|
المؤكد أن أى محاولة لقراءة المشهد الإعلامى الرسمى والخاص بعد انتهاء
المارثون الرمضانى، لا يجب أن تتم دون قراءة الحالة السياسية التى يدور فى
إطارها الإعلام المصرى، ومدى تعبيره عن تطلعات وهموم المواطن ومدى قدرته
على التأثير.. وماهى استراتيجيته وآلياته؟
فهناك مشكلة حقيقية تسمى "القيادات الإعلامية الجديدة" فى الإعلام
الرسمى ـ بعضهم وليس جميعهم ـ جلسوا على مقاعدهم فى ظل اختلاط مفهوم
القيادة والإدارة حيث يعتبرونهما وجهين لعملة واحدة، فالقيادة تهتم بالرؤية
والتوجهات الاستراتيجية وتركز على العلاقات الإنسانية وتهتم بالمستقبل
وتمارس أسلوب القدوة والتدريب وتحرص على عدم الخوض إلا فى المهم من الأمور
أما الإدارة فتركز الانجاز والأداء فى الوقت الحاضر وتركز على المعايير وحل
المشكلات وجودة الأداء والنتائج دون إغفال حقيقة أننا نتعامل مع بشر لهم
أحاسيسهم واحتياجاتهم وحقوقهم، وهذا بعد غائب تماما عن ذهنية هؤلاء الذين
تربوا فى برامج الفيديو كليب وأخبار الفنانين وبرامج المقالب السمجة وجل
اهتماماتهم "بالماكيير والكوافير والاستايلت" وأن يسبق أسماءهم كلمة
"إعلامية" بدلا من "مذيعة"، فكيف لنا أن ننتظر منهم استراتيجيات ورؤى وحل
مشكلات وإتقان أداء وبعضهم لايستطيع التفريق بين الوسائل الإعلامية
والأساليب الإعلامية، فالوسيلة هى الشكل الذى يقدم به المضمون أما الأسلوب
فهو الكيفية التى يتم بها صياغة هذا المضمون وكيفية متابعته.. الخ.
بعض هؤلاء القادة الجدد ينظرون للنقد باعتباره جزءا من حملة العلاقات
العامة التى يجب أن تروج لبضاعتهم وان ينحصر دور النقد فى الإشادة
بانجازاتهم الوهمية وان يكتب عنهم فقط ما يشتهون ويرغبون لذلك هم يتصورون
أنهم يملكون "ذهب المعز وسيفه" لإغراء أو تأديب، كل صاحب كلمة تتعرض بالنقد
للأداء المهنى لهؤلاء (ويغفلون أن الجميع يعلم أن ما تم من انجازات هى
توجهات وتكليفات من وزير الإعلام والقيادات العليا التى أشرفت على كل كبيرة
وصغيرة فى الخريطة الرمضانية هذا العام) وعلى العكس من هؤلاء يبرز فى صدارة
المشهد الإعلامى وهذا الماراثون الرمضانى قيادات تعى وتزن معنى ومفهوم
الإعلام الرسمى أو الخاص حيث يتصدر هذا المشهد المهندس أسامة الشيخ رئيس
قطاع قنوات النيل المتخصصة الذى يستحق بلا منافس لقب "رجل العام" أو على
وجه الدقة يستحق لقب "رجل المرحلة" الذى أنقذ وجه الإعلام المصرى الذى لم
يكن ليتحمل اى إخفاق آخر منذ تغطية أحداث غزة!
أسامة الشيخ اعلامى شديد الثقة فى نفسه، شديد الاعتداد بأفكاره
وقدراته حيث يملك الرؤية المستقبلية، وكثيرا ما انتقدنا بعض سياسات الشيخ
فيما يتعلق بحجم الإنفاق أو استحداث بعض الوظائف التى لم تضف جديدا أو
لاعتماده على شخصيات بعينها فى منظومة تطوير القطاع ورضوخه لهبوط
البارشوتات التى تحمل بعض القيادات ممن لا يملكون اى خبرة فى ظل وجود كوادر
متميزة من أبناء القطاع وان كان هناك بعض الأخطاء مثل تولى المخرج خالد
شبانة مسئولية قناة "نايل كوميدي" وكان المنطقى أن يتولى رئاسة قناة "نايل
لايف"، باعتباره الابن الشرعى لها، فهذا هو التطور الطبيعى للأمور المكان
الذى تربى فيه ويستطيع ان يحقق نجاحات لها وله، وإن كان خالد قد نجح إلى حد
كبير فى جذب المشاهد إلى شاشة "كوميدي" غير أننى أظنه قادرا على ما هو أكبر
من ذلك كثيرا، لما أعلمه عنه من قدرات متميزة وإمكانيات هائلة، والكلام
نفسه ينطبق على المخرج عمر زهران رئيس قناة سينما، والذى استطاع أن يجذب
المشاهد لقناة السينما، فى الوقت الذى يهجر فيه الجمهور كل ما له علاقة
بالسينما خلال شهر رمضان، غير أنه كان من الذكاء بحيث استطاع أن يكون له
حضوره هذا الشهر، غير أن هناك اعتراضا أظنه فى محله، على مواجهة الفكر
المنغلق وثقافة التخلف والتضييق على الناس بالدفع ببرنامج مثل "الجريئة"
للمخرجة إيناس الدغيدى، مع كل الاحترام لها ومن اختاروها لهذا البرنامج،
وان كان فقط قد خانهم التوفيق فى اختيار التوقيت.
وهناك أمور أخرى تحتاج إلى نقاش قد لا تتحملها المساحة الضيقة
المتاحة.
وبالرغم من ذلك فقد تعامل "المايسترو" أسامة الشيخ مع النقد بصدر رحب
باعتبار أن اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية، مادام هذا النقد بناء وفى
الإطار الذى يستهدف الصالح العام ودون تجريح أو خوض فى الشرف والأمانة ـ
فلا غبار عليه فيهما ـ وتلك هى عقلية مبدع حقيقى استطاع أن يلقى حجرا فى
مياه راكدة ليحدث بعدها صخبا لا يتوقف، ليس مهما أن تكون معه أو ضده، المهم
أنه أصبح مثيرا للجدل ليعود الإعلام الرسمى (التليفزيون) إلى سطح الحياة من
جديد ليحقق نجاحات فى زمن قليل رغم كل العراقيل التى تلقى فى طريق تحقيق
أحلامه وفى ظل عدم وجود الهارمونية بين القيادات العليا فى ماسبيرو لتتكامل
منظومة التطوير، وفى ظل افتقاد المايسترو للعازفين المهرة لترجمة خياله
الخصب إلى ألحان رائعة، هذا الرجل الذى لا يكل أبدا من العمل ويشرف على كل
كبيرة وصغيرة فى القطاع، لدرجة أنك تظن انه رئيس كل القنوات، والدليل بسيط
جدا، فعند غيابه تتوقف عجلة العمل تماما فى انتظار قراره، ولا يخفى على احد
أيضا دوره البارز والرئيسى بكل ملفات التطوير فى كل جنبات ماسبيرو ولن نكون
مبالغين إن قلنا انه أصبح عقل وقلب ماسبيرو والقائد الأبرز فى كل اتفاقيات
وصفقات ماسبيرو، ولكن هل يظل الرجل حبيسا بين جدران المتخصصة؟! ألا يستحق
ماهو أكثر من رئاسة قطاع داخل ماسبيرو بما يملكه من فكر استراتيجى وخبرات
هائلة فى القيادة والإدارة فى كل دروب المضمار الاعلامي؟ ألا تستحق هذه
الشخصية المتميزة والمختلفة بكل المقاييس التقدير بما تستحق، وبما ينقص
الإعلام المصري؟!
وحتى نكون منصفين لابد أن نشير أيضا إلى إحدى الشخصيات الإعلامية
البارزة فى المشهد الاعلامى الخاص والذى فرض نفسه هذا العام، ليثبت أن مصر
غنية بعقولها وبمبدعيها، غنية بهؤلاء حاملى تجارب التقدم وعصارة ثقافات
الأمم وخرجوا بفكر مستنير وحاولوا أن يضيئوا الطريق أمام الآخرين، وفى
مقدمتهم محمد عبد المتعال رئيس شبكة قنوات "الحياة" وابن آخر من أبناء
ماسبيرو الذى لم يجد التقدير المناسب لقدراته ومواهبه فى القيادة والإدارة
فذهب يغرد بعيدا فى سماء العراق (قناة النهرين) ثم يعود ليتولى قناة المحور
ويحدث نقلة نوعية للقناة فى زمن قياسى ليستقر به الترحال عند قنوات
"الحياة" ليسجل نجاحا كبيرا ومدهشا وليفرض اسمه على الساحة الإعلامية
كإعلامى شاب له فكره وقدراته وإمكانياته، يعيد صياغة القرارات الإعلامية
الإستراتيجية، لتصبح قنوات "الحياة" من انجح واهم القنوات المصرية، ويبدو
أن نجاحاته وخبطاته الإعلامية تسببت فى تجييش الحملات الإعلامية ضده ولا
يخفى على احد ذلك، ولكنه لم يرتعد ولم يتراجع واستمر فى تحقيق أهدافه وحصد
النسبة الكبرى من المشاهدة والنسبة الكبرى من حصيلة الإعلانات لثقة المشاهد
التراكمية فى قنوات "الحياة" وانتظروا المزيد منه.
أما الحاضر الغائب فى المشهد الاعلامى هذا العام فهى الإعلامية
القديرة "سلمى الشماع"، صاحبة أهم تجربة إعلامية ناجحة فى تاريخ ماسبيرو
"قناة النيل للمنوعات" تلك التجربة التى تم إعدامها وسط صمت اعلامى مريب
بعد مشوار مع النجاح والتميز على مدى عشر سنوات وبإمكانيات محدودة جدا، حيث
لايزال الماراثون الرمضانى السنوى يفتقد جهد وأفكار سلمى الشماع، القيادة
الهادئة التى تملك القدرة على تحقيق الأداء العالى، الصانعة الحقيقية
لباترون الفضائيات وصاحبة أهم صخب اعلامى استمر طوال سنوات عملها في" قناة
النيل للمنوعات ـ النايل لايف حاليا ـ وبدلا من الاستفادة من تلك الطاقة
والخبرة والقدرة على الإبداع تعاملوا معها كخيل الحكومة، مع أنها أكثر
شبابا من القيادات الشابة، ولاتزال حاضرة بأفكار برامجها التى تستنسخ سنويا
بعناوين مختلفة وبالمبدعين الذين ضختهم فى شرايين العمل الاعلامى ولايزال
أمامها المشوار الاعلامى طويلا ليتوقف نبض الإبداع عند سلمى الشماع التى
تناسوها الآن وتناسوا تجربتها مع انها كانت الحاضنة لكل فكر حر أو إبداع
متميز، فهل هذا المبنى يأكل أبناءه المتميزين؟ فدراسة تجربة سلمى الشماع
ليس باعتبارها أصلا يحتذى دون مراجعة وإنما بإعادة دراسة مشروعها المجهض،
لا لكى ننتهى الى ما انتهت إليه، وإنما نبدأ من حيث انتهي.
العربي المصرية في
29/09/2009
نجوم رمضان فى الميزان
صغار نجحوا وكبار سقطوا!
حسام عباس
بعد نهاية شهر رمضان الكريم ومتابعة الأعمال الدرامية التى عرضت خلاله
يمكن أن نضع نجوم هذه الأعمال فى الميزان ـ ان جاز لنا ذلك ـ ونرصد من هم
الرابحون فى سوق المسلسلات ومن الذين خسروا فى جولة هذا العام ومن الطبيعى
ان نبدأ بالحديث من منطقة الكبار الذين تصدرت أعمالهم المقدسة القنوات
الأرضية والفضائية المصرية والعربية وعلى رأس هؤلاء من الرابحين يأتى النجم
يحيى الفخرانى بمسلسله «ابن الأرندلي» مع المخرجة السورية رشا شوربتجى وقد
نجح فى استعادة جماهيريته هذا العام ويبدو بالتجربة أنه ينجح فى الأعمال
الخفيفة ومعه برزت الفنانة دلال عبدالعزيز فى دور جديد ومختلف كذلك معالى
زايد ووفاء عامر ومحمد لطفى والوجه الشاب حسن الرداد، وذلك بالرغم من
اختلافنا كليا مع أحداث المسلسل ومضمونه.
وفى الصورة الفنان محمد صبحى بمسلسله المحترم «يوميات ونيس وأحفاده»
وميزة محمد صبحى أنه يحرص على تقديم رسالة للأجيال فى أعماله وهذا العام
يقدم العديد من الرسائل لكل الأجيال ومثل هذه الأعمال مطلوبة فى الشهر
الكريم خاصة إذا كانت تقدم فى ثوب خفيف على طريقة محمد صبحي.
أما الفنان نور الشريف فهو بحضوره خلال مسلسلين هذا العام قد وضع نفسه
فى الصورة بقوة لكنه خلال مسلسل «الرحايا» ومع تطور الأحداث خروجها من
دائرة الرتابة فى الحلقات الأولى نلمس أنه يقدم عملاً متميزا يتألق فيه
ومعه سوسن بدر والوجه الشاب ريم البارودى وأشرف عبدالغفور غير أن الذى أفسد
عليه هذا التميز تقديمه لمسلسل «متخافوش» وهو أضعف أعماله التليفزيونية على
الإطلاق وفيه كثير من التطويل والاستسهال وتأتى رسالته خطابية ومباشرة
ومملة.
وإذا كان الفنان السورى جمال سليمان قد كرر نفسه فى مسلسل «أفراح
إبليس» وقدم شخصية الشرير الصعيدى التى نجح بها فى مسلسل «حدائق الشيطان»
ولا توجد إضافة كبيرة تحسب له غير انه فى نفس العمل نجح الشباب وكسبوا أسهم
فى رصيدهم وعلى رأس هؤلاء الفنان الشاب أحمد صفوت كذلك ريهام عبدالغفور
ومروة حسين وهبة مجدي.
وينطبق الحال على الفنانة النجمة يسرا والتى تقدم شخصية الطبيبة
النفسية فى مسلسل «خاص جدا» ولا جديد فهى شخصية تحمل ملامح شخصيات عديدة
سبق أن قدمتها يسرا فى أعمالها الرمضانية طوال السنوات الماضية لكن المسلسل
يقدم وجهاً جميلا ومعبراً هو يسرا اللوزى التى تتقدم بخطوات قوية الى
المقدمة.
وإذا كنا لا نختلف على موهبة وقوة أداء النجمة الهام شاهين واجتهادها
فى أعمالها وهى تثبت ذلك فى مسلسل «علشان ماليش غيرك» الذى ازدادت أحداثه
حيوية وإثارة بعد منتصف الحلقات غير ان الشخصية ليست جديدة على الهام شاهين
وأكبر الرابحين من العمل هو الفنان أحمد عزمى الذى يقدم بطولة مميزة فى هذا
العمل ومعه تتألق ريهام عبدالغفور ولا يمكن أن نغفل الأداء القوى والمميز
للفنان رياض الخولى وتبدو بصمات المخرج رضوان شاهين واضحة على كل فريق
العمل.
أما نبيلة عبيد فأزمتها فى مسلسل «البوابة الثانية» أنها تصورت أن
أهمية القضية والأداء التقليدى الذى اشتهرت به فى أفلامها السينمائية يمكن
أن يكون طريقها الى النجاح ورغم انها استعانت بمخرج كبير هو على عبدالخالق
وأسماء مميزة فى ساحة الفن لكن العمل افتقر الى الجاذبية فجمهور رمضان يهرب
من النكد والأعمال التى تخوض فى قضايا شائكة وتعالج بأسلوب خطابى مباشر.
وقد نجح النجم أحمد عز فى كسب احترام المشاهد بمسلسل «الأدهم» الذى
قدم قضية مهمة جديدة على الدراما التليفزيونية هى قضية الهجرة غير الشرعية
الى أوروبا لكن فى إطار حيوى شيق مع رصد للواقع المصرى وقد نجح المخرج محمد
النجار فى أن يقود فريق عمل مميز لتقديم عمل جذاب وحيوى ويبرز فى العمل كل
من صلاح عبدالله وإيمان العاصى وسيرين عبدالنور كما نجح الفنان خالد الصاوى
فى أن يضع نفسه فى مرتبة الكبار بأدائه الرصين والمتميز خلال مسلسلا قانون
المراغي» الذى وضع فى الصورة بقوة بفعل عرضه على الأرضية المصرية وعدد من
القنوات الفضائية واستعادت خلاله الفنانة أنوشكا حضورها الفنى وفى مسلسل
«الباطنية» يقف الفنانة صلاح السعدنى فى منطقة دافئة وينجح معه أحمد فلوكس
فى دور مهم فى مشواره الفنى كذلك غادة عبدالرازق ومن الرابحين فى رمضان هذا
العام الفنان خالد صالح بمسلسله «تاجر السعادة» الذى قدم خلاله شخصية
الكفيف ورغم اشتباك أدائه مع أداء محمود عبدالعزيز فى فيلم «الكيت كات» إلا
انه صنع حالة جذابة وجدت صدى جيدا لدى المشاهد العربى وخلال المسلسل وضعت
الفنانة داليا مصطفى بصمة مهمة وربما يقل مستوى مسلسل «حرب الجواسيس» عن
مستوى الأعمال السابقة للمخرج نادر جلال ولم تدخل الاحداث حيز التشويق
والإثارة التى تتميز بها أعمال المخابرات حتى منتصف الأحداث لكن فوز منة
شلبى بالبطولة المطلقة هو مكسب كبير لها أما أكبر الفائزين من هذا العمل
فهو الفنان الشاب شريف سلامة الذى فاز بدور بطولة مهم فى المسلسل وضعه فى
مكانة مميزة.
العربي المصرية في
29/09/2009 |
