يبدأ الممثل والمخرج روبرت ردفورد في الشهر المقبل تصوير فيلمه الجديد
“المتآمر” من بطولة جيمس مكافوي في دور جون بوث، الذي قام باغتيال الرئيس
الأمريكي الراحل أبراهام لينكولن الذي لم يُعلن بعد عمّن سيؤدي شخصيّته،
وإن كان هناك احتمال بأن روبرت ردفورد نفسه هو الذي سيقوم بذلك. أيضاً في
البطولة الممثلة روبِن رايت بن (زوجة الممثل شون بن) التي ستقوم بدور صديقة
بوث التي ساعدته، كما يُذكر في بعض المراجع، لتنفيذ مهمّته.
دخول ردفورد هذا المشروع يسبق بأسابيع دخول المخرج ستيفن سبيلبرغ مشروعه
الخاص (والمؤجل منذ سنوات) عن حياة الرئيس الأمريكي نفسه. وينفي المخرج
سبيلبرغ وجود تعارض بين المشروعين، مشيراً في تصريح له مؤخراً إلى أن مشروع
ردفورد (الذي سينتهي قبل مشروعه) سيؤدي الى ترويج فيلمه وليس إلى أي أثر
عكسي، ويضيف بأن حياة لينكولن زاخرة بحيث يمكن إنجاز أكثر من فيلم عنها.
فيلم سبيلبرغ سيدور - أساساً - عن حياة الرئيس الأمريكي خلال ولايته التي
امتدت من 1861 الى 1865 وسيقوم بالبطولة روبرت داوني الذي كان سبق وأدّى،
ببراعة، شخصية الممثل الكوميدي تشارلي تشابلن قبل نحو عشرين سنة.
تحقيق أفلام عن الرئيس الأمريكي ليس تقليداً جديداً منذ أن أنجز المخرج
وليام ديكسون فيلماً وثائقياً قصيراً (من نحو دقيقة) يظهر، سنة ،1896
الرئيس الأمريكي وليام مكينلي وهو يسير في حديقة منزله وبجانبه أحد
معاونيه.
ورغم أن هناك العديد من الأفلام الوثائقية التي دارت عن الرؤساء الأمريكيين
من ذلك الحين والى اليوم، إلا أن الغالب هو الأفلام الروائية في شقّيها تلك
التي تقوم على شخصيات حقيقية، كما الحال مع هذين الفيلمين عن الرئيس
لينكولن، وكحال أفلام عن شخصيات نيكسون وترومان وجون ف. كيندي وشقيقه روبرت
كندي والعديد من الأفلام القديمة التي دارت عن حياة جورج واشنطن او ابراهام
لينكولن او فرانكلين روزفلت او سواهم.
النوعية الثانية من الأفلام الروائية هي، بالطبع، تلك التي تبتكر رئيساً
تتحدّث عنه. وفي هذا العام شاهدنا الى اليوم عدّة أفلام منها:
G.I. Joe: The Rise of Cobra, Monsters vs. Aliens
وفيلم زاك سنايدر “الحرس”.
ورغم أن معظم الرؤساء الخياليين للولايات المتحدة يبدون إيجابيين وسياسيين
محنّكين يرعون مصلحة الوطن كما يجب، الا أن الكثير من أفلام اليوم في هذا
الشأن هي فانتازية وأكشن وخيال - علمية ما يمنح الرئيس الأمريكي، في
الغالب، أدواراً صغيرة. فهو من يتّصل به القائد العسكري ليطلعه على آخر
الأنباء المتعلّقة باقتراب غوّاصة روسية، كما الحال في فيلم “ألعاب وطنية”
من الشواطئ الأمريكية، ومن يطلعه ملاحان فضائيان على خطّتهما لمواجهة غزو
الفضاء في “يوم الاستقلال”، وكما هو من يتّصل به القائد العسكري ليخبره أن
الطبّاخ ستيفن سيغال سينقذ الباخرة النووية من عملية الاختطاف التي تعرضت
لها.
في كل هذه الأفلام لا يفعل الرئيس أكثر من إصدار الأوامر والظهور على نحو
من يتعرّض لأكبر تجربة في حياته الرئاسية. قليلاً ما لديه سبب لأن يضحك،
ودائماً ما يطلب النتائج وفي بعض الأحيان لا يود الاستماع الى نصيحة
مساعديه بل يتخطّاهم للاستماع الى ما لدى بطل الفيلم، لأنه القول الصحيح،
لكن هناك أفلاماً تحمل دلالاتها في هذا الشأن أكثر من دلالات الأفلام
المذكورة، او أن دلالاتها هي أكبر حجماً وأهم أثراً.
خذ مثلاً شخصية جاك نيكلسون في فيلم “المريخ يهاجم” لتيم بيرتون. هناك هجوم
فضائي لا يرحم من مخلوقات تفتك بالبشر من دون استثناء، لكن رئيس الجمهورية
الأمريكية يحاول الاضطلاع بمحاولة دبلوماسية لعلّه يستطيع كسب ثقة تلك
المخلوقات. وفي إشارة لعجز الدبلوماسية الأمريكية، يفتح أحد المخلوقات عليه
إشعاعه القاتل فيقضي عليه.
في فيلم “الطائرة رقم واحد” شاهدنا هاريسون فورد يضطلع بالبطولة كرئيس
للولايات المتحدة الذي تتعرّض طائرته الرئاسية للاختطاف من قِبل
الإرهابيين. هنا يتحوّل من رئيس فقط الى رئيس مقاتل أيضاً ولو في أبعد ما
يمكن عن الواقع، فينقذ حياته وحياة عائلته، ناهيك عن أنه يقضي -بنفسه - على
حياة الإرهابيين الذين يهددونه.
وأحد أفضل الأفلام التي عرضت لمهنة الرئاسة الأمريكية هو “دكتور سترانجلَف”
الذي أخرجه ستانلي كوبريك سنة 1964 حيث أظهر عجز الرئيس عن مواجهة خطر
الحرب النووية بسبب خطأ قاتل ارتكبه اليمين العسكري في الإدارة الأمريكية.
في ذلك الفيلم أدّى الكوميدي الراحل دور الرئيس (لجانب أدوار أخرى) فمنحه
الدور والرمز سخرية بالغة.
السينما البريطانية تجد مستقبلها في
المغرب
يحمل الاتفاق السينمائي الذي وقعه قبل أيام المغرب وبريطانيا بخصوص التعاون
السينمائي بينهما، وهو الأول من نوعه بين الدولتين، تفاؤلاً في أن تستفيد
السينما المغربية من عملية جذب الأعمال السينمائية البريطانية من ناحية،
وتستفيد الثانية من رخص أجور العمل والإنتاج المغربي في المقابل.
بمقتضى هذا الاتفاق، فإن أي صانع أفلام بريطاني يبحث عن تنفيذ مشروع له في
المغرب يستطيع أن يستفيد من كل التسهيلات الإنتاجية منه، كما من الإعفاء
الضريبي الذي يوفّر مباشرة نحو 20 في المائة من تكلفة الإنتاج. الشرط هنا
هو أن يكون للمنتج البريطاني شريك مغربي، ما يعزز، في الاعتقاد السائد، وضع
المنتج المغربي ويساعده في اكتساب الخبرات التي يحتاجها للتعامل مع
السينمائيين الأوروبيين، وهي عادة خبرات نراها مفقودة لدى العديد من
السينمائيين العرب الراغبين في دخول إنتاجات دولية.
ومع أن الاتفاق المبرم جديد ويُعمل به للمرّة الأولى، إلا أن المغرب عرف
الإنتاجات البريطانية من بين العديد من الإنتاجات الأجنبية التي صورت في
ذلك البلد خلال العقود الثلاثة الماضية. وشهد المغرب تصوير عدّة أفلام كانت
إما بريطانية بالكامل، أو بغالبية مصدر التمويل، كما “المريض الإنجليزي”
و”لورانس العرب”، أو التي دخل فيها التمويل البريطاني طرفاً مساوياً كما
الحال في بضعة أفلام أخرجها وأنتجها ريدلي سكوت مثل “مملكة السماء” و”تروٍ”
و- مؤخراً - “كيان من الأكاذيب”.
الجديد في هذا الاتفاق توسيع رقعة الجذب المغربي للرأسمال السينمائي
الغربي، فلا يعد وقفاً على السينما الأمريكية ولا الفرنسية، بل يشرك -
مباشرة - السينما البريطانية أكثر من ذي قبل، فحتى ما صور من أعمال
بريطانية في المغرب لم يستطع الاستفادة من أي تسهيلات إنتاجية من قبل.
الاستفادة الفعلية كانت في إطار رخص تكاليف التصوير (بسبب رخص أجور العمل
غالباً) أما الآن فإن التعاون يرتبط مباشرة ببنية الفيلم الإنتاجية من
توزيع المسؤوليات على نحو متساو في بعض الحقول، وشبه متساو في حقول أخرى.
أكثر من ذلك يُتيح الاتفاق للمنتج البريطاني التعامل مباشرة مع قنوات
التوزيع من دون وسيط ويشمل ذلك بيع الإنتاج الى قنوات التلفزيون المغربي
المختلفة.
في السنوات الأخيرة أفصحت عدّة دول عربية عن مساعيها للتحوّل الى دول
تستقبل الإنتاجات العالمية وبعضها أعلن عن استعداده للذهاب الى أكثر من
ذلك، وهو دعم هذه الإنتاجات مادياً مباشرة حتى ولو أدّى ذلك الى تصوير
الفيلم في بلاد أخرى، على أساس أن يحمل الفيلم هويّة البلد العربي لجانب
هويّة البلد المنشأ (هوليوود في أغلب الحالات). وهناك إحصائية بريطانية
حديثة تؤكد أن التصوير في معالم بلد معيّن يؤدي الى زيادة حجم السياحة فيه
بنسبة ثلاثين في المائة.
يبقى أن الاستفادة تتعدّى السياحة بالطبع الى صناعة السينما الوطنية أيضاً،
ففي حين أن المساهمة في إنتاج أفلام عالمية تصوّر في الخارج لن يضمن عمل
الخبرات العربية للبلد المساهم، ولا تشغيل المواهب الباحثة عن فرص عمل، فإن
التصوير الأجنبي في الداخل يولّد الخبرات ويعزز من فرص نجاحاتها فردياً
فيما بعد، وهي مسألة مهمّة لصياغة صناعة سينمائية
وطنية.
أوراق ناقد
لغتان منفصلتان
الرسالة التي يحتويها فيلم جوناثان مستو الخيالي - العلمي الجديد “وكلاء”
هو أنه من الخطأ تحويل حياة الإنسان ومسؤولياته وقِيَمه الى الآلة
واعتبارها قادرة على أن تقوم بمهامه، لأنها ستبقى فاقدة الصلب الحقيقي
لماهيّته وسبب كينونته، الإنسانية.
وفي نهاية الفيلم ينجح إنسان واحد في تدمير مجتمع قائم بأسره على الأجهزة
التي احتلّت عمل الإنسان في كل النواحي، فنرى كل تلك الروبوتات التي كانت
اشتغلت في كل وظيفة وأودعت الإنسان الى النوم لتقوم بأعماله نيابة عنه،
تتساقط من طولها وبسقوطها ينهض البشر من سباتهم لمواجهة دعوة بأن يعيدوا
الإمساك بحياتهم من جديد، تلك التي كانت سبباً لمجتمعاتهم ولنجاحاتهم
وانجازاتهم.
هذه الرسالة تأتي في وقتها تماماً، ولو أن الفيلم يخفق في طرحها على نحو
قوي كطرح أندريه تاركوفسكي مغبّة الاعتماد على العلم وتجاهل الروح
الإنسانية في فيلمه “سولاريس” او كطرح ستانلي كوبريك كيف أن التكنولوجيا
مستعدة لقضم قرار الإنسان ومحاربته في فيلمه “أوديسا... الفضاء”. تأتي هذه
الرسالة في وقتها، لأن العالم البشري اليوم لا يزال يُمارس عملية اختزال
ثروته الإنسانية الكبيرة في أشكال غير مسبوقة، فمع كل تقدّم تكنولوجي هناك
عادة بشرية إما تنضوي او تجد نفسها مهددة بالانضواء.
لكن ككل إنجاز “علمي” آخر، فإن التكنولوجيا الحديثة سقطت تحت براثن
المستفيدين منها تجارياً وتحوّلت إلى مصدر آخر من مصادر الثروة الاقتصادية
لفريق كبير من المستثمرين سواء في صنعها أو في ترويجها. ونحن، في هذا الجزء
من العالم اضطررنا لا لاستقبال التطوّرات الجديدة فقط، بل لاحتوائها
محوّلين كل ما يستطيع المرء عندنا القيام به الى الآلة لتحلّه وتحل مكانه
في الوقت ذاته. اليوم، اعتمادنا على الكمبيوتر، قلب هذه التطوّرات
التكنولوجية، من الحجم بحيث أن كل حركاتنا الكبيرة فوق الأرض، من الإشارات
الضوئية، إلى الأسلحة الفتّاكة مسيّرة بتركيب تقني يجعلنا تابعين غير
فاعلين لما يصدر عنها. عطل واحد في هذا الجهاز - الأم أو ذاك وتنقطع
الكهرباء أو تتعطّل إشارات السير أو تنقطع المياه أو تجد بلدة ما نفسها
مقطوعة عن العالم لساعات.
الحل؟ التوازن الصادر عن استقبال التطوّرات العلمية كضرورة لكن من دون
إحلالها كبديل لحياتنا ونستطيع أن نفعل ذلك بإثراء الحياة الفكرية
والثقافية والفنية وتفعيل مستوياتها وأشكالها المختلفة.
كنت أنتقل من دار عرض الى أخرى في “هوليوود” قبل ساعات قليلة حين سمعت
كاتبة روائية بريطانية تقول إنها تستخدم الكمبيوتر فقط لكتابة الرسائل
وتسجيل بعض الملاحظات... أما الروايات التي تكتبها، فما زالت تكتبها بخط
اليد. والسبب: “لا أشعر بأن شيئاً يجب أن يفصل بيني وبين عملية الإبداع
ذاتها. وأشعر بأن طبع الكلمات على الكمبيوتر هو ذلك الفاصل غير الطبيعي”.
م.ر
merci4404@earthlink.net
http://shadowsandphantoms.blogspot.com
البيان الإماراتية في
18/10/2009 |