درسان مهمان تعلّمهما صنّاع السينما المصرية هذا الصيف: الأول أنّ حجز
شاشات العرض قبل الآخرين له فوائد أكثر مما هو متوقّع. أما الدرس الثاني
فهو أنّ الأزمة المالية العالمية ليست أكبر الأخطار، فهناك أنفلونزا
الخنازير! موسم صيف 2009 كان مثار تشاؤم قبل موعده. هو الموسم الذي سيبتره
شهر رمضان «التلفزيوني»، وهو الموسم الذي اجتمعت فيه تصفيات كأس العالم
لكرة القدم، مع اشتداد المنافسة في الدوري المصري واستقطاب المشاهدين من
الفضائيات الرياضية المصرية الحديثة. ثم هو الموسم الذي تأثر بالأزمة
المالية العالمية بسبب سيطرة رأس المال الخليجي ـــــ بما لحقه من خسائر
ـــــ على صناعة السينما المصرية، واشتغال منتجين مصريين مهمين في القطاع
السياحي الأكثر تضرراً من الأزمة. لكن كل ذلك لم يُحبط الموزعين الذين
بدأوا باكراً موسماً شبه ساخن، كاد يتأثر في بداياته بتصريحات وزير الصحة
المصري الذي نصح بالابتعاد عن دور السينما والتجمّعات العامة، خوفاً من
أنفلونزا الخنازير.
تصريحات الوزير جاءت قبل شهر. وقتها، لم تكن الأنفلونزا قد دخلت مصر، لذا
لم تتأثر الأفلام التي افتتحت الموسم بالتصريحات. هكذا، تنافست فحقّق أهمها
إيرادات تقترب مجتمعةً من 30 مليون جنيه مصري (حوالى 5 ملايين دولار)
أبرزها «عمر وسلمى 2» لأحمد البدري، ثم «دكان شحاتة» لخالد يوسف (راجع
المقال في مكان آخر من الصفحة)، وفي المركز الثالث «إبراهيم الأبيض» لمروان
حامد. قبل ذلك، كان «عين شمس» لإبراهيم البطوط أول فيلم مستقل يُعرض
تجارياً، وحقق ما يزيد على نصف مليون جنيه. وهو ربع ما حقّقه «يوم ما
اتقابلنا» للمخرج إسماعيل مراد. أما «الفرح» لسامح عبد العزيز و«بدل فاقد»
لأحمد علاء، فقد بدآ للتو أسبوعهما الثاني من دون إيرادات مبشّرة. بغض
النظر عن سبب قلة إيرادات الفيلمين الأخيرين ـــــ نسبها بعضهم إلى هزيمة
الفريق المصري لكرة القدم أمام الجزائر وإحباط الجمهور! ـــــ إلا أنّ
الفيلمين، وما تلا نزوله من أعمال، أهمها «بوبوس» فيلم عادل إمام، يواجهان
خطورة التأثر بالرعب الذي أحدثه إعلان اكتشاف أولى حالات أنفلونزا الخنازير
في مصر، وقد وصلت إلى 18 حتى كتابة هذه السطور. ورغم أن مساعد وزير الصحة
نفى نية الحكومة إغلاق أماكن التجمعات، إلا أنّ سمتين بدأتا الانتشار في
الشارع المصري: وضع الكمامة وتبادل خبرات الوقاية من الأنفلونزا، ما دفع
مؤسسة «غود نيوز» إلى إعلان إجراءات تعقيم دور السينما التابعة لها.
وبالتالي، إن لم يجدّ جديد، فأفلام خالد يوسف وأحمد البدري ومروان حامد،
ستكون الناجية الوحيدة في صيف 2009 الذي قد تكون خسائره تاريخية، إن لم
يُسَيطَر على الفيروس الوبائي.
الأخبار اللبنانية في
15/06/2009
نصري حجّاج طيف درويش
تونس ـــ نبيل درغوث
وصل المخرج الفلسطيني نصري حجّاج الشهر الماضي إلى تونس لتصوير مشاهد من
فيلمه الوثائقي عن الشاعر الراحل محمود درويش. حجاج ليس بالغريب عن الديار
التونسية. إذ أقام فيها قرابة عقدين من الزمن، قبل عودته إلى لبنان، بلد
لجوئه الأوّل. وبعدما لاحق قبور الفلسطينيين في الشتات من خلال شريطه
الوثائقي «ظل الغياب»، ها هو يلاحق هذه المرة الأماكن التي عاش فيها الشاعر
الفلسطيني الراحل. يقول حجّاج: «هذا العمل ليس فيلماً وثائقياً بالمعنى
الكلاسيكي. هو لا يبحث عن طفولة محمود درويش، أو عن شبابه، أو مكان ولادته
وأصدقائه ورفاقه... ولا أي من تلك التفاصيل التي يمكن أن يخوض فيها فيلم
وثائقي عادي». ويضيف حجّاج: «مشروع الفيلم مبني على رؤية تجريدية وفراغات،
وعلى أمكنة قرأ درويش فيها قصائد متفرقة، أو تناول فيها طعاماً أو شرب
فنجان القهوة». وأوضح صاحب «ظل الغياب» أنّ المراحل السابقة من تصوير
الشريط، شملت رام الله وبيروت وباريس والبرتغال وإسبانيا وكردستان. أما
أماكن التصوير في تونس، فتتركّز على بلدة سيدي بوسعيد في ضواحي تونس
العاصمة، والمسرح البلدي الذي ألقى فيه درويش قصيدة مودعاً فيها تونس عام
1994 بعد عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى رام الله، إضافة إلى بعض
الأماكن من الجنوب التونسي.
ونصري حجّاج الذي تربطه علاقة خاصة بشعر درويش، يعبّر من خلال الشريط
الجديد عن حبّه الكبير للشاعر من جهة ولشعره من جهة أخرى. وهو يعمل على
فيلم وثائقي بنفَس روائي، تاركاً للشاعر الراحل أن يحضر من بداية الفيلم
إلى آخره. وفي الوقت الذي نسمع قصائده بصوته، يظهر عدد من الشعراء من
العالم يقرأون القصائد نفسها بلغات مختلفة. وسيعمد الشريط إلى تصوير
الفراغات ــــ بالمعنى المادي والروحي ــــ التي تركها درويش بعد رحيله،
مثل الأمكنة التي قرأ شعره من على منابرها، والبيوت والفنادق التي عاش
فيها، والمطاعم والمقاهي التي كان من روادها، إلى جانب مشاهد تخيلية
مستوحاة من قصائده. أما الموسيقى التصويرية فتحمل توقيع المؤلفة اللبنانيّة
هبة القواس التي سبق أن تعاونت مع نصري حجّاج في فيلمه «ظل الغياب».
إذا كان لا بدّ لنصري حجّاج من اختصار تجربته بكلمة، فهو يراها «محاولة
لإبراز الإحساس بالفقدان والحنين لهذا الشاعر الكبير، لهذا الرمز الذي رحل
مبكراً».
الأخبار اللبنانية في
15/06/2009 |