، وإما أن نجد أنفسنا ورقة كلينكس مصيرها سلة المهملات والاختيار
الصعب هو أن نصبح ورقة لوتس أحد معالم مصر الفرعونية، فهى تحمى نفسها من
التلوث ولا تكون إلا نفسها ونحن أولى بالطبع بورقة اللوتس.
ومن محاضرة المخزنجى إلى فيلم يابانى «أرض لا أحد» يعود الفيلم ليمسك
بمن تبقى فى إحدى القرى اليابانية بعد إلقاء القنبلة الذرية التى راح
ضحيتها الآلاف فى نهاية الحرب العالمية الثانية على هيروشيما وناجازاكى، من
كانوا أطفالا وقتها اقتربوا الآن من الثمانين، هؤلاء يطمعون لبلوغ المئة
ولديهم الذاكرة نابضة بالحياة، وكلما كبر الإنسان فى العمر كانت الذاكرة
التى تحوى الأحداث البعيدة هى الأقوى، كما أن الطبيعة قادرة دائما على أن
تستعيد تلك اللحظات التى لم تمت، حتى المقابر تبدو وكأنها تؤكد حضورهم
نستشعر أنهم لم يغادروا المكان ولا الزمان.
ويتبقى فى الذاكرة أيضا فيلم المخرج سعد هنداوى «دبايوا» المخرج يوثق
حياة قبيلة فى السودان تمتد جغرافيا من الحدود المصرية فى حلايب حتى البحر
الأحمر، والفيلم من خلال المتحدثين، يؤكد أن حلايب مصرية، دبايوا هو التحية
التى يتبادلونها وتعنى هل أنت آمن. إن هاجس الخوف من المجهول هو الذى يحرك
هذه القرية ويزيد توجسهم تجاه كل ما هو غريب حتى المخرج اضطر إلى أن يبذل
جهدا مضاعفا، لكى يزيل حواجز الخوف والتردد التى خيمت عليهم وهم يقفون أمام
الكاميرا، هؤلاء يرفضون العنف أو على الأقل يحاولون تجنبه ولديهم قانونهم
الخاص الذى يتولى تطبيقه الكبار فى القبيلة، محاولين وقف النزاع حتى حوادث
القتل يميلون فيها إلى دفع التعويض الذى يرتضيه أهل القتيل، ولكن إذا تعذر
ذلك فليس هناك سوى القصاص.
الفيلم الأمريكى «شمبانزى»، يرصد الفيلم حياة الشمبانزى من خلال أسرة
من القرود تعيش فى الغابة وتكتشف تلك العلاقة الحميمة بين الأم وابنها
وغريزة العطاء التى تولد مع الأم، وكيف يواجه هذا المجتمع الخطر بالضرب على
الأشجار للتنبيه، وكيف ينقضُّون بعد ذلك على الفريسة. إنه عالم ليس مثاليا
بالطبع، ولكنه فى كل الأحوال أفضل بكثير من عالم البشر.
«الاستمطار» أحد الأفلام الهامة للمخرج الإماراتى محمود مصطفى، الكلمة
توحى بالانتزاع، أى أنك تستحث السماء على أن تُمطر من خلال الصعود بالطائرة
وإحداث تفاعل طبيعى من السحابة عن طريق التلقيح الصناعى فينزل المطر
بالطبع، هذا الأمر يشعر بأهميته أبناء الخليج، حيث لا توجد أنهار، بل إنه
اقتصاديا تحلية مياه الخليج وجعلها صالحة للشرب تكلف مبلغا أكبر من
الاستمطار، ولكن المأزق هو أن السُّحب غير متوفرة فى كل الأوقات. ربما يرى
البعض ممن يملكون السلطة الآن فى مصر أن صلاة الاستسقاء تغنى عن الاستمطار،
وأن على الإنسان أن يتوجه بالصلاة لكى تنزل السماء ماء، ولكن ما يؤكده
الفيلم هو أن على الإنسان أن يسعى ويستند إلى العلم، وتزوى كل اللمحات،
ويتبقى فقط تلك الأمنية.. أن نصبح فى بلدنا ورقة لوتس.
آخر العنقود؟!
طارق الشناوي
25/4/2013 3:25 ص
مساء اليوم تُختتم الدورة الأولى لمهرجان أبو ظبى الدولى الأول لأفلام
البيئة، ومع كل مهرجان خليجى يتردد السؤال ذاته وعلى طريقة تلك المعضلة
التى توارثتها البشرية «البيضة أم الفرخة» أقصد الفيلم أم المهرجان، هل
الأجدى أن تتوجه رؤوس الأموال إلى صناعة أفلام سينمائية أم تتبدد فى إقامة
مهرجان سينمائى تنتهى فاعلياته بعد بضعة أيام وينتهى أيضا تأثيره، أليس من
الأجدى أن تُصنع أفلاما أولا وبعد ذلك تقام مهرجانات تشارك فيها سينما
البلد المضيف صاحب الأرض. تحول هذا السؤال إلى «راكور» ثابت لا يتغير فى كل
مهرجان خليجى، إلا أننا فى السنوات الأخيرة وجدنا أمامنا زاوية رؤية أخرى
مختلفة، ربما تحمل ردا عمليا على السؤال، إنها تلك الأفلام التى ترى فيها
مثلا مهرجانات مثل «أبو ظبى» و«دبى» و«الدوحة» مشاركة فى دعمها أدبيا
وماديا.. بالطبع فإن تقديم الأفلام هو الهدف الأسمى الذى ينبغى أن تسعى
إليه كل الدول، إلا أننا لسنا فى مجال اختيار بين فيلم ومهرجان، ولكن ما
الذى يضمن أن ميزانية المهرجان سوف تتوجه بالضرورة إلى إنتاج فيلم سينمائى؟
الحقيقية هى أن المهرجانات أنجبت مهرجانات قبل أن تنجب أفلاما، وآخر
المهرجانات التى وجدت على الخريطة هو «البيئة» وأولها هو «دبى» الذى يحتفل
شهر ديسمبر القادم بمرور عشر سنوات على انطلاقه، حيث بدأت أولى دوراته فى
2004، وخلال هذا العقد من الزمان شاهدنا مردودا سينمائيا خليجيا وآخرها
الفيلم السعودى «وجدة» لهيفاء المنصور الذى حصد مؤخرا جائزة مهرجان الخليج
الذهبية والذى انتهى فى الأسبوع الماضى، وكان قبلها ببضعة أشهر قد نال أيضا
جائزة المُهر الذهبى فى مهرجان «دب»». هذه المهرجانات بدأت تتسابق فى دعم
الأفلام العالمية مثل فيلم الافتتاح فى مهرجان البيئة «الأرض الموعودة»
الذى لعب بطولته مات ديمون، وتعددت الأفلام العالمية التى يشارك العرب فى
إنتاجها مثل «مهمة مستحيلة» و«لعبة عادلة» وقبلها فيلم للمخرج العالمى
ريدلى سكوت وهو «مملكة الجنة»، حيث لعب دور صلاح الدين الأيوبى الفنان
السورى غسان مسعود. كما أن أغلب الأفلام العربية الجادة التى أُنتجت فى
السنوات الأخيرة سوف تكتشف أنها لا تخلو من مساهمات مالية لشركات تتبع هذه
المهرجانات.
منصة انطلاق مهرجانات الخليج المؤكد أنها انتعشت مع بداية مهرجان دبى
السينمائى الدولى الذى يتوجه أساسا إلى السينما العربية، حيث حقق حالة من
النجاح بتواصله وهو ما دفع «أبو ظبى» إلى إقامة مهرجان بتوجه آخر بعد ثلاث
دورات من دبى 2007 ثم مهرجان الدوحة الذى انطلق بعد عامين من أبو ظبى 2009،
وكانت مثلا مملكة البحرين قبل 14 عاما هى التى بدأت الخطوة الأولى من خلال
جمعية سينمائية يرأسها المخرج البحرينى بسام الزوادى، لكنها تعثرت، بينما
يتواصل رغم كل الصعوبات التى تواجهه مهرجان «مسقط» السينمائى الذى يعقد
بميزانية محدودة وفاعليات أيضا محدودة مرة كل عامين إلا أنه -وهذا يحسب
للجمعية السينمائية التى يرأسها خالد الدرجانى- يعقد ويحاول أن يوجد على
الساحة الخليجية.
ويبقى أن المهرجانات السينمائية تخلق دائما حالة من الشغف لدى الجمهور
ويستطيع المهرجان أن يخلق مناخا يساعد على إنتاج الأفلام؟! الفيلم بحاجة
إلى توجه يحمل فى أعماقه بُعدين فكرى وتجارى. السينما الخليجية الناطقة
باللهجة الخليجية وتتناول قضايا محلية لا يتم تسويقها إلا فى إطار السوق
الخليجية، وشركات الإنتاج لا تتحمس لإنتاج الفيلم الذى يشكل بالنسبة لها
مخاطر مادية، إلا أن إقامة مهرجان سينمائى بات يحمل قوة ضغط تدفع إلى إنتاج
سينمائى فى مجال الفيلم الطويل، وهناك بعض الأفلام تم إنتاجها مؤخرا وصار
الوجود خارج الحدود العربية أحد أهدافها، بالطبع لا يمكن الحديث عن صناعة
سينمائية متكاملة، ولكن المؤكد أن حركة إنتاج الأفلام شهدت معدلات غير
مسبوقة خليجيا فى السنوات العشر الأخيرة، كما أن الأفلام التسجيلية
والقصيرة الخليجية تحقق ولا شك إبداعات خاصة.
يظل المهرجان السينمائى يملك بداخله قوة لكى يطرح سؤالا «أين الفيلم
الخليجى الطويل»؟! وهذا السؤال أصبح بمثابة نقطة انطلاق لتقديم إجابة
عملية.. إنها تلك الأفلام التى نراها فى كل المسابقات الخليجية والعربية
وبدأت تتطلع أيضا لكى تنطلق عالميا فى آفاق أرحب وأبعد، سواء كان المهرجان
هو الفرخة أم اعتبرته البيضة فلقد أنجب فى الحالتين أفلاما ومهرجانات وآخر
العنقود هو «البيئة»!!
يوم الأرض
طارق الشناوي
24/4/2013 2:42 ص
كيف تُقيِّم لجنة التحكيم فيلما روائيا يتنافس مع فيلم تسجيلى يدخل فى
صراع على الجائزة مع فيلم رسوم متحركة، كلٌّ من هذه الأفلام له بالتأكيد
عناصر إبداعية خاصة ولا يمكن نظريًّا أن تتم المفاضلة بين تلك النوعيات
المتباينة، ورغم ذلك فإن كل المهرجانات الكبرى فى العالم تخلصت من تلك
الفروق ولم تعد تلتزم إلا فقط بزمن الفيلم.
علميًّا، الفيلم الطويل هو الذى يتجاوز 60 دقيقة، ومن حق كل هذه
الأطياف المتعارضة أن تشتبك وتتصارع فى نفس الإطار، ولهذا مثلًا قبل نحو
سبع سنوات فاز المخرج الأمريكى الشهير مايكل مور بفيلمه «911 فهرنهايت»
بجائزة السعفة الذهبية فى مهرجان «كان»، الأمر هنا يخضع للفروق الجمالية
المطلقة وليس فى المقارنة النسبية بين عمل تسجيلى وآخر روائى، إنها تبدو
بالطبع وللوهلة الأولى مقارنة ظالمة ولكننا مثلًا فى لائحة مهرجان القاهرة
السينمائى الدولى التى وُضعت للدورة الماضية 2012 راعينا ذلك واعتبرنا
المسابقة للأفلام الطويلة ولم نضع كلمة روائية، فقط طويلة ليصبح من حق
المهرجان أن يستقطب كل النوعيات ولا أدرى بالطبع ما الذى حدث فى اللائحة
القادمة بعد أن صارت للمهرجان إدارة مختلفة.. هل تُبقِى على اللائحة
القديمة أم تضيف كلمة روائية كما كان معمولًا به من قبل وعلى هذا تمنع
التسجيلى والرسوم المتحركة؟ أتذكر أن كل المهرجانات العربية تحرص على أن
تضع خطا حادا للفصل التام بين تلك النوعيات.
مهرجان أفلام البيئة الأول ربما لأن الاختيار الفنى يسبقه اختيار فكرى
يشترط تناول البيئة على الشريط السينمائى لم تملك لجنة الاختيار تَرَف
المفاضلة بين الأنواع المختلفة ووضعت كل الأفلام الطويلة فى مسابقة واحدة.
أغلب ما شاهدته من أفلام يحمل قدرًا لا يُنكر من التشابه الفنى فى ما
بينها كما أن هناك توجيهًا ما، وهناك أيضًا تخوف مباشر يبدو واضحًا للمخاطر
التى تهدد البيئة.
الغريب فى مهرجانات البيئة أن مصر قبل بضع سنوات ومن خلال فنان
الكاريكاتير الكبير مصطفى حسين أنشأت مهرجان «النيل» للبيئة ولكننا كالعادة
لم نكمل المشوار، ربما دورة أو اثنتان ولم تكن فاعليات المهرجان المصرى على
قدر الطموح وسيطرت العشوائية على الفاعليات، بينما فى الكتيب الذى صاحب
مهرجان البيئة فى أبو ظبى حدد رئيس المهرجان التنفيذى الكاتب الصحفى المصرى
محمد منير أن الدورة الثانية للمهرجان ستُقام 23 مارس 2014 وذلك قبل أن
تبدأ الدورة الأولى وهو بهذا التوقيت ينهى الاشتباك السابق بين موعد
المهرجان ومهرجان أسبق وهو «الجزيرة» كما أنه يسبق بأسبوعين مهرجان
«الخليج» الذى يقام فى دبى بعد أن كان فى هذه الدورة يأتى تاليًا له بيومين
فقط.
أهم من ذلك لقد حددت إدارة المهرجان أن حفل الافتتاح القادم سيُقام فى
يوم «ساعة الأرض» على كورنيش أبو ظبى بعرض موسيقِىّ وعلى أضواء الشموع
وبالتأكيد سوف تحرص إدارة المهرجان على أن لا تتخلى عن السجادة الخضراء،
واختيار «ساعة الأرض» ليس عشوائيا فهو حَدَث عالمى يتم من خلاله الاتفاق
بين أصحاب المنازل والأعمال على إطفاء الأضواء والأجهزة الإلكترونية غير
الضرورية لمدة ساعة واحدة فى آخر سبت من شهر مارس وذلك لرفع الوعى بخطر
التغير المناخى.
ويبقى أن المهرجان بحاجة إلى أن يتم تزويد المركز الصحفى بنسخ رقمية
للأفلام نظرًا إلى كثرة العدد وتضارب المواعيد ما بين الندوات المتخصصة
التى تشكل جزءًا حيويا ومهما ومحوريا فى المهرجان يمنحه خصوصية، وبين أيضًا
الأفلام المتعددة التى تعرض فى نفس التوقيت، خصوصا أن مهرجانات «الخليج» و«دبى»
و«أبو ظبى» و«الدوحة» سبق وأن رسّخت لفكرة العرض داخل المعمل لمن يفوته من
الإعلاميين العرض السينمائى، وبالمناسبة مهرجان «كان» يتيح أيضًا عرض أفلام
الطلبة ومسابقة الأفلام القصيرة فى إطار المعمل عن طريق «الدى فى دى».
المهرجان ينهى فاعلياته مساء الغد والمطلوب أن نرى حفل ختام يليق بهذه
المناسبة كان حفل الافتتاح باستثناء العرض الموسيقى الذى قدمه نصير شَمّة
يبدو فيه الاستعجال ولا يوحى بأن هناك بروفة سبقت العرض ولهذا فهو بحاجة
هذه المرة إلى رؤية أكثر هدوءًا وإبداعًا تليق بهذا الحدث المهم، كما أن
الزميل الصحفى محمد عيداوروس الذى رحل فى أبو ظبى وهو يضع اللمسات الأخيرة
لمطبوعات المهرجان كان أيضًا يستحق أن تُهدى إلى روحه الدورة الأولى التى
لم يشهدها، فهل نتدارك ذلك فى الختام؟
امسك حرامى
طارق الشناوي
23/4/2013 4:03 ص
ليس فقط الاعتداء الهمجى على البيئة هو الخطر الأكبر الذى يحدق
بالعالم، ولكن الاعتداء السافر على الفكر الإنسانى من خلال اختراق حقوق
الملكية الفكرية ماديا وأدبيا للمبدعين هو أحد أهم المخاطر التى تواجه
العالم، خصوصا مع تلك القفزة التى حققتها أجهزة ومواقع التواصل الاجتماعى،
وعندما نكتشف على سبيل المثال أن الإنتاج الغنائى فى العالم العربى تضاءل
بنسبة تتجاوز 70% فى الأعوام الثلاثة الأخيرة تدرك أنه مع الزمن ستتوقف
صناعة الغناء تماما، ولهذا اتجه أغلب المطربين إلى تقديم البرامج، السرقات
من هذا القبيل صارت لا تثير الاندهاش مثلما نرى الأفلام المصرية الحديثة
تباع على الرصيف المواجه لدار العرض بجنيه واحد.
حق الملكية هو الذى يحمى المبدع، حتى ولو كان فى معناه المباشر يحقق
مكاسب مادية لمنتج المصنف الفنى، فإن تلك الحماية فى نهاية الأمر تتيح له
أن يسدد أجور المبدعين، أبسط حقوق الإنسان هى التمتع بما يبدعه ويبتكره
سواء كان ماديا أو أدبيا، وفى ما ينتجه من أفكار أو مبتكرات جديدة قابلة
للتطبيق والانتفاع واستغلالها فى تطوير الحياة ولضمان استفادة صاحبها
بالعائد المادى منها، ومنع الغير من استخدامها دون ترخيص. الفكر والطبيعة
يتوقان إلى الحماية، كان هو عنوان المحاضرة التى ألقاها د.طلال أبو غزالة
المتخصص فى قوانين الحماية الفكرية ضمن أحداث المهرجان السينمائى لأفلام
البيئة.
تناولت كلمة أبو غزالة الأفلام، لأنها تحتوى على عديد من العناصر محل
حماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة مثل الأداء التمثيلى،
سيناريو الفيلم، الموسيقى التصويرية، التسجيلات الصوتية وغيرها.
المعروف أن السينما واحدة من أهم مصادر الدخل فى العالم، ومصر تحديدا،
قبل أكثر من نصف قرن كانت السينما بعد القطن هى المصدر الرئيسى للدخل
القومى. السينما فى العالم تصل فيها تكلفة الفيلم الواحد إلى مئات الملايين
من الدولارات إنتاجا وتوزيعا، فضلا عما تدره من عوائد، فعلى سبيل المثال
كانت عائدات السينما الأمريكية فى عام 2012 فقط 11 مليار دولار.
القرصنة خاصة مع التطور التكنولوجى والتقنى فى أدوات التصوير والتصفح
من الإنترنت، وكل ذلك بات يسهل أمر السطو على الأفلام، وبعد أن كان تحميل
فيلم من الإنترنت يستغرق يوما كاملا، أصبحت المدة تنحصر فى دقائق معدودة،
وبعد أن كانت الكاميرات كبيرة الحجم من الصعب إخفاؤها، أصبحت متوفرة فى كل
هاتف محمول، مما ساعد على قرصنة الأفلام بتصويرها فى دور العرض، الأمر الذى
يدعو إلى ضرورة التدخل بالحماية لتلافى التورط فى حالة العشوائية، التى
تهدر مجهودات وحقوق المبدعين فى كل المجالات، وتشير التقديرات إلى أنه من
المتوقع أن يصل حجم القرصنة الرقمية إلى 215 مليار دولار عام 2015، وعلى
سبيل المثال فيلم «أفاتار» تم بيع 20 مليون نسخة منه غير مرخصة فى عام واحد
فقط، وقد وصلت خسائر السينما الأمريكية من القرصنة وفى عام 2005 فقط إلى
أكثر من 6 مليارات دولار.
القرصنة فى دولة الإمارات تصل إلى 27%.. تعتبر الإمارات بين أفضل 20
دولة فى العالم والأولى عربيا فى مجال حماية الملكية الفكرية.. وبالمقارنة
مع إحصاءات القرصنة فى بعض الدول نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تصل
فيها النسبة إلى 20%، بينما فى الصين 90%، وفى روسيا وتايلاند 79%،
وبالتأكيد فإن مصر فى هذا الشأن لا يمكن سوى أن تنافس الصين.
الولايات المتحدة الأمريكية أغلقت عام 2010 نحو 9 مواقع لتنزيل
الأفلام مجانا، وكان عدد المشتركين فى تلك المواقع 7 ملايين، ولا ننسى أن
أمريكا هددت قبل بضع سنوات بإيقاف المعونة عن مصر لو لم تتم حماية الفيلم
الأمريكى من السرقة على الأراضى المصرية.
هذا النوع من السرقات ينتشر معظمه فى العالم بين الشباب من 16 إلى 24
سنة، وفى دراسة دنماركية أثبتت أن 70% من الشباب لا يرون القرصنة على
الأفلام والموسيقى تعد جريمة ولا تعتبر حتى تجاوزا أخلاقيا، والحقيقة أن
عددا من كبار مبدعينا كثيرا ما مارسوا السرقة الأدبية، سواء فى السينما أو
الموسيقى، بل إن الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب كان له باع طويل فى هذا
المجال أشارت إليه رسالة دكتوراه تم تقديمها قبل 35 عاما، وإن كان عبد
الوهاب كان يطلق عليها اقتباسا وأحيانا تأثرا وليست سرقة، ولكن هذه تظل قصة
أخرى.
المهرجان الأخضر!
طارق الشناوي
22/4/2013 6:40 ص
«خدعوها بقولهم حسناء والغوانى يغرهن الثناء».. تستطيع أن تجرى
عليها تغييرًا طفيفًا، لتقول «خدعوها بقولهم حمراء والمهرجانات يغرها
الثناء».. ما أن تذهب إلى مهرجان سينمائى إلا وتجد دائمًا -الريد كاربت RED CARPET-
السجادة الحمراء هى أحد المعالم المميزة ومصدر فخر، سواء للقائمين على
المهرجان أو لضيوف المهرجان، وكلما ازداد طول هذه السجادة وازدادت درجة
حمارها، كلما ازداد بريق المهرجان وأصبح من حقّه أن يتباهى على كل مهرجانات
الدنيا.
ظلّت السينما المصرية على سبيل المثال بعيدة عن تلك السجادة الحمراء
على مدى 15 عامًا، حيث كان آخر مشاركة رسمية لنا فى مهرجان «كان» مع فيلم
الراحل يوسف شاهين «المصير» عام 1997، حتى عاد فى الدورة الماضية نجوم فيلم
«بعد الموقعة» وصعدوا إلى تلك السجادة وشاهدنا المخرج يسرى نصر الله تلميذ
يوسف شاهين، ومعه أبطال فيلمه منة شلبى وباسم سمرة وناهد السباعى، وهم
يستقبلون رسميًّا بالمهرجان.
أتذكر أن الراقصة فيفى عبده منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضى وحتى
نهايتها كانت تحرص على حضور مهرجان «كان» السينمائى الدولى، ليس من أجل
أفلام المهرجان بالطبع ولا حتى لإحياء حفل رقص على هامش الفاعليات ولا
لشراء ملابس من المحلات القريبة من شاطئ «الريفييرا» الشهير فى الجنوب
الفرنسى، ولكن من أجل -ومن أجل فقط- أن تلتقط لها صورة وهى تصعد وتهبط على
تلك السجادة الحمراء، وكانت تصحبها أحيانًا مجموعة خاصة من مصوّرى الفيديو،
بالإضافة إلى مصورى الفوتوغرافيا، حتى يعدوا لها شريطًا يُعرض فى عدد من
البرامج الفضائية تثبت بالصوت والصورة أنها كانت هناك على السجادة الحمراء
ورأسها برأس شارون ستون.. بل كانت إحدى شركات الإنتاج السينمائى تحرص على
أن تؤجّر السلم بالسجادة لمدة «45» دقيقة، وتتكبّد مبلغًا معتبرًا لصناعة
«شو» إعلامى لأفلامها، رغم أن هذه الأفلام لا يحق لها رسميًّا الصعود على
سلالم المهرجان، ولكن كان المطلوب هو فقط التصوير على السجادة الحمراء،
باعتبارها حدثًا جللًا يستحق الحفاوة.
وانتقلت عدوى السجادة الحمراء للمهرجانات السينمائية العربية بل وبعض
العروض الخاصة للأفلام.. وبات اللون الأحمر دلالة على الفخامة.. رغم أن
الأحمر هو لون الدماء وتعوّدنا فى الأدبيات العربية أن نشعر برهبة من هذا
اللون ونصف المعارك الملتهبة بأنها حمراء.. وإشارات المرور فى مختلف دول
العالم تعتبر الأحمر هو الممنوع والأخضر هو المسموح، وهو مرادف للخير
والنماء، ونحن نقول سنة خضراء تيمّنًا بالعام الجديد واللون الأخضر فى
تفسير الأحلام يعنى الخير، وفى المطار هناك منطقة خضراء بلا جمارك وأخرى
حمراء تتكبد فيها مبالغ تتجاوز الثمن الذى اشتريت به الهدايا، وكوب الشاى
الصحى هو الأخضر، بينما عندما تريد أن تنال من أحد تقول له «حمرا»!
هل سر احتفالنا بالأحمر فى المهرجانات يعنى أننا استطعنا أن نقتحم
الممنوع وهذا يشعرنا بالتفوق الممزوج بالبهجة لأن الإنسان بطبعه يبحث لا
شعوريًّا عما وراء المتاح الأخضر؟.. هل الفخامة مدلولها الأحمر؟.. أشك
كثيرًا أن الأحمر يمنحنا هذا الإحساس، لأن اللون الذهبى هو الأجدر والأولى
بأن نعتبره عنوانًا للثراء.. كل القصور التى حفرت ملامحها فى أذهاننا
مرتبطة بلون الذهب.. حتى إنهم كانوا يتباهون فى الماضى بمن يضع على أسنانه
غطاء من ذهب أو يزرع سنة أو طقمًا كاملًا من الذهب، وللتذكرة فقط لشريفة
فاضل أغنية تقول كلماتها «يا أبو سنة دهب لولى»، فلماذا أصبحنا نبحث عن
الأحمر؟
لقد حاول المهرجان الأول للسينما المستقلة الذى أُقيمت أولى دوراته
بوسط مدينة القاهرة قبل ست سنوات أن يصحح الوضع وتم إلغاء السجادة الحمراء
ووضع بدلًا منها -كليم- والغريب أنه كان أيضًا لونه «أحمر»!
وبين سطوة وسيطرة الأحمر على أوجه الحياة السينمائية فى العالم جاء
مهرجان أفلام البيئة الدولى الذى افتتح أول من أمس فى أبو ظبى محطمًا كل
ذلك، حيث إنه فى كل الفاعليات لا يعترف إلا باللون الأخضر، وكانت البداية
من خلال تلك السجادة الخضراء التى سار عليها الضيوف، صحيح أن المهرجان
بإمكانياته المادية المحدودة لم يستطع أن يستقطب نجومًا عالميين، ولكنه فى
كل فاعلياته كان مخلصًا للون الأخضر الذى يدافع عن البيئة سواء فى عروض
الأفلام أو فى الندوات التثقيفية، ولنا عودة مع الظلال الفنية لهذا
المهرجان الأخضر!!
التحرير المصرية في
22/04/2013
7مليارات يترقبون جناح الفراشة!!
كتب : طارق الشناوي
العالم كله يحكمه نسيج واحد هذا ما تؤكده علوم الطبيعة، الفراشة التى
تحرك جناحيها فى الصين تصل ذبذباتها إلى الغلاف الجوى الأمريكى، الكون كله
يخضع لإرادة فراشة.
يعيش ما يربو على 7مليارات إنسان على كوكب الأرض كل منهم لديه مسئولية
للحفاظ على البيئة وفاتورة ينبغى أن يتحملها حتى تستمر الحياة، ولكننا مع
الأسف كثيراً ما نماطل فى السداد ثم ندفع الثمن مضاعفاً سواء أكنا مذنبين
أم ضحايا.
فى الماضى كانوا يخدعوننا بهذا الشعار «التدخين مسئولية كل مدخن»
والذى يعنى أن العقاب سيتحمله فقط من يشعل السيجارة، ولكننا اكتشفنا أن
مخاطر التدخين تتجاوز حتى الدائرة المحيطة بالمدخن من الأهل والأصدقاء
والجيران لتصل إلى الكون كله وتسهم فى اتساع ثقب الأوزون وتؤدى إلى معاناة
كل الكائنات الحية بسبب الاحتباس الحرارى وذلك مع كل نفس يطير فيه الدخان.
الأسبوع الماضى انتهت فعاليات المهرجان الأول لأفلام البيئة بأبوظبى
الذى أقيم تحت رعاية الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم بالمنطقة
الغربية، حرص المهرجان الذى أداره الكاتبان الصحفيان الإماراتى محمد
الحمادى رئيساً والمصرى محمد منير رئيساً تنفيذياً على أن تُصبح البيئة هى
الهدف حيث إنها بمثابة «التيمة» الرئيسية التى تقدم حولها تنويعات سينمائية
ومحاضرات تثقيفية تتناول كل ما يمت بصلة قربى أو نسب للبيئة، جائزة
المهرجان وشعاره عبارة عن «ظبى» تحيطه ثلاث دوائر خضراء وحمراء وزرقاء
بينما رأس الظبى يحترق شوقاً للسماء.
حرص المهرجان فى كل فعالياته على أن يمنح البطولة اللون الأخضر.. فهو
رمز النقاء والنماء فى الذاكرة الجمعية للبشر أجمعين، ولهذا فإنه ولأول مرة
لا يعترف فى كل الافتتاحيات التى يقيمها سوى بالسجادة الخضراء رافضاً
تماماً تلك الحمراء الطابع المميز لكل المهرجانات. أقيمت ندوات وعروض بعضها
تجاوز جنبات مسرح أبوظبى لينطلق إلى الهواء الطلق ومع الجمهور ليحقق علاقة
دافئة مع الناس.
تشابهت اختيارات الأفلام.. ولهذا فإن من بين المقترحات التى تتم
دراستها لتطبيقها فى العام المقبل أن تصلالعروض السينمائية لدائرة أوسع
لتشمل أيضاً الأفلام التى تُصبح فيها الطبيعة هى البطل وهذا يمنح المهرجان
فرصة أكثر للتنوع فى اختياراته، وفى نفس الوقت لا يفقده خصوصيته، كانت
إدارة المهرجان حريصة على توثيق برنامج المحاضرات من خلال ندوات تحث
الإنسان على أن يعيد مرة أخرى صداقته للطبيعة بعد طول خصام.
السينما تملك قدرة سحرية على أن تقدم للجمهور رسائل مدمرة لكل جنبات
الحياة.. فالعديد من الجرائم كان الدافع إليها مشاهدة فيلم سينمائى ومحاكاة
ما قدمه الأبطال الأشرار، فإن الأمر من الممكن أن يتحول إلى وسيلة عكسية
عندما تبث السينما سلوكاً يحث الناس على حماية البيئة من خلال أبطال طيبين
مثل فيلم الافتتاح «الأرض الموعودة» بطولة مات ديمون، ويجب أن نذكر أننا
كعرب نعانى من فقدان يتجاوز 20٪ فى أنواع الأسماك والطيور والثدييات التى
تواجه شبح الانقراض وسوف يزداد مع الأيام الخطر الذىيحدق بنا.
بمجرد انتهاء فعاليات هذه الدورة حددت إدارة المهرجان أن حفل الافتتاح
القادم 2014 سيقام فى يوم «ساعة الأرض» على كورنيش أبوظبى بعرض موسيقى وعلى
أضواء الشموع التى توافق 23 مارس، واختيار هذا اليوم ليس عشوائياً، فهو حدث
عالمى يتم من خلاله الاتفاق بين أصحاب المنازل والشركات على إطفاء الأضواء
والأجهزة الإليكترونية غير الضرورية لمدة ساعة واحدة وذلك لرفع الوعى بخطر
التغيير المناخى. نعم كان من المهم أن تبدأ الخطوة الأولى لحماية البيئة
بمهرجان أبوظبى وبعدها نبدأ طريق الألف ميل ونحن نراقب ذبذبات جناحى
الفراشة!!
مجلة روز اليوسف في
04/05/2013
مهرجان أبوظبى لسينما البيئة يكشف مخطط انهيار كوكب الأرض
رسالة أبوظبى خالد محمود
·
الجماهير تحكى مشاكلها فى أفلام من صنعها وتضعها أمام الحكومات
·
يسرا: الحرب العالمية الثالثة تهب برياحها قريبا.. وأرضنا ستدافع عن نفسها
هل ستكون أرضنا فى خطر؟ السؤال طرحته على الفنانة يسرا عقب قولها لى
«سوف نشهد قريبا حرب عالمية ثالثة، حرب من نوع خاص تهدد كيان البشر وتحاصره
بكم هائل من التلوث المعنوى والفكرى والبيئى، وتزلزل استقرارهم وربما تقضى
على أخضر ويابس».
وفى إجابتها عن السؤال وجدتها تقول بانفعال: «لكن الأرض ستدافع عن
نفسها، ستنقلب على كل من يخالف الطبيعة وتحاربه، ولعل بعد ذلك يستوعب
الجميع الدرس».
كان حماس يسرا كبيرا لحضور فعاليات مهرجان أبوظبى السينمائى الدولى
الأول لأفلام البيئة، وكذلك الفنان خالد النبوى والفنانة ليلى علوى رئيس
لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، وجميعهم تفاعل مع القضايا المهمة التى طرحتها
شاشة المهرجان الوليد، والتى وضعت يدها على مناطق جراح كثيرة يعانى منها
الوطن العربى ومواطنه الذى ينزف كثيرا بفعل الوجه الآخر والقبيح للعولمة،
ذلك الوجه الذى حفز نخبة من السينمائيين لإطلاق صرخات الناس المكبوتة فى
هيئة أعمال تحمل أفكارا ورؤى وصورا ومشاهد وآهات تسجل مأساة عالم فقد ضميره
من أجل أطماع البحث عن المكاسب المادية على حساب سلالة الحياة، وتحذر وتندد
بمخاطر البيئة الناتجة عن مشاريع الشركات الكبرى وبدعم من الحكومات
والأنظمة والتى ربما تفقد الإنسان الشعور بأنه «كائن حى».
لم نكن ندرك معظم تلك المخاطر التى يواجها العالم جراء التلوث والحروب
والقرصنة على أفكار الملاذ والتلاعب بها، إلا عندما فجرتها أعمال مهرجان
سينما البيئة.. إذ إنه لم يقتصر على عرض الأفلام، بل كان على هامشه ما هو
أهم وهو إقامة أكثر من عشر محاضرات لكبار المتخصصين فى مجالات علوم البيئة
والمستقبل والأدب وعلاقتها بالسينما ومنهم د اياد بو مغلى المدير الإقليمى
لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بغرب آسيا الذى طرح المستقبل الذى نريده فى
ضوء الأفلام والتى لها قدرة على التأثير على الجماهير أهمية الفيلم
السينمائى فى دق ناقوس الخطر تجاه ما يحدث على كوكب الأرض ود. طلال
أبوغزالة وتناوله لحقوق الملكية الفكرية، ود محمد المخزنجى الذى كشف نقاط
تماس بين الأفلام العلمية ولغة الأدب وحق المواطن فى الاطلاع ومعرفة كل شىء
عما يدور من حوله، والمخرج صالح كرامة والسيناريست محمد الحماوى اللذان
أجابا عن سؤال: كيف تصنع فيلما للبيئة، وأكدت د. لارا نصار المسئول
الإقليمية لتوثيق المعلومات بالاتحاد الدولى لحماية الطبيعة أن الأفلام هى
الوسيلة الأفضل لضمان وصول الرسالة لتوعية المجتمع، وكيف نوثق سينمائيا ما
بين السطور والمستور، بينما أشار الشيخ أحمد بن حمدان آل نهيان رئيس مجلس
أمناء المهرجان بأن الأفلام بكل أنواعها أسرع وسيلة للتنبيه بالأخطار التى
تواجهنا فيما أوضحت الفنانة يسرا إن السينما العربية تعانى نقصا كبيرا تجاه
الفيلم البيئى، وبالتالى يسعى المهرجان لخلق ثقافة جديدة لدى صناع الأفلام
قبل الجمهور.
وقدمت المحاضرات رؤية مهمة حول إلى أى مدى يمكن أن تكشف السينما
الجوانب المظلمة فى حياة الأرض ككائن حى يتنفس ويتحرك..يعانى من كل ما
يعانيه البشر من أمراض وتلوث وطمس ثروات طبيعية. وهنا يمكن طرح عملية
«الفيديو التشاركى»، وهى مادة فيلمية يقوم بها المجتمع المحلى نفسه من خلال
إنتاج وتحرير وإخراج الفيلم ويحكون عن المشكلات البيئية التى يعانون منها،
وما الحلول التى يطلبونها أو يقترحونها من صناع القرار والحكومات حتى يحصل
التغيير المطلوب.
المهرجان الذى أقيم ليرصد حالة متخصصة كالحفاظ على البيئة فى ظل هذا
الزخم من المهرجانات الكبيرة فى المنطقة والعالم، وعلى رأسها مهرجان كبير
منافس فى نفس المدينة وهو أبوظبى السينمائى الدولى، يعد بحق مغامرة تحتاج
إلى تفسير، لكن مع مشاهدة طبيعة الأفلام والنقاشات تجد أن المغامرة تحمل
رسالة خاصة تفسر دور السينما المهم فى مجالات لم تكن مطروحة من قبل على
الشاشة بالشكل الذى فرضته تطورات العصر، إذ كشف فيلم الافتتاح الأمريكى
الإماراتى «الأرض الموعودة» بطولة النجم مات ديمون وإخراج جوس فان سانت
قضية الصراع بين رغبة تحقيق الثراء المادى للشركات الكبرى على حساب الثراء
الذى وهبته الطبيعة للأرض والإنسان، بل وتغير ملامحها والتلاعب بخصوبتها
حتى لو كان ذلك بهدف تنمية أسلوب المعيشة لحياة عصرية.
فبطلنا الشاب «مات ديمون» وزميلته العجوز اللذان يعملان بالتسويق
لشركة «جلوبال» يذهبان إلى إحدى المدن النائية التى يعيش أهلها فى سلام مع
أرضهم يأكلون من مزارعها، واذا بهما يحاولان إغراء الأهالى بالأموال مقابل
الحصول على توقيعاتهم بالموافقة على الحفر فى الأرض لتوصيل خطوط الغاز
الطبيعى باستخدام مواد كيميائية تهدد الأرض نفسها مستقبلا، وبينما يشتد
الصراع بإيقاعه اللاهث ونبضه الواقعى بين بعض السكان الرافضين والخائفين
على مستقبل مزارعهم ومنهم مدرس علوم عجوز وبين الطموح الجارف لموظف شركة
جلوبال، نجد الأخير الذى ينتمى لأسرة ريفية يكتشف خداع شركته التى لا يهمها
أى مخاطر بيئية تنتج جراء الحفر وكل هدفها اتمام الصفقة، لنجده فى تحول
درامى رائع وبناء ذكى للسيناريو وأداء تمثيلى صادق ينقلب ذاتيا على إيمانه
بالفكرة ويتراجع أمام الجميع ويكشف الغرض الحقيقى لمشروع الغاز الطبيعى
المدمر للأرض ليبقى مشهد النهاية مؤثرا وتاركا تساؤلات مدهشة.
الفيلم بحق مغامرة ومفاجأة لأنه أولا يعرض فى نطاق مدينة تعتمد فى
اقتصاداتها على الاكتشافات البترولية، وثانيا لأن بطله الأمريكى الذى يمثل
القوة والسطوة والزحف باتجاه حياة عصرية تحول ليقف فى صف البشر العاديين
وضد مصالح الشركات الأمريكية الكبرى التى تحقق أحلاما من العولة دون النظر
لأى مخاطر. ويحسب اختيار هذا العمل السينمائى المتسق مع هدف التظاهرة
النبيل لإدارة المهرجان وداعميه، وفى مقدمتهم رئيس المهرجان الشاب محمد
منير، وفى أن تكون نقطة الانطلاق مؤثرة وموحية عبر إشارات وعلامات بدأت
بسجادته الخضراء، حتى وإن جاء حفل الافتتاح متواضعا لحداثة التجربة.. فقيمة
المهرجان تكمن فى خصوصيته.
الشروق المصرية في
26/04/2013
المخزنجى: إنتاج فيلم ناجح يتطلب معلومات علمية مقدمة فى صورة أدبية
بسيطة
أفلام البيئة تنتفض بحثًا عن انتصارات على طريقة الكرة الألمانية
رسالة أبو ظبى: خالد محمود
كان شيئاً غير متوقع أن أشاهد هذين الانقلابين فى أبوظبى، الأول
انقلاب سينمائى يتمثل فى صحوة مجموعة من صناع الأفلام لكشف أطماع بشر
قلوبهم قاسية سعوا لتدمير البيئة والطبيعة وكائناتها على حساب تحقيق ثروات
مادية وذلك فى إطار مهرجان أبوظبى الدولى الأول لأفلام البيئة، الذى اختتم
فعاليته الخميس الماضى، بينما كان الانقلاب الثانى كروياً، حيث شاهدت
مجموعة من طراز آخر من اللاعبين الألمان وهم يقهرون أعرق فرق إسبانيا
ويهزمون فيهم الاحساس بالكبرياء والسيادة الكروية.
فى الانقلاب الأول، كسر صناع الأفلام بدفاعها عن عالمنا وأرضنا
وبيئتنا عبر قصص واقعية حواجز الخوف والاستسلام الذى عشنا فيه طويلاً، نرى
من يدمر بيئتنا ويلوث سماءنا بوسائله الحديثة ونواياه الخبيثة، ومن يزلزل
الأرض من تحتنا بالعبث فى أعماقها والتجريب فيها حتى صرخت تلك الأأرض
وصرخنا معها وعلت آهاتنا مع نهاية كل عمل وتجربة فنية.
وفى أجواء الانقلاب الثانى الذى فازت فيه فرقتا ألمانيا بايرن ميونيخ
ودورتموند على فرقتى أسبانيا برشلونة وريال مدريد، استيقظ الشعور بالحلم
والأمل لأن يكون لك نصيب من الانتصار فى هذا العالم حتى لو كنت فى مواجهة
أعتى قوة. فالانتفاضة السينمائية التى قادها مجموعة من مخرجى الأفلام
التسجيلية على شاشة مهرجان أبوظبى لسينما البيئة لم تقل فى سخونتها عن
الانتفاضة الألمانية فى الكرة، بالقطع مع اختلاف عدد المتأثرين، فجمهور
الأفلام كان ضئيلاً للغاية، بينما شاهد العالم كله المباراتين.
فى صالة العرض شاهدنا نوعية خاصة من الأفلام التسجيلية التى فتشت فى
قضايا بيئية شديدة مؤرقة، وربما لم تحظ مثل هذه النوعية من الأفلام
بالإقبال الجماهيرى لإختلافها عن السينما التجارية السائدة التى فرضتها
الشركات الأمريكية الكبرى، وهو ما يؤكد ضرورة الاهتمام بعرض مثل هذه
الأفلام حتى يتعود الجمهور عليها، ومن هذه الأفلام التركى «قلة من الشجعان»
للمخرج رويا اروز كوكسال والفائز بجائزة الظبى الذهبى لمسابقة الأفلام
الروائية الطويلة، ويرصد كفاح سكان منطقة البحر الأسود فى تركيا من أجل
المحافظة على البيئة الطبيعية التى يعيشون فيها وأسلوب حياتهم فى مواجهة
مشروعات الحكومة لبناء عشرات المحطات الهيدروليكية بواسطة شركات خاصة،
والتى ترى الحكومة أنها ضرورية من أجل التنمية وتحقيق الاستقلال فى الحصول
على الطاقة؛ نقلت الصورة انفعالات المواطن الصادقة لخوفه من تغير نمط حياته
رغماً عنه، وشعوره أن نقاء الطبيعة سيحاط بتلوث مواد ربما تكون خطراً على
الأجيال القادمة.
لم يستسلم المواطنون البسطاء وحولوا ضعفهم الى مصدر قوة لإثبات حقهم
فى حياة آمنة. وايضاً الفيلم الألمانى الرومانى «بالقرب من السماء» إخراج
تيتوس فاشينار، والذى يدعو بشكل غير مباشر لأن نعيش وكأننا على قمة جبل
قريب من السماء، نرى أنفسنا وجبلنا وحيوانات نعيش عليها ومعها. بينما جاء
الفيلم الألمانى «مافيا الزواحف» الحائز على جائزة الظبى الذهبى للأفلام
القصيرة، والذى يتناول أطماع بعض الشركات فى الإتجار بالحيوانات وهو ما
يهدد بانقراضها، حيث أصبح تهريب الزواحف البرية ــ كما صور الفيلم ــ تجارة
مربحة وهناك سوق كبير لها فى أوروبا وأمريكا، بعد أن يجمع البعض الأنواع
المادرة منها من البيئة الطبيعية، وهو ما يمكن أن يسبب انقراضها نتائج
كارثية على البيئة.
فى حين كشف الفيلم الإماراتى «الاستمطار» قصة حياة الحاصل على جائزة
لجنة التحكيم الخاصة فى مسابقة أفلام البيئة من الامارات عن الجهود التى
يبذلها مركز الأرصاد والزلازل فى عملية «الاستمطار»، والتى تستوجب الدقة فى
طريقة تلقيح السحاب والتى تتم متابعتها من خلال رادارات السحب المتطورة،
ويرصد مدى تأثير هذه الأجهزة سواء المباشر أو غير المباشر على تلوث الأمطار
والهواء وكذلك الصحة العامة، والفيلم من إخراج محمود مصطفى.
ومن الحيوانات الى البشر، نجد المخرج سعد هنداوى يطوف بعدسته بين عالم
من البشر يعيشون فى شرق السودان من خلال فيلمه «ديابو» وهى كلمة ترحيب
تعنى: هل أنت فى مأمن، وربما تلخص هذه الكلمة خوف أهالى قبيلة البجاوين من
الغرباء، حيث أرضهم على مر العصور مطمعاً للغرباء بسبب ثراء تلك الأرض
بالمعادن والتاريخ والثقافة؛ استعرض الفيلم كيف يمكن أن يعيش الإنسان فى
بيئة تقسو عليه، وكيف يدافع عن ثقافته وهويته والتى يعتبرها مصدر بقاءه
ورزقه.
كانت المقارنة بين الأدب والعلم التى كشف عنها د.محمد المخزنجى فى
ندوة على هامش المهرجان بمثابة إعادة نظر لى شخصياً فى رؤيتى لهذين
العالمين، فقد قال المخزنجى: الأدب هو سجل لمشاعر بينما العلم هو سجل
الوقائع والتى يمكن أن تكون حيوية أو فسيولوجية أو فيزيائية أو كيميائى.،فقد
كان العرض موحيا بمدى العلاقة بين المشاعر الانسانية والاختراعات العلمية
الجديدة، وأنه لكى تمزج القراءة الأدبية بمعطيات العلوم فلابد أن تكون
الحقائق العلمية واضحة ودقيقة.
وأضاف المخزنجى: هناك قلة فى المراجع البيئية فى مجال التوثيق بالصورة
المتحركة، بل كلها اجتهادات مثل تجربة الدكتور حامد جوهر والدكتور مصطفى
محمود، والأفلام العلمية ولغة الأدب تعد مزيجاً مهماً يوضح إنسانيات الحياة
البيئية كنموذج للبشرية.
وقال: إن العلوم والحقائق العلمية الدقيقة تمر بمطبات أمام المتلقى،
فلغة الأدب توضح وتعمق وتجعل المعلومة أكثر سهولة للمشاهد، وهناك أمثلة
كثيرة فى الطبيعة مثل زهرة اللوتس والتى تنمو من قلب وحل المستنقعات وتخرج
للطبيعة وعندما تموت، تسقط فى قاع الوحل لتنتج بذوراً جديداً تنمو منها
زهرة جديدة.. وضرب المخزنجى مثالاً ثانياً عن حيوان الأخطبوط والذى يمتلك
فماً للأكل وخلايا حسية ليتعرف بها على طريقه، ونجد أنه يبكى قبل أن يودع
الحياة ثم يفرز مادة سامة ليموت.
وفى ختام المحاضرة اشار المخزنجى: نحن نعيش وسط بيئة يجب أن نحافظ
عليها فالكوكب الأزرق ضعيف ويحيط بنا خيمة رقيقة من الغلاف الجوى، وعندما
نغوص داخل الأرض لمسافة 15 كيلومتراً نجد حرارة قاتلة، وعندما نرتفع مسافة
عشرة كيلومترات، لا نستطيع التنفس .. وهنا تتجلى أهمية التوعية بالحفاظ على
البيئة من خلال تناول هذه الظواهر فى المهرجانات والمحافل السينمائية،
والمعادلة المهمة فى بناء فيلم بيئى ناجح هى وجود معلومات علمية ومقدمة فى
صورة أدبية حتى يسهل على المتلقى فهمها.
محمد الحمادى، رئيس المهرجان، يقول إن المهرجان يسعى إلى إيجاد ثقافة
جديدة تهتم بإشراك الصورة المتحركة فى معالجة قضايا تؤرق البشرية تتعلق
بتداعيات التلوث وارتفاع حرارة الأرض والتغيرات المناخية.
بينما قال محمد منير، الرئيس التنفيذى للمهرجان: نحلم أن تكون الأرض
مكاناً أفضل للحياة، هذا هو الشعار والحلم الذى تحول إلى مَهرجان شُارك فيه
مائةُ خمسين فيلماً من اثنتى وثلاثين دولة. وأضاف أن المهرجان مبادرة تهدف
إلى الاستفادة من جماهيرية السينما وجاذبيتها فى التوعية بالبيئة، وكذلك
لفت الانتباه لما يواجه العالم من مخاطر تستوجب الاهتمام، وذلك عبر القضايا
الهامة التى تناولتها الأعمال المشاركة.
الشروق المصرية في
30/04/2013
ليس الأول من نوعه ولا الوحيد في المنطقة!
كتب الخبر:
مجدي الطيب
استضاف مسرح أبوظبي في منطقة كاسر الأمواج في إمارة أبوظبي مساء السبت
الماضي، حفلة افتتاح الدورة الأولى لمهرجان أبوظبي الدولي لأفلام البيئة
(20 ـ 25 أبريل 2013)، الذي استهل بفقرة عزف على العود للفنان العراقي نصير
شمة بصحبة فريق بيت العود في أبوظبي، وليس باستعراضات أو تابلوهات، حسبما
جرت العادة. كذلك تم الاستغناء عن السجادة الحمراء، التي يسير عليها الضيوف
من النجوم وصانعي السينما، واستبدلت بسجادة خضراء صديقة للبيئة تعكس رسالة
المهرجان، وبعدها اختتمت الحفلة بعرض فيلم الافتتاح «الأرض الموعودة».
أمر طيب بالطبع أن تكتمل المساعي الحثيثة لإقامة مهرجان لأفلام البيئة
في «أبو ظبي»، وتنجح إدارة المهرجان في استقطاب ما يقرب من 170 فيلماً من
42 دولة للعرض في فعاليات المهرجان المختلفة، بينما يُعرض حوالي 50 فيلماً
في المسابقة الدولية للأفلام الطويلة والمسابقة الدولية للأفلام القصيرة
والمسابقة الخاصة للأفلام الإماراتية، تمثل 33 دولة، لكن الاحتفاء بإطلاق
مهرجان أبوظبي الدولي الأول لأفلام البيئة، لا ينبغي أن يدفع القيَمون عليه
إلى الترويج لمقولة بأنه المهرجان الأول في منطقة الشرق الأوسط لأفلام
البيئة، فهو زعم غير صحيح، ويعني إقصاء مهرجانات أخرى في المنطقة، تبنت
الفكرة النبيلة نفسها، وقطعت شوطاً كبيراً في مجال التأكيد على أهمية
الحفاظ على البيئة ونشر ثقافتها، والتصدي للإخلالات الجسيمة التي تشوه
البيئة، في ما يتعلق بقضايا التلوث والإسراف في استخدام الموارد الطبيعية
التي تسهم في تدهور التنوع البيولوجي، وترجمة هذا الوعي إلى سلوك بيئي
إيجابي.
يمكن القول إذاً إن مهرجان «أبوظبي لأفلام البيئة» هو آخر مولود
سينمائي بين مهرجانات السينما العربية، لكن من الخطأ الفادح الترويج لمقولة
إنه «الوحيد من نوعه في المنطقة»، حسبما تزعم إدارته، وينساق وراءها أصحاب
الأقلام النقدية ممن تلقوا الدعوة لحضور دورته الأولى. فالتاريخ والسجلات،
فضلاً عن الوثائق، تشهد لمهرجان العالم العربي للفيلم القصير، الذي عقد
دورته الخامسة عشرة عام 2012 في مدينتي إفران وآزرو المغربيتين، بأنه صاحب
السبق والريادة في تبني فكرة إقامة مهرجان لأفلام البيئة ينبه إلى خطورة
تهديد البيئة والتحذير من التلوث، إضافة إلى توطيد علاقة السينما بالبيئة
وزيادة التفاعل بين هذه الصناعة الترفيهية وبين البيئة المحيطة. وكما ركز
في دورته الرابعة عشرة على موضوع «سينما البيئة» ناقش في الدورة الخامسة
عشرة محور «سينما البيئة والطاقة المتجددة»، ويُحسب أيضاً للمهرجان الدولي
لفيلم البيئة، الذي تنظمه «جمعية الفن السابع»، وتحتضنه مدينة القيروان
التونسية، وعقد دورته التاسعة في ديسمبر من العام الماضي، بأنه صاحب فضل في
الدعوة إلى الاهتمام بالبيئة، وتكريس ثقافة التعريف بالجانب البيئي، وإذكاء
الوعي الحسي به.
الأمر نفسه ينطبق على «مهرجان النيل الدولي لأفلام البيئة»، الذي أقيم
بدعم ورعاية وزارة الدولة لشؤون البيئة في مصر، وأقيمت دورته الأولى في
الفترة من 5 إلى 10 يونيو من عام 2007، قبل أن يتوقف بعد دورته الثانية
التي أقيمت عام 2008، ويومها قالت «جمعية الارتقاء بالذوق الفني وتنمية
البيئة»، الذي تنظمه إنه «الأول من نوعه في الشرق الأوسط»، وتجاهلت، كما
فعل مهرجان «أبو ظبي لأفلام البيئة»، ريادة مهرجان العالم العربي للفيلم
القصير، في إقليم إفران المغربية، وأسبقية المهرجان الدولي لفيلم البيئة،
الذي تحتضنه مدينة القيروان التونسية!
لسنا ضد إقامة «مهرجان أبو ظبي لأفلام البيئة»، الذي يمثل خطوة
إيجابية في مواجهة الكوارث المناخية الجسيمة التي تزلزل كوكب الأرض، نتيجة
التغير المناخي وتفشي ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات الجذرية في الأوضاع
السوسيوثقافية اقتصادية، والسعي الجاد إلى «تنشيط حركة سينمائية جادة تخدم
البيئة، وتحافظ عليها، وتُسهم في تجميلها، ومعالجة قضاياها»، فضلاً عن
«تشجيع المنتجين السينمائيين للاهتمام بدعم الموضوعات التي تخدم قضايا
البيئة»، و»تحقيق الاحتكاك والتواصل بين العاملين في مجال حماية البيئة
وبين السينمائيين للتعرف إلى مفردات شؤون البيئة، وصولاً إلى ابتكار سينما
هادفة تخدم قضايا البيئة، وتحميها». ولكن كل ما نرجوه أن تتحلى إدارة
«مهرجان أبو ظبي لأفلام البيئة» بشيء من التواضع، وتضع في اعتبارها ما
أنجزته مهرجانات أخرى في المنطقة، أخلصت للبيئة وتبنت مبادرة الحفاظ على
اللون الأخضر، وتكريس الوعي الإيجابي لدى الشعوب بالبيئة، واحتضنت فعاليات
سينمائية تسعى إلى تأمين مستقبل أفضل للعالم، حتى لو لم تتوافر لها
الموازنة الضخمة التي تهيأت لمهرجان أبو ظبي لأفلام البيئة، الذي يُحسب
لإدارته اختيار التفرد، لكن كان عليها أن تُدرك بأنه ليس الأول من نوعه ولا
الوحيد في المنطقة!
الجريدة الكويتية في
26/04/2013
المصرية في
26/04/2013
|