حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم   

85th Academy Awards

فيلم ضد فيلم:

لينكولن سبيلبرغ ودجانغو تارنتينو

محمد رُضا

فيلمان حديثان عن العنصرية واحد يتوخّـى الواقع والثاني يتوخّـى الخيال لكن أحدهما لا يصيب الحقيقة.

الموضوع العنصري ليس غريباً على السينما، عالجته السينما الصامتة والسينما الناطقة على حد سواء. كانت مع العبودية حيناً، وكانت ليبرالية ضد العنصرية والعبودية في معظم الأحيان. هذا من دون أن نغفل المرّات التي أخفقت فيها في إتخاذ موقف إيجابي واضح تاركة المشاهد يتّـخذ الموقف الذي يعجبه.

الفيلمان هما «لينكولن» جديد ستيفن سبيلبرغ و«دجانغو طليقاً» لكوينتين تارانتينو. وكبداية ليس هناك من مخرجين على تضاد في كل شيء مثل سبيلبرغ وتارنتينو: واحد كلاسيكي التفكير والمعالجة، والآخر معاصر ومختلف في طرق تعبيره. واحد ينتقل بين أفلام "أرستقراطية" وآخر يهاجمها. الأول يدخل ويخرج من السينما الترفيهية والثاني في السينما الترفيهية وحدها، ولو كانت الترفيه على طريقته. لكن هناك أفلام كثيرة تقدّرها لستيفن سبيلبرغ وأخرى (مع تفاوت العدد) تقدّرها لتارنتينو… كلاهما من وجوه هذا العصر

لكن لا «لينكولن» ولا «دجانغو طليقاً» (وكلمة «طليقاً» او غير مقيّد Unchained تتبع الكلمة الأولى بأحرف أصغر لأن النية كانت أن يُـكنّـى الفيلم بـ "دجانغو" وحده لولا وجود فيلم بهذا العنوان لم يرد المخرج إجراء أي مقارنة بينهما) هو من بين أفضل ما أنجزه المخرج في حقله. لنبدأ بـ «لينكولن»: 

إنبرى معظم النقاد الأميركيين وجل المشهورين منهم إلى منح الفيلم الجديد «لينكولن» أعلى درجات تقديرهم. بالنسبة للمخرج والمنتج ستيفن سبيلبرغ، الذي حظى بغالبية إعجاب مماثلة عن فيلمه الأخير «حصان حرب» على الرغم من مشاكل واضحة فيه، فإن «لينكولن» هو بمثابة عودة إلى درامياته الإجتماعية التي إعتاد عليها سابقاً في «اللون قرمزي» (1985) و«أميستاد» (1997). هذان الفيلمان  تعاطيا مع شخصيات أفرو-أميركية في مسعاها للتحرر. في الفيلم الأول تحرر السود من السود في حكاية عائلية عن الجور والعنف الجنسي وفي الثاني التحرر من طغمة العنصرية البيضاء التي أوغلت في منتصف القرن الثامن عشر في الولايات المتحدة. هنا في «لينكولن» المناسبة متاحة للعودة إلى طرح الجانب نفسه، لكن من خلال البحث في سيرة حياة الرئيس إبراهام لينكولن في سنوات حكمه وهي فترة قلقة إذ شهدت دعوته لتحرير العبيد والحرب الأهلية التي إندلعت بفعل هذه الدعوة.

إبراهام لينكولن شخصية مركّـبة ومثيرة للإهتمام تناولتها السينما، مباشرة او من خلال التعرّض لها في عداد مواضيع أخرى، 207 مرّات من سنة 1902 وإلى اليوم مروراً بأعمال محض خيالية كذلك الذي شوهد قبل أشهر قليلة بعنوان «إبراهام لينكولن: صائد فامبايرز» الذي صنعه على هيئة قاتل مصاصي دماء أكثر من رئيس دولة لدرجة أن المرء كان يخشى أن ينجح الفيلم تجارياً إلى حد إطلاقه سلسلة يواجه فيها لينكولن وحوشاً أخرى بعناوين مثل «إبراهام لينكولن ضد وحوش من الفضاء» او «لينكولن ضد الرجل الذئب» او «معركة حياة أو موت: لينكولن ضد وحش فرنكنستين» او «لينكولن وشبح الأوبرا».

فيلم سبيلبرغ ليس سيرة ذاتية عبر أحقاب بل هي تبدأ بالرئيس الأميركي السادس عشر قبل بضعة أسابيع من إلتئام الكونغرس، بحزبيه التقليديين الجمهوري والديمقراطي، لمناقشة رغبة الرئيس في إصدار تشريع يمنح الحريّة للأفرو- أميركيين. يعايش تباين وجهات النظر والتحذيرات من أن صدور القرار قد يؤدي إلى استمرار الحرب الأهلية غير البعيدة عن واشنطن دي سي. كما يعايش الحرب من خلال زيارته لمواقع القتال ويلـمّ بآلامها. في الواقع، معظم الفيلم يتم داخل جدران ما يعتبر بيته، لكن القليل منه خارجي، بما في ذلك مطلع الفيلم حين يجلس الرئيس أمام جنود سود شاركوا في موقعة ويتحدّثون عن جهودهم في الحرب وتطلّعهم إلى يوم تسود فيه العدالة وتختفي العبودية والعنصرية. قبل ذلك بدقيقة واحدة يقوم مدير تصوير سبيلبيرغ المفضّـل يانوش كامينسكي بتصوير تلاحم المقاتلين على الجانبين في تلك الموقعة. يصوّرها بوحشيّة مماثلة بتلك التي صوّر فيها وحشية القتال في «إنقاذ المجنّد رايان» مع إختلاف بيّن: في الفيلم السابق تستمر الموقعة نحو ثلث ساعة. في هذا الفيلم لا تتعدّى الدقيقة. فقط من باب منحنا، من حق المرء أن يعتقد، طعماً للحرب وتمهيداً عينيّـاً لما شهده لينكولن منها.

إذ يختار السيناريو والإخراج وبالتالي الفيلم بأسره الإنتقال إلى مشاهد التحضير للقرار التي تقع إما في بيت الرئيس أو في مقر الكونغرس آنذاك، تتوالى المشاهد بصيغة تقريرية مثيرة للضجر. هذا الفيلم، أراد أو لم يرد، يتحوّل إلى درس في التاريخ من حيث لا تريده أن يكون. وإذا ما أضفت إلى هذا الدرس حقيقة أن أستاذه (سبيلبرغ) يستند إلى سيناريو لا يوفّـر ما هو جديد أو مثير فإن الناتج هو كل ذلك الترقّـب والإنتظار. وحين يقع تتساءل "ثم ماذا؟". هناك محطّـات معهودة للمخرج فهو يصوّر لينكولن كما يصوّر سبيلبرغ كل شخصية أب في أفلامه متدفقة الحنان. لكن حسنات الفيلم الفعلية هي محض فنيّة من تصوير ذي إضاءة واقعية وحركة محدودة تدفع للتأمل، وموسيقى (لجون وليامز) تتخلّـى عن اللحن الهادر والمضج صوب ترانيم بسيطة.

لكن إلى جانب أن الفيلم يبقى فاتر المضمون قائماً على سعي الرئيس لجمع ما يكفي من الأصوات لتمرير مشروع تحرير العبيد، لا يوجد في العمل طرح واقعي أو سياسي للمشكلة. وإذا كان هذا الغياب مقصود لأن غاية سبيلبرغ ليست في الواقعية أو في التحليل السياسي (وهذا من حقّـه) الا أن الإمساك بتلابيب الواقع لا علاقة له بالواقعية وتقديم الحقيقة ليس بالضرورة حديث في السياسة. إنه أمر موثوق أن أبراهام لينكولن كرر أكثر من مرّة أنه إذا ما رأى أن  إنهاء الحرب الأهلية ممكن بشرط تخلّـيه عن مشروعه لتحرير العبيد فإنه سيفعل ذلك. بكلمات أخرى، كان لينكولن، حسب وثائق مشهودة، مستعداً للتراجع عن مشروعه هذا إذا ما كان الثمن إنهاء الحرب الأهلية في زمنه. أما وأن الحرب الأهلية كانت أصعب من أن تنتهي بتراجع حول موضوع واحد، وأن موقف القوّات الإتحادية المؤيدة للينكولن في ساحات القتال كان أفضل من موقف القوّات الكونفدرالية الإنفصالية التي كانت تقف ضد تحرير العبيد، فإنه لم يكن أمام لينكولن سوى المضي في محاولة إصدار ذلك القانون.

ليس في الفيلم ذلك السبب الذي يجعلك مقتنعاً أن معالجة سبيلبرغ للينكولن بكل ذلك الإجلال والإحترام أمر لابد منه، لكن الفيلم يبدو كما لو أنه من إنتاج آل لينكولن وعليه أن يخلو من أي شائبة.

فيلم كونتين تارانتينو متحرر من هذا الإلتزام، وليس فيه أي ذكر للينكولن، لكنه يدور حول تحرير العبيد على شكل أو آخر.

إنه فيلم خيالي تماماً تقع أحداثه قبل عامين من الحرب الأهلية (أي في سنة 1858): شولتز (كريستوفر وولتز) أوروبي يعمل صياد مكافآت (يقتل المطلوبين للقضاء مقابل مكافأة) حرر عبداً أسمه دجانغو (جايمي فوكس) من العبودية لكي يساعده للوصول إلى أشقياء لا يستطيع الوصول إليهم من دونه. نصف الفيلم الأول مغامراتهما معاً والنصف الثاني حين يصلا إلى مزرعة كالفين كاندي (ليوناردو ديكابريو) حيث تعمل زوجة دجانغو التي كان البيض فصلوهما عن بعضهما البعض. لكن شولتز ودجانغو لا يستطيعان دفع فدية للحصول على الزوجة على نحو مباشر  وكان لابد من التمويه فابتكر شولتز خطّـة حاول فيها إيهام كالفين بأنه يريد عقد إتفاق عمل بمبلغ 12 ألف دولار على أساس تمرير الطلب الثاني (والحقيقي) كملحق. لكن الخطّـة تُـكـتشف ويتبع ذلك فعل إنتقام شديد يقوده دجانغو ضد كل بيض تلك المزرعة وضد رجل أسود فيها (رئيس الخدم ستيفن كما يؤديه سامويل ل. جاكسون الأكثر عنصرية من البيض) إنقاذاً لزوجته.

فيلم تارانتينو خيالي بأكمله. لم يحدث شيء من ذلك وليس هناك من أسس واقعية الا حقيقة أن الأفرو-أميركيين كانوا رقيقاً بالفعل. لكن أن يكون الفيلم ترفيهاً خيالياً (وهو أيضاً من حق المخرج) لا يجب أن يعني التعامل مع التفاصيل بحرية. ليس فقط أن دجانغو يتصرّف بثقة لا تتناسب وخلفيّـته، بل يرتدي نظارات شمسية. وكلمة Nigger تتردد تحديداً 92 مرّة… لكن هل تكررت مرّة واحدة خلال تلك الفترة؟

سأشرح ما أعنيه: Nigger هي كلمة تحقير أطلقها البيض على السود منذ مطلع الأربعينات في القرن العشرين وليست من بنات القرن التاسع عشر. طبعاً هي مسحوبة من كلمة Negro وهي الكلمة التي كانت تستخدم في الفترة التي تدور أحداث الفيلم فيها. لكن تارانتينو الذي يستخدم كلمة Nigger في كل فيلم من أفلامه، لم يجد مانعاً من إستخدامها حيث لم تكن حيّـة بعد. هذا لا علاقة له بـ "خيالية" الفيلم أو الحكاية، بل بالضوابط التي لابد منها خصوصاً وأن أبعادها اليوم عنصرية ويعتبرها السود شتيمة يعاقبون عليها بتحقير مضاد في أضعف الحالات، ولا تسل عن أقصى الحالات.

لم أجد في فيلم ستيفن سبيلبرغ سوى درس منقوص في التاريخ ولم أجد في فيلم كوينتين تارانتينو أكثر من معالجة خرافية. فيلم يقول هذا ما حدث وآخر يقول هذا ما لم يحدث. لا الأول لديه قبضة حقيقية على كل الصورة ولا الثاني ترفيهاً كاملاً. على ذلك كلا الفيلمين نال الكثير من تقريظ النقاد الأميركيين وكل منهما داخل بعدّته ومفهومه إلى لعبة الأوسكار. لنرى أي معالجة للتاريخ العنصري هو الذي سيرضي الغالبية البيضاء من المقترعين في أكاديمية العلوم والفنون السينمائية.

الجزيرة الوثائقية في

23/01/2013

 

 

إيرادات الفيلم اخترقت حاجز 180 مليون دولار

«ديجانغو بلا قيود».. إطلالة على تاريخ أميركا المرعب

دبي ـ غسان خروب 

هذه ليست المرة الأولى التي تطل علينا بها هوليوود بأفلام رعاة البقر والغرب الأميركي التي اشتهرت كثيراً في خمسينات وستينات القرن الماضي، حينها تمكنت تلك الأفلام من تصوير جزء من التاريخ الأميركي الحديث، وبعد طول زمن عادت هوليوود من جديد لتقدم لنا هذه النوعية من الأفلام، والمتمثلة في فيلم «ديجانغو بلا قيود» للمخرج كوينتين تارانتينو، والذي نطل به على ماضي الولايات المتحدة الأميركية المرعب.

البحث عن الزوجة

الفيلم الذي اخترق حتى الآن في إيراداته حاجز 180 مليون دولار، ويلعب بطولته الممثل جامي فوكس وكيري واشنطن وكريستوف والتز وليوناردو دي كابريو، يتتبع حياة «ديجانغو» الذي يقع في يد رجل ألماني يمتهن مطاردة الهاربين والقبض عليهم مقابل أجر، ويقوم بنزع قيود ديجانغو وتحريره من العبودية مقابل أن يساعده على تنفيذ إحدى المهام التي يقوم بها. وبعد الانتهاء من المهمة يواصل ديجانغو سعيه للبحث عن زوجته وإطلاق سراحها من عبودية شخص وسيم، ولكنه شرير يدعى كالفن كاندي، الذي يمتلك مزرعة للعبيد يتم فيها تدريب الرجال السود على الدخول في مباريات قتالية للملاكمة والمصارعة، ويتم الرهان عليهم كنوع من تسلية للمتفرجين.

عبودية

ورغم ما يحفل به الفيلم من قسوة تعكس طبيعة فترة العبودية التي ظلت سائدة في أميركا حتى فترة قريبة، إلا أنه في المقابل جاء حافلاً بعناصر الترفيه والكوميديا، مقتفياً بذلك خط مجموعة من الأفلام الإيطالية القديمة التي قلدت رعاة البقر الأميركية، مثل فيلم «الطيب والشرس والقبيح»، والتي عرفت فيما بعد بمصطلح «أفلام الاسباغيتي الغربية»، فضلاً عن أن الفيلم يتمتع بكافة العناصر والزخارف التي تتسم بها أفلام الغرب الأميركي الكلاسيكية، مع الفارق أن المخرج هنا ركز كثيراً على شخصية «العبد الأسود» التي نادراً ما تظهر في هذه النوعية من الأفلام سواء الحديثة أو القديمة.

والمتابع لأفلام «الاسباغيتي الغربية»، وتحديداً تلك التي قدمها المخرج الإيطالي سيرجيو ليوني صاحب فيلم «من أجل حفنة دولارات»، يشعر بأن تارانتينو يقتفي أثر ليوني في هذا الفيلم الذي قصد من خلاله تصوير الماضي المرعب للولايات المتحدة الأميركية من خلال عمل سينمائي يتسم بالعمق، ولعل هذا ما يفسر سر نجاحه في دخوله حلبة المنافسة على أفضل فيلم في أوسكار 2013، علماً بأن مؤلف الموسيقى التصويرية لهذا الفيلم هو الموسيقار الإيطالي إنيو موريكوني.

الممثل جامي فوكس والذي أوكل له دور «ديجانغو» أبدى حرفية عالية في تجسيده لهذا الدور، وقد ساعده على ذلك انحداره من مدينة تيريل في ولاية تكساس، حيث يعاني الأميركيون من أصل إفريقي مصاعب كثيرة، وبالتالي ففوكس لم يعش كرجل أسود حياة سهلة، وفي إحدى المقابلات الصحافية التي أجريت معه قال إن هذا الفيلم علمه درساً كبيراً، لمس من خلاله الظروف البشعة التي عاشها أسلافه. وقال: «ستدرك عند مشاهدتك هذا الفيلم ما الذي كان يتعين عليهم أن يعانوه لكي يجعلوا لنا صوتاً».

توغل

رغم أن مجموعة من مخرجي الأفلام الحاليين لمسوا العبيد السود في أميركا، وقدموا لنا حياتهم في مجموعة سينمائية جميلة كفيلم (غير المغفور له) للمخرج كلينت إيستوود، إلا أنه لا أحد منهم توغل بعيداً في حياتهم كما فعل تارانتينو الذي يتناول فيلمه بشكل كامل قصة العبد الأسود «ديجانغو».

البيان الإماراتية في

23/01/2013

 

العبودية بين هذيان تارانتينو وواقعية سبيلبرغ

 فيصل عبد الله 

فيلم تاريخي يتتبع الأشهر الأخيرة من حياة الرئيس السادس عشر ونضاله من أجل قانون إلغاء قانون الرق، وآخر يقدم عملاً غير واقعي مليئاً بالعنف والسخرية والمطاردات. بين «لينكولن» و«دجانغو الطليق» رابط مشترك... والكثير من الجدل

كل على طريقته، يسترجع شريط «لينكولن» لستيفن سبيلبرغ، والمرشح لـ 12 جائزة «أوسكار»، والمرشح الآخر لأكثر من جائزة أوسكارية «دجانغو الطليق» لكوينتن تارانتينو، حِقبة مهمة وعصيبة من تاريخ الولايات المتحدة الأميركية. ما يجمع الشريطين، هو ذلك الفصل العصيب والعنيف وما شهده من صراع إرادات سياسية واجتماعية وفكرية عُمِّدت بالدم.

الخيط الرابط بين الشريطين يتعلق أساساً بـ«العبودية»، ذلك الموضوع المؤرق والمثير للجدل منذ أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. منذ تلك الفترة المضطربة، استعار سبيلبرغ، ومثله تارانتينو موضوعاً ظل مؤرقاً لأجيال كاملة، أو بما يمكن وصفه بـ«التابو». يقتفي سبيلبرغ الأشهر الأربعة الأخيرة من حياة لينكولن (1809 ــ 1865) التي شهدت تحدياً كبيراً للرئيس السادس عشر، متمثلاً في لملمة مآلات تلك الحرب بين الولايات الشمالية «الليبرالية»، إن صحّت التسمية، والولايات السبع «المتزمتة» الجنوبية. ومثلما كان على الرئيس المنتخب لولاية ثانية مواجهة إعادة الثقة بنظام الكونفدرالية الأميركي، كان عليه أيضاً أن يواجه تحدياً لا يقل أهمية عن الأول، تمثل في إمرار قانون إعلان إلغاء العبودية. ذلك أنّ حياة الرئيس لينكولن ــ كما يعرضه سيناريو الشريط الذي كتبه توني كوشنر ــ هي محاولات بدت أقرب إلى ليّ الأذرع مع أعضاء طاقمه الحكومي من جهة، ومع خصومه السياسيين من جهة ثانية. نتابع هنا العقبات السياسية والاجتماعية والقانوية، والصفقات التي كان على وزير الخارجية وقتها وليم سيروارد (ديفيد ستراثايرن) أن يذللها بصفقات وراء الكواليس، ومن خلال الاستعانة بخبرات النواب الشرسين من أمثال جون هاوكس، وتيم بليك نيلسون، وجيمس سبادر، وصراعهم المرير في مجلس النواب لإمرار إعلان الرئيس بأي وسيلة. وكان رأس حربتهم المشرع ثاديوس ستيفنس (أداء رائع لتومي لي جونز) المدافع العنيد والمتحمس لإلغاء العبودية، ما يدفع النائب فيرناندو وود (لي بيس) إلى الانفجار وسط فوضى المجلس والشتائم المتبادلة بين أعضائه.

لكي يخرج المشاهد من تلك النقاشات العاصفة، كان على سبيلبرغ تطعيم شريطه بلقطات من أرض المعركة، حيث يتولى الجنرال أوليس غرانت (جارد هاريس) مباحثات السلام. فيما أبقى المخرج الرئيس لينكولن (دانيال داي لويس) قابعاً في مكتبه في البيت الأبيض حيناً، وبين خطاباته المتعلقة بالدستور والقوانين المتفرعة عنه في الكونغرس حيناً آخر. لم يغفل المخرج حياة الرئيس الشخصية عبر المرور بعلاقته بزوجته (أداء سالي فيلد) وابنه البكر (أداء جوزيف غوردن ــ ليفيت) لإضفاء مسحة إنسانية على محرر «العبيد» الذي دفع حياته ثمناً لقناعة ما زالت أميركا الحديثة تعيش تفاصيل استحقاقاتها. لقد تصدى سبيلبرغ لـ«أسطورة رئيس الرؤساء» عبر فيلم تاريخي يخاطب الذكاء ويرصد نضاله الملحمي في واشنطن من أجل إلغاء قانون العبودية في أداء رائع لدانيل داي لويس الذي يستحق جائزة أوسكار ثالثة عن تجسيده شخصية الرئيس الأميركي.

على عكس صاحب «جوراسيك بارك»، يذهب كوينتن تارانتينو إلى تقديم فيلم تاريخي بأسلوب لاواقعي، مازجاً بين الكلاسيكية والحداثة، موجهاً تحية إلى السينما الإيطالية وصنّاع أفلام الـ Spaghetti Western على رأسهم سيرجيو كوربوتشي (فيلم «دجانغو» للسينمائي الإيطالي 1966) و Blazing Saddles لميل بروكس. لم يتتبع مخرج «اقتل بيل» ذلك المفصل التاريخي المهم، بل حاك حبكة شريطه بخفة أثارت ــ وما زالت ــ ردود فعل صاخبة وعنيفة في الأوساط السياسية والاجتماعية والثقافية. اتُّهم تارانتينو بصنع «محاكاة ساخرة وفاقعة» من موضوع جدي هو العبودية. حتى إنّ المخرج الأميركي سبايك لي كتب على حسابه على تويتر: «العبودية في الولايات المتحدة لا تشبه أفلام الـ«سباغيتي الويسترن» على طريقة سيرجيو ليوني. لقد كان هولوكوست، وأجدادي كانوا عبيداً». «دجانغو الطليق» يحوي كل مكوّنات سينما تارانتينو: جرعات عالية من العنف، وسخرية، وكاريكاتورية فاقعة، وفكاهة، وإحالات إلى أفلام وسينمائيين ومرجعيات كثيرة وتحيات مخبأة هنا وهناك في ثنايا العمل من بينها تحية إلى الكسندر دوما وأوروبا، وموسيقى تصويرية مذهلة (بلوز، هيب هوب، كلاسيك، فولك...).

في «دجانغو الطليق»، يتابع المشاهد مطاردات تعود فصولها إلى عام 1858 قبل سنتين من الحرب الأهلية الأميركية من خلال طبيب أسنان ألماني سابق مثقف ذي شخصية ساحرة وفريدة يدعى كينغ شولتز (كريستوف وولتز) يتحول إلى صائد طرائد. يشتري شولتز حرية «العبد» دجانغو (جيمي فوكس) الذي كان ضمن مجموعة من «العبيد» الذين يباعون في مزاد علني في ولاية تكساس. يصبح دجانغو صائد طرائد أيضاً، وينخرط الاثنان في رحلة لتحرير زوجة دجانغو (كيري واشنطن) التي يشتريها صاحب مزرعة قاسٍ يدعى كالفن كاندي (ليوناردو دي كابريو). فريق ممثلين مذهل، وخصوصاً دي كابريو الذي يتجاوز نفسه في كل عمل ومشاهد ومطاردات وديناميت في الغرب الأميركي وفكاهة معطوفة على الضخامة في الإخراج. مع ذلك، فإنّ تارانتينو لم يستخف بجدية الموضوع المطروح (العبودية). تمثل ذلك في مشاهد قوية وعنيفة للمصير الذي يلقاه «العبد» حين «تنتهي صلاحيته» كمشهد الكلاب التي تنهش أحد «العبيد» في الفيلم، أو السلاسل والأغلال التي ينوء بعضهم تحتها، أو مشاهد الـ«ماندينغو» الأشداء (مسابقة تقضي بتقاتل «عبدين» حتى الموت). اللافت في العمل شخصياته المركبة، وخصوصاً جيمي فوكس الذي نرصد تحولاته من «عبد» يرتجف تحت البرد إلى «كاوبوي» قاسٍ يركب حصانه ويقتل سامويل آل جاكسون الخادم الأمين والوفي عند كاندي. جسّد جاكسون شخصية الخادم الأسود الذي يتعاطى مع «العبيد» بمنطق الرجل الأبيض، إنّه ضد عرقه وبني قومه، تبنّى لغة الجلاد وسلوكه، لكنه يلقى حتفه على يد دجانغو.

من المآخذ التي وجِّهت إلى تارانتينو أنّه جعل الثأر الأعمى رداً وحيداً على عبودية الرجل الأبيض. في أحد المشاهد التي يعرض فيها شولتز على دجانغو العمل معه صائدَ طرائد، يجيب: «أقتل البيض وأحصل على مكافأة مالية؟ هل هناك أروع من ذلك؟!». لكن نقاداً آخرين دعوا إلى التعامل مع الشريط عبر إفساح مكان لفن الاستفزاز الذي اشتهر به تارانتينو، فـ«مصدر الإزعاج أنّ تارانتينو أراد أن يصدم المشاهد تماماً كما فعل مع Inglorious Bastards» وفق ما قال جان ماري فيفالدي من «معهد الدراسات الأميركية الأفريقية» في «جامعة كولومبيا».

* Django Unchained: «غراند سينما» (01/209109)، «أمبير» ( 01/616600)، سينما سيتي» (01/8999993)

* «لينكولن»: ابتداءً من 31 ك2 (يناير) في الصالات اللبنانية

مصدر الإلهام

في إحدى مقابلاته، قال كوينتن تارانتينو إنّ مصدر وحيه الرئيسي في فيلمه «دجانغو الطليق» كانت أفلام «نيفادا سميث» (1966) لهنري هيثواي، و«يوم الغضب الأخير» (1967) لتونينو فاليري، و«الرجل بلا نجمة» (1955) لكينغ فيدور: «في هذا النوع من الأفلام، هناك عملية التعلم والتحوّل. هذه العلاقة ألهمتني كثيراً، وخصوصاً في الجزء الأول من شريطي حين تتعارف شخصيتا كريستوف وولتز وجيمي فوكس قبل أن يخوضا رحلتهما المشتركة».

الأخبار اللبنانية في

21/01/2013

 

حياة "باي" الجميلة فوق قارب تتقاذفه أمواج المحيط

خيرية البشلاوي 

مجموعة من الأفلام السينمائية الرائعة معروضة حالياً في القاهرة. لتقدم للمتفرج المصري شهادة لا تقبل النقض عن التطور المذهل الذي وصلت إليه القدرة التعبيرية لوسيط الفيلم. لا أعني التطور التكنولوجي الذي يظهر من خلال هذه الأفلام نفسها وإنما أيضا مستويات الإبداع البصري والتألق الفكري والأصالة الموضوعية التي لن يكن من المتصور بلوغها.

بعض هذه الأعمال يحتل القائمة المرشحة للأوسكار "2013" ومنها "البؤساء" و"حياة باي".. والعملان يعتمدان علي أعمال أدبية بما يعني التزاوج الأبدي بين الرواية والفيلم. إنه زواج كاثوليكي. الانفصال فيه حرام شرعاً. والعملان يستخدمان عناصر الحكي من صورة وصوت وموسيقي ومؤثرات ووسائل للعرض تجعل المستحيل ممكناً في مجال الحكي القصصي مهما بلغ من التعقيد والصعوبة عملياً وذهنياً.

هذه الأفلام تجسد أيضا شهادة صادمة لا تكف عن ملاحقتنا عن حجم التخلف الذي تغرق فيه سينمانا. وحجم الانحطاط في أساليب الترفيه والتعبير الفني والفكري في بلادنا. أيضا حجم الادعاء لدي بعض من يتصورون أنهم صُناع للسينما جديرون بالاحترام مثلاً.. ومنذ فترة ونحن كمتفرجين نفاجأ بالتدني والسوقية والبلادة الفنية والخمول الفكري أتعجب كثيراً عندما تتابع مخرج عديم المرجعية تجاوز الستين وقائمة أعماله لا تتجاوز أصابع اليد وأفضلها بائس فنياً إذا ما قورن بأي عمل في صناعة متقدمة. ومع ذلك يحكي عن أمجاده. وقد أعماه الغرور والنفخة الكدابة وضللت الشهادة التي حصل عليها عن أن يري مستواه الحقيقي لأنه في حقيقة الأمر لا يشاهد الإنتاج السينمائي. ولم يحاول أن يطور فنه أو يقيم أعماله ومثل هذا النموذج الأجوف منتشر وسوف يزداد انتشاراً مع تزايد سيادة الانحطاط الثقافي والفني والذوقي ومع موجات الردة المروعة والفارق بين هؤلاء المخرجين "الحوف" وبين مخرج آسيوي من نوع آنج لي الذي التقطته هوليوود ومولت أعماله هو نفسه الفارق بين درجة الانحطاط الفني عندنا وبين مستوي التقدم عندهم.. التقدم الذي يطول كل شيء. بدءاً من البيئة الثقافية مروراً بالمناخ الفني فضلاً عن المستوي الحضاري والعلمي فكل بيئة تنضح بما فيها.. التنمية الثقافية عندما مجرد لافتات بلا مضمون.

الهروب الجميل

فيلم "حياة باي" Life of pi عمل فريد الجمال والتميز مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للروائي يان رمارتل ظهرت في سلسلة الروايات الأكثر مبيعاً عام ..2001 قرأها الملايين عبر العالم والآن يشاهد الفيلم ملايين وهم بالقطع متشوقون لمشاهدة الترجمة البصرية لهذا العمل الروائي الذي يفترض أنه يمثل تحدياً كبيراً لمن يتصدي لهذه المهنة. وقد نجح آنج لي في اجتياز هذا التحدي وأثبت مرة أخري أنه صانع مبدع وشديد الرقي. وقادر علي تحقيق قدر وافي من البهجة لعشاق السينما. سبق أن شاهدنا له فيلم "النمر المتحفز والتنين المتخفي".

يحملك الفيلم وسط مغامرة ساحرة. وخيال روائي جامح ومستوي بصري مذهل احتاج من المخرج حرفية وإمكانيات تكنولوجية متطورة لتحويل المادة الرديئة المقروءة إلي مشاهد مرئية بنفس الخيال والثراء الروحي والمتعة الذهنية.

الصراع من أجل البقاء علي الحياة يحتاج إلي الأسلحة الروحية التي شحذها "باي" في مواجهة مشاعر الخوف والوحدة والجوع وهجوم البحر وغياب أي أمل لاستمرار الحياة.

وبطل الفيلم شاب هندي يبدأ الفيلم وهو يروي قصة حياته ومغامراته الفريدة لكاتب فرنسي كندي يسجلها الفيلم.. إذن عودة إلي الوراء "فلاش باك".. سرد لحياة هذا الشاب وهو مازال طفلاً في الخامسة ثم صبياً وحتي ذروة الشباب وبلوغه مرحلة النضوج.

المراحل الثلاث لحياة "باي" يؤديها ثلاثة ممثلين علي درجة عالية جداً من الاتقان والاقناع. المرحلة المتوسطة التي تأتي بعد العاصفة وغرق السفينة التي كانت تقل أسرة "باي".. إلي كندا. فقدان البطل لأسرته وصراعه مع باقي الحيوانات التي كتبت لها النجاة وعلاقة الصداقة التي جمعته "باي" مع النمر العملاق ريتشارد باركر. جميع مشاهد هذا الجزء من الرواية تشكل المناطق الأكثر روعة والأكثر جمالاً من حيث التصوير والموسيقي وأيضا في كشفها لأبعاد أكثر عمقاً في شخصية البطل حيث تصل المحنة إلي أقصي ما يمكن أن تولده من حيرة وألم وبحث عن خلاص وعن ماء صالح للشرب وعن مأكل.. وعن لحوم للحيوان الذي إذا ما جاع يأكل صديقه.

مشاعر الخوف والترقب والدهشة والتفكير وتأمل سحر البحر وجبروته ولون المياه وتضاريس الموج المرتفع والعاصفة.. إلخ.. إلخ.. هذه كلها تنتقل بتأثيرها القوي إلي المتفرج.. مشاهد لم يسبق حضورها علي الشاشة بكل هذا التجسيد وبالذات مشاهد "الجزيرة".

ومنذ الطفولة تظهر شخصية "باي باتل" كولد نابه حاد الذكاء. متأمل ومتسامح بالفطرة.. يري أن "الرب" واحد وان تعددت طرق التواصل معه. يصيب والده غير المتدين بالحيرة عندما يراه يخلط أثناء الصلاة بين شعائر الإسلام والمسيحية رغم أن الأسرة هندوسية وهو نفسه يؤمن بالإله الهندوسي ويتضرع إليه أثناء رحلته. وأسرة "باي" هندية ثرية والده يمتلك حديقة للحيوانات في إحدي المقاطعات وله شقيقه يكبره وأم مودرن.. الجزء الأول من الفيلم يصور هذه الأجواء ويرسم شخصية بطله بفطنة.

علاقة "باي" بالحيوانات يصورها الفيلم ونستقبلها نحن كإحدي الحواديت البديعة والجذابة يتكشف من خلالها التفاصيل التي تؤكد براعة التكنولوجيا التي أنتجت هذه الحيوانات وحركتها وجعلتها تصارع بدورها من أجل البقاء بعد ارتطام السفينة وغرقها.

وشخصية النمر ريتشارد باركر تبدو حقيقية جداً جذابة ومقنعة فهو حيوان فعلاً ولكن بروح يمكن التواصل معها. إنه بكلام "باي" لا يمكن استئناسه ولكن بفضل الله يمكن ترويضه.. وقد حاول بالفعل أن ينجز هذه المهمة.

الرحلة إلي كندا

عندما يقرر والد "باي" الانتقال إلي كندا. ويستأجر سفينة شحن ضخمة تحمله مع أسرته وحيوانات الحديقة التي يملكها تهب أثناء الرحلة عاصفة رهيبة. تهلك السفينة والأسرة. وينجو باي والحمار الوحشي والأسد ريتشارد باركر والقرد والسلعوة.. الجميع يصارع الأنواء. لا يبقي سوي قارب النجاة فيصبح هو المرفأ الوحيد الباقي وسط المحيط الشاسع والأمواج العالية وعواصف تدفع بالقارب إلي المجهول.

وبعد أن يموت الحمار والقرد والسلعوة لم يعد من رفيق سوي "النمر" وبطل الفيلم.. الأول يعيش علي أكل اللحوم والثاني نباتي بينما مصادر الطعام معدومة والبقاء هكذا من الأمور المستحيلة وكذلك الإفلات من الغرق.

لا يبقي أمام باي وسط هذا كله سوي إيمانه الروحي. صلابته الجثمانية. ذكائه وقدرته علي خلق علاقة إنسانية مع هذا النمر البنغالي العملاق فالرسائل المتضمنة في هذا العمل عديدة وإيصالها يتم برهافة وطرافة.

فالأسماك هي اللحوم الوحيدة التي يكن أن يجود بها البحر للنمر ولابد من وسيلة للإمساك بها.. وحين ينجح "باي" في اصطياد سمكة وقتلها تسيل دموعه بينما يشكر الإله الذي تجسد في السمكة حتي يمنحه حياة.

في الفيلم يظهر الرب الهندوسي وسط التلال البعيدة وفي أجزاء من الفيلم كطيف بعيد مما يعني أن البعد الديني كان حاضراً في ذهن المؤلف والمبدع السينمائي كأحد عناصر الخلاص للإنسان.

تنفيذ بارع

من المشاهد الرائعة التنفيذ. أسراب الأسماك الطائرة فوق مياه المحيط التي ترتطم بالقارب وتهاجم "باي" ويلتقطها الأسد ريتشارد باركر.. وأيضا مشاهد الحيوانات الغريبة التي تظهر في جماعات علي الجزيرة التي يرسو أمامها باي والأسد. والتكوينات الطبيعية ويشاهد الأدغال التي ينجذب لها الأسد ويقرر الرحيل دون أن يلتفت إلي صديقه. الأمر الذي يعبر عنه "باي" بتأثر حين يستعيد الحكاية مع الكاتب الذي يزور بأي ويدون قصة حياته.

مشهد البداية والنهاية في فيلم "حياة باي" يتم داخل منزل باي بعد أن تزوج وأنجب. وهي ليست أقوي أجزاء الفيلم من حيث الجاذبية وإنما تمثل أجزاء عضوية في بناء السيناريو.

لعب دور باي "الرجل" عرفان خان النجم الهندي المشهور وفي الفيلم يظهر الممثل الفرنسي الكبير جيرار ديبراديو في دور "الطاهي" علي ظهر السفينة وهو دور صغير ولكنه رائع أولاً من حيث الأداء ومن حيث الدلالة الفنية. وهنا أشير إلي الدقة والتدقيق في اختيار طاقم الممثلين بغض النظر عن حجم الدور. هذه الدقة الفنية تظهر أيضا في اختيار الممثلين اللذين قاما بدور موظفي شركة التأمين اليابانية اللذين التقيا بـ "باي" بعد نجاته وأثناء علاجه من تداعيات المغامرة الصعبة التي عاشها.

من العناصر المذهلة أيضا عنصر التصوير "كلاوديو ميراندا" وبراعة المشاهد ونقاء الألوان. والتدرج الغريب في درجاته بالنسبة للأمواج وتموجات البحر. وأيضا عنصر الموسيقي.

فيلم آنج لي يتسم إلي جانب ذلك كله بروح شفافة. ولمسات شاعرية. وعمق روحي واحتفاء بقيمة الحياة.

إنه بلا شــك من الأعمــــال البديعـــة والمبهجــة التي من الممكن أن تكتسـح جوائز الأوسكار هذه السنة.

المساء المصرية في

20/01/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)