نجم السينما، وعلي
غير المعتاد، قد
يموت مرتين موت علي يد عزرائيل، حين يجيئه الأجل المحتوم وموت فني،
حين يغيب عن
دنيا الأضواء، فلا يرد له ذكر في الأنباء،
ويصبح نسيا منسيا.
أقول هذا،
بمناسبة خبر موت الممثل الرائع »كارل مالدن«؛ ذلك الخبر الذي طيرته،
قبل بضعة
أيام، وكالات الأنباء.
فحتي علمي بذلك الخبر،
كنت احتسبه، خطأ، في
عداد الأموات.
فميلاده يرجع تاريخه الي ما قبل اندلاع نيران الحرب العالمية
الأولي بحوالي سنتين ومنذ فيلمه الأخير، »اختفي دون أن يترك أثرا«
(٣٩٩١)، لم
يظهر علي الشاشة الكبيرة، أو الصغيرة ويخلص من ذلك أن بقاءه حيا حتي يومنا هذا،
يعني أنه قد أصبح له من العمر مائة عام إلا ثلاثة أعوام.
وعادة،
ذلك أمر
مستبعد، وبخاصة مع
غيابه عن الشاشة، زهاء ستة عشر عاما ومن هنا،
ترجيحي
لفرض مغادرته دنيانا.
وبقيت هكذا، مفترضا أنه لا يمشي جثة علي الأرض،
في
زي الأحياء، الي أن فوجئت باعلان خبر وفاته،
عن عمر ناهز السابعة
وتسعين.
ومن المفاجآت الأخري، انه قبل ذلك بخمسة أعوام كرمته عن مجموعة
انجازاته رابطة ممثلي أمريكا.
ولا
غرابة في تكريمه،
فمما يعرف عنه أنه ظهر
في أكثر من سبعين فيلما روائيا،
وعملا تليفزيونيا.
فضلا عن انه اكتسب سمعة،
مفادها انه واحد من أكثر ممثلي هوليوود براعة في طلاقة الحركة، وتنوعها فهو
بأنفه المنتفخ كبصلة، وشعر خفيف لم يبق منه إلا أقل القليل كان من شخصيات السينما
والتليفزيون المتميزة، التي تعرف لأول وهلة، وذلك علي امتداد خمسة عقود من عمر
الزمان.
وقبل فوزه بأدوار مسرحية مهمة في برودواي بنيويورك،
كان عاملا في
صناعة الصلب ومع بدايات خمسينات القرن الماضي كان ضمن مجموعة من نجوم
المسرح
بنيويورك، يتزعمها الممثل
»مارلون براندو«
والمخرج »اليا كازان«
وكان من
بين أهداف تلك المجموعة ادخال أسلوب جديد،
واقعي علي فن التمثيل وعن اكتشافه »لمالدن«
قال »كازان« »لم يسبق له الالتقاء بأي شخص مثله، ليس له طابع
الممثل، ولا طابع المسرح من قريب أو بعيد.
ما أن رأيته حتي أيقنت انه قادم
من مكان ليس له به سابق عهد.
وفعلا تبين أن المكان القادم منه هو مصانع
الصلب.
ولقد كان ذلك أمرا في
غاية الأهمية بالنسبة لي كمخرج،
لأنني
سرعان ما شعرت أن أمامي شخصا في وسعه أن يلعب أدوارا صعبة،
خشنة، والا يفزع
بسهولة. وعندما احتاج اليه، لا أواجه أية صعوبات«.
ولقد وقع اختيار
المخرج »كازان« عليه مع »مارلون براندو«
هو لأداء دور »ميتشن«
الرجل
الخجول الذي وقع في حب الجميلة الهشة »بلانش ديبو«
و»براندو«
لأداء دور الشاب
الوسيم، الفظ، غليظ القلب »ستانلي كوفالسكي«.
في مسرحية »عربة اسمها
الرغبة«
لصاحبها تنيسي ويليامز الأديب الأمريكي،
ذائع الصيت.
وبداية أدي
كلاهما دوره علي خشبة المسرح ببرودواي (٧٤٩١).
وأمامهما أدت دوري بطلتي
المسريحة »بلانش«
و»شقيقتها زوجة كاڤالسكي«
الممثلتان »چيسكا تاندي«
و»كيم هنتر«.
ولم تمض سوي أربعة أعوام إلا
وكان نفس المخرج قد ترجم تلك
المسرحية الي لغة السينما، بنفس الاسم، ونفس الممثلين والممثلات،
فيما عدا »تاندي«
التي استبدل بها نجمة »ذهب مع الريح«، »ڤيڤيان لي«
التي كانت
وقتذاك، في أوج مجدها.
وعن استبدالها »بچيسيكا تاندي«
كتب »مالدن«
في سيرة حياته ما مفاده أن اسناد دور »بلانش«
لنجمة
»ذهب مع الريح« جعل
اسناد الأدوار الثلاثة الأخري للممثلين الذين أدوها علي خشبة المسرح، وكلهم
غير
مشهورين، أمرا ممكنا.
فلو أن »چيسيكا«
لعبت الدور، لما أسند »كازان«
لي دور »ميتش« في الفيلم، ولما أسند دور زوجة »براندو«
في
المسرحية الي »كيم هنتر«،
لأن »چيسيكا« لم تكن نجمة، وكذلك كان حال »براندو«
وقتها.
في حين أن »ڤيڤيان«
كان في وسعها، بحكم نجوميتها
منقطعة النظير بعد »ذهب مع الريح«، أن تصعد بنا جميعا.
وعن أدائه لذلك
الدور فاز »مالدن«
بجائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد.
بعد ذلك، وعن أدائه
لدور قسيس فاضل في فيلم
»عمال الميناء« لصاحبه »اليا كازان« جري ترشيحه مرة
أخري للأوسكار (٤٥٩١) ومع »كازان« للمرة الثالثة، أدي دور الزوج العنين
لشابة في عمر الزهور »كارول بيكر«
في فيلم
»بيبي دول« (٤٥٩١).
ولكنه في
الفيلم، ولأول مرة، لعب دورا رئيسيا.
ولأن الفيلم سواء في حبكته،
وأسلوب
الدعاية له، كان استفزازيا، حظرت الكنيسة الكاثوليكية مشاهدته علي
أتباعها.
وذهب الكاردينال »سبيلمان«
في عدائه له الي حد اتهام أي مشتر
لتذكرة تتيح له مشاهدته بارتكاب الخطيئة!!
Moustafa@Sarwat.De
أخبار النجوم المصرية في
09/07/2009 |