استطاع النجم الاسباني انطونيو بانديراس ان يحقق قفزات كبيرة، وحضوراً
ايجابياً على خارطة السينما العالمية، بما يمتلكه من حضور وايضا وسامة جعله
تحت
دائرة الضوء، خصوصاً بعد ان تجاوز حدود اسبانيا وأوروبا وهو يعلم جيداً،
بان الذهاب
الى هوليوود، يعني كماً من التحديات والمواجهات، حيث الصراع
على النجومية يتطلب
كثيراً من التحدي والتضحيات، الا ان نقطة التحول في مسيرته العالمية جاءت
من خلال
دوره في فيلم «زورو» وغيره من الاعمال التي أكدت حضوره.
والحديث عن انطونيو
بانديراس، يعني الحديث عن رحلة سينمائية خصبة، فهو ليس مجرد تلك الاعمال
الهوليودية
انما هو رصيد ضخم من الاعمال السينمائية التي تمثل علامات بارزة في السينما
الاسبانية والاوروبية، اقترنت مع مخرجين افذاذ.
ونعود إلى
الوراء..
ولد انطونيو بانديراس في العاشر من اغسطس 1960 في ملقه «اندوليسيا»
اسبانيا وهو كما يؤكد دائما من أصول تعود
إلى العرب الذين هاجروا الى الاندلس منذ
أكثر من عشرة قرون، واستقرت اسرته في جزيرة مالقة، والمحطة
الاقرب الى المغرب وشمال
افريقيا.
اسمه خوزيه انطونيو دو فيغز بانديراس، وقد عرف في بداية حياته
كلاعب كرة قدم، حتى كسرت قدمه وهو في الرابعة عشرة من عمره، ليتحول الى
الاهتمام
بالتمثيل والسينما والمسرح.
والده رجل شرطة في الحرس الوطني، اما والدته
دونا انا بانديراس فهي مدرسة، نشأ وسط اسرة من الرومان
الكاثوليك، ولكنه لاحقا تحرر
من القيود الدينية، كما قال.
اتجه في الرابعة عشرة من عمره، وبكل احاسيسه
صوب دراسة المسرح والفنون، والتحق بمدرسة الفنون الدرامية في
مالقة، وهي واحدة من
المدارس التي خرجت العديد من نجوم المسرح الاسباني.
وشرع يقدم اعماله
المسرحية في مسرح صغير في «مالقة» حتى تم القبض عليه من قبل الشرطة، لانه
كان يقدم
عملا مسرحياً لبرتولد بريخت بندد بالدكتاتورية والتسلط ايام الجنرال
فرانكو، وقد
قضى ليالي عدة في مركز الشرطة للتحقيق معه، وقد تكرر ذلك
الامر، حيث قبض عليه مرات
عدة بسبب اعماله المسرحية، وفي مناطق عدة من اسبانيا، حيث كان يتجول
بأعماله في
المدن ويقدم اعماله في المسارح الصغيرة. في عام 1981، وحينما بلغ التاسعة
عشر من
عمره، قرر الانتقال الى مدريد، بحثا عن الفرص الحقيقية للعمل
في المسرح، وقد عمل
بالاضافة الى التمثيل، كمضيف في احد المقاهي من اجل تأمين لقمة عيشه، ثم
انتقل
للعمل فترة كغيره كموديل، حتى كتبت له الفرصة للعمل في احدى فرق المسرح
الوطني
الاسباني، وكان اصغر اعضاء الفرقة لتميزه في الاداء وموهبته في
الاداء
والتقمص.
وحينما يأتي الحظ.
يشارك بانديراس في احد الاعمال المسرحية،
التي شاهدها المخرج الاسباني القدير بدرو المودفار (وهو الاخر
من منطقة الاندلس وذو
اصول عربية)، فيعجب بادائه ويقدمان اكثر من عمل، وان كان ابرزها فيلم «سرير
الرغبة» 1987.
ويدفع المودفار باسم بانديراس عاليا وعالميا، بالذات مع فيلم، على حافة
الانهيار 1988. في عام 1992 يقدم بانديراس اول تجاربه مع
السينما الاميركية، في
فيلم ملوك المامبور، ويومها لم يكن بانديراس يجيد الانكليزية بطلاقة، فقط
تم
استبدال صوته بممثل اخر.
وفي عام 1993، يجسد دور الشاب الذي يرتبط به توم
هانكس في فيلم «فيلادلفيار» حيث علاقة شاب عجامي ينقل له مرض الايدز.
ثم وقف
امام براد بيت وتوم كروز في فيلم لقاء مع مصاص الدماء، 1994، ثم امام
مادونا في
فيلم «ايفيتا» عام 1996.
وتأتي النقلة الاهم.
مع فيلم «زورو» امام
انطوني هوبكنز والجميلة كاترين زيتا جونز، ويومها حصد انطونيو بانديراس
الكثير من
الكتابات النقدية الايجابية والشهرة الاعلامية الواسعة، كما حقق الفيلم
عوائد مالية
ضخمة في اسواق العالم.
ويعاود الكرة مع «قناع زورو» ليحصد فضاءات اكبر من
الشهرة والنجومية، فقد فتحت بوابة الحظ والنجومية، واقبلت عليه هوليوود بكل
ميزانياتها.
وقد فاجأ انطونيو فريق الفيلمين، انه كان قد ذهب الى مدريد،
وخضع للتدريب لمدة شهرين على يد عناصر الفريق الاولمبي الاسباني للسيف، حتى
بات
يتمتع بلياقة عالية، وايضا امكانيات عالية في استخدام السيف،
وهذا ما انعكس ايجابيا
على دوره في الفيلمين، بالاضافة تدربه على ركوب الخيل لاكثر من شهر
كامل.
وعاد الى زورو من خلال الاسطورة زورو عام 2005 كما قدم فيلم «الفارس 13»
بدور فارس عربي مسلم.
ولكنه قبل ذلك قدم ايضا في عام 1999 فيلم «مجنون
في الياما» ولكن هذه المرة كمخرج حظي الفيلم بكثير من الاهتمام وقد قامت
ببطولة
الفيلم زوجته ميلاني غريفث.
وتختاره سلمى حايك لتقديم شخصية رئيسة في فيلمها «فريدا» عام 2002 ويتقمص شخصيته الفنان
المكسيكي دايفيد الفارو
سكويرو.
ويتألق من خلال صوته، في بطولة فيلم «شريك» ويواصل المسيرة عبر
ملامحه اللاتينية الساحرة وحضوره الفني السخي، وقاعدة العلاقات العريضة
التي اسسها
لسنوات طويلة، حتى تم اختياره واحدا من اجمل خمسين شخصية في العالم.
وعبر
مشواره فاز بحصاد الجوائز، كما ترشح لعدد ضخم، من بينها ترشيحه لثلاث مرات
لجائزة
الغولدن غلوب.
وعلى الصعيد الشخصي، ورغم كل الاشاعات التي تربطه بعدد من
العلاقات، الا انه ومنذ عام 1996 وهو مرتبط بالنجمة الاميركية ميلاني غريفث
التي
كانت السند الحقيقي في هوليوود.
والتي ساهمت في تمهيد الطريق امامه، ومنحه
عددا من الفرص عبر علاقاتها. وهو يقدر هذا الجانب، بل انه لا
يكاد يفارقها في جملة
المناسبات، وتأكيدا على حبها العارم له، قامت «بوشم» اسمه على كتفها.
وهو
يقضي وقته، بين منزله وعمله في الولايات المتحدة وايضا جنوب اسبانيا، حيث
يمتلك
منزلا جميلا في ملقة.
مشيرين الى انه كان قد ارتبط في بداية مشواره مع آنا
ليزا، وتم عقد القران في مدريد، وكان ذلك في بداية مشواره الفني.
وفي لقاء
خاص معه، خلال مهرجان فينسيا السينمائي الدولي، حينما قدم فيلم «مجنون في
الاياما» 1999،
أكد لي شخصيا، بان اسم عائلته «بانديراس» يعني (الاعلام) وهي تسمية اسبانية
مأخوذة من مفردات عربية تجمع بين (بند الرأس) او ما يوضع على الرأس، او رأس
المجموعة او راية الرأس.
كما هو الامر بالنسبة لاسم «بدرو المودفار» واسمه
العربي هو (بدر المظفر).
وفي حديث صحافي له يتحدث عن زوجته ميلاني غريفث
قائلا: «ميلاني بالنسبة لي اكثر من زوجة.. انها الامان.. وايضا
من منحنى الفرص
الحقيقية للنجومية وتأمين فرص النجاح، انا دائما ضعيف امام حبها.. وجمالها..
وانسانيتها.. وصداقتها.. ودعمها.. لقد
تزوجت ميلاني قبل ان احبها.. وحينما احببتها
اكتشفت كم هي رائعة.. وكم ضحت من اجلي.
ونعود الى تجربته في فيلم «الفارس
13»
حيث جسد شخصية «ابن فضل» العربي المسلم، وذلك لملامحه الشرقية
ولنجوميته
الطاغية، وقد ادى تلك الشخصية بتميز كبير، ولعلها المرة الاولى التي يتم
فيها تقديم
الشخصيات الاسلامية وباحترام بالغ. بل ان مشهد الصلاة امام البحر هو المرة
الاولى
في تاريخ السينما العالمية، التي يقدم بها مشهد صلاة اسلامية بالكامل بجميع
تفاصيلها عبر مشهد سينمائي خلاب. وهو واحد من الأعمال
السينمائية الهوليوودية
المنصفة للاسلام.
ورغم ذلك.. فانه حينما يذكر اسم انطونيو بانديراس، فان
مجموعة من الأعمال السينمائية تذكر الى جوار اسمه ومنها «زورو» و«ديسبرادو»
ولعل
هذا الأخير، حقق شهرة واسعة وانتشارا كبيرين.
ونعود للجانب الشخصي مجدداً،
حيث نقتبس جزءاً أساسياً، من موقعه الرسمي يتحدث خلاله عن
ابنته، حيث من المعروف ان
انطونيو له ابنه واحدة من زوجته ميلاني هي ستيلا دي كارمن (نجمة كارمن)،
وهي في
التاسعة من عمرها، وعنها كتب يقول: أريد لستيلا دي كارمن، ان تأخذ الشخصية
الاسبانية وان تتحدث اللغتين الاسبانية والانكليزية جيداً، وان
تحترم هذا الجزء
الاسباني منها، وألا تنسى أصلها، كما أود ان تأخذ جزءاً أميركياً، ان أحب
أميركا
على انها لا تتميز بحضارة كأوروبا لكنها بلاد حرة من دون تعقيدات.
ويبقى ان
نقول...
رحلة انطونيو بانديراس من ملقه الى هوليوود هي رحلة النجومية لأهم
نجوم السينما الاسبانية في
العالم.
Anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
20/09/2009 |