جمال سليمان فنان استطاع أن يثبت وجوده في الدراما العربية، وتحديدًا
في دور الصعيدي الذي أتقن تجسيده وكان ذلك من خلال شخصية «مندور أبو الدهب»
في مسلسل «حدائق الشيطان» الذي لاقى نجاحًا كبيرًا على مستوى العالم
العربي، وخلال رمضان الفائت أطل علينا بشخصية صعيدية جديدة.
وهي «همام أبو رسلان» من خلال مسلسل «أفراح إبليس» الذي حظي بعدد كبير
من المشاهدين رغم الانتقادات التي وجهت للمسلسل.. تفاصيل ذلك وغيرها نجدها
مع الفنان السوري جمال سليمان؛ فإلى تفاصيل الحوار.. تابعك الجمهور للمرة
الثانية في الجلباب الصعيدي.. هل ترى أن هناك اختلافًا بين همام أبو رسلان
ومندور أبو الدهب؟بالفعل هناك اختلاف كلي بين همام أبو رسلان في «أفراح
إبليس» ومندور أبو الدهب في مسلسل «حدائق الشيطان»، والجديد هنا ليس فيما
يقدمه جمال سليمان وحده؛ بل فيما يقدمه المسلسل ككل؛ فالمسلسل يضع أصابعه
بشكل مباشر على قضايا الفساد في المجتمعات العربية والتحالف الذي يحدث بين
السلطة التقليدية للأشخاص والنفوذ العائلي المحلي الذي يتمتع به بعض
الأشخاص.
وتسخير هذه النفوذ لمصلحة تحقيق مكاسب معينة، أو تناوله كيفية اللعب
والتجارة بإرادة الناس، ووضع أصوات الناس في المكان الذي يناسب مصالحه
الشخصية، وهناك اختلاف جوهري بين «أفراح إبليس» و«حدائق الشيطان»، فالأول
دراما عائلية أي أنه ليس من بطولة شخص؛ وإنما بطولة هذه العائلة التي تعيش
وفق إرادة الأب الذي لا يهتم إلا بمصلحته فقط؛ وهو يفعل ذلك باسم الحب
والحرص على العائلة؛ لكن الحقيقة أنه يعمل لمصلحة نفسه فقط.
السلطة الأبوية
·
الكثير ممن تابعوا المسلسل خلال
رمضان وجدوه يحمل إسقاطاً على الواقع العربي الذي نعيشه؟
نعم؛ لأننا في العالم العربي نعيش ضمن هذا المفهوم، السلطة الأبوية
العائلية التي بلا شك تنبع من الحب؛ ولكن عندما تكون السلطة مطلقة وبلا
مراجعة فذلك يصل بها إلى عدد كبير من المشكلات؛ وهذا حال العديد من الأنظمة
العربية.
·
يلاحظ أيضًا من خلال العمل أنه
يدعو في جانب كبير منه للديمقراطية.
إذا كان هناك استنتاج من قبل المشاهدين بذلك فهو شيء جيد؛ لأن الجمهور
في نهاية متابعته للمسلسل رأى أن الأب هنا يقود العائلة بسلطة مطلقة؛ وبلا
مراجعة، وبالطبع سيكتشف الناس أنه سيحقق نجاحات كبيرة جدًا؛ لكنها كلها سوف
تصبح صغيرة أمام خطأ كبير سيدمر كل شيء، ولا شك في أن الديمقراطية ثمنها
باهظ؛ فكما قال «تشرشل» النظام الديمقراطي ملئ بالعيوب؛ لكنه أفضل الأنظمة
التي توصل إليها العالم حتى الآن بمعنى أنه لا يستقم الرأي أو يشتد عوده؛
إلا عندما يكون هناك رأي أخر أو فكرة معارضة له..
·
قدمت عددًا من الأدوار الصعيدية
فهل ساهمت هذه الأدوار في حدوث حالة انتعاش لذاكرة الدراما المصرية؟
لا شك أن دور الصعيدي كان ولايزال موجودًا، وهناك أعمال حققت نجاحات
كبيرة مثل «ذئاب الجبل»، «الضوء الشارد»، ومن قبل «حدائق الشيطان»، ولكن
نستطيع القول إن دور همام أبو رسلان كان به نوع من الاجتهاد في كتابة
العمل، وهذا يحسب للمؤلف محمد صفاء عامر والمخرج سامي محمد علي إلى جانب
فريق العمل فكان هناك نوع من الاجتهاد من قبل الجميع.
سليمان والسياسة
·
ألم تخش من أن يحصرك المخرجون في
عباءة الجلباب الصعيدي؟
لماذا يتم حصري في شخصية الصعيدي، لقد قدمت العديد من الأدوار منها
الطبيب والمحامي والضابط والنصاب ورجل الأعمال والفلسطيني والجاسوس
والمحارب، وكلها أدوار حققت نجاحًا لا يقل عن نجاح الأدوار الصعيدية التي
قدمتها.
·
هل تتذكر أبرز الصعوبات التي
واجهتك أثناء تصوير «أفراح إبليس»؟
لا يوجد عمل بدون مشاكل، ولكن «أفراح إبليس» كانت مشاكله طريفة؛ فضمن
المشاكل التي واجهتنا أثناء التصوير هي إطلاق النار علينا في منطقة مدافن
في «شبرامنت» حيث كنا نقوم بتصوير أحد المشاهد؛ وظن الخفير بأننا ممن
يسرقون الموتى؛ وقام بإطلاق عدة أعيرة نارية في الهواء قبل أن نقوم بتوضيح
الحقيقة له.
·
كنت مرشحا العام الماضي للقيام
بدور الزعيم المصري «جمال عبد الناصر» ما سبب ابتعادك عن تقديم هذه
الشخصية؟
رشحت لبطولة مسلسل «ناصر» العام الماضي؛ وكنت أتمنى تجسيد شخصية
الرئيس جمال عبد الناصر، ولكن فوجئت أن مؤلف العمل كان تركيزه كله في العمل
على فترة شباب عبدالناصر؛ وعندما تم الاستعانة بخبير ماكياج من إيران وقام
بعمل ماكياج لي فوجئت بأنني لن أستطيع إقناع الجمهور كرئيس؛ وبالتالي رأيت
أن من الأفضل أن يقدم العمل شاب أصغر مني وهو مجدي كامل، والآن لأازال
أتمنى تجسيد شخصية عبدالناصر في فترة العشر سنوات الأخيرة في حياته.
·
تردد أيضًا بأنك سوف تقوم بعمل
يتناول شخصية الرئيس صدام حسين؟
تعرضت لهذا السؤال في إحدى الندوات التي أقيمت لتكريمي وهل أقبل أن
أقدم دور صدام حسين فأجبت «نعم»، وقام الحضور بالتصفيق لكني قلت لهم قبل أن
تصفقوا يجب أن تعلموا.. لماذا وافقت؟ حيث يجب أن ننظر إلى الوضع الذي كان
عليه العراق ونحلله لأننا مسؤولون عما حدث هناك؛ وأنا أرى أن علينا العودة
لسيرة صدام حسين كزعيم حكم دولة من أعظم الدول؛ فالعراق بلد حضاري ذو تاريخ
عريق فمن الضروري أن ننظر إلى الرجل بعين ناقدة ما له وما عليه، وما أوصله
وأوصل العراق إلى هذه النقطة.
لا نزال صفراً
·
في مهرجان «وهران» السابق تحدثت
عن الإنتاج العربي المشترك لماذا أثرت هذه النقطة بالتحديد؟
لأن الإنتاج العربي المشترك حاليًا غير موجود؛ ولك أن تتخيل أن 90% من
الأفلام التي شاركت في المهرجان كانت بتمويل أجنبي مشترك؛ فالأجانب اشتركوا
في عمل فيلم عربي؛ ونحن لا نزال صفرا في العالم، نحن نتكلم كثيرًا ولا
نعمل، ونسمع عن مشروعات للإنتاج العربي المشترك ولكن الواقع يؤكد أنه لا
يوجد شيء حقيقي في هذا المجال، ونسمع عن ميزانيات وصناديق يتم الإعلان عنها
لكننا في النهاية لا نراها ولا تقدم شيئا؛ لكنني مع ذلك متفائل بأنه سيكون
هناك في المستقبل عمل ما مشرف؛ فالعمل المشترك من ضمن المشروع الثقافي
العربي؛ وإذا أردت أن تقاوم الفوضى الاجتماعية وعشوائيات التفكير وكل
الميول المنحرفة في المجتمع يجب أن يكون لديك برنامج سياسي واقتصادي وثقافي
مشترك.
·
ذكرت في حديثك أن هناك عملاً
عربيًا مشتركًا.. هل هناك تفاصيل؟
بالفعل هناك كلام عن عمل عربي مشترك في الجزائر؛ وهناك أيضا حديث في
سوريا مع بعض الجهات لتفعيل هذا الدور؛ ولكن المشروع الجاري التحضير له
بقوة الآن هو فيلم من إخراج المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي؛ والفيلم بعنوان
«الكتابة على الثلج»؛ وسيناريو وحوار العمل في مراحله الأخيرة؛ وهناك
اتفاقات مع عدد من الجهات الأجنبية لإنتاج هذا العمل..
·
هل الفيلم له علاقة بالجانب
الفلسطيني؟
الفيلم يتحدث عن الواقع العربي كله؛ وهو من نوع الواقعية الخيالية
فأحداثه تدور في مركز خاص تم إنشاؤه لإعادة ترميم ذاكرة العرب؛ وتكون
الأحداث في جزيرة في البحر، وفي هذه الجزيرة يرى المشاهدون العديد من
الشخصيات من مختلف البلدان العربية.
·
هل يوجد لديك عمل سينمائي سوري
تقوم بتحضير له الآن؟
لا في هذه الفترة لا يوجد مشروعات سينمائية في سوريا.
البيان الإماراتية في
30/09/2009 |