يعرف القائمون على إدارة قنوات التلفزيون المصري جيداً أن ترحيب النجوم
بالظهور على شاشته لا يهدف فقط إلى الوصول للجمهور المصري الذي لا يزال
يتابع المحطات الأرضية. إذ إنّ هذا الجمهور يتّجه تدريجاً نحو «الانقراض»
بعدما غزت الفضائيات الخاصة معظم المنازل. بل إن السبب الأبرز، هو تأكيد
الفنانين أنهم يتعاملون «بودّ» مع شاشة الدولة. حتى إن بعضهم لا يزال يظهر
بلا مقابل مادي إلا في البرامج التي تموّل من خارج ميزانية
«ماسبيرو».
وإذا حاول أحد النجوم التمرّد على هذه القاعدة، ورفض الظهور على إحدى
القنوات الرسمية، فإنّه سيواجه حتماً عدداً من المشاكل. هكذا مثلاً، وعد
النجم
أحمد السقا مسؤولي برنامج «البيت
بيتك» بالظهور ضمن حلقاته، في نوع من الاعتذار غير المباشر عن الأزمة التي
حصلت قبل شهر. يومها أكّد السقا لمسؤولي البرنامج أنّه سيظهر معهم. غير أنّ
المفاجأة كانت ظهور النجم الشاب مع منى الشاذلي في إحدى حلقات برنامجها
الشهير «العاشرة مساءً». وتطوّر الغضب من السقا، عندما أعلن رئيس قناة «نايل
سينما» عمر زهران أنّ النجم الشاب رفض بـ«طريقة غير لائقة» المشاركة في
حلقة برنامج «استوديو مصر» التي كانت ستتناول فيلمه «إبراهيم الأبيض».
شائعات وهجوم حادّ عليه بسبب رفضه الظهور على تلفزيون الدولة!
هكذا شنّت حملة هجوم غير مسبوقة على السقا، استُخدمت فيها شائعات مختلفة
أبرزها منع عرض أفلامه على القنوات الأرضية أو «نايل سينما». وقد نفى زهران
لـ«الأخبار» كل ذلك، مؤكداً أنّ القناة الحكومية (نايل سينما) دفعت أموالاً
للحصول على حقّ عرض هذه الأفلام، وأن ذلك لن يتغيّر بسبب خلاف مع البطل.
كذلك أصرّ على أن غضب المحطة من الممثل المصري سببه رفضه الإجابة عن كل
الاتصالات، حتى عندما حاول رئيس القناة الاتصال به. وأضاف أنّه كان لا بدّ
من إطلاع الجمهور على كل هذه التطوّرات حتى لا تتّهم المحطة بأنها تسيء
معاملة النجوم أو أنها فشلت في الوصول إلى السقا. غير أن زهران أعلن أنّ ما
فعله أحمد السقا هو استثناء غير مبرّر. إذ إن الشاشة نفسها سبق أن استقبلت
عمر الشريف وعادل إمام وغيرهما من النجوم الذين لم يكفّوا يوماً عن دعم
القناة. أما السقا فيبدو أنه فوجئ بحجم الهجوم الذي شُنّ عليه في الصحف إثر
كل هذه الحوادث المتراكمة. وتزامن ذلك مع حملة انتقادات طالته بسبب تراجع
إيرادات «إبراهيم الأبيض»، ففضّل تهدئة الحرب على جبهة التلفزيون الحكومي،
ليوفّر مجهوده للجبهات الأخرى.
وقد تكرّر الأمر مع الفنانَين حكيم وتامر حسني، وخصوصاً بعدما رفض هذا
الأخير السماح لكاميرات التلفزيون المصري بتصوير حفلاته الخاصة في «مهرجان
الإسكندرية الدولي».وبين هذا وذاك، يبدو أن القواعد المتعارف عليها التي
تحكم العلاقة بين النجوم و«ماسبيرو» قد ضاعت، وخصوصاً إذا اعترفنا أن
القنوات المصرية الرسمية نادراً ما تحاول الاحتكام إلى هذه القواعد، وتفضّل
شنّ هجوم حادّ على المتردّدين والتشكيك بوطنيّتهم فقط لأنه رفضوا الظهور
على شاشاتها.
الأخبار اللبنانية في
20/07/2009
كارول منصور «تموز» في باليرمو
سناء الخوري
تتوالى صور الأطفال المقطّعي الأطراف في الشريط الوثائقي
«حرب الـ 34 يوماً»، كأنّها ومضات.
صوت المخرجة كارول منصور (1961) يعقِّب على الوثائق المصوّرة بصيغة
المتكلِّم أحياناً. بين صور فوتوغرافيّة لدمار وجثث، نتابع شهادات بالصورة
والصوت يحكيها الجرحى في المستشفيات وذوو البيوت المدمَّرة. هنا، يحدّثنا
رجل وسط بيته المتهاوي: «ليش بتعمل معنا هيك إسرائيل... ولادهن مش أحسن من
ولادنا... شو يعني ولادهن خلقو من «بيبسي كولا» ونحنا ولادنا خلقو من
الوحل؟ أو نحنا من تراب وهنّي من «أسبيرين»؟» بهذه المشاهد التي نستعيد هذه
الأيّام ذكرياتها الأليمة، اختتم «مهرجان سولي لونا للأفلام الوثائقيّة» في
باليرمو (جنوب إيطاليا)، مانحاً كارول منصور (الصورة) جائزة لجنة التحكيم
عن عملها. 27 دقيقة اختصرت فيها صاحبة
Maid in Lebanon (عن العبوديّة الحديثة التي تعيشها خادمات المنازل في لبنان) حرباً
خلَّفت أكثر من ألف قتيل وأربعة آلاف جريح ومليون مشرّد.
فيلمها عن العدوان حاز إحدى جوائز «مهرجان سولي لونا للأفلام الوثائقيّة»
في إيطاليا
في حفلة ختام المهرجان المعني بتسليط الضوء على أعمال حول الشرق والإسلام،
احتشد مشاركون من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا وسلوفاكيا وسوريا
وإسرائيل. وقفت منصور بينهم تقول: «أصبح من غير المسموح به، ونحن في 2009،
أن ترتكب جرائم حرب على مرأى منَّا جميعاً». تخبرنا المخرجة: «كان يُفترض
أن تتبع عرض فيلمي وكلمتي وصلة موسيقيّة لعازف إسرائيلي. ارتبك الرجل
كثيراً». ثمّ تضيف بزهو: «كان الموقف قوياً وجميلاً»، إذ خجل ذلك
الإسرائيلي من الوقوف على المسرح، فيما كانت المخرجة اللبنانيّة تتلقّى
الثناء من الحاضرين.
هذه هي المرّة الثانية التي يفوز فيها الشريط بجائزة، بعدما نال عام 2007
جائزة
«مهرجان نيوزيلندا الدولي للأفلام الوثائقيّة».
«لا تهمّني الجوائز صراحةً ـــــ تقول كارول ـــــ بقدر ما أقدّر جرأة لجان
التحكيم على استضافتها لفيلم يروي الهمجيّة الإسرائيليّة». صوِّر الشريط
خلال حرب تمُّوز 2006 في بيروت والضاحية، وفي الجنوب في اليوم الأول الذي
أعقب وقف إطلاق النار. وقد شاركت أميرة الصلح في كتابة النصّ مع منصور.
نسأل هذه الأخيرة لماذا ضمّنت شريطها هذا الكمّ من الصور المفجعة؟ هل
تعمّدت «إثارة الشفقة»؟ وهل وصلت الرسالة السياسيّة من خلالها؟ تقول:
«إنّها صور حقيقية: هذا ما حدث بالفعل. على العالم أن يرى...».
الأخبار اللبنانية في
20/07/2009 |