"الديجيتال " قفزة جديدة في عالم السينما العربية واتجاه جديد لجأ
اليه عدد من عشاق الفن السابع لتقديم أفلام تحلّق بعيداً عن السائد
والمتداول لكونه يوفر الوقت والجهد والمال والأفلام الخام ويعطي فرص عمل
للمخرجين والمنتجين الشباب ففي الوقت الذي يتكلف الفيلم العادي أكثر من
عشرة ملايين جنيه فإن هذا النظام يهبط بالتكلفة إلى نصف المليون جنيه
وفي مصر بدأ العمل في السينما بكاميرا الديجيتال عام 1998، حيث صور
المخرج السينمائي يسري نصر اللَّه فيلمه الروائي الطويل »المدينة« بكاميرا
ديجيتال، فكانت التجربة الأولى من نوعها في مصر والتي فتحت باب »الحلول
البديلة« للتكلفة العالية للتصوير السينمائي، كما شجعت المخرج خيري بشارة
ليخرج فيلمه »ليلة في القمر«، ثم محمد خان لتصوير فيلم »كليفتي« بالطريقة
نفسها. وقد ساهم وجود كاميرا الديجيتال في السينما المصرية في ظهور تيارات
سينمائية جديدة قادرة على المنافسة كما اتجهت العديد من المؤسسات العامة
للسينما في العالم العربى الى تصوير العديد من الأعمال بكاميرا الديجتال
وكل الشواهد تؤكد انه سيتم قريباً بث الأفلام الديجيتال عبر الستالايت إلى
دور العرض في جميع انحاء العالم.
في رأي المخرج السينمائي محمد خان الذي قدّم فيلمه »كليفتي« بهذه
التقنية فإن سينما الديجيتال لا تعد بديلا عن السينما التقليدية في الوقت
الحالي وان كان الديجيتال الحلّ الامثل للأزمات التي تعاني منها السينما
حالياً و"الديجيتال" أصبح ثورة اقتحمت كل شيء في عالمنا فبات من الضرورى ان
يكون للسينما نصيب من هذه الثورة الرقمية لذلك استعنت به في فيلم »كليفتي«.
لكن خان يكشف بخبرته العيب الخطير في الديجيتال والذي يتمثل في"عمق"
الصورة لكنه يعتقد ان عين المشاهد ستتعود عليها بسرعة لأنها مثل التلفزيون،
كما انه سيتم نقل الفيلم على شريط سينمائي حتى نستطيع عرضه بدور العرض غير
المجهزة بآلات تناسب الديجيتال.
اما المخرج السينمائي يسري نصر اللَّه الذي قدم تجارب عديدة في
استخدام كاميرات الديجيتال، حيث كان أول من استخدمها عبر فيلمه الطويل
الروائي »المدينة« فيري ان "تقنية الديجيتال" تلبّي متطلباته كمخرج يبحث
عن أفضل الطرق لإنجاز فيلمه بعيدا عن آليات السوق »المعوقة« وضغط التكاليف،
مضيفًا انّ الصورة في الديجيتال أصبحت متقدمة كثيراً وربما لم تصل تماماً
الى مرحلة السينما، لكنها متفوّقة وجيّدة بما يتيح للفنان فرصة تحقيق حلمه
من دون عثرات إنتاجية، ويقول: رغم انني صورت فيلم »المدينة« بكاميرا
»بسيطة« إلا أن النتيجة كانت مرضية لي تماماً، وعندما شاهده مجموعة من
الخبراء الأجانب أشادوا بالنتيجة التي وصلت إليها.
وعن تجربة مزج الديجيتال بالسينما في فيلمه "جنينة الاسماك"، يقول نصر
اللَّه: يرجع ذلك لضرورة فنية بحتة، فكانت هناك مشاهد تحتاج إلى تركيز كبير
من الممثلين حتى نصور لقطة واحدة، وهذا ما أتاحته كاميرا الديجيتال دون
وجود هاجس إهدار الفيلم الخام، وعندما مزجت هذه المشاهد بالمشاهد
السينمائية كانت النتيجة مدهشة.
ومن الجيل الجديد تحدث المخرج محمد حماد الذي قدم تجربة سينمائية
بنظام الديجيتال من خلال فيلم »سنترال« والذي أثار ضجة واسعة عند عرضه لما
تضمنه من رؤية لواقع المجتمع المصري الملىء بالتناقضات موكدا ان السينما
العربية في حاجة ماسة الى التمرد خاصة النجوم الشباب الذين يحاولون طرح
معاناة جيلهم ومشاكله وهمومه ولو لم ينجح نجوم الديجيتال في تثبيت أقدامهم
على الساحة، لما انتزعوا اخيراً قسماً جديداً في مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي وفي غيره من المهرجانات. مؤكدا ان خلال الفترة الاخيرة شهدت ظهور
العديد من الشباب السينمائيين الذين أصبحوا يصورون الأفلام بكاميراتهم
الخاصة ويقومون بإجراء العمليات الفنية لها في منازلهم وذلك بفضل الثورة
الرقمية.
كما أن دور العرض أصبحت تشهد تطورات مهمة ويكفي أن هذا التطور ساهم في
ظهور اتجاهات سينمائية جديدة ومستقلة لم يكن يعترف بها من كبريات
المهرجانات حاليا ومستقبلا سيكون لها كل تقدير.
ويؤكد ممدوح الليثي نقيب السينمائيين ورئيس جهاز السينما ان اقتحام
الديجيتال لسينما المصرية هو جزء من خطة التطوير التى تشهدها الافلام سواء
على مستوى الصوت أو الصورة وعلى مستوى المضمون ايضاً.
وعن إمكانية تحويل دور العرض السينمائية إلى ديجيتال قال الليثي:
مازال الامر في بدايته ودور العرض الموجودة الآن مجهزة لعرض الأفلام
بالتقنية العادية، ونحن مازلنا في مرحلة "أولية" بالنسبة لأفلام الديجيتال.
الراية القطرية في
11/03/2009 |