جميل أن يكون في الأفلام ما يسمي "بالسخاء في الانتاج".. أو بالمعني العلمي
التكلفة الضرورية لصناعة فيلم جيد. تراها بالضرر علي الشاشة.. وبالتالي فهي
تفيد التقنيات والفنان معاً. بإظهار كل طاقات صناعه ومبدعيه.. أما ان تهدر
هذه الميزة في السفه. فهو الخراب بعينه.. فلا الفيلم استفاد. ولا المنتج
كسب!!
وفيلم "بوبوس" للمخرج وائل إحسان من الأفلام الحارة والمحيرة في هذا الجو
الحار والخانق. ليس لأن بطله عادل إمام. ولكن لأن عادل إمام هو الفيلم
نفسه.. فكل شيء يدور في فلكه. ويسير علي منهجه. ويتنفس بنفسه!!
وإن كانت هذه هي الزعامة.. فليس هذا من الفن في شيء.. لأن أولي قواعد الفن
هي أن يعمل الجميع في خدمة الموضوع.. أي زعامة القضية. وليست زعامة الشخص..
فليس من المعقول مثلاً أن يكون روبرت دي نيرو أو آل باتشينو وهما من قمم
التمثيل في الدنيا محوراً لفيلم.. بل الواحد منهم يتحول فجأة إلي ترس في
آلة. تعمل بكل طاقاتها وطبعاً تروسها كلها لخدمة هدف واحد. هو صناعة فيلم
حقيقي يصمد مع الزمن. ويصلح للعرض في كل البيوتات.. لا مجرد إفيه أو نكتة
طويلة أبيحة. يزداد فيها المط والتطويل والتهويل. حتي يضطر البطل أو هكذا
يرغب طبعاً في النهاية إلي تشغيل فيلمه بنفسه. عن طريق إفيهاته وحركاته
الشخصية المعتادة بكل ما فيها من تلميحات جنسية. وأحضان وقُبلات طوال
الوقت. بل يصل إلي أن يحمل البطلة علي كتفيه. مثلما حمل بطلاته في أفلامه
السابقة!!
في بداية الفيلم نري مشهداً من أجمل مشاهد السينما لرجال الأعمال المتعثرين
الهاربين خارج مصر. وقد اتخذوا لندن مقراً لهم.. وكالعادة نجد المغتربين في
شجار دائم. وكالعادة أيضا نري محاولة كل منهم النجاة بنفسه وترك السفينة
تغرق بغيره!!
كانت هذه البداية القوية كفيلة بعمل فيلم مهم عن هذه القضايا.. ولكن لماذا؟
والنجم هو الزعيم. الذي يحتاج إلي تفريغ طاقاته النمطية في اسكتشات متلاحقة
يعمل عليها مؤلف محترف مثل يوسف معاطي بصورة مسرحية تجارية صيفية. لا تتفق
أبداً وإيقاع السينما الذي يطلب التجديد. وطرح قضاياه درامياً بالتصعيد..
والمعروف ان النمط أو التنميط هو صورة جامدة تعكس خصائص بعينها. وسمات
محددة ثابتة.. وتعني أيضا القولبة والتكرار.. مع أن الموضوع هنا مهم ويستحق
الاهتمام بل ويحتمل الثورة علي هذا التكوين الذي يتزعمه النجم الكبير!..
إن رجل الأعمال محسن "عادل إمام" متعثر. برغم أنه يملك كلمة السر التي تزيل
عنه أي تعثر.. وهي "بوبوس" أو ابن أي مسئول مثل "عزت أبو عوف" الذي يسهل له
كل قروضه مادام لهذا الابن نصيب فيها أو في مشروعات المتعثر الوهمية!!
تقوده الصدفة أو الدراما المصنعة لعمل "كوبل" أو دويتو لمهجة هانم "يسرا"
وهو يبحث عن مديوناته لدي الآخرين. ويتنازعان علي اقتسام القصر الذي تسكنه.
وعلي طريقة "ما محبة إلا بعد عدواة". تقع المزيد من المغامرات ما بين الحب
والعداوة.. إلي أن نصل إلي شخصية الخادم رأفت "أشرف عبدالباقي" الذي يري
صراع الكبار.. بينما هو لا يستطيع أن يفي بوعده بالزواج من خطيبته "مي كساب".
لأن الكبار علي حد قوله البليغ: "مصمصوا البلد.. ولم يبقوا لنا حتي الفتات
اللي نعيش بيه"!! ثم تنقلب هذه الصورة الجادة مرة أخري. إلي نمر واسكتشات
وأكروبات أخري تتعلق بالعرس والجنس وما إلي ذلك حتي انه يرش الكل بعلب
الفياجرا التي أصبحت كلمة سر جديدة.. ولكن للناس الواقعة!!
لم أجد ما يعبر عن الفيلم بإيجاز أكثر من أغنية ميسرة فيه والتي تقول: "مش
عارفة ليه فاهمني غلط.. مع اني صح مش ماشية غلط. عشان بالبس عريان وبعرف
شبان.. يبقي أنا كده أبقي غلط"!!
Salaheldin-g@hotmail.com
الجمهورية المصرية في
02/07/2009 |