سيعرف جون دلينغر عن نفسه بعبارة تختصر كل حياته «أنا أسطو على
البنوك»، حسناً سيقول المشاهد، هذا ما يفعله إذاً جون وهو
يتأكد من ذلك طيلة مدة
الفيلم، وجوني ديب يجسد شخصيته في فيلم
Public Enemies (أعداء الشعب) المعروض
حالياً في جميع دور العرض المحلية.
جون أسطورة أميركية بامتياز، تعود بنا
إلى ثلاثينات القرن الماضي، حيث الأزمة الاقتصادية وما عرف حينها بـ«الكساد
العظيم»، ولعل الفيلم الذي أخرجه مايكل مان سيطالعنا منذ البداية بتحديد
الفترة
الزمنية التي تجري أحداثه فيها، سنسمع الراوي يقول «إنها الأزمة
الاقتصادية، الفترة
التي تزدهر فيها عمليات السطو على البنوك»، وليعيد المشاهد هذه العبارة في
رأسه
ويقول «ماذا عن الأزمة الحالية؟ هل ستزداد عمليات السطو أيضاً؟».
الأسطورة
التي يقدمها مان لا علاقة لها بروبن هود، ولا حتى على سبيل المثال الأميركي
بجيسي
جيمس، إننا ببساطة أمام شخصية حقيقية روّعت المجتمع الأميركي في تلك
الحقبة، وحصلت
على النجومية التي يحاط بها المجرمون من أمثاله في مجتمع يؤلّه
البطولة بشتى
أنواعها مهما كان منبعها أو مسبباتها أو حتى نتائجها، وبالتأكيد مع قصص
ملاحقته
ونهايته المأساوية. في الفيلم أيضاً استعادة لأفلام «الغنغستر» التي برع
ويبرع بها
مايكل مان ولنا في
Heat (حرارة) شيء يعيدنا إلى بعض مما قدمه.
جوني ديب يقدم
شخصية دلينغر ببرود، ولا يدفعه مان لتوضيح نفسه، للعودة في الزمن مثلاً، أو
فتح
أعماقه أمامنا، إنه يمثل ويحاكي ممثلي هوليوود التي يقول عنها
الناقد الأميركي
روبرت ايبر في «شيكاغو صن تايمز»: «إنها كانت ملهمة رجال العصابات في تلك
المرحلة»،
ومازالت إلى الآن، لنا أن نضيف، وعليه فإن جوني ديب يحاكي في أدائه أداء
ممثلي
الثلاثينات ولعل مشاهدته فيلماً لكلارك غيبل قبل مقتله بقليل يعزز من هذه
المقاربة.
يبدأ الفيلم من لحظة قيام جون دلينغر باقتحام أحد السجون وتخليص
رفاقه منه، ومن ثم تتوالى عمليات سطوه على البنوك، ومن بين ذلك
لتتكامل الأسطورة
فإنه سرعان ما يقع في الحب ومن النظرة الأولى، ومن فتاة اسمها بيلي فريشيات
(ماريون
كوتيلارد) يجد أول واجباته تجاهها هو حمايتها كما سيقول لها، دون أن نعرف
من ماذا،
لكن ليتبدى أن الأمر متعلق به هو، أي أن عليه حمايتها من أفعاله، ومن
انعكاسها
عليها لأنها حبيبته التي يصارحها بعمله الحقيقي فور سؤالها له
عنه.
على
الطرف المقابل هناك شخصية المحقق مالفين بورفيس (كريستيان بيل) التي تمتاز
بالتزام
صارم بالعمل، والمسعى المتواصل لمكافحة الجريمة، «أنا ألقي القبض على
المجرمين»
سيعرّف مالفين عن نفسه كما فعل جون دلينغر، وهو مطيع لرئيسه، وينجح معه
ببناء
النواة الأولى للشرطة الفيدرالية، وبسبب دالينغر الذي يتنقل من ولاية إلى
أخرى
وينجو.
ينجح مالفين باعتقال جون لكن الأخير سرعان ما يهرب وبحنكة لص محترف،
كما هو حاله عندما يدخل قسم شرطة شيكاغو، ويتسرب إلى مكاتب
فريق مالفين من الضباط
المتفرغين لإلقاء القبض عليه وقد كتب على باب مكاتبهم «فريق ملاحقة دلينغر»،
حتى
أنه يسألهم عن نتائج البيسبول دون أن يتمكنوا من معرفته.
لن يحدثنا دلينغر
عن أي من أفكاره، سنجده معادياً للبنوك «أنا لا أسرق مالك، أنا أسرق مال
البنوك»،
كما يقول لأحد الأشخاص وهو يسطو على بنك، كما أننا قد نحوله
إلى معادٍ للحكومة أو
الأمن وغير ذلك، إلا أن الفيلم مصر على ألا يقول أي شيء، مستعيضاً عن ذلك
بأفعال
دلينغر لا أقواله، إنه منغمس بالأحداث، بالأكشن، بتعقب حياة جون دون
تحليلها،
تاركاً لأفعاله أن تقول ما تشاء، وليوثق تلك الأسطورة
الإجرامية ولينجح مايكل مان
في تقديم فيلم «غانغستر» خاص جداً يعيد الحياة لهذا النمط من الأفلام وعلى
وفاء
لكلاسيكيات هذا النمط السينمائي الأميركي بامتياز.
الإمارات اليوم في
02/08/2009 |