ستون سنة كأنهن ستون غيمة ، أو ستون زهرة ، ذلك هو العمر الذي بلغته
الفنانة الأمريكية ميريل ستريب منذ أيام ، بعد مسيرة فنية جعلتها واحدة من
أفضل الممثلات على قيد الحياة حاليا ، إضافة إلى أن تميزها في العديد من
الأدوار جعلها تستحق لقب "الأسطورة الحية".
تجتمع في ستريب جميع مواصفات الفنان الحقيقي ، فهي تنتقي أدوارها بعناية
وحذر ، وتحضر للدور بجدية وحرص ، وتؤدي أدوارها بروعة وإتقان ، كما تعرف
بقدرتها العجيبة على اتقان جميع اللهجات ، وان كانت تكرر دائما أنها تقوم
بذلك بفضل مساعدة مدربي اللغات الذين تتعامل معهم.
تعد ستريب الممثلة الأكثر ترشيحا في تاريخ جوائز الأوسكار بـ 14 ترشيحا
فازت بإثنين منها ، كانت الأولى جائزة أفضل ممثلة ثانوية عام 1979 عن دورها
في فيلم كرامر ضد كرامر والثانية جائزة أفضل ممثلة رئيسية عام 1982 عن
دورها في فيلم اختيار صوفي ، وترشحت للغولدن غلوب 16 مرة وفازت بها ثلاث
مرات ، كما أنها فازت 6 مرات متتالية بجائزة (اختيار الجماهير) الأمريكية.
ولدت ستريب باسم ماري لويس ستريب في مدينة سوميت في ولاية نيو جيرسي
عام1949 ، والدها هاري كان صيدلانيا ، أما أمها فكانت فنانة تشكيلية ، وقد
تخرجت في الجامعة عام ,1971 وفي بداياتها ، كانت ميريل مهتمة بالأوبرا فقط
، وكانت تحب هذا النوع من الفن ، وتلقت العديد من الدروس والتدريبات فيه ،
ولكنها في النهاية وجدت نفسها تميل إلى التمثيل ، فالتحقت بمدرسة للدراما.
أدت أول أدوارها المسرحية عام 1971 ، وفي العام 1977 أدت أدوارها
السينمائية في فيلم "جوليا" أمام جين فوندا وفانيسا ريدجريف ، وبسبب تميزها
في تأدية الدور الذي أوكل لها أسندت لها بطولة فيلم "صائد الغزلان" إلى
جانب روبرت دي نيرو في العام 1978 ورشحت عنه لنيل جائزة الأوسكار.
في العام 1979 تمكنت من الفوز بالأوسكار عن دورها في فيلم "كرامر ضد كرامر"
الذي تمثل فيه دور زوجة وأم تتنازع مع زوجها على حضانة ابنهما ، كما فازت
في العام 1982 بالجائزة عن فيلم "اختيار صوفي".
خلال عقد الثمانينات من القرن العشرين ترشحت ستريب 6 مرات لنيل الأوسكار ،
ففي العام 1981 رشحت عن فيلم زوجة "الملازم الفرنسي" ، وفي العام 1982
"اختيار صوفي" وعام 1983 "الغابة الحريرية" ، وعن فيلم "خارج إفريقيا" عام
1985 كما تم ترشيحها عام 1987 للأوسكار عن فيلم "ايرونويد" ، وعام 1988 عن
فيلم "بكاء في الظلام".
عرفت مرحلة التسعينيات تنوعاً في العديد من ادوار ميريل ستريب منها فيلم
"بطاقات من الحافة" ثم فيلم "الموت تجسد فيها" مع غولدن هون وبروس ويليس ،
وفيلم "بيت الارواح" وفيلم "جسور مقاطعة ميديسون" ، وفي هذا الفيلم تظهر
قدرتها الكبيرة على تبنى لهجات اخرى حيث تتحدث الانجليزية بلكنة ايطالية ،
و"النهر الجامح" و"شيء واحد حقيقي" و"موسيقى القلب" ، حيث تعلمت من اجل
أداء الدور الاخير العزف على الة الكمان.
في العام 2002 ترشحت ستريب للأوسكار للمرة الثالثة عشرة وذلك عن فيلم
"التكيف" ، وجاء ترشيحها الرابع عشر في العام 2007 عن دورها في فيلم
"الشيطان يرتدي برادا" لتصبح بذلك أكثر من رشح لجائزة الأوسكار من الممثلين
أو الممثلات في تاريخ السينما. كما ادت ستريب صوتياً في فيلم "عائلة
سيمبسون" و"ملك الجحيم".
وخلال عام 2008 شاهدناها من خلال دورين سياسيين الاول في فيلم "التسليم" ،
والثاني من خلال فيلم "أسود في ثياب حملان" ، الى جانب الفيلم الذي اثار
الكثير من الردود الافعال الايجابية وحمل عنوان "ماما ميا" ، وهو فيلم
موسيقي مبني على اغنية لفريق سويدي ، فيما كان اخر ادوارها باعتبارها
الراهبة الويسيس في فيلم "شك جون باتريك شينلي" ، والذي قال عنه النقاد انه
يحيي اسلوب ستريب الكلاسيكي في الأداء: "لقد قابلت عدداً من الراهبات
المتقاعدات وكن في سنواتهن السبعين او الثمانين او التسعين ، وقد ذهبت الى
مكانين مختلفين لاجدهن هناك وقد تحدثت الى عدد منهن ، وقد قابلت مدرسة جون
بارتريك في المرحلة الاولى حينما كان عمره 6 اعوام ، وكانت في السبعينات من
العمر ، وقد الهمتني الشخصية".
وفي شهادة حول تجربتها في التمثيل تقول ستريب: "كلما بقيت في هذه الصناعة
اكثر ، ستشعر بالتواضع امام الناس يوماً بعد يوم ، لا اعتقد ان هذه الصناعة
تبنيك كلما مر الوقت ، بل بالعكس ، اشعر بالدهشة حينما يتم ترشيح اسمي الى
الاوسكار ، لن تصدقني وانا اقول لك ذلك ، فأنا لا اتذكر كم مرة جرى ترشيحي
للاوسكار وكم مرة فزت بها ، ما اعرفه انني اريد المزيد ، لان لدي طفلة وهي
تشعر بالسعادة حينما يظهر اسمي بين المرشحين ، لانها ستذهب الى الحفل
وتشاهد النجوم الحقيقيين،"
وتتابع ستريب: "احتفظ باوسكاراتي على رف عال في البيت ، احد التماثيل تغير
لونه وقد اصبح مريعاً ،"وهي اليوم حينما تنظر الى تلك الاوسكارات تشعر
بالامتنان وبنوع من التواضع ، تقول: "انا لا اخاف من النصوص التي تقدم لي ،
رغم فوزي بالاوسكار عدة مرات ، انا اتلقى عدد قليل من النصوص ، واشعر انني
محظوظة ان البعض منها عظيم ، واؤكد انا لا اتلقى الكثير من النصوص ، لا
يوجد الكثير من النصوص تقدم لمن هم في سني ، لذلك اشعر بالحظ لما تلقيته
حتى الان".
أما على صعيد حياتها الشخصية فتقول ستريب:"لقد ادخرت المال لما تبقى من
عمري ، اعيش ببساطة ، ولا اشتري الكثير من الملابس،".
شاعر من أسرة الدستور
الدستور الأردنية في
26/06/2009 |