بيروت ـ ا ف ب: كشف المؤلف الموسيقي الفرنسي، اللبناني الاصل،
غبريال يارد، الذي يحيي حفلة السبت ضمن مهرجان بيت الدين
الفني، انه يعمل مع مواطنه
الروائي امين معلوف على اقتباس 'اوبرا' او موشحة دينية' عن رواية 'النبي'
للبناني
جبران خليل جبران.
واشار يارد، في مقابلة مع وكالة فرانس برس من بيروت، الى ان
اوركسترا تضم 82 شخصا سترافقه خلال حفلته في بيت الدين كاشفا
ان المخرج الفرنسي جان
جاك انو سيحضر الحفلة.
واوضح 'ساقدم برنامجا مختارا طويلا يقع في ساعتين، وينقسم
الى قسمين، وخصصت المهرجان ببرنامج خاص تتخلله مفاجأة في بدايته'.
واضاف 'ساعزف
على البيانو، والمقطوعة الاولى التي ساعزفها ستكون مفاجأة بالنسبة للجمهور
اللبناني، وسيتولى مؤلف موسيقي بلجيكي صديق لي قيادة الاوركسترا، اما عندما
لا
اعزف، فساتولى قيادتها بنفسي'. واوضح يارد انه لم يدع سابقا
للمشاركة في اي
مهرجانات فنية لبنانية، باستثناء تلقيه في العام 2006 دعوة من رئيسة لجنة
مهرجانات
بيت الدين نورا جنبلاط، لكنه اضاف 'يومها فوجئنا بالحرب ولم استطع تاليا ان
آتي الى
بيروت بسبب حرب تموز/يوليو'.
وقال يارد 'المشاركة في مهرجان بيت الدين تعني لي
الكثير، وتعني لي العودة الى الجذور لأني ولدت في لبنان'.
ويتذكر 'كنت في
الثامنة عشرة من عمري عندما تركت لبنان في العام 1967، وبعدها لم اعد اليه
لفترة
طويلة. عندما اعود امضي عشرة ايام هنا مع ابني اندريه. اريده
ان يكتشف هذا البلد
الذي احب حيث عشت سنوات جميلة حتى لو لم اكن سعيدا اذ كنت في مدرسة داخلية.
لكني لا
استطيع ان ابقى فيه اكثر من عشرة ايام لارتباطاتي'. واضاف 'انا متأثر كثيرا
وفخور
جدا لاني ساقدم افضل مؤلفاتي امام مواطني اللبنانيين،
فاللبنانيون يعرفون الجوائز
التي حصلت عليها وبعض موسيقى الافلام التي انجزت وعرفت نجاحا كبيرا، لكنني
لم
اسمعهم اياها كما هي في حفلة موسيقية مباشرة'.
واعترف يارد بان احتكاكه مع
الجمهور نادر. وقال في هذا الصدد 'لست رجل خشبة، بل اعيش في الغرفة واعمل
وحدي.
اشعر ببعض الرهبة عندما اعتلي الخشبة، ولكن حين تبدأ الموسيقى، وحين اكون
محاطا
باوركسترا، لا اعود ارى شيئا، بل اكون هنا مع الموسيقى'.
وكشف يارد انه انهى
اعداد موسيقى تصويرية لفيلم مقتبس من رواية 'اناقة القنفذ' (ليليغانس دو
ليريسون)
لمورييل باربيري، ولفيلم اخر لجوزيان بالاسكو.
وقال 'مشروعي المقبل سيكون مع
رفيق لي كان في مدرسة الاباء اليسوعيين في بيروت، ودرسنا معا الحقوق على
مدى عامين،
وصار روائيا كبيرا ونال جائزة غونكور الادبية هو امين معلوف'.
واضاف 'نحن
مهاجران لا نعيش في لبنان وثمة ايضا فنان ترك لبنان منذ زمن بعيد في بداية
القرن
العشرين واستقر في الولايات المتحدة وكان رساما كبيرا وشاعرا
وكاتبا كبيرا هو جبران
خليل جبران، وقد قررنا امين معلوف وانا اقتباس عمله 'النبي'، من خلال عمل
اوبرا او
موشحة دينية'.
ولم يجد يارد 'عيبا او شائبة في ان اللبنانيين يبدعون خارج
بلادهم'. وقال في هذا الشأن 'وطني مقسوم الى ثقافتين، ومن الصعب على لبناني
ان يفجر
طاقاته في بلده. في لبنان الجمهور محدود جدا. من حسنات اللبناني انه يتغذى
من
ثقافات عدة وعندما يغترب يفجر ما عنده بتفرد مدهش واصالة، على
غرار جبران خليل
جبران وامين معلوف والمؤلف المسرحي اللبناني الشاب وجدي معوض الذي يشارك في
مهرجان
افينيون'.
وتابع يقول 'اللبنانيون لا تبرز عظمتهم الا خارج حدود بلادهم . لبنان
صغير جدا لاستقبالهم، ليس لتقديرهم انما لاطلاقهم. يحتاجون الى
ان يكونوا في بلاد
كفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا'. ولم يستبعد يارد، الذي اسس في العام
1994
اكاديميا 'لابليياد' الموسيقية في باريس، ان يقترح 'ذات يوم على احدهم من
محبي
الموسيقى او على بلد يشجع الموسيقى'، ان يسند اليه ادارة
اكاديميا للموسيقى.
واضاف 'افكر في ان اتوجه الى دول الخليج مثلا لانشاء اكاديميا موسيقية
تشكل جسرا ما بين الغرب والشرق. كل شيء يأتي الي في الوقت
المناسب'.
وتابع يارد 'استمع احيانا الى الموشحات والموسيقى
الكلاسيكية الشرقية الجميلة جدا كاغنيات ام
كلثوم مثلا، لكن الموسيقى الشعبية الشرقية لا تستأثر باهتمامي.
لقد كانت ثمة مبادرة
لتطوير الموسيقى الشرقية مع الاخوين رحباني، اللذين ذهبا بعيدا في تطويرها'.
واذ
اشار يارد الى انه كان يحلم بان يعمل مع المخرجين الراحلين الفرد هيتشكوك
وبيلي
وايلدر، ومع المخرج مارتن سكورسيزي، اقر بان ثمة فرقا بين
العمل في هوليوود والعمل
في فرنسا.
وقال في هذا السياق 'في لوس انجليس انت موظف بين موظفين اخرين، تلتزم
وضع موسيقى فيلم معين، لكن ساعة يشاؤون يمكنهم ان يتخلوا عن
خدماتك. في هوليوود، لا
تملك موسيقاك. تملك الموسيقى التي الفتها لكن ليس الحقوق. ثمة مال كثير
لكني لست
فرحا بهذه الافلام، في المقابل تعجبني افلام المؤلف حيث لا امر بالشركات
المنتجة
الكبرى. في اوروبا، المؤلف الموسيقي هو شريك في تأليف الفيلم'.
واضاف ردا على
سؤال 'بعدما نلت جائزة الاوسكار، شعرت انني اكرر نفسي لان الاميركيين طلبوا
مني ان
انجز النمط نفسه من الموسيقى في الافلام التالية. تشعر انك في
قفص. انجزت ثلاثة
افلام على هذا النمط وبعدها قلت لنفسي اني يجب ان اتوقف'.
وهل المفضل لديه بين
اعماله فيلم 'المريض الانكليزي' الذي نال عنه جائزة 'اوسكار'؟ اجاب 'ليس
بالضرورة،
فلدي ضعف امام كاميل كلوديل الفيلم الذي يتحدث عن نحاتين كبيرين، مع
ايزابيل ادجاني
وجيرار دوبارديو. الموضوع اعجبني الى درجة انني لم اكتب موسيقى لفيلم بل
كتبت
موسيقى كلاسيكية لا يحدها زمن معين وضعت فيها الكثير مني،
وحالاتي النفسية موجودة
في هذه الموسيقى'.
وقال 'كل الموضوعات من دون استثناء تلهمني موسيقيا، ما عدا
العنف. ارفض الافلام العنيفة وافلام الرعب المجاني، وكل ما يظهر الجانب
السيئ
للانسانية. لكن ما يهمني اكثر ليس الموضوعات انما الناس الذين يدافعون عن
هذه
القضايا. كان يعجبني (المخرج الراحل) انتوني مينغيلا، ويعجبني
ايضا (المخرج
الفرنسي) جان جاك آنو. احب العمل مع رجال ونساء أقدرهم، فمع من اتفق انجز
افضل
المشاريع. ابحث عن التناغم والتفاعل المتبادل وليس عن الصفقة'.
وعن الالة
الموسيقية الاكثر حضورا في اعماله، وقال 'ربما آلة انطلاقتي، اي البيانو،
حاضرة،
ولكن لدي تفضيل في الكتابة للالات الوترية كالكمان
والفيولونسيل والباص ولا احب
كثيرا الالات النافخة. احب الالات التي تحاكي الروح وتلامسها كالة الكمان
التي
تخترق القلب والبطن وكل مكان'.
القدس العربي في
24/07/2009 |