رشيدة براكني ممثلة جزائرية الجذور عمرها 36 سنة، تقيم وتعمل في
فرنسا، ومتزوجة من لاعب كرة القدم السابق والفنان الحالي إيريك كانتونا.
عملت براكني في فرقة «لا كوميدي فرانسيز» المسرحية الوطنية العريقة، وحصلت
على جائزة «موليير» كأفضل اكتشاف مسرحي، قبل أن تغادرها إلى الشاشة الفضية،
حاصدة هذه المرة جائزة «سيزار» كأفضل أمل نسائي في السي نما الفرنسية. وها
هي الآن بطلة فيلم «شابة لويزا» الفرنسي الذي أخرجته فرانسواز شاربيا وتؤدي
فيه براكني شخصية امرأة ثلاثينية اسمها جميلة تعمل في الحقل القضائي وتعيش
حياة مرفهة إلى حد ما، ساعية بشتى الوسائل إلى محو آثار جذورها العربية،
بينما تعاني جارتها الفرنسية إيما من الفقر بعد وفاة زوجها وقيامها بتربية
طفليهما وحدها. ويروي السيناريو العلاقة التي ستنشأ وتتطور بين جميلة وإيما
على رغم الفارق الشاسع بينهما في العقلية وفي مواجهة أمور الحياة.
التقت «الحياة» رشيدة براكني لمناسبة نزول الفيلم إلى صالات السينما
وحاورتها:
·
ما الذي دفع بك إلى قبول العمل
في فيلم أخرجته فرنسية ويحكي حياة شابة عربية؟
-
صحيح أن فرانسواز شاربيا فرنسية مئة في المئة، إلا أنها بفضل
علاقاتها المهنية وإخراجها أفلاماً تسجيلية حول عرب فرنسا، اضطرت إلى
الاحتكاك بالثقافة العربية وبدأت تهتم بها وتتردد في باريس إلى صالونات شاي
عربية في الدائرة التاسعة عشرة، ثم إلى مطاعم عربية وإلى معهد العالم
العربي من أجل مشاهدة الأفلام المصرية القديمة، وراحت تكتشف كذلك الموسيقى
العربية من أم كلثوم إلى الشعبي ثم الراي الجزائري النابع من مدينة وهران،
وهي شعرت بتأقلم كبير مع الروح الشرقية، ولم تحس -وفق قولها- مرة واحدة
بأنها غريبة في كل هذه الأماكن التي يتردد إليها عرب باريس أساساً.
وبالتالي عندما كتبت شاربيا سيناريو فيلم «شابة لويزا» فعلت ذلك بالفعالية
نفسها التي كانت قد ميزت مؤلفة عربية مثلاً روت الحبكة ذاتها. ولهذا السبب
لم أتردد في قبول الدور الذي طرحته علي.
·
كيف تصفين شخصية جميلة التي
تمثلينها في الفيلم؟
-
إنها عربية عثرت على مكانتها في قلب المجتمع الفرنسي، بينما
جارتها التي ستصبح صديقتها، إيما، فرنسية أصيلة لا تشعر بالمرة أنها في
مكانها في المجتمع نفسه.
·
ومن هي شابة لويزا التي يحمل
الفيلم اسمها؟
- «شابة» هو اللقب الذي يطلق على الفنانات، لاسيما المغنيات في
الجزائر. ولويزا في الفيلم هو اسم جدة جميلة التي أمثلها، وكانت مغنية
مشهورة. والذي يحدث هو قيام جميلة في نهاية الفيلم بترديد أغنيات جدتها في
مكان عام في باريس، وبالتالي تحيي ذكرى هذه المرأة وتكرمها. والواقع أن
جميلة مولعة منذ صباها بجدتها وتقضي الكثير من سهراتها وحيدة في بيتها
تستمع إلى أسطوانات أغنيات شابة لويزا، غير مشاهدتها الأفلام التي تظهر
فيها هذه الأخيرة.
دوْران في فيلم
·
تمثلين أيضاً دور الجدة في هذه
الأفلام القديمة التي تحب أن تشاهدها جميلة، فهل كان من الصعب أداء دورين
في فيلم واحد؟
-
لقد سعدت بمثل هذا التحدي، خصوصاً أنني غنيت بالعربية في إطار
شخصية الجدة وهي شابة لويزا، وحدث الأمر في الوقت الذي شهد إطلاقي أسطوانتي
الأولى قبل عام، بمعنى أنني كنت منغمسة كلياً حينذاك في النشاط الغنائي،
لكن الفارق أتى من كون أسطوانتي الشخصية مسجلة بالفرنسية وليس مثل أغنيات
شابة لويزا في الفيلم.
·
حدثينا عن علاقتك بالممثلة
الفرنسية إيزابيل كاريه التي تؤدي دور إيما في الفيلم؟
-
إيزابيل كاريه هي من أفضل ممثلات جيلها في السينما والمسرح على
السواء، وهي منحت شخصية إيما نبرات من الصدق تعدت خيال المتفرجة شاربيا،
لكنها لم تفاجئني شخصياً في الحقيقة، لأنني من أشد المعجبات بإيزابيل كاريه
منذ سنوات طويلة، كوني أتابع عملها في المسرح وفي الأفلام السينمائية،
إضافة إلى أنني مثلت إلى جوارها في فيلم سينمائي حينما كنت في مطلع مشواري
الفني. وقد سعيت مع كاريه إلى عدم الارتباط بعلاقة ودية حميمة في بداية
تصوير الفيلم، من أجل أن تبدو علاقتنا الصعبة فوق الشاشة، خصوصاً في
اللقطات الافتتاحية من الحبكة، صادقة إلى أبعد حد. ومع مرور الأيام نشأت
بيننا ورغماً عنا صداقة كبيرة، رحنا نتقبلها بصدر رحب ونعتمد في ما خص
الفيلم على موهبتنا الدرامية من أجل التعبير عما نص عليه السيناريو، وبصرف
النظر عن الواقع. والذي حدث هو شعور الممثل يونس بواب، الذي كان يمثل هنا
للمرة الأولى في فرنسا، بالخوف أمام قوة أداء كاريه ولكونها فرنسية تتميز
بعقلية مختلفة عن عقليته هو الجزائرية، إلا أنني تكلمت معه في هذا الخصوص
وفسرت له حقيقة تفتح كاريه الذهني وطيبة قلبها، فتغير الوضع ونشأت علاقة
مهنية جيدة بين الطرفين، مبنية على الثقة المتبادلة.
مثل المغتربة
·
تتميز شخصية جميلة التي تؤدينها
في الفيلم بنوع من الازدواجية بسبب تأرجحها بين ثقافتين، العربية والغربية.
هل عانيت أنت في فترة ما من حياتك من هذه الازدواجية؟
-
عانيت في شبابي الأول من هذه الازدواجية، لأنني مولودة في
فرنسا من عائلة جزائرية، وبالتالي كنت أسعى إلى التصرف في باريس، مقر
إقامتي، مثل الفرنسيات، وعندما كنت أزور الجزائر كنت أعيش مثل الجزائريات.
إلا أن نمط العيش هذا لم ينجح، بل على العكس شعرت بأنهم كانوا يعاملونني
مثل المغتربة في فرنسا، وفي الجزائر بشكل عكسي لكل ما كنت أتمنى حدوثه. ومع
مرور الأعوام نضجت وأدركت أن المرء عليه أن يتصرف بأسلوب صادق مع هويته
أينما تواجد وألا يمثل على غيره، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي تسمح بكسب
احترام الآخر في أي بلد في العالم.
·
ما رأيك في كون الرجال العرب
الذين يظهرون في الفيلم يعانون أكثر من شخصيتك أنت، من حكاية الغربة
والتشتت بين ثقافتين؟
-
لقد أبدت المخرجة فرانسواز شاربيا فعلاً رغبة في تسليط الضوء
على مدى التمزق الذي يعيشه الشاب المغترب، فهو من ناحية لا يفلت من سيطرة
أمه عليه في شأن التقاليد العربية، ومن جانب آخر يريد أن يخوض حياته مثل
الرجل الغربي. وأنا مقتنعة بأن الفتيات في الحياة الحقيقية، ينجحن في
العثور على التوازن بين الثقافتين ربما أكثر مما يفعله الشبان.
صعوبة الغربة
·
يعتمــــد فيلم «شابة لويزا»
علـــــى الفكاهـــــة في العديد من مشاهده، على رغم أنه يروي حكايات
مأسوية، فكيف واجـــــهت أنــــت الجانـب الكوميدي من شخصية جميلة؟
-
أنا أعجبت إلى أبعد حد بالرغبة التي أبدتـــها المخرجة شاربيا
في تناول الدراما من الجانب الكوميدي، ذلك أن روح المرح هي أفضل وسيلة
للتعبير عن المواقـــف الصعبة والمأسوية في أي عمل فني، وتميزت شاربيا
بذكاء حاد حينما كتبت سيناريو «شابة لويزا» معتمدة الأـــسلوب الفكاهي
للتعبير عن صعوبة الغربة وعن حقوق المرأة وكل المواضيع التي يدور من حولها
مضمون الفيلم. وعن نفسي، فقد عثرت هنا على فرصة استثنائية لإبراز موهبتي
الكوميدية، بما أن العدد الأكبر من أدواري عادة ما يتصف بالجدية التامة.
وكان من السهل تمثيل شخصية جميلة في أسلوب درامي، لكن عنصر الفكاهة الذي
أرغمتني شاربيا على اعتماده يضيف حلاوة مميزة إلى الدور وإلى الفيلم.
·
ترقصين في المشهد الختامـــي
مــــن الفيلـــم، في الوقــــت نفسه الذي تردديــن فيـــــه أغنيات جدـــة
جميلة أي شابة لويزا، فهــــل تجيديـــن الرقص الشرقي أساساً أم أنك
تدربـــت علـــيه خصيـــصاً من أجل الفيلم؟
-
سأرد عليك مثلما رددت على المخرجة حينما قالت لي إنها ستكلف
مدرباً تعليمي أصول الرقص الشرقي قبل بـــدء التصوير. والرد هو: «هل تمعنت
في ملامح وجهي؟» وأقصد به: هل تعتقد حقيقة أن أي امرأة عربية في حاجة إلى
مدرب من أجل أن ترقص؟ أنا لم أخضع لأي تدريب سوى ذلك الذي فرضته على نفسي
في المساء في بيتي أمام المرآة.
·
ماذا عن الممثلة الجزائرية بيونا
التي تؤدي شخصية والدتك في الفيلم؟
-
هل تعلم أنني اندهش كلما أكون مع بيونـــا في شوارع باريــس،
إذ إن الجمهور يحتشد من حولها ويصفق لـــها ويطلب منها الصور الموقعة. لقد
اكتشـــفت أن نجوميتها في فرنسا تضارع تلك التي تتمتع بها في الجزائر. إنها
فنانة قديرة وممثلة بارعة في الكوميديا والدراما على السواء. أنا فخورة
بكوني عملت معها في فيلم «شابة لويزا».
«أبي
يشبه عبد الناصر» محاولات لنبش الصور النائمة
بيروت - محمد غندور
تحمل المخرجة اللبنانية فرح قاسم الكاميرا وتلاحق والدها داخل منزله.
تصوّره وهو يقرأ شعراً، ملتقطة ضحكاته وحركاته وأنفاسه الثقيلة. الأب هو
الذاكرة التي تريد فرح نبشها لمعرفة ما في داخلها من أسرار وأفكار وهواجس
وعواطف دفينة.
هكذا تصبح الكاميرا ظل الوالد، تعيش معه، تنام معه، وتسلك مساراً
درامياً أيضاً معه. تحاول قاسم في فيلمها «أبي يشبه عبدالناصر»، مقاربة
الخاص والذاتي، لا لإنجاز فيلم عن الذاكرة فقط، بل لهواجس شخصية أولاً،
وصراعات وأسئلة تريد إجابات عليها، ومن ثم يأتي حب السينما والمهنة.
ولكن هل الوالد يشبه فعلاً عبدالناصر؟ من يقرأ عنوان الفيلم، يعتقد
مثلاً أن الوالد سيروي بطولات مع القائد المصري الراحل، وجولات قتال
وصراعات فكرية. لكن مسار الفيلم السردي، يبتعد عن الحقبة الناصرية على رغم
إعجاب الوالد بها، ويغوص في ما هو أبعد من ذلك بكثير.
تبدو قاسم حائرة وهي تحاور والدها، فهو لا يريد شيئاً، ويريد كل شيء،
يتنقل بثقل من غرفة إلى أخرى في منزله، وكأن كل زاوية لها حكاية.
يقول أن الشعر الذي يكتبه فيه الكثير من الذكريات المؤلمة والحزينة
أيام المراهقة وما بعد التقاعد، وأن المشكلة التي يعاني منها وهي عدم دخوله
في مرحلة النوم العميق، تجعله يفكر كثيراً بالموت.
تحاول المخرجة اللبنانية التسلل داخل الفيلم، من خلال صوتها في
البداية وهي تكلم والدها، ومن ثم الانتقال إلى أمام الكاميرا لتصبح شخصية
محورية مع والدها، وينتقل الفيلم مجدداً إلى مرحلة ثانية: الموت.
يبدو الموت هاجساً بالنسبة إلى قاسم، فهي لا تؤمن أنها سترى من تحب
عند الانتقال إلى العالم الآخر، على عكس والدها الذي سيستقبله كل أحبائه.
هذا الحوار الماورائي بين الابنة والوالد، تقتحمه صورة الأم فجأة. الأم
التي رحلت منذ فترة تاركة في مخيلة الابنة - المخرجة، صورة لا تنسى.
بعد مرض الأم ووفاتها وتورّم جسدها، لم يستطع المشيّعون إخراجها من
باب الغرفة إلا بعد محاولات كثيرة. هذه المحاولات، فتحت في مخيلة قاسم
فجوة، لم يسدها إلا التصالح مع الذات والحديث مع الأب عن الأم التي كانت
رشيقة وجميلة وهادئة.
الجميل في العمل أن الصورة، لا تتطابق دوماً مع الصوت، وكأننا نشاهد
أحداثاً مستقبلية مع تعليق على أمور سابقة. وتميزت قاسم بطريقة تقطيعها
وتكثيفها الزمني للأحداث، والطريقة التي تشد بها المشاهد وإجباره على
الانغماس في لعبتها، فتتحفز المخيلة، ويتورط المشاهد في اجترار ذكرياته
الأليمة والمحزنة، قبل المفرحة.
هذا التورط، ينقُل الخاص إلى العام، فتتحوّل الأمور الذاتية والهواجس
الشخصية إلى مواضيع عامة.
يبدو لافتاً حضور الأب في السينما اللبنانية في الفترة الأخيرة.
الوالد بما يمثله من قسوة وحنان ومسؤولية وذاكرة. وفرح قاسم ليست الأولى
التي أرادت تعرية ذاكرة أبيها، وقد سبقتها إلى ذلك زينة صفير في «بيروت
عالموس»، وأحمد غصين في «أبي لا يزال شيوعياً»، وباسكال أبو جمرا في «خلفي
شجر الزيتون» ورامي نيحاوي في «يامو».
كل الأفلام المذكورة، ناقشت صورة الأب، محاولة نبش قصص نائمة، وأن
توثق من خلالها الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خلال الحرب
الأهلية. وعرضت هذه الأعمال، غياب الأب الدائم عن المنزل، وما يخلفه ذلك من
أثر في حياة أولاده لاحقاً (أبي لا يزال شيوعياً)، وانتقاله من المعسكر
الشيوعي إلى التطرف الإسلامي (يامو)، وروايته عشرات القصص والمغامرات مع
فنانين مشهورين (بيروت عالموس)، وعمله لصالح الجيش الإسرائيلي لدى احتلاله
جنوب لبنان، وما خلفه ذلك من نبذ اجتماعي لعائلته (خلفي شجر الزيتون).
في «أبي يشبه عبدالناصر»، يصبح الصمت في ختام الفيلم أكثر تعبيراً.
فذاكرة قاسم متعبة من استعادة الأحداث، والوالد ما زال يقرأ شعراً لزوجته
الراحلة، فيما تعرض مشاهد قديمة مسجلة للأم وهي عائدة من ممارسة الرياضة.
تدخل من الباب برشاقة، لكن لا تخرج بالرشاقة ذاتها بعد رحيلها.
«أبو
نضارة» من سينما الثورة إلى ثورة السينما
باريس - ندى الأزهري
عُرفت مجموعة «أبو نضارة» السورية بعد الثورة بفضل الأفلام القصيرة التي
تبثها على الإنترنت كل جمعة: «يوم المطالبة بالحرية»، وعلى رغم عوائق العمل
في سورية وغياب التمويل، ما زالت المجموعة، حتى اليوم، مستمرة في إنتاج
أفلامها عن الثورة أسبوعياً لقناعتها بأن «نضال هذا الشعب يجب أن يمر عبر
الصورة». للتعريف بهذه المجموعة السينمائية التي عرفها العالم من خلال
الثورة السورية وعرضت أفلامها في مهرجانات وتظاهرات عدة، كان لنا لقاء مع
«الناطق» باسمها شريف كيوان. التقيناه وحده في باريس حيث لم يكن ممكناً
لقاء الآخرين في سورية.
·
الثورة لفتت الأنظار إليكم فهل كنتم
موجودين قبلها؟
-
قبل الثورة كانت لدينا
الرغبة بعمل أفلام من نوعية بديلة تقدم صورة جديدة عن المجتمع. نوعية كانت
غائبة لأسباب أهمها: «أعراف» التلفزيون المحتكر البث والنظرة إلى الوثائقي
«كتابع» للأخبار فقط. لم يكن من خيار أمامنا لتكوين جمهور سوى التوجه إلى
الإنترنت. انطلقنا عام 2010 على أمل المساهمة في فرض ميزان قوى جديد بين
السينما والتلفزيون وقررنا الخروج من دائرة الاهتمام السائدة والمواضيع
ذاتها المفروضة من الأخبار. كانت الفكرة أن نصوّر الناس العاديين في حياتهم
اليومية بعيداً من الصورة النمطية. وضعنا التصوّر العام واخترنا تنفيذ
أفلام قصيرة لسهولة المعالجة وانخفاض الكلفة. وفرضت علينا مشكلة الرقابة
عدم توقيع أفلامنا، كان الأمر سيبدو «مبهماً»، بالنسبة للرقيب المعتاد على
الخانات، و «محفزاً» بالنسبة للناس المعتادين على رؤية اسم المخرج.
·
قليل من الناس يهتم باسم المخرج للأسف في عالمنا
العربي!
-
هدفنا كان الذهاب إلى
أقصى حدود الممكن. لم نرغب بأن يصنف فيلمنا اعتباراً من الاسم، ثمة احتكار
للإنتاج من النظام والمخرجين العاملين تحت غطاء المؤسسة العامة للسينما وكل
اسم يثير أفكاراً مسبقة ويصنف في خانة.
·
ولكن من أنتم؟ سؤال ضروري لأن الشخص الذي أمامك
مكوَّن أساس من مكونات الحوار!
-
قررنا من البداية، على
رغم عدم وجود الخطر كاليوم، التزام السرية وتحويل نقطة ضعفنا بعدم توافر
رصيد لنا إلى قوة. أردنا إثارة أسئلة معينة حول مكان المخرج ودوره. أسسنا
شركة «أبو نضَارة» للإنتاج بهدف خدمة الفيلم الوثائقي، جعله مادة حية
وإخراجه من الرف المغبَر، من تكريسه فقط للأخبار وللمواضيع الغرائبية. هذا
ما جعلنا نتبع طرقاً فيها إبهام وإثارة. السينما في حاجة إلى صدمة تثير
تساؤلات الناس وتدعوهم إلى نقاش صحي. ساهمت السينما في صنع الهوية الوطنية
السورية، لكن النظام قضى عليها لأنه أمّم كل شيء وجعل المؤسسة رقيباً ونمّى
وظيفة التلفزيون للتغلغل في ذهن المواطن. كانت السينما لدينا هواية وحلماً
وصورة تعبّر عن نضال هذا الشعب نتمنى أن يتم الاعتراف بها.
·
ما مدى انتشاركم قبل الثورة؟
-
لاقت مجموعة أفلامنا
الأولى عن الناس العاديين انتشاراً لا بأس به. كنا على وشك أن نوقِّع عقداً
مع منظمة العمل الدولية لتحقيق أفلام قصيرة عن عمالة الأطفال في سورية،
تخاطب الجمهور بلغة جديدة. وكنا بدأنا نصوّر مجموعة أفلام قصيرة حول ذاكرة
«الدب السوري» الذي يربطنا بمكون آخر من ثقافتنا غيبته الثقافة البعثية من
أجل عروبة نمطية.
أردنا، من دون التعاطي بالسياسة والدخول في مواجهة، توسيع أفق الناس وتحريك
الثقافة الكامنة لديهم ضمن نظام لا يسمح بالاختلاف، والمراهنة على هذا
النوع من الأفلام لعمل حملة توعية على مفاهيم اندثرت، ووجدنا خارج المؤسسات
السينمائية من يتبنى أعمالنا من منطلق بيئي. أحسسنا بأن مجتمعنا قابل لتلقي
هذه الأفلام.
·
ثم جاءت الثورة لتغير المشاريع...
-
كانت خضة! اكتشفنا بغتة
أننا متأخرون عن شعبنا وكنا نظن أننا نتقدمه وبأن شغلنا سيساهم يوماً في
التغيير وسينوَّر مجتمعنا! هذا غرور المثقف والسينمائي! انتابنا شعور
بالخجل ولكن بالفخر كذلك، فشرعنا بإنتاج البديل.
المواضيع المتغيّرة
·
كيف تعملون لتحقيق أفلامكم في
سورية؟ وكيف تستمرون؟
-
كان على المواضيع أن
تتغير! درّبنا أنفسنا وأقمنا شبكة علاقات مع سينمائيين عصاميين. وكما كنا
مخلصين لذاكرة الشعب وأحواله اليومية قبل الثورة قررنا السير على المنوال
نفسه، لا سيما أن التلفزيون، بعد مرحلة ارتباك في البداية لمنعه من التغطية
من قبل النظام، وجد بسرعة الحل وهجم بطريقة مخيفة وبات يشغل الناشطين. كانت
كارثة، فصورة الثورة تخللتها أياد لها مصالحها الخاصة. إحساس بالصدمة
والصورة تفلت منا، لكن على السينمائي ألا يستقيل ويقف إلى جانب شعبه في هذه
اللحظة المصيرية، لذا قررنا عمل أفلام في شكل دوري ومساعدة الناشطين الذين
يريدون تطوير أدواتهم. كنا كمن يكتشف حواسه من جديد وكان هذا هو الوقود
الذي جعلنا نخرج الكامن فينا ونصل للشكل وللفكرة. لقد تجاوزنا أنفسنا!
·
هل استطعتم سينمائياً مجاراة
الثورة؟
-
لا أعتقد، إذا ما قورن
عملنا بالشوط الذي قطعه الناس العاديون! لقد سبقوا المثقفين والسينمائيين
ونسفت كل تساؤلات هؤلاء... لدي شعور بأننا لم نحقق شيئاً. يمكن أن نكون
ساهمنا على الهامش، عرَفنا عبر قصص إنسانية على وجه آخر للثورة انتشر في
مهرجانات وغيرها، لكن كل هذا لا يشكل شيئاً!
لم
نتقدم في معركتي الإنتاج والنشر. القنوات التلفزيونية ما زالت قوية وتتحكم
بصورة الثورة، وما زال هامش وصولنا إلى الناس صغيراً وما زلنا بعيدين من
فرض ميزان قوى جديد. التلفزيون يتحكم بالعباد في سورية ويفرض ثقافته، وتلعب
المسلسلات دوراً في آلية القمع الثقافي، والسورية منها تسعى إلى تكريس قيم
أبعد ما تكون عن الحرية. يعيش المواطن من خلالها إما في ماضٍ مزيف أو حاضر
لا يعدو كونه متنفساً صغيراً لقبول الواقع.
·
هل تصلكم ردود فعل عن متابعة الناس
أفلامكم في سورية؟ كيف تنتشر هناك؟
-
جمهورنا الأول هو سوري
وفق إحصاءات المشاهدة. وأفلامنا تنتشر على رغم اختيارنا عرضها، وذلك
تفادياً للخلط بين صور السينمائي وصور الناشط الإعلامي، على قناة أقل شعبية
من اليوتيوب. لدينا موقف صارم بهذا الخصوص، فلا يجوز التعامل مع صور الناشط
كأنها سينما من نوع جديد. هي غالباً ما تكون وثائق أو أدلة على انتهاكات
نظام يقتل شعبه، وعلى الصحافة والمنظمات القانونية أن تتعامل معها على هذا
الأساس. يمكن السينمائي أن يستخدم هذه الصور - الوثائق، شرط أن يوظفها في
إطار فني وضمن معايير أخلاقية معينة تتيح للجمهور أن يراها من منظار آخر.
لكن، لا يجوز أن نتعامل مع نداءات الاستغاثة وأنين الموتى كما لو كانت فناً
من فنون السينما.
نحن نتعمد صناعة صور تفيض بالإنسانية لمواجهة الواقع المرير الذي يصوره
النشطاء بشجاعة خارقة. يأخذ علينا البعض «أناقة» صورنا هذه وكأنها ترف
بالنسبة لشعبنا المنكوب. لكن، من قال إن الشعب المنكوب ليس في حاجة إلى
أناقة؟ ثم إننا حريصون على أن تكون أفلامنا جامعة كي نحافظ على جمهور
الموالين للنظام ممن يتابعونا. فالانزلاق نحو سينما تحريضية دعائية وتأجيج
العواطف يقتل السينما.
·
تحدثتم في بيان عن «جماليات تقلقل الذوق العام».
-
هذا التعبير مقتبس من
مقالة لسعدالله ونّوس تنعى الثقافة في ظل نظام إعلامي عربي قائم على
التلفزيون الذي فرض جمالية واحدة. وظيفة المثقف هي القلقلة وطرح جمالية
مغايرة. وعلى السينمائي ألا يقدم ما يقدمه التلفزيون. اخترنا اسماً شعبياً
«أبو نضارة»، واعتنت أعمالنا منذ البداية، وعلى رغم قصر مدتها بالسرد
والخطاب السينمائيين كان لها بناء درامي محكم. استخدمنا كذلك عناوين مبتكرة
بعيدة من إثارة الشفقة. «توم وجيري» مثلاً، هل يمكن فيلماً من الثورة أن
يحمل هكذا عنوان؟! الثورة حدث جديد خارق للعادة ينسف كل الحدود وعلى
السينمائي احترام الحدود الجديدة.
هكذا صوّرنا
·
كيف تصورون في ظروف المنع والقمع؟
فيلم «الطلائع» مثلاً؟
-
صوِّر هذا الفيلم قبل
الثورة وعرضناه في بدايتها. التصوير في المدارس وفي كل الأزمان ممنوع ولا
سيما بعد فيلم أميرالاي! باءت كل محاولاتنا للحصول على موافقة للتصوير
بالفشل. طلبنا مرة من مديرة مدرسة إذناً، كان جوابها «الآذن سيخرب بيتي إنه
مخابرات!» لجأنا إلى الحيلة والتصوير من دون استئذان، ما كان علينا سوى
أخذهم بالعبطة وكنا مذعورين!
·
ماذا بعد عامين من الثورة؟
-
نعمل باستمرار لمواكبتها
أكثر. لدينا محرمات ألا نري الموت، لكنه أمسى يومياً وطاغياً وبات تفاديه
أصعب. للموت حرمة خاصة لا يجب تعويد المشاهد على صوره التي يجب حصر
استخدامها بمحكمة للحكم على النظام. نكمل ولا نعرف إلى متى؟ مشكلتنا هي
غياب التمويل وقنوات البث (أرتي الفرنسية بثت بعضاً من أفلامهم، راجع
الحياة 14 - 3)...
·
وهل تنوون المتابعة على الأفلام
القصيرة؟ ألا تفكرون بمشروع فيلم طويل مثلاً؟
-
يستنفد العمل على هذا
النحو طاقتنا، لكننا نعمل على فيلم طويل وآخر متوسط. أولويتنا هي عدم توقف
أفلام يوم الجمعة.
الحياة اللندنية في
03/05/2013
«مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي 37»...
جدل عقيم بين وزارة الثقافة والمؤسسات
كتب الخبر: فايزة
هنداوي
أثار إعلان وزير الثقافة في مصر محمد صابر عرب أن الوزارة قررت تنظيم
«مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» في دورته السابعة والثلاثين جدلاً بين
السينمائيين، ذلك أن قراراً وزارياً صدر بعد ثورة 25 يناير بإسناد
المهرجانات إلى جمعيات أهلية.
لأن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» يحتاج إلى إمكانات ضخمة لا
تقدر عليها إلا الدولة، ولا يمكن لأي مؤسسة أهلية أن تتصدى لها، تحمس بعض
السينمائيين لقرار تنظيم الوزارة للدورة السابعة والثلاثين منه، فيما
اعتبره سينمائيون آخرون ردة على القرار السابق ووسيلة لتحكّم الدولة
بالأمور كافة.
يعتبر المخرج مجدي أحمد علي أن هذا القرار بمثابة انقلاب على القرار
الوزاري القاضي بتدعيم دور الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وحتى لا تكون
الأنشطة في أيدي الدولة.
يضيف أن خلافاً نشأ العام الماضي بين «مؤسسة مهرجان القاهرة» وبين
«جمعية كتاب ونقاد السينما» على أحقية إقامة المهرجان، ما دفع الوزارة إلى
تولي مهمة إقامته حسماً للخلاف وإنقاذا للموقف وكدورة استثنائية، على أن
تسند الدورة التالية إلى إحدى الجمعيات الأهلية وهو ما لم يحدث، إذ قررت
الوزارة تنظيمه هذا العام أيضاً، ما يؤكد استمرار الفكر القديم.
مكانة عالمية
تؤكد مديرة المهرجان سهير عبد القادر أن وزير الثقافة هاتفها وطلب
منها البدء بالتحضير للمهرجان من دون أن يصدر قرار رسمي بذلك، فاتصلت
بالقيمين على مهرجان «كان» الذي ستبدأ فعالياته في 15 مايو لغاية 26 منه،
واتفقت على حجز مكان للترويج لمهرجان القاهرة.
في هذا الإطار عقدت عبد القادر اجتماعاً في مقر المهرجان لمناقشة
كيفية هذه المشاركة، بحضور أعضاء اللجنة العليا للدورة السابقة للمهرجان:
خيرية البشلاوي ورفيق الصبان ونعمة الله حسين، إضافة إلى محمد حفظي مدير
مهرجان الإسماعيلية، مندوب عن وزارة السياحة، أحمد مناويشي من شركة «أروما»
الراعي الرسمي للمهرجان، ومنيب شافعي رئيس غرفة صناعة السينما.
توضح سهير أن ما يهمها إقامة المهرجان الذي يرفع اسم مصر بشكل مشرف
يتناسب مع تاريخه ومكانته بين أكبر مهرجانات العالم، مشيرة إلى أنها تعشق
مهرجان القاهرة ولن تتأخر عن دعمه بأي وسيلة حتى لو كانت خارج الإدارة،
لأنه مهرجان مصر الرسمي، وأحد المهرجانات الدولية القليلة التي تتمتع بثقة
السينمائيين في العالم، ولا بد من الحفاظ على هذه المكانة.
تضيف أنها لا تنظر إلى الانتقادات التي توجه إليها، ما دامت تؤدي
واجبها تجاه المهرجان من دون مقابل، ولأن معظم هذه الانتقادات يصدر من
المغرضين.
بدوره يشير خالد أبو النجا إلى أن الحكومات في العالم تدعم
المهرجانات، ولا تتدخل في إدارتها أو في تفاصيلها لذا تنجح، في حين أن
مهرجان القاهرة تنقصه أمور كثيرة أهمها اختيار الأفلام المشاركة.
يضيف أن ثمة توصية وردت إلى إدارة المهرجان بعدم مشاركته في لجنة
التحكيم في الدورة الأخيرة للتدقيق في اختيار لجان مشاهدة، كي يكون مستوى
الأفلام المشاركة في المسابقة مشرفاً لقيمة المهرجان ومكانته.
مشكلة قضائية
يوضح الناقد سمير فريد أن «المركز القومي للسينما» كان أوصى بإسناد
المهرجان إلى جمعية أهلية، إلا أن وزارة الثقافة ضربت بهذه التوصيات عرض
الحائط، لذا يعتبر أن لجنة المهرجانات في المركز مجرد ديكور ما يفسر رفضه
الاستمرار فيها.
أما المخرج شريف بنداري، عضو اللجنة العليا للمهرحانات، فيرى أن قرار
إسناد المهرجان إلى وزارة الثقافة هذا العام ضروري، لأن ثمة مشكلة قضائية
حول أحقية المؤسسات بإقامته، ولن يحسم الأمر إلا في سبتمبر المقبل، لذا
سيكون الوقت ضيقاً لتتولى أي جمعية الإشراف عليه. بتعبير أدق، يستحيل تنفيذ
المهرجان، لذا تتدارك وزارة الثقافة الأمر بإقامته هذا العام، على أن تنظمه
بعد ذلك مؤسسات أهلية أسوة بباقي المهرجانات الكبرى.
سينما «التوك شو»!
كتب الخبر:
مجدي الطيب
لا أعرف حقيقة الأسباب التي دفعت السيناريست الشاب أيمن بهجت قمر إلى
خوض تجربة كتابة سيناريو فيلم {سمير أبو النيل}، لكنني أزعم أنه كان
بمقدوره أن يخط الفكرة في مقال، ويبعث به إلى صفحة الرأي في أي جريدة
يومية، ولا أظن أن إدارة تحريرها كانت ستمانع في نشر المقال لما لصاحبه من
مكانة كشاعر غنائي معروف، وكاتب يملك رؤية اجتماعية لها احترامها، ومواقف
وطنية لا شك فيها!
أكتب هذا وكنت أول من أشاد بتجربة {قمر} في فيلم {آسف على الإزعاج}
(2008)، بعد أن لمست في كتابته روحاً عذبة، وأحاسيس إنسانية فياضة. على رغم
ما قيل عن اقتباس الفكرة من فيلم أجنبي، فإنه في {سمير أبو النيل} يبدو
{مناضلاً على الورق}، ومُصلحاً اجتماعياً مكانه منابر المساجد، وليس شاشات
السينما؛ فالفيلم أقرب إلى {منشور} أراد كاتبه التخلص من عبء الأفكار
الكثيرة التي تطارده حيال الوضع الراهن في مصر، كالانهيار الأخلاقي،
والانفلات الأمني والإعلامي، والتغير القيمي، والفساد السياسي، والاقتصادي.
وبدلاً من أن يُدون أفكاره في {مقال سياسي في حلقات} ضل الطريق، وتحول إلى
{سيناريو فيلم سينمائي} اختار لبطله اسم {أبو النيل} فنفى عنه كونه {حالة
فردية استثنائية} وأصبح {إسقاطاً} على الشعب المصري بأكمله!
في {سمير أبو النيل}، يدخل الكاتب أيمن بهجت قمر، ومعه المخرج عمرو
عرفة، في {وصلة ثرثرة} طويلة ومملة ومستفزة، قبل أن يبلغا النقطة الساخنة
التي اختاراها محوراً للأحداث، وتتمثل في انتقاد مظاهر الفوضى الإعلامية،
التي تعيشها البلاد، وجعلت من البطل {البخيل} المكروه من الجميع (أحمد مكي)
صاحب قناة فضائية، يسيطر عليها ويحتكر برامجها، ويحرك الرأي العام من
خلالها، قبل أن يستيقظ ضميره، لأسباب غير مقنعة، ويستفيق من غفلته، بعد
واقعة عبثية سمجة، ويُعلن استقالته على الهواء مباشرة، ويُطالب جمهوره
(الشعب) قبل رحيله بأن يغفر له الجرائم التي ارتكبها في حقه، وينصحه بأن
يكون أكثر حذراً، وألا يقع ضحية لأشرار جدد يغررون به، ويحتالون عليه
مستغلين ضائقته الاقتصادية، وقبل هذا جهله وبساطته التي تصل إلى حد السذاجة!
قناعة لدى الكاتب أيمن بهجت قمر لا يمكن لأحد أن يُشكك في صدق توجهها
أو يختلف معه حول وقائعها، والتحذير من خطورتها؛ فثمة بالفعل قنوات فضائية،
كما في الفيلم، ظهرت بين يوم وليلة، يُسيطر عليها {أراغوزات} ليسوا سوى
{واجهات} لمجهولين وظفوها لأغراض مشبوهة على رأسها {غسيل الأموال}. لكن
الفيلم افتقر إلى الحس الجمالي، الذي ينأى به عن التورط في نقل الواقع
بحذافيره، وكأننا نقرأ {صفحة الحوادث} في جريدة يومية، ربما لأن المخرج
عمرو عرفة عجز، على غير عادته، عن السيطرة على عناصره الفنية، التي كان
يُجيد توظيفها في أفلامه السابقة، وعلى رأسها الصورة محسن أحمد التي بدت
فاترة ومحايدة، وتفتقد الدفء، كذلك التمثيل الذي اتسم بالانفعال والافتعال،
ومال أداء الممثلين، وعلى رأسهم أحمد مكي، إلى الصراخ والزعيق والعصبية،
ولم تنجح موسيقى محمود طلعت في إزالة الشعور بالصقيع الذي يلف التجربة،
والضجيج الناتج من رغبة الكاتب في تناول كل الظواهر المرضية، والسخرية من
شخصيات بعينها طفت على سطح المجتمع المصري في الآونة الأخيرة، وكأنه فيلمه
الأخير؛ فالشرطي مرتش ومبتز، ولا مانع لديه من أن يتحول إلى {هلفوت} يحمل
الحاجيات إلى منزل البطل، و{بودي غارد} في حال رفته من الخدمة، وقسم
البوليس ينقلب، بحجة الانفلات الأمني، إلى {كباريه} يمرح فيه البلطجية
والمدمنون، الذين يتحفظون على أمين الشرطة في زنزانة (!) والحملات
الإعلانية لمستحضرات التجميل خادعة وتتسبب في الإيقاع بكثير من الضحايا،
وتشفير المباريات {لعبة} يُخطط لها أباطرة،والمكاتب الاستشارية {تمثيلية}
للتربح والكسب غير المشروع، وظاهرة التسول وأطفال الشوارع تحركها مافيا
مشبوهة، وحقوق الملكية الفكرية مُهدرة، والتحرش بالصحافيين يجري على قدم
وساق... وظواهر وقضايا كثيرة أثقلت كاهل الفيلم بشكل واضح!
لم يخل {سمير أبو النيل} من اجتهادات طيبة؛ كاختيار أغنية {كوكب تاني}
لتكون {رنة الموبايل} الخاص بالبطل الذي يرى نفسه {أبو العريف} و{زامر الحي
الذي لا يُطرب} وعليه أن يختار لنفسه وطناً يحتفي بمقوماته، كذلك توظيف
أغنية {المليونيرات} لمدحت صالح وشريف منير، كإسقاط على انقلاب الهرم
الاجتماعي، وتنامي ظاهرة الصعود القائم على الانتهازية، واستبدال وقائع
بعينها بمواقف كاريكاتورية أو رمزية، لكن اعتمد الفيلم نهج التلقين المباشر
في توصيل المعلومة، وغابت الصورة بدرجة ملحوظة، وغرق في مستنقع {الواقعية
الحرفية} (بفتح الحاء) وتبني لغة الخطاب المباشر، وهي العناصر التي تنفي
المتعة، وتُعطل العقل، وتجعل من الفيلم السينمائي نسخة أخرى مشوهة من برامج
{التوك شو}!
الجريدة الكويتية في
03/05/2013
المخرج الإسباني بيدرو المودوفار يتمسك بالأمل
«تكلم
معها».. حديث الغيبوبة
علا الشيخ - دبي
الحلم والأمل والمرأة، موضوعات حاضرة بقوة في أفلام المخرج الإسباني
بيدرو المودوفار الذي ينتهي حالياً من وضع اللمسات الأخيرة في فيلم «ذا
بريف لافر» من بطولة بينولوب كروز. وتزامن ذلك مع اعلان جامعة غرناطة ادخال
جميع أفلام المودوفار مراجع اساسية متاحة للطلاب المهتمين بصناعة الأفلام
السينمائية، ما يجعل الحديث عن أهم افلامه حسب ناقدين، الذي حمل عنوان
«تكلم معها»، وهو كاتب السيناريو فيه ايضاً، مناسباً في هذه المرحلة التي
لا يتجاوز ألمها ووجعها سوى فسحة الأمل.
غيبوبة
قصة «تكلم معها» تدور أغلبية أحداثها في أروقة مستشفى، وتحديداً في
قسم يعيش فيه الغائبون عن الوعي بما يسمى طبياً بـ«كوما». هنا الحدث وهنا
الحبكة وهنا الأداء والسيناريو الذي استند إلى عبارات من الصعب ألا تعلق في
ذهن المشاهد من شدة عمقها. لكن البداية تكون مع ستارة ترفع عن مسرحية
صامتة، خشبة مسرح مملوءة بالكراسي، ورجل وامرأتان ترتديان ملابس النوم،
مغمضتا العينين، يتحركان في المسرح بشكل مخيف تارة ومحزن تارة. وتواجها
ظلماً ربما أو وجعاً متمثلاً في الرجل الذي يحاول أن يضع الكراسي حاجزاً
بينه وبينهما كيلا تصلا إليه.
وفي المشهد نفسه تنتقل الكاميرا بشكل مباشر الى رجلين يجلسان الى جانب
بعضهما بعضا، أحدهما لم تهدأ الدموع في عينيه، والثاني ينظر اليه مستغرباً
وتواقاً لمعرفة السبب.
الى هنا نحن لم نتعرف الى الشخصيات، لكن بعد ذلك تبدأ خيوط الحبكة
بالتواصل مع بعضها لتجمعهم معا في موقف آخر يستدعي هذه المرة الشجاعة التي
لا ينفع معها البكاء. هذا المشهد بتفاصيله، نسمعه في المشهد التالي من
الممرض «نينو»، وهو يحكيه ل«اليسيا» المصابة بالغيبوبة منذ اربع سنوات. ومن
خلال الصور المعلقة بجدران الغرفة يستدرك المشاهد أن الشخصية الغائبة عن
الوعي ما هي الا راقصة باليه سابقة. يتحدث «نينو» معها في التفاصيل وكل
شيء، حتى إنه يصف لها النفس والخوف والفرح وكل المشاعر التي تملكته من خلال
ما قدمته خشبة المسرح في تلك الليلة، ولا ينسى الحديث عن الرجل الذي بكى
وكان جالساً الى جانبه.
في المشهدين السابقين تتكون شخصية «نينو» لدى المشاهد فهو الرقيق
بتصرفاته حتى إن الجميع يشك في ميوله، لكن لأنه عاش مع والدته لوحدهما
ورعاها طوال حياتها حتى إنه تعلم صبغ شعرها وتقليم أظافرها، تكونت لديه
لمسة انثوية في طباعه. هذا الوصف الذي يتم الكشف عنه بعد منتصف أحداث
الفيلم تقريباً التي تجاوزت مدته الساعتين.
إشباع بصري
المشهد التالي أو اللقطة على وجه الدقة تنحصر في الرجل الذي كان يبكي
في المسرح، لكنه هذه المرة يمارس رياضته في المنزل أمام التلفاز الذي
يستضيف مصارعة ثيران تدعى «ليديا» التي تتشاجر مع المذيعة لأنها حاولت
اقحامها في حديث عن سبب انفصالها عن حبيبها، فتهرب «ليديا» من الاستوديو مع
كلمات المذيعة الموبخة لها والمتهمة اياها بالضعف، رغم قوتها المتمثلة أمام
الثيران.
ينتقل المشهد الى «ماركو» الرجل الذي يبكي دائماً اذا تعرض لموقف
عاطفي، يتناول الهاتف يتحدث مع سكرتيرة الصحيفة لتنقل الى رئيس التحرير
رغبته في اجراء حوار مع «ليديا» فيحصل على الموافقة فوراً، اذ هو صحافي،
يبحث عن موضوعات تهم الشارع وتهمه بشكل شخصي ستكشفها الأحداث لاحقاً.
نحن أمام أربع شخصيات رئيسة تتمثل في «نينو، واليسيا، وماركو وليديا»،
إضافة إلى الشخصيات الثانوية مدرسة اليسيا في معهد الباليه، ولا في شخصية
حبيب ليديا السابق وغيرهما من الذين اضفوا على النص عبارات عابرة أو بمشاهد
تليق بما يقدمه مخرج فيلم «كل شيء عن أمي» لالمودوفار.
يلتقي الصحافي ماركو وليديا التي ترفض اجراء الحوار معه خوفاً من
التطرق الى حياتها الخاصة، لكن ما يجري في بيتها عندما أوصلها «ماركو» حين
وجدت ثعبانا داخله فقتله «ماركو» لتفتح الحادثة المجال لقبول اجراء الحوار.
وتمر اشهر على الحادثة ونراهما عاشقين. هي تحاول ان تنسيه حبيبته السابقة
التي لا ينفك عن الحديث عنها، وهو يريدها بالفعل أن تنسيه اياها، ومع نهاية
كل مشهد بينهما نراه يبكي.
نسج الخيوط
كل ما سبق عبارة عن تعريف لشخصيات الفيلم من خلال قصة كل واحد فيهم،
الى أن يأتي موعد مباراة حاسمة ضد الثيران، يذهب العاشقان الى الفندق
للتحضر، التفاصيل هنا حاضرة، بين مصمم بدلة «ليديا» و«ليديا» حول طريقة لبس
البدلة، الاحترازات، النقشات الاسبانية العتيقة التي تحتفي بهذه الرياضة
كرمز من رموز الدولة، ربطة شعرها، وسلاحها المتمثل بقطعة قماش سميكة تواجه
بها الثور، عبر حركات اشبه بالرقص. لكن الكارثة تقع، فلم تستطع مواجهة
الثور هذه المرة، يهجم عليها يهشم وجهها ملقياً بها على الأرض أكثر من مرة.
مشهد على الرغم من شدة ألمه الا ان الفن فيه يجعل المشاهد لا يغمض عينيه
أمامه.
أنت أمام صراع بين الحياة والموت، والثور هنا ليس حيواناً فقط بل هو
كل شيء ضد الحياة، لتفقد «ليديا» وعيها، وتنضم الى القسم نفسه الموجودة فيه
راقصة الباليه «اليسيا» في المستشفى. لكن الفرق بينهما أن «اليسيا» بجانبها
ممرض يحكي معها طوال الوقت، أما «ليديا» الى جانبها «ماركو» لكنه صامت.
في الوقت نفسه يظهر حبيب «ليديا» السابق الذي يصر كل يوم على تقديم
باقة للزهور تضعها الممرضة في وعاء الى جانبها، والألم واضح عليه، فالحديث
يحتاج الى ذكريات وتفاصيل حياة كاملة، وهذا الشيء غير موجود لدى «ماركو»
العاشق الجديد الذي يتضح بعد قليل أنه لم يكن سوى عابر.
وبالمصادفة وهو يمشي بين أروقة المستشفى، يشاهد «نينو» وهو يتحدث الى
«اليسيا» ويضع المرطب على وجهها وجسدها كيلا يجف، فيتنبه إليه ويدعوه
للدخول، ويقول لـ«اليسيا»: «هذا هو الرجل الذي قلت لك عنه سابقاً، الرجل
الذي كان يبكي».
يبدأ «نينو» سرد حكايته التي بدأت قبل أربع سنوات، هو يقطن في منزل
والدته، التي كانت متحكمة فيه، ومتعلقة به لدرجة توكيله بكل المهام الخاصة
بها، من تحميمها وقص شعرها وتقليم أظافرها، وعندما أراد أن يتعلم، تعلم
التمريض للعناية بها بعد مرضها، لديه فسحة واحدة تتمثل في نافذة تطل على
معهد لتعليم الرقص، ينظر من خلالها على حركات المتدربين الرشيقة التي
تتحاكى مع موسيقى عالمية، يركز في إحدى الفتيات، يتعلق بها يراقبها، ينتظر
دخولها وخروجها.
وتمر أحداث الذكريات الى يوم لم تظهر فيه الفتاة، يخاف فيقصد منزلها،
ليصادف والدها الطبيب النفسي، فيضطر إلى أن يمثل دور مريض بحاجة الى
استشارة نفسية، وهو كذلك بالفعل، فيحكي له عن والدته ووحدته. ينتهي اللقاء
ليتسلل الى غرفة «حبيبته» ليسرق دبوس شعرها، ويلتقي بها خارجة من الحمام،
ويهرب وهو يقول «جئت للاطمئنان عليك». وفي اليوم نفسه، وهو في المستشفى
يستقبل حالة لفتاة تعرضت لغيبوبة وما هي الا «ليديا» لتبدأ علاقته العاطفية
بها من طرف واحد، هو الراوي وهي المستمعة، يمارس كل الذي تحبه، يذهب
لمشاهدة الأفلام الصامتة، ويحضر جميع المسرحيات، وعروض الباليه، ويهرع
اليها محدثاً اياها بكل التفاصيل. ومع كل هذا السرد يوقفه «ماركو» ويقول
«هي ميتة لا تسمعك»، فيرد عليه «من أكد لك ذلك، حاول أن تتحدث الى ليديا،
وإذا لم تستطع فأنت لا تحبها أو انك لا تعرف تفاصيل حياتها وما تحبه».
الحكاية ببساطة تدور حول أن المريض أو الضعيف بشكل عام مثل الوردة إذا لم
تسقها تذبل، والحديث هنا مع المريض يشبه الماء الذي يروي وينعش. تتوطد
العلاقة بين «ماركو ونينو» لتبدأ معها تشابك الأحداث.
حياة
يريد «نينو» طوال الوقت اقناع «ماركو» بأن الغائبين عن الوعي يسمعون
ويعون، والمصادفة هي الكفيلة بإعادة النبض الى حياتها، لذلك هو حريص على
ابقاء جسد «اليسيا» رطباً، فيقرر أن يجمع «ليديا واليسيا» معاً. يقف
الرجلان خلفها ويبدآن بتخيل الحديث بين الغائبات بالوعي، مؤكدين أنهن
يتحدثن معهما، ويمضي المشهد بذكريات «ماركو» هذه المرة مع «ليديا» التي لم
تنفك اظهار غيرته من حبيبته الأولى، لكن الحقيقة هي تريد الهاء نفسها عن
حبها الحقيقي، فنهاية المشهد وقبل المباراة تقول له إن هناك أمرا يجب أن
يعرفه، لينتهي مشهد الذكريات بغرفة «ليديا» وحبيبها السابق الى جانبها يطلب
منه المغادرة، مؤكداً له أنهما عادا الى بعضهما وهذا ما كان تريد أن تقوله.
يغادر ماركو، ويقوده صديقه نينو، الذي يتورط بعد ذلك في تهمة اغتصاب «اليسيا»
والتسبب في حملها، ويسجن،
وفي الوقت الذي تموت فيه مصارعة الثيران «ليديا» يتصل «ماركو» بالمستشفى
فيعرف الخبرين معا، يقرر زيارة «نينو» الذي لا يطلب منه سوى أخبار عن «اليسيا»
وعن الطفل، مؤكداً له أنه سيخرج لأن المحامي أكد أنه مختل عقليا، لكنه في
الوقت نفسه يقول له إن الطفل مات وإن «اليسيا» مازالت فاقدة الوعي. هذه
المعلومة ناقصة، خصوصاً أن «ماركو» قرر أن يعيش في منزل «نينو» ويقصد شرفته
ليجد «اليسيا» تجلس في معهد الرقص، فيعلم أن الولادة بوجعها أعادت اليها
الحياة مرة أخرى، على الرغم من موت الطفل، فيقرر أن يخبر صديقه، لكن الوقت
لم يسعفه، فـ«نينو» انتحر متمنياً ألا يموت بل يصاب بغيبوبة ليرقد الى جانب
«اليسيا» لكنه يموت.
فسحة الأمل
في نهاية الفيلم يذهب ماركو لمشاهدة عرض باليه ويبكي كعادته، فتنتبه
اليه فتاة جالسة خلفه هي «اليسيا ومعلمتها» ويخرج الجميع في استراحة لتسأله
«اليسيا» التي لا تعرفه عن حاله فيجيبها بأنه لا يعاني شيئاً، لكن المعلمة
تلمحهما وتخاف من أن يحكي «ماركو» أي شيء لـ«اليسيا» عن الرجل الذي أحبها
وأعاد الحياة اليها ومات. لكنه يؤكد لها أنه لن يقول ذلك ابدا، ويضيف أنه
يمكن لها في ما بعد أن تعرف بسهولة لكنها تجيبه «لا تنسى أنا معلمة رقص،
والرقص ليس سهلاً ابدا، وأدرك أن لا شيء سهل ابداً».
وينتهي الفيلم بـ«ماركو» يجلس مبتسماً وخلفه «اليسيا» مبتسمة ايضاً،
وكأن كل شيء حدث كي يلتقيا معا ويبدآن معاً حياة جديدة.
الإمارات اليوم في
02/05/2013
الأحداث تدور في مكان واحد
"جرسونيرة"
فيلم يتحدى الملل
القاهرة
-
سامي خليفة
فيما يعتبر ثورة على التقليدية في السينما المصرية، من حيث تعدد أماكن
التصوير ما بين الداخلي والخارجي، فإن الفنانة غادة عبد الرازق تخوض تجربه
جديدة تماماً عليها من خلال فيلمها “جرسونيرة”، إذ تدور أحداث الفيلم كلها
في مكان واحد، هو أحد الشاليهات الذي تم بناؤه كديكور، ولم يخرج المخرج
هاني جرجس فوزي عن جدرانه الأربعة في تصويره . في أثناء التصوير التقينا
فريق عمل الفيلم الذين تحدثوا عن تفاصيله في هذه الجولة . .
التقينا الفنانة غادة عبدالرازق التي تحدثت قائلة: حينما عرض عليّ
الفيلم ترددت في البداية في قبوله كونه مسؤولية كبيرة للغاية على عاتقي
وعاتق كل من يعمل في الفيلم، فالإطار الذي نقوم بالتصوير فيه ضيق ومحدود،
وبصدق شديد خشيت من الملل، لكن مع بدء التصوير شعرت إلى أي حد كسرنا
التقليدية بشكل كبير، أضف إلى ذلك أن الشخصية نفسها لم يسبق لي أن قدمتها
من قبل طوال مشواري الفني، وفريق العمل أيضاً لأول مرة أعمل معه .
وتطرقت غادة للحديث عن شخصيتها مؤكدة أنها تجسد شخصية امرأة جميلة تقع
في حب رجل وتخلص له بشكل كبير، إلا أنه وبعد مرور فترة من الحياة بينهما
تكتشف أنه ينظر إليها على أنها امرأة كل الرجال ويظن أنها سيئة السمعة، وهو
كلام غير صحيح، لذا يسبب لها أزمة نفسية كبيرة، لا تخرج منها إلا بأشياء
رفضت غادة الحديث عنها، موضحة أن الفيلم كله مفاجآت، فالمشهد الذي يراه
الجمهور لن يتوقع ما يليه، وهو شيء مختلف بكل المقاييس .
عن حقيقة تدخل الرقابة على المصنفات الفنية في حذف بعض المشاهد، قالت:
هذا غير حقيقي، والدليل أن العمل لم يعرض على الرقابة حتى الآن إلا حينما
كان مجرد ورق، أي سيناريو وحوار، وحتى أكون صادقة فالرقابة كانت لها بعض
الملاحظات في بعض الجمل الحوارية وتم تعديلها، وأوضحت أنها تعتقد أن الفيلم
لن يمر بأزمة مع الرقابة، لأنه ورغم أنه يدور في “لوكيشن” شاليه وامرأة
ورجلين، وهو ما يبعث إحساساً بأن الفيلم به مشاهد على حد تعبير البعض ساخنة
فإن هذا لن يحدث، فالفيلم لا يحتوي على أي مشهد به ما قد يثير أياً من
الأزمات الرقابية .
عن المتطلبات الشكلية التي يلزمها الدور، قالت عبدالرازق إنها غيّرت
في شكلها بأشياء بسيطة، كأن وضعت عدسات لاصقة واستعانت بشعر مستعار، وأشارت
إلى أن كل دور وإن كانت له بالتأكيد متطلبات شكلية فإن الأداء يظل رقم واحد
في العمل الفني .
من ناحيته قال المؤلف، حازم متولي: الفيلم تدور جميع أحداثه في موقع
واحد فقط، وأحداثه تعتمد على الجانب النفسي أكثر من مجرد أنه جمل حوارية
وسيناريو فقط، وهذا الشكل من الكتابة صعب جداً، لأن الكاتب يكون حذراً طوال
الوقت على ألا يتسرب الملل إلى المشاهد، وبصراحة كان الله في عون المخرج
والفنانين الثلاثة .
الفنان نضال الشافعي أكد أنه يجسد شخصية “سامح”، وهو سفير لإحدى الدول
ويقيم علاقة مع سيدة ثرية تجسد شخصيتها غادة عبد الرازق، وأوضح أن الفيلم
بشكل عام يتطرق إلى العلاقات الإنسانية، أي أن الجانب الإنساني في العمل
مؤثر للغاية، فنرى كيف أن بداخل كل منا تناقضات عدة من دون أن ندري.
أما الفنان الأردني منذر رياحنة فيجسد من خلال الفيلم شخصية نصاب
وتاجر مخدرات، وأشار إلى أن دور كل فنان في الفيلم مرتبط بالآخر، لذا فهناك
ارتباط وثيق للغاية بين أسرة الفيلم، لأن سقوط أي عنصر سيساهم في إسقاط من
حوله . وأوضح رياحنة أن العمل يقدمه للجمهور المصري بشكل مغاير تماماً عما
ظهر به، سواء في فيلم “المصلحة” مع أحمد عز وأحمد السقا أو في مسلسل “خطوط
حمراء” الذي عرض في شهر رمضان الماضي مع السقا وأحمد فهمي ويسرا اللوزي،
مؤكداً أنه يتحدى أن يجد الجمهور أي عنصر مشابه في “جرسونيرة” كان موجوداً
في أي من الأعمال الأخرى التي قدمها .
من ناحيته قال مخرج الفيلم هاني جرجس فوزي إن العمل تدور أحداثه في
ساعتين، تم تصويره على مدار شهر كامل، أما كلمة “جرسونيرة” فهي تعني المكان
الذي يتجمع فيه الأغنياء لمقابلة أصدقائهم والجلوس على راحتهم كما يحلو
لهم، وأشار إلى أن العمل لا يحتوي على مشاهد ساخنة مثلما قد يعتقد البعض
بسبب عنوان الفيلم، وسيرى المشاهد بنفسه ذلك حينما يتم عرض الفيلم في شهر
مايو/أيار الجاري .
وعن كيفية تصوير كل الأحداث في مكان واحد قال إنه نوع من المغامرة
والتحدي، وأنه وجد صعوبة في بداية الأمر وكان سيتراجع عن الفكرة إلا أنه
بطبعه شخص مغامر لذا قرر أن يدخل التجربة، وأشار إلى أن العمل رغم أنه
كله في مكان واحد فإن عنصر الإبهار في الصورة والديكور والأحداث
والشخصيات وكل
تفاصيل الفيلم حتى الصغيرة ستجعل المشاهد يعيش في حالة خاصة ولن يشعر
بالملل على الإطلاق .
الخليج الإماراتية في
02/05/2013 |