لو أن التحري مارتن ريغز، من سلسلة «سلاح مميت»
Lethal Weapon البوليسية عاش من العام 1987، العام الذي تم فيه إنجاز ذلك الفيلم،
ولم تقتله رصاصة او لم ينتحر بلعبة روليت روسية، لأصبح الشخصية التي
تطالعنا اليوم في الفيلم البوليسي الجديد «حافة الظلام». في المحصلة كلاهما
من تمثيل ميل غيبسون، كلاهما متوتّر، وكلاهما خاسر.
الفارق الأساسي في الثلاثية المعروفة أنه كان يتصرّف بجنون أرعن، أما
هنا فجنونه منظّم. لقد كبر وأصبح أباً. جنونه الوحيد أنه يحب ابنته
الوحيدة، التي سيخسرها بعد قليل من بداية «حافة الظلام» خلال عملية اغتيال.
وهو مجنون بتعقّب الفاعلين، ومجنون في الذهاب الى أقصى ما يستطيع من جهد
لكي ينال منهم، ليس من الذين نفّذوا العملية فقط، بل من الذين وقفوا
وراءها.
وفي نهاية الفيلم يحصد ثمن جهده. سيلتقي وابنته ولو في عالم آخر.
رجل يعيش على الحافة
ميل غيبسون دائماً جيّد في لعب دور الرجل الذي يعيش على الحافة.. قدم
على الأرض وقدم فوق هوّة ساحقة قد يقع فيها في أي وقت. لذلك فإن المشاهد
الأولى التي يلتقي فيها بابنته الشابّة وقد وصلت لزيارته، مشاهد تنفيذية
عادية لا جهد خاصا فيها، وهذا حسن لأنك لا تريد أن يواجهك الممثل من لقطاته
الأولى بإداء لن يتطوّر لاحقاً (الا إذا استدعى السيناريو ذلك).
في النقطة الحاسمة، سيفتح المحقق توماس كرافن باب منزله ليخرج منه
بصحبة ابنته. وأول ما يفعل سيتقدّم مجهول ويطلق النار على ابنته ويقتلها.
رفاق التحري في شرطة بوسطن ينطلقون من زاوية أن أحدهم أراد قتل التحري
فأصاب ابنته خطأ، وهم جميعاً يبدون مستعدين لبذل أقصى الجهد للبحث عن
الفاعل وإلقاء القبض عليه.
لكن توماس لا يكترث للسبب. ما يعرفه أن ابنته ماتت بين يديه وأنه يريد
أن ينتقم، قُتلت عن خطأ او قُتلت لأنها مقصودة لن تفرق معه كثيراً. حسناً،
الأحداث بعد ذلك ستكشف له أنه لم يكن المقصود وأن ابنته كانت وقفت عند
أسرار مهمّة تتعلّق بمؤسسة صناعية تطوّر، بتأييد من بعض عناصر الكونغرس
والأجهزة الحكومية، أسلحة نووية لحساب جهة غير أميركية (غير مُسمّاة في
الفيلم).
مفاجآت متوالية
السيناريو الجيّد الذي كتبه وليام موناهان (أول سيناريوهاته المنفّذة
«مملكة السماء» لريدي سكوت والثاني «المُغادر» لمارتن سكورسيزي والثالث
«كيان الأكاذيب» لريدلي سكوت) وأندرو بول يتقدم خطوة خطوة صوب خيوط حبكته
(التي لن أذكرها هنا)، وحين يصل اليها يتابعها وينجح بعد ذلك في إبقاء
المفاجآت تتوالى. كلما اعتقدت أن مفارقة ما ستقع تقع سواها، او لا تقع على
النحو الذي تخيلت وقوعه.
توماس كران سيقتل وسيتعرّض للقتل، وهذا متوقّع في مثل هذه الأفلام،
لكن الفيلم لا يعمل على منوال المغامرات وحدها، وليست المسألة هنا مسألة
فعل وردّ فعل وكر وفر. في صميم ما يحدث هناك مسألتان: واحدة سياسية والأخرى
عائلية.
فيلم متشرب بالعائلة
مثل سيناريو موناهان «المُغادر» هناك وراء كلمات هذا السيناريو ذلك
الحديث عن العائلة الناقصة فرداً. إذا تتذكرون، ليوناردو دي كابريو يريد
بديلاً لأبيه يجده في جاك نيكولسون. في «حافة الظلام»، هناك تلك الخسارة
المتمثّلة في ابنة التحري وحياة التحرّي الصعبة بعد موت ابنته. في المقابل
نسمع عن صديقة ابنته التي تدهسها السيّارة بعد أقل من دقيقة من إخبار
التحري أن لديها ابنة صغيرة. ثم هناك ذلك الإنكليزي الذي يؤتى به لكي يخلّص
المذنبين من المحقق العنيد (راي وينستون) الذي في مشهد يحفل بإدائه
المتماسك يذكر أن لا أولاد لديه. وحين يعترف أحد رجال البوليس بأنه على
علاقة مع المؤامرة التي حيكت لاغتيال الفتاة (ثم والدها) يذكر مستعطفاً:
«لدي أولاد». هذا فيلم متشرّب بالعائلة والخوف من خسارتها.
حالة سياسية ضبابية
الناحية السياسية المتمثّلة بوجود مؤامرة لتصنيع أسلحة نووية لحساب
قوّة خارجية ومن دون علم الحكومة (باستثناء السياسيين المشتركين) والتي
يديرها جاك (داني هوستون، ابن المخرج الراحل جون هوستون) تُعيد الفيلم الى
تلك الأفلام التي دارت حول مؤامرات سياسية يحيكها نافذون وحكوميون والتي
اندلعت في السبعينات مثل
The Parallax View | Alan J. Pakula (1974
Three Days of the
Condor | Sydney Pollack (1975
وقيمة تلك الأفلام، وقيمة هذا الفيلم أيضاً، أنها تمشي في ظلال وضع
سياسي هو أكثر من مفترض. إنه رمادي يعكس حالة ضبابية يختلط فيها الحلفاء
والأعداء فإذا بالمصالح الخاصّة هي التي تسيطر على القانون وتنفّذ عمليات
القتل. هذا تحديداً ما يحدث في «حافة الظلام». صحيح أن السيناريو والفيلم
بأسره كان يمكن له أن يستفيد من بعض التعقيد (ربما لو منح شخصية راي
وينستون بعض التفسير) لكن الواضح أن المخرج مارتن كامبل («كازينو رويال»)
كان يزين خطواته بدقّة مختاراً موقعا منتصفاً بين أن ينجز فيلما للمضمون او
عملاً للترفيه. وهو يُجيد بقدر مقبول في كلا الناحيتين.
بطاقة الفيلم
• الفيلم: حافة الظلام
Edge of
Darkness
• إخراج: مارتن كامبل
• تمثيل: ميل غيبسون، راي وينستون، داني هوستون
• النوع: تشويق بوليسي
• إنتاج: الولايات المتحدة 2010
أوراق ناقد
أفلام ما بعد 2001
الموضوع العراقي على الشاشة شهد زخماً من الأفلام من دون أن يشكّل
تياراً سينمائياً منفصلاً عن سواه. موجة ارتفعت وانخفضت، وبسبب فيلم كاثلين
بيغلو الجديد «خزنة الألم»، ها هو يرتفع مجدّداً. ليس أن هذه الأفلام ومنها
«أسود كحملان» لروبرت ردفورد، و«وطن للشجعان» لإروين وينكلر، و«إعادة
صياغة» لبرايان دي بالما، و«البركة ولّت» لجيمس ستراوس، حققت نجاحاً
تجارياً كبيراً. على العكس، لم تنجز سوى قدر محدود من الإقبال، وبعضها مثل
فيلم برايان دي بالما، الذي يكاد يكون أفضل أفلامه إبداعاً، لم يعرض أساساً
الا لمدعوين وضيوف. وحتى «خزنة الألم» لم ينجز أكثر من تسعة ملايين دولار،
وهو الذي تكلّف أكثر من عشرة ملايين دولار بقليل.
على الرغم من ذلك، هوليوود لا تستطيع أن تنسى العراق او أفغانستان او
الإرهاب المرتبط بالتطرّف الإسلامي، حتى لو حاولت أن تزن كل شيء على نحو
تجاري. هي مع الواقف، والواقف هو إذا ما كان هناك جمهور يهتم بهذه الأفلام
او لا يوجد. وهو الآن.. لا يوجد.
هذا في البال، هناك مسألة مهمّة أخرى: التلفزيون خطف من السينما إمكان
طرح أعمال تتناول الأحداث السياسية الكبيرة، لأن التلفزيون- ببساطة-
يغطّيها أولاً بأوّل، ما يجعل المرء يتساءل عمّا يستطيع فيلم سينمائي
الإتيان به من جديد على الموضوع.. هذا الا إذا كان فيلماً صارخاً مثل «باتمان
ضد رجال صدّام» او «سوبرمان يواجه القاعدة في العراق»، وهذا ما لم يحدث حتى
الآن.
لكن هوليوود ليس عليها إنتاج أفلام عن الحرب العراقية، سواء من منطلق
يميني محافظ او يساري ليبرالي، حتى تبرهن عن انتمائها الى عالم اليوم. في
الحقيقة، العديد من الأفلام المعروضة منذ السنوات الخمس او الست الأخيرة،
مستوحى من الحادي عشر من سبتمبر ويدور في أجوائه او مقتبس عنه. كل تلك
الأفلام التي تحكي عن الجريمة والعقاب، الجريمة والغفران، الجريمة ورد
الفعل.. تلك التي تحكي عن العدو الذي في الداخل والعدو الذي في الخارج.. كل
مشاهد الأكشن والانفجارات والمباني المهدّمة.
حتى «أاتار» ينتمي الى ما بعد 2001 وليس الى ما قبله عن طريق الحديث
المعارض للدور الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في بلاد غريبة عنها. لا عجب أن
المعلّقين المحافظين في أميركا ربطوا بين المؤسسة العسكرية فوق كوكب شعب
أاتار، المُسمّى «باندورا»، التي تحاول التنقيب عن ثروة الكوكب المدفونة
تحت الأرض، وبين الحملة العسكرية في العراق. ربط هو غالباً يعيش في بعض
العقول، لكن هذا لا ينفي أن هناك أكثر من طريقة تستطيع فيها الحديث عن
متاعب العالم اليوم.. والسينما تملك معظم هذه الطرق.
القبس الكويتية في
10/02/2010
هولوكوست ونازية
محمد
رُضا
مع نهاية كل عام تتدفّق مجموعة من الأفلام التي تنشد
الإنتباه والنجاح على أكثر من مستوى، بما فيها المستوى السياسي. هذه
المجموعة
متّصلة مثل حلقات، كل حلقة لها لونها الخاص، لكن معدنها يكاد
يكون واحداً فهذا
المعدن هو ما يجمعها ويمنحها ذلك الرابط الدائم بينها0
الى ذلك، تتيح هذه
المجموعة فتح ملفّات لمرجعيات مختلفة ولتواريخ تذهب بعيداً وعميقاً في
نواحي لم يكن
المرء يعتقد إنها على ترابط او تواصل0
نتحدّث عن أفلام الهولوكوست. ليس لأنه
لاتوجد هناك أفلام هولوكوست على مدار السنة، لكن بما أن
الموضوع عادة مُعالج برغبة
في تحييده بعيداً عن الأعمال التجارية العادية (ولو أنه لا يعاديها) فإن
الفترة
الأفضل لدخول مسابقات الغولدن غلوب والأوسكار والبافتا والسيزار وجوائز
الجمعيات
النقدية المختلفة هي الممتدة من مطلع شهر أيلول/ سبتمبر حتى
مطلع منتصف شهر كانون
الأول/ ديسمبر. في ذلك لا تختلف هذه الأفلام عن سواها من الأفلام التي
تجتمع، مثل
غيوم الشتاء، لتمطر ما لديها من ظواهر ومدارس وأساليب فنيّة0 المشكلة هي أن
ليس كل
ما يبرق هو فيلم فني، وليس كل فيلم هولوكوست هو بالضرورة فيلم
لديه سبباً فعلياً
لكي يُنتج- خصوصاً إذا ما أخطأ المخرج (كبس« الأزرار) وحقق الفيلم الخطأ0
هذه
الأفلام غالباً لا تحقق أهدافها. تنطلق للعروض وتنتقل من نهايات العام
الفائت الذي
أنتجت فيه الى بدايات العام الجديد حيث ستغيب، من دون أن تحقق ما تصبو إليه.
فالموضوع لم يعد يمر من دون حسابات والبقرة أصبحت عجوزاً مهما طالت أثداءها
تلك
الأيدي الراغبة في حلبها0
الى ذلك، فإن موضوع الهولوكوست، في إطار ما يقع اليوم
على صعيد عالمي، وفي إطار علاقته بموضوع السينما النازية (مع وضد) وسينما
الحرب
العالمية (مع وضد) لم يعد ذا أهمية قصوى كما كان الحال سابقاً،
او كما يحلو لبعض
المنتجين والمخرجين الإعتقاد0
في العام الماضي كان هناك ما هو خاص: بينما كانت القوّات الإسرائيلية
تقصف
الغزاويين وتسجّل إنتصارات مبهرة على المواطنين العاديين وتدك بيوتاً
ومدارس ومساجد
على من فيها (وهي عادة عسكرية- فاشية لها امتداداتها التاريخية في كل
الحروب)
،
كانت صالات السينما تستقبل كل تلك الأفلام التي تتحدّث عن
الهولوكوست الذي تعرّض
إليه اليهود قبل أكثر من ستّين سنة0
التقاطع هنا ليس مقصوداً. الأفلام تمر
بمراحل مختلفة قبل أن يتم تحقيقها وربما كُتبت وصوّرت قبل أشهر
عدّة لكن توزيعها
تأخر لعوامل مختلفة من بينها عامل حشد الأفلام الطامحة لترشيحات الجوائز
الكبيرة
الى الفترة السابقة مباشرة لتلك الجوائز0
لكن - من ناحية أخرى- ليس كل ما ليس
مقصود هو محض صدفة0
أفلام الهولوكوست لم تهدأ منذ أن انتهت تلك الحرب وهي سبقت
إقامة الدولة الإسرائيلية في فلسطين بعد أربعة أعوام على نهاية الحرب
العالمية
الثانية، واستمرّت منذ ذلك الحين0
كل عام من كل عقد يتم إنجاز أفلام تتعامل
والهولوكوست تصوّر حال اليهود الذين تم قتلهم في الساحات، او
حشرهم في القطارات
المتّجهة الى معسكرات الاعتقال أو إيداعهم في تلك المعتقلات بانتظار موعد
كل منهم
مع خالقه0 تتعامل مع اليهودي الذي خسر كرامته وعائلته ومستقبله بما يناسب
وضعه من
الرأفة والتعاطف، ومع النازي الذي لم يتوان عن القتل او الحرق
تبعاً لسياسة (الحل
النهائي) التي تبنّتها النازية وهي تدرس كيفية تطهير ألمانيا والجوار
المحتل من
اليهود0
لكن هذا هو المعدن المرتبط بعضه ببعض، أما حلقات هذه السلسلة فتختلف
قليلاً وهي
تختلف حالياً أكثر من السابق0 نوع من الإدراك بأن المزيد من حكايات الأسى
والذاكرة
التي عليها أن لا تُنسى والألم الذي عليه أن يشعر به كل الناس، ما عاد يفي
بالغاية
من وراء (بزنس الهولوكوست)0
مع نهاية العام المنصرم وبداية هذا العام، فإن
الأفلام التي تداعت لكي تحتل الشاشات العالمية في الوقت الذي
كان ضحايا الأمس
يتحوّلون الى جلادين مماثلين لجلاديهم السابقين، تختلف من جوانب عدّة0
في (طيب)
نجد زلّة قدم ألماني بريء استولى عليه النفوذ والإغراء النازي فتحوّل الى
رجل
سُلطة0
في(آدم منبعثاً) نجد اليهودي الناجي من المحرقة يعيش في مصحّة نفسية
في
صحراء النجف سنة 1961 تدفعه الظروف لتذكر (في عدد من الفلاشباكات) التجربة
التي
عاشها خلال تلك الفترة متعاوناً مع النازيين
فيلم (تحدٍ) هو فيلم حربي حول
مقاومين يهود واجهوا الجيش النازي في غابات بروسيا بينما فيلم
»القاريء« يتحدّث عن
الشعور بالذنب إنما ليس عند يهودي متعاون (كما الحال في "آدم منبعثاً") بل
لدى
امرأة كانت، حسب الرواية، تعمل حارسة في معسكر اعتقال نازي0
الأفلام المذكورة، رغم ذلك، تتنوّع. وسينما الهولوكوست تنوّعت في
الحقيقة منذ
سنوات. تحديداً منذ أن قام ستيفن سبيلبرغ بإخراج فيلم (لائحة شيندلر) سنة
1993 .
هناك شاهدنا جانباً آخر لم نشهده من قبل: إمكانية وجود ألماني في تلك
الحقبة
السوداء متعاطف مع اليهود. فحتى ذلك الحين وضعت أفلام
الهولوكوست كل الألمان في
سلّة واحدة وتلك التي تعاطفت مع الألماني، عبر تقديم شخصية مختلفة، كـفيلم
(ثعلب
الصحراء) [هنري هاذاواي- 1951] وقبله (خمس مدافن الى القاهرة ( [بيلي
وايلدر- 1943(
لم تدر حول الهولوكوست بل حول شخصيات ألمانية محضة0
أما (لائحة شيندلر)
ومن خلال تقديمه شخصية أوسكار شيندلر (ليام نيسَن) الذي شغّل اليهود في
مصنعه
لإنقاذهم من المحرفة، فقد عزف مقطوعة مختلفة بين أفلام الهولوكوست الى ذلك
الحين.
صحيح أن المخرج سبيلبرغ قدّم في المقابل شخصية الضابط غووَث (راف
فاينس) العنصري
الكاره لليهود، لكن المحور والبطولة في هذه الناحية كانا من نصيب شيندلر
ذاته.
طبعاً هذا لا يعني أن الفيلم لم يقصد
الحديث عن النكبة اليهودية تحت ذات الراية
التي أقدمت عليها الأفلام التي سبقته، وبل هو ينتهي بتلك
الدعوة لاستعمار أرض
فلسطين على أساس أنها ستكون البلد الحاوي لليهود المضطّهدين0
من ناحيته أم
المخرج رومان بولانسكي سنة 2002 فيلماً آخر من المنوال ذاته هو (عازف
البيانو) الذي
كان أذكى وأفضل معالجة من فيلم سبيلبرغ0 فيه نجد اليهودي البولندي عازف
البيانو
?لادسلا?
شبيلمان (أدريان برودي) يبحث عن مأوى ومنفذ من النازيين الذين يجمعون يهود
مدينة وورسو. حين ينجح لحين يتم كشفه فيهرب مجدداً ويعيش في خراب مهجور
لحين قيام
كابتن ألماني أسمه هوزنفلد (توماس كرتشمان) باكتشاف وجوده، لكن
عوض قتله او تسليمه
يطلب منه عزف شيء ويقدّره لعزفه فيسهّل له عملية الهروب والبقاء حيّاً. في
المشهد
الأخير، وبعد التحرير، يمر العازف أمام مجموعة من الجنود الألمان المعتقلين
ويرى
بينهم الكابتن هوزنفلد، لكن ?لادسلا? لن يستطع رد المعروف
بمعروف مماثل0
وقبل
عامين قام بول ?رهو?ن، وهو هولندي جرّب حظّه بنجاح في هوليوود ثم عاد الى
بلاده،
بإخراج (الكتاب الأسود) حول حكاية خيالية تحكمها فئتان: هناك المقاومون
للنازية
والنازيون، وليس كل المقاومين -وبينهم يهوداً- صالحين ولا كل
النازيين سيئيين. عند ?رهو?ن
كله يعود الى أين تقف مما جرى ولماذا عليك أن تتخّذ موقفاً معادياً او
مؤيداً إذا ما كان الفريقين متساويين0
والموضوع يرفض أن يتوقّف عند حد. في العام
الماضي شاهدت إثني عشر فيلماً لها علاقة بالموضوع اليهودي/
النازي. وهذا العام
شاهدت للآن فيلماً واحداً (تشيكي بعنوان "وعود مكسورة") ومسابقة الأوسكار
تحتوي على
ثلاثة أفلام لها علاقة من قريب او بعيد هي "أولاد زنى مغمورون" وهو لا يتخذ
موقفاً
مع أحد، و"تعليم" حيث العاشق يهودي وهي مسيحية، و"رجل جاد" وهو الوحيد الذي
يدور
بكامله عن اليهودي وعالمه وبيئته وهو للمخرجين جووَل وإيتان كووَن0
طبعاً ليس هناك مانعاً او اعتراضاً على أي منها ولا يجب أن يكون، لكن
حين يخرج
الهدف من الحديث عن الإنسان، الى الدعاية الى نوعه او الهجوم على النوع
الآخر او
حين يكذب على التاريخ (كما "تحد") فإن المرء لا يمكن له الا أن يضع الفيلم
في خانة
المحظورات البروباغاندية0
الجزيرة الوثائقية في
10/02/2010 |