* المحامون انتزعوا بطولة ثلاثة مسلسلات في رمضان وهي "قانون المراغي"
و"ابن الأرندلي" و"حقي برقبتي".. وفي حين عرض العملان الأولان علي الشاشات
المصرية العامة فان الثالث عرض خارج مصر وبالطبع سوف يعرض قريباً لتصبح
المقارنة أكثر شمولاً غير أن ما قدمه المسلسلان - اللذان عرضا بالفعل - كان
مهما ويستحق التوقف عنده خاصة انهما يطرحان أفكاراً وقضايا يتداولها
المجتمع منذ سنوات من خلال عدد من الحوادث والقضايا الواقعية التي كشفت
وتكشف عن الكثير من ممارسات عالم المحاماة.. ونجومه القدامي والجدد..
1- قانون المراغي .. وحضرة الأسطي المحامي
* يطرح "قانون المراغي" للمخرج أحمد عبدالحميد صورتين مختلفتين للمحاماة من
خلال البطل هشام المراغي "خالد الصاوي" والبطلة صفية "غادة عبدالرازق"
كلاهما من أصول متوسطة أقرب إلي الشعبية. هو حدد لنفسه طريق الصعود لطبقة
أخري تحتاج منه إلي علاقات أخري وموارد تقدر علي هذه القفزة ويساعده تفوقه
الدراسي ثم المهني ليصبح أسطي محامي يجيد المرافعات وصاحب مكتب يعمل به
العديد من زملائه. وحين يضمها لفريقه بعد تركها العمل في مكتب أسسته مع بعض
الزملاء تعتقد ان الدنيا ابتسمت لها ماديا مع شقة وسيارة جديدة ومعنويا
لأنها أحبته وتزوجته عرفيا متغاضية عن كونه زوجا وأباً لكن صفية لم تستطع
أن تتنازل أكثر حين رأته يقترب منها ويبتعد وفقا لإرادته فقط. ثم رأته
عاريا من آداب وشرف المهنة و"مساعد" مطيع لموكله الباشا رجل المال وعضو
مجلس الشعب يسعي إلي قتل أسرة معنويا بفضحها و التشهير لأن ابنة هذه الأسرة
أحبت ابن الباشا - زميلها في الجامعة - وتزوجته بعد إلحاح منه وحملت منه..
توقفت صفية أمام "مراغي" آخر يلجأ لحيلة قذرة بتأجير شهود زور يدعون
علاقتهم بالفتاة "وكأنها عاهرة" لكسب القضية. رفضت أن تشارك وتركت المكتب
لتذهب إلي الجانب الآخر مدافعة عن الضحية مدركة انها اخطأت وعليها التخلص
من كل ما يربطها بهذا المحامي.. اللامع.. العفن.. أدار المخرج أبطاله
وممثليه بنعومة شديدة واختارهم بعناية أشد في كل الأدوار التي عبرت عن
دائرتي حياة كل من هشام وصفية مثل زوجته ليلي "أنوشكا" وأبيها أستاذ
القانون الذي تتلمذ علي يديه "رشوان توفيق" وابنتهما الوحيدة سما "ملك
قوته" وفريق العمل معه منعم صديقه "مفيد عاشور" ومحمود المحامي المتطلع
"خالد محمود" ونشوة "نور قدري" وأيضا توقفت الدراما لتأكيد عالم صفية الأول
أمها الغندورة "جليلة محمود" وزوجها الجديد "سعيد طرابيك" وزوجة أخيها
وطفله واستطاع فريق الكتابة للمسلسل الذي ضم نادين شمس وأحمد محسن ومحمد
فريد بقيادة عزة شلبي أن يضيء كل شخصية ويضيف إليها تاريخاً ومنطقاً ومعني
تضاف إلي الدراما الرئيسية وحركة البطل والبطلة وجاءت المواجهة الأخيرة
بينهما لتضيف إلي العمل أسماء أخري في قائمة المجيدين مثل صفاء الطوخي
وسعيد صديق والممثلة الكبيرة نادية عزت وهم أسرة الشابة المغدور بها من قبل
الباشا "سامي العدل" وابنه في طرح قوي وجريء لمعايير متعددة عن الحق
والعدالة والقوة والتماسك وأسلوب مواجهة المواقف الصعبة قدمه لنا المسلسل
بوضوح وجمال وصدق فني أخاذ وتمتع الممثلون بأداء رفيع المستوي بإدارة مخرج
بارع في رصد المتون والهوامش.
2- ابن الأرندلي .. أنا ومن بعدي الطوفان
* في ابن الأرندلي صورة لمحام آخر هو المتر عبدالبديع الأرندلي "يحيي
الفخراني" الذي يضع مصالحه كخط أحمر تتوقف عنده كل الأمور بما فيها الحياة
نفسها والأسرة وهو ما كاد يفقده كل هذا حين زاد في غيه وأطاح بكل القيم
الخلقية والروابط الإنسانية والعائلية من أجل الثروة تحت وهم انها ثروته
التي يستردها مما آلت اليهم بدون استحقاق. غاية عبدالبديع بررت وسائله
لنفسه ولابنه علي "حسن الرداد" الذي اصطفاه ليكون صبيا ومساعدا له. ثم
بالتدريج يتحول إلي نديم وشريك في خداع الناس وأولهم أمه نفسها الست لطيفة
"دلال عبدالعزيز" التي أعيتها الحيلة لكي تري زوجها أو تحادثه أو تشكو له
ما بها فهو دائما مشغول وكذلك خداع ابنتها - شقيقته "أميرة هاني" فنحن أمام
محام ضليع ومتحايل درس القانون جيدا وعرف كل ثغراته وكسب أصعب القضايا
بالنفاذ منها. ولذلك اعتقد ان الحصول علي ثروة عمه نوح "يوسف داوود" هي
مسألة وقت يتحملها حتي وفاة العم غير انه - أي العم - كان يفهمه جيدا.
ويدرك غرضه. فانتقم منه بتوزيع ثروته علي "دولت" ابنة العم الآخر الراحل
"معالي زايد" وأنهار ممرضته وخادمته "وفاء عامر" وزوجته السابقة أشجان
"رجاء الجداوي" التي تركت مصر وعاشت في لبنان لم ينس العم ترك جزء
لعبدالبديع لكنه قرر أن يسترد الثروة كلها وأن يصل إليها عبر قلوب النساء
الثلاث وحيث لعب علي كل منهن وتحايل وطور علاقته بابنه إلي مستوي الشريك في
إدارة عملية النصب علي النساء فانتفخت أوداج الابن وتحول بدوره إلي رجل
أعمال "رياني" صغير حصل علي فلوس الآخرين لتوظيفها ليقع هو الآخر في أحضان
نصابة جميلة خططت لسرقته بعد تحويل أمواله لسويسرا وفي النهاية يكتشف "الأرندلي"
الأب ان غيابه الكامل عن بيته أوشك علي تدمير الأسرة بتأثير فضيحة علي النت
أصابت ابنته من شاب تعرفت به ثم تركته وان استرداد "علي" من هروبه للخارج
ثمنه رد الأموال لمن أخذها منهم وهو ما فعله قائلا في النهاية ان أولاده
يستحقون دفع كل هذه الثروة ليحافظ عليهم وهي نهاية مفتعلة من المؤلف وليد
يوسف الذي انحاز كثيرا لبطله وأخرجه بريئا من شروره بلا أي عقاب! وكأنه
أفضل وأهم كرجل من النساء اللواتي غدر بهن وسرقهن بدون ذنب اقترفوه.. فهل
هذه هي العدالة التي يبشرنا بها المؤلف الشاب؟ ثم كيف وافقت النساء الثلاث
دولت وأنهار وأشجان علي كل ما طلبه منهن وكأنهن منومات أو غائبات عن العالم
بينما تعرف انهن يعشن الحياة ولديهن تجارب وخبرات.. ولكنها إرادة المؤلف!
بموافقة المخرج أو المخرجة رشا شربتجي التي قدمت هنا أفضل أعمالها في
الدراما المصرية حيث استطاعت الحفاظ علي ايقاع سريع متدفق ونقلات قوية
وأدارت الممثلين بأسلوب اخرج منهم أفضل مالديهم من الفخراني إلي معالي زايد
ووفاء عامر والجداوي ومحمد لطفي وصلاح رشوان ويوسف داوود وكذلك ممثلو
الأدوار الثانية وجيل الأبناء.
الجمهورية المصرية في
01/10/2009 |