20 دولة و50 شريطاً
خمسون فيلماً روائياً ووثائقياً من عشرين دولة عربية وأوروبية تشارك في
الدورة التاسعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام، والسينما العراقية حاضرة
بالأفلام الوثائقية والروائية القصيرة. ماذا عن الدورة وعن الأفلام العربية
المشاركة؟
اختار منظمو مهرجان الفيلم العربي في روتردام الشريط التونسي «ثلاثون»
لافتتاح دورته التاسعة التي تبدأ في العاشر من الشهر الجاري وتستمر حتى
الرابع عشر منه. ورأت اللجنة المنظمة للمهرجان في اختيارها الفيلم التونسي
تميزا لدورتها الحالية لأهمية الفيلم الذي يعالج سيرة حياة المصلح التونسي
الكبير الطاهر الحداد، الذي وصفه البعض بقاسم أمين التونسي، والذي طالب مثل
أمين المصري، بتحرير المرأة التونسية منذ عشرينيات القرن الماضي. وسيتيح
وجود مخرجه فاضل الجزيري مع ممثل الدور الرئيسي في حفل افتتاح المهرجان
فرصة للجمهور لمقابلتهما ومناقشة فيلمهما في حوار مفتوح. وفي تميز آخر
للدورة الحالية، يعكس حضور الجاليات العربية في المجتمعات الغربية، سيدشن
أعمالها عمدة مدينة روتردام العربي الأصل أحمد أبو طالب، بكلمة افتتاحية
وترحيبية يلقيها أمام ضيوف المهرجان.
الى جانب حوالي خمسين فيلما روائيا ووثائقيا، من عشرين دولة عربية
وأوروبية، سينظم المهرجان ثلاث ندوات؛ منها واحدة عن «الدراما التلفزيونية
بتقنية السينما» يشارك فيها عدد من المخرجين العرب يعرضون عبرها تجاربهم في
أعمال درامية تلفزيونية استندت الى تقنيات سينمائية، وستكون التجربة
السورية التي نجحت في تقديم أعمال تلفزيونية جيدة ساهمت في الارتقاء
بالانتاج الدرامي العربي، واحدة من هذه التجارب. المخرجون السوريون: هيثم
حقي، حاتم علي وباسم الخطيب سيتحدثون عن تجربتهم في هذه الندوة الى جانب
مخرجين عرب آخرين. ومثل سابقاتها ستستضيف الدورة الحالية عددا من نجوم
السينما العربية منهم: الهام شاهين بطلة «خلطة فوزية» الذي سيعرض ضمن
مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، والممثل عزت أبو عوف رئيس مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي. الى جانب ضيوف يتوقع المهرجان حضورهم مثل النجم خالد أبو
النجا الذي سيكون عضوا في لجنة تحكيم الأفلام الروائية التي سترأسها
المنتجة التونسية درة بو شوشة.
الحضور العراقي
حضور السينما العراقية في هذه الدورة ينحصر في الأفلام الوثائقية والروائية
القصيرة، بخلاف الدورات السابقة التي قدمت الروائية العراقية أيضا، والسبب
يعود الى قلة الانتاج الروائي خلال هذه الفترة وانكباب الكثير من مخرجيها
على وضع اللمسات الأخيرة على أفلامهم كما يفعل قاسم حول محمد الدراجي وعدي
رشيد وشوكت أمين كوركي. والفيلم الوثائقي العراقي، مرتبط موضوعيا، بالواقع
المعاش وسيشاهد الجمهور العربي والهولندي أفلاما تعكس بشكل رئيسي الحراك
السياسي والاجتماعي فيه كما في فيلم ميسون باججي «العراق: عدسات مفتوحة»
الذي تعرض فيه واقع المرأة العراقية من خلال عدسات الكاميرا التي تحملها
نساء عراقيات يسجلن فيها بصريا اللحظة العراقية الراهنة وما يطمحن اليه.
الى جانبه سنشاهد فيلم جمال أمين «فيروس» و«80 / 82» لحميد حداد. وفي فئة
الأفلام الروائية القصيرة يشارك العراق بأفلام عدة منها: «اسمي محمد» انتاج
عراقي- أردني اشترك في اخراجه أربعة مخرجين. وفيلم «جدران» لسعد جاسم الى
جانب «أرض الرافدين» للعراقي المقيم في الدنمرك فنار أحمد. ومن حسن حظ
المهرجان وقوعه زمنيا بعد أكبر المهرجانات العربية والعالمية الى حد ما،
مما يوفر لمنظميه فرصة الاطلاع على أحدث الأفلام المعروضة فيها وانتقاء
الأفضل. ولهذا فدورة هذا العام تضم، تقريبا، أفضل المنتج السينمائي العربي.
على المستوى الروائي الطويل يأتي كما أشرنا فيلم الافتتاح، الى جانب
المصريين «خلطة فوزية» لمجدي أحمد علي الفائزة بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان
الشرق الأوسط السينمائي في أبو ظبي، و«بصرة» الفيلم الروائي الأول للمخرج
أحمد رشوان الذي حصل على جائزة أفضل تصوير في مهرجان فالنسيا لدول البحر
المتوسط. شريط يناقش قضايا الشباب المصري عبر شخصية طارق الذي يسجل واقعه
بعدسة كاميرا. الى جانبهما ستقدم الدورة التاسعة الفيلم الجزائري «مسخرة»
للياس سالم الذي حصل بدوره على جائزة أفضل فيلم في مهرجان دبي. ومن المغرب
اختير فيلم «كازانيغرا»أو الدار السوداء، وهو كناية ساخرة عن مدينة الدار
البيضاء وما يعانيه شبابها من فقر وبطالة مزمنة عن العمل تدفعهم الى الهجرة
والوقوع في المصائب، كما جرى للشابين عادل وخالد. الأول يريد الهجرة الى
مدينة مالمو السويدية تخلصا من العذاب الذي يعيشه يوميا وهو يرى والدته
تتعرض للضرب والاهانة على يد زوجها الثاني بعد والده. والشابان يجمعهما حلم
واحد: الهجرة، وحين يعرض عليهما عمل يحصلان منه على مال وفير، كما أغراهما
صاحبه يقبلانه من دون تفكير بعواقبه الوخيمة، وبعدها يمضي الشريط في رسم
الواقع وحدوده الفاصلة مع الأحلام والأوهام. وعلى مستوى السينما الفلسطينية
سيشاهد الجمهور فيلما بعيدا عن المألوف البصري الفلسطيني. هذه المرة
سيتفاعل الجمهورمع رؤية جديدة للواقع الفلسطيني تقدمها المخرجة نجوى نجار
عبر فيلمها «المر والرمان» الذي أرادت منه مخرجته الجمع بين حلاوة فاكهة
الرمان وحضوره الطاغي والمترف في الموروث الشرقي ومرارة العيش في ظل
الاحتلال الاسرائيلي. وحكاية قمر (الممثلة ياسمين المصري) وزوجها زيد
(الممثل أشرف فرح) كان لها ان تمضي حلوة لولا جشع المحتل الذي يريد تسميم
حياة الناس والسيطرة على أراضيهم بمختلف الذرائع، كما حدث مع زيد حين
اتهموه بأنه اعتدى على جندي فزجوه في معتقلاتهم، ثم اتضح في ما بعد انهم
يريدون من وراء هذه التهمة تنازله عن أرضه مقابل حريته. هذا المناخ العام
انطلقت منه نجار للدخول في تفاصيل حكايتها التي أرادت منها التركيز، هذه
المرة بشكل أكبر، على علاقات انسانية تنسج في كل المجتمعات. أرادت لحكايتها
ان تأخذ بعدا عاطفياً اشكاليا، أبطالها ناس عاديون كانوا يريدون المضي في
حياتهم كما يمضي بقية البشر. وسوريا هذه المرة تحضر بفيلمين هما «حسيبة»
لريموند بطرس و«الليل الطويل» لحاتم علي. ولبنان بفيلم «دخان بلا نار،
بيروت مدينة مفتوحة» لسمير حبشي. وعلى مستوى الأفلام الروائية القصيرة
اختار المهرجان من مصر «الحب في زمن الكلة» للمخرج ابراهيم عبلة و«كيكة
بالكريمة» لأحمد مجدي، الى جانب الأردني «sms» ليحيى عبد الله. وسيعرض اضافة الى هذا الكثير من الأشرطة القصيرة
العربية لتغطي مساحة معقولة من هذا الانتاج. واللافت في الدورة المشاركة
الخليجية التي يمثلها السعودي «شروق غروب» للمخرج والزميل الناقد محمد
الظاهري والبحريني «البشارة» لمحمد راشد بو علي وفيلم الاماراتي وليد
الشيحي «باب». أما على المستوى الوثائقي العربي فيحضر لبنان بشريط وثائقي
طويل بعنوان «سمعان في الضيعة» لسيمون الهبر، وفلسطين بفيلم المخرج عبد
السلام شحاتة «الى أبي»، والأردن بـ«الذاكرة المثقوبة» لساندرا ماضي.
وتشترك مصر بفيلمين هما: «السيارة رمسيس» ومدته 32 دقيقة يوثق لتاريخ أول
سيارة تم تجميعها وتصنيعها في مصر خلال الستينيات وسميت باسم «رمسيس»،
ومخرج الشريط رامي عبد الجبار. أما المصري الثاني فعنوانه «المستعمرة»
ومخرجه أبو بكر شوقي. وقد خصصت دورة العام حيزا للسينما الجزائرية التي بدأ
حضورها في الاتساع عربيا وعالميا بعد انقطاع نسبي عن مسيرة طويلة ومهمة من
تاريخها. ومن بين الأفلام التي سيشغلها هذا الحيز «مال وطني» للمخرجة فاطمة
بلحاج وفيلم نذير مكنش المثير للجدل «بالوما اللذيذة» والذي جوبه بنقد
متناقض بين تأييد لجرأته ومعارض، لما فيه من مشاهد وحساسية عالية في عرض
حال المرأة الجزائرية والذين يرون في شخصيته المحورية نموذجا بعيدا عن
حقيقتها. أما الحكم عليه وعلى بقية أفلام المهرجان فسيكون مختلفا هذه
المرة، لأن مشاهديه ليسوا عربا فقط، إنهم هولنديون أيضاً يرون أفلامنا
بعيون مختلفة.
الأسبوعية العراقية في
07/06/2009 |